المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

Like Tree13Likes
  • 3 Post By فتى الازرق ..
  • 2 Post By بن جبله المطيري
  • 1 Post By فتى الازرق ..
  • 1 Post By هلالي عايش حياته
  • 1 Post By اعواد شيح
  • 1 Post By هلاليه ودمها خفيف
  • 2 Post By لين الهلاليه
  • 1 Post By فتى الازرق ..
  • 1 Post By .Mohammed#

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 29/10/2012, 10:45 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ فتى الازرق ..
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 23/06/2011
المكان: سعودي في قلب الزعيم !!!
مشاركات: 9,773
Post & تدبروا سورة القيامة &



الحمد لله رب العالمين : الأول قبل الإنشاء ، والأخر بعد فناء الأشياء ، والعليم القادر والحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، والواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، والذي شهد لنفسه وشهدت له ملائكته وأولي العلم من خلقه بقيامه بالقسط والعدل ، وإذا أراد شيء قال له كن فيكون ويجعل له أسباب وعلل ، فقدر الخلق وأوجده ، وأحكم ما سواه فأتقنه ، وعدل ما صنعه فأحسنه ، وبالحق لما يستحقه جعل منتهاه ، وكل موجود حسب حاله واستعداه أعطاه ، ولما فيه صلاحه بالتكوين والتشريع رباه ، ولغايته هداه ، وبالخصوص خلاصة الوجود وما ذرى ، والذين أنعم عليهم نعم لا تحصى ، وهي للمؤمن تدوم وتبقى ، وجعل لهم الهداية بخاتم الأنبياء المصطفى ، وبإطاعته وعبادة الله بدينه كل المنى ، وعليهم أتم نعمته وبالإسلام لهم رضا ، وخص لمن أخلص له كل نعيم وغنى ، وسعادة وراحة خالدة لا تبلى.
فالصلاة والسلام : على خلاصة العباد وأفضل المؤمنين بالله المصطفين الأخيار ، من أنبياء الله ورسله وأولياءه ومعرفي دينه الأطهار ، وبالخصوص خاتمهم وسيدهم ، وأفضل موجود وأحسنهم ، نبينا الكريم الذي جعله الله سراج منيرا وبشيرا نذيرا ، وكان في ما أنزل عليه في كتابه المعجز الخالد ليوم القيامة وفي سنته كل الهدى ، وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين هم أوصياء له وبحق خلفاء ، والمحافظين على دينه بكرامة من الله له ولهم ولنا ، وأصبح نعيم الهداية منهم يؤخذ بصراط مستقيم ليوم الدين ، وبالله يستعين المؤمن حتى يتأسى بهم ويقتدي فيكون من حزب الله المفلحين الغالبين ، ولكن بشرط أن لا يوالي غيرهم من أهل الضلال الذين هم عن رحمة الله وكرامته مبعدين .



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد ..



بسم الله الرحمن الرحيم

لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ( 1 ) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ( 2 ) أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ( 3 ) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ( 4 ) بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ( 5 ) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ( 6 ) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ( 7 ) وَخَسَفَ الْقَمَرُ ( 8 ) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ( 9 ) يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ( 10 ) كَلا لا وَزَرَ ( 11 ) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ( 12 ) يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ( 13 ) بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ( 14 ) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ( 15 )
قد تقدم غير مرة أن المقسم عليه إذا كان منتفيًا، جاز الإتيان بلا قبل القسم لتأكيد النفي. والمقسوم عليه هاهنا هو إثبات الميعاد، والرد على ما يزعمه الجهلة من العباد من عدم بَعث الأجساد؛ ولهذا قال تعالى: ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال الحسن:أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة. وقال قتادة:بل أقسم بهما جميعًا. هكذا حكاه ابن أبي حاتم. وقد حكى ابن جرير، عن الحسن والأعرج أنهما قرآ: « لأقسم [ بيوم القيامة ] » ، وهذا يوجه قول الحسن؛ لأنه أثبت القسم بيوم القيامة ونفى القسم بالنفس اللوامة. والصحيح أنه أقسم بهما جميعا كما قاله قتادة رحمه الله، وهو المروي عن ابن عباس، وسعيد بن جُبَير، واختاره ابن جرير.
فأما يوم القيامة فمعروف، وأما النفس اللوامة، فقال قرة بن خالد، عن الحسن البصري في هذه الآية:إن المؤمن - والله- ما نراه إلا يلوم نفسه:ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قُدُما ما يعاتب نفسه.
وقال جُوَيْبر:بلغنا عن الحسن أنه قال في قوله: ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال:ليس أحد من أهل السموات والأرض إلا يلوم نفسه يوم القيامة.
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم، عن إسرائيل، عن سِماك:أنه سأل عِكْرِمة عن قوله: ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال:يلوم على الخير والشر:لو فعلت كذا وكذا.
ورواه ابن جرير، عن أبي كُرَيْب، عن وَكِيع عن إسرائيل .
وقال ابن جرير:حدثنا محمد بن بشار، حدثنا مؤمل، حدثنا سفيان، عن ابن جُرَيج، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جُبَير في: ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) قال:تلوم على الخير والشر.
ثم رواه من وجه آخر عن سعيد أنه سأل ابن عباس عن ذلك:فقال:هي النفس اللؤوم .
وقال علي ابن أبي نجيح، عن مجاهد:تندم على ما فات وتلوم عليه.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:اللوامة:المذمومة.
وقال قتادة: ( اللَّوَّامَةِ ) الفاجرة.
قال ابن جرير:وكل هذه الأقوال متقاربة المعنى، الأشبه بظاهر التنـزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر وتندم على ما فات.
وقوله: ( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ) أي:يوم القيامة، أيظن أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة ؟ ( بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) قال سعيد بن جُبَير والعَوفي، عن ابن عباس:أن نجعله خُفّا أو حافرًا. وكذا قال مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والضحاك، وابن جرير. ووجَّهه ابنُ جرير بأنه تعالى لو شاء لجعل ذلك في الدنيا.
والظاهر من الآية أن قوله: ( قَادِرِينَ ) حال من قوله: ( نَجْمَعَ ) أي:أيظن الإنسان أنا لا نجمع عظامه؟ بلى سنجمعها قادرين على أن نُسَوِّي بنانه، أي:قدرتنا صالحة لجمعها، ولو شئنا لبعثناه أزيد مما كان، فتجعل بنانه - وهي أطراف أصابعه- مستوية. وهذا معنى قول ابن قتيبة، والزجاج.
وقوله: ( بَلْ يُرِيدُ الإنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) قال سعيد، عن ابن عباس:يعني يمضي قدما.
وقال العوفي، عن ابن عباس: ( لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) يعني:الأمل، يقول الإنسان:أعمل ثم أتوب قبل يوم القيامة، ويقال:هو الكفر بالحق بين يدي القيامة.
وقال مجاهد ( لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) ليمضي أمامه راكبا رأسه. وقال الحسن:لا يلقى ابن آدم إلا تنـزع نفسه إلى معصية الله قدما قدما، إلا من عصمه الله.
ورُوي عن عكرِمة، وسعيد بن جُبَير، والضحاك، والسدي، وغير واحد من السلف:هو الذي يَعجَل الذنوبَ ويُسوّف التوبة.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:هو الكافر يكذب بيوم الحساب. وكذا قال ابن زيد، وهذا هو الأظهر من المراد؛ ولهذا قال بعده ( يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) ؟ أي:يقول متى يكون يوم القيامة ؟ وإنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه، وتكذيب لوجوده، كما قال تعالى: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ [ سبأ:29 ، 30 ] .
وقال تعالى ها هنا: ( فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ) قال أبو عمرو بن العلاء: ( بَرِقَ ) بكسر الراء، أي:حار. وهذا الذي قاله شبيه بقوله تعالى: لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ [ إبراهيم:43 ] ، بل ينظرون من الفزع هكذا وهكذا، لا يستقر لهم بصر على شيء؛ من شدة الرعب.
وقرأ آخرون: « بَرَقَ » بالفتح، وهو قريب في المعنى من الأول. والمقصود أن الأبصار تنبهر يوم القيامة وتخشع وتحار وتذل من شدة الأهوال، ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور.
وقوله: ( وَخَسَفَ الْقَمَرُ ) أي:ذهب ضوءه.
( وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) قال مجاهد:كُوّرا. وقرأ ابن زيد عند تفسير هذه الآية: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ [ التكوير:1 ، 2 ] ورُوي عن ابن مسعود أنه قرأ: « وجُمع بين الشمس والقمر » .
وقوله: ( يَقُولُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ) أي:إذا عاين ابنُ آدم هذه الأهوال يوم القيامة، حينئذ يريد أن يفر ويقول:أين المفر؟ أي:هل من ملجأ أو موئل ؟ قال الله تعالى: ( كَلا لا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ) قال ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن جُبَير، وغير واحد من السلف:أي لا نجاة.
وهذه كقوله: مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ [ الشورى:47 ] أي:ليس لكم مكان تتنكرون فيه، وكذا قال هاهنا ( لا وَزَرَ ) أي:ليس لكم مكان تعتصمون فيه؛ ولهذا قال: ( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ) أي:المرجع والمصير.
ثم قال تعالى: ( يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) أي:يخبر بجميع أعماله قديمها وحديثها، أولها وآخرها، صغيرها وكبيرها، كما قال تعالى: وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [ الكهف:49 ] وهكذا قال هاهنا: ( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) أي:هو شهيد على نفسه، عالم بما فعله ولو اعتذر وأنكر، كما قال تعالى: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [ الإسراء:14 ] .
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) يقول:سمعُه وبصرُه ويداه ورجلاه وجوارحُه.
وقال قتادة:شاهد على نفسه. وفي رواية قال:إذا شئت - والله- رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم غافلا عن ذنوبه، وكان يقال:إن في الإنجيل مكتوبا:يا ابن آدم، تُبصر القَذَاة في عين أخيك، وتترك الجِذْل في عينك لا تبصره.
وقال مجاهد: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) ولو جادل عنها فهو بصير عليها. وقال قتادة: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) ولو اعتذر يومئذ بباطل لا يقبل منه. وقال السدي: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) حجته. وكذا قال ابن زيد، والحسن البصري، وغيرهم. واختاره ابن جرير.
وقال قتادة، عن زرارة، عن ابن عباس: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) يقول:لو ألقى ثيابه.
وقال الضحاك:ولو أرخى ستوره، وأهل اليمن يسمون الستر:المعذار.
والصحيح قول مجاهد وأصحابه، كقوله: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [ الأنعام:23 ] وكقوله يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ [ المجادلة:18 ] .
وقال العوفي، عن ابن عباس: ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) هي الاعتذار ألم تسمع أنه قال: لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ [ غافر:52 ] وقال وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ [ النحل:87 ] فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ [ النحل:28 ] وقولهم وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ( 16 ) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ( 17 ) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ( 18 ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ( 19 )
هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له ويفسره ويوضحه. فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاح معناه؛ ولهذا قال: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) أي:بالقرآن، كما قال: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [ طه:114 ] .
ثم قال: ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ) أي:في صدرك، ( وَقُرْآنَهُ ) أي:أن تقرأه، ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ) أي:إذا تلاه عليك الملك عن الله عز وجل ، ( فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) أي:فاستمع له، ثم اقرأه كما أقرأك، ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) أي:بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا.
وقال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرحمن، عن أبي عَوَانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنـزيل شدة، فكان يحرك شفتيه - قال:فقال لي ابن عباس:أنا أحرك شفتي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه. وقال لي سيعد:وأنا أحرك شفتي كما رأيت ابن عباس يحرك شفتيه- فأنـزل الله عز وجل ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ) قال:جمعه في صدرك، ثم تقرأه، ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) فاستمع له وأنصت، ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) فكان بعد ذلك إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه .
وقد رواه البخاري ومسلم، من غير وجه، عن موسى بن أبي عائشة، به ولفظ البخاري:فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو يحيى التيمي، حدثنا موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنـزل عليه الوحي يلقى منه شدة، وكان إذا نـزل عليه عرف في تحريكه شفتيه، يتلقى أوله ويحرك به شفتيه خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره، فأنـزل الله: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )
وهكذا قال الشعبي، والحسن البصري، وقتادة، ومجاهد، والضحاك، وغير واحد:إن هذه الآية نـزلت في ذلك.
وقد روى ابن جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) قال:كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه، فقال الله: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنَا ) أن نجمعه لك ( وَقُرْآنَهُ ) أن نقرئك فلا تنسى.
وقال ابن عباس وعطية العوفي: ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) تبيين حلاله وحرامه. وكذا قال قتادة.

كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ( 20 ) وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ ( 21 ) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ( 22 ) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ( 23 ) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ( 24 ) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ( 25 )
وقوله: ( كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ* وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ ) أي:إنما يحملهم على التكذيب بيوم القيامة ومخالفة ما أنـزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي الحق والقرآن العظيم:إنهم إنما همتهم إلى الدار الدنيا العاجلة، وهم لاهون متشاغلون عن الآخرة.
ثم قال تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ) من النضارة، أي حسنة بَهِيَّة مشرقة مسرورة، ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) أي:تراه عيانا، كما رواه البخاري، رحمه الله، في صحيحه: « إنكم سترون ربكم عَيَانا » . وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله عز وجل في الدار الآخرة في الأحاديث الصحاح، من طرق متواترة عند أئمة الحديث، لا يمكن دفعها ولا منعها؛ لحديث أبي سعيد وأبي هريرة - وما في الصحيحين- :أن ناسا قالوا:يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: « هل تُضَارُّون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سَحَاب؟ » قالوا:لا. قال: « فإنكم تَرَون ربكم كذلك » . وفي الصحيحين عن جرير قال:نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال: « إنكم تَرَون ربكم كما ترون هذا القمر، فإن استطعتم ألا تُغلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا » وفي الصحيحين عن أبي موسى قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « جَنَّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فِضَّة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله إلا رِدَاء الكبرياء على وجهه في جنة عدن » . وفي أفراد مسلم، عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إذا دخل أهلُ الجنة الجنة » قال: « يقول الله تعالى:تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون:ألم تُبَيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ » قال: « فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم، وهي الزيادة » . ثم تلا هذه الآية: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [ يونس:26 ] .
وفي أفراد مسلم، عن جابر في حديثه: « إن الله يَتَجلَّى للمؤمنين يضحك » - يعني في عرصات القيامة- ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم عز وجل في العرصات، وفي روضات الجنات.
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو معاوية، حدثنا عبد الملك بن أبجر، حدثنا ثُوَير بن أبي فاختة، عن ابن عمر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن أدنى أهل الجنة منـزلة لينظر في ملكه ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، ينظر إلى أزواجه وخدمه. وإن أفضلهم منـزلة لينظر إلى وجه الله كل يوم مرتين » .
ورواه الترمذي عن عبد بن حميد، عن شَبابة، عن إسرائيل، عن ثُوَير قال: « سمعت ابن عمر.. » . فذكره، قال: « ورواه عبد الملك بن أبجر، عن ثُوَير، عن مجاهد، عن ابن عمر، قوله » . وكذلك رواه الثوري، عن ثُوَير، عن مجاهد، عن ابن عمر، لم يرفعه ولولا خشية الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد والسنن، ولكن ذكرنا ذلك مفرقا في مَواضِعَ من هذا التفسير، وبالله التوفيق . وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام. وهُدَاة الأنام.
ومن تأول ذلك بأن المراد بـ ( إِلَى ) مفرد الآلاء، وهي النعم، كما قال الثوري، عن منصور، عن مجاهد: ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) فقال تنتظر الثواب من ربها. رواه ابن جرير من غير وجه عن مجاهد. وكذا قال أبو صالح أيضا - فقد أبعد هذا القائل النجعة، وأبطل فيما ذهب إليه. وأين هو من قوله تعالى: كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ؟ [ المطففين:15 ] ، قال الشافعي، رحمه الله:ما حَجَب الفجار إلا وقد عَلم أن الأبرار يرونه عز وجل. ثم قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما دل عليه سياق الآية الكريمة، وهي قوله: ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) قال ابن جرير: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا آدم، حدثنا المبارك عن الحسن: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ) قال:حسنة، ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) قال تنظر إلى الخالق، وحُقّ لها أن تَنضُر وهي تنظر إلى الخالق .
وقوله: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةَ ) هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسرة. قال قتادة:كالحة. وقال السدي:تغير ألوانها. وقال ابن زيد ( بَاسِرَةٌ ) أي:عابسة.
( تَظُنُّ ) أي:تستيقن، ( أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) قال مجاهد:داهية. وقال قتادة:شر. وقال السدي:تستيقن أنها هالكة. وقال ابن زيد:تظن أن ستدخل النار.
وهذا المقام كقوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [ آل عمران:106 ] وكقوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [ عبس:38 - 42 ] وكقوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً إلى قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ [ الغاشية:2 - 10 ] في أشباه ذلك من الآيات والسياقات.
كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ( 26 ) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ( 27 ) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ ( 28 ) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ( 29 ) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ( 30 ) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى ( 31 ) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ( 32 ) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ( 33 ) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ( 34 ) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ( 35 ) أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ( 36 ) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ( 37 ) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ( 38 ) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى ( 39 ) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ( 40 )
يخبر تعالى عن حالة الاحتضار وما عنده من الأهوال - ثبتنا الله هنالك بالقول الثابت- فقال تعالى: ( كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ) إن جعلنا ( كَلا ) رداعة فمعناها:لست يا ابن آدم تكذب هناك بما أخبرت به، بل صار ذلك عندك عيانا. وإن جعلناها بمعنى ( حقا ) فظاهر، أي:حقا إذا بلغت التراقي، أي:انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك، والتراقي:جمع ترقوة، وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق، كقوله: فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [ الواقعة:83 - 87 ] . وهكذا قال هاهنا: ( كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ) ويذكر هاهنا حديث بُسْر بن جِحاش الذي تقدم في سورة « يس » . والتراقي:جمع ترقوة، وهي قريبة من الحلقوم.
( وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) قال:عكرمة، عن ابن عباس:أي من راق يرقى؟ وكذا قال أبو قلابة: ( وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) أي:من طبيب شاف. وكذا قال قتادة، والضحاك، وابن زيد.
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي، حدثنا نصر بن علي، حدثنا روح بن المسيب أبو رجاء الكلبي، حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس: ( وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) قال:قيل:من يرقى بروحه:ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ فعلى هذا يكون من كلام الملائكة.
وبهذا الإسناد، عن ابن عباس في قوله: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) قال:التفت عليه الدنيا والآخرة. وكذا قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) يقول:آخر يوم في الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحم الله.
وقال عكرمة: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) الأمر العظيم بالأمر العظيم. وقال مجاهد:بلاء ببلاء. وقال الحسن البصري في قوله: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) هما ساقاك إذا التفتا . وفي رواية عنه:ماتت رجلاه فلم تحملاه، وقد كان عليها جوالا. وكذا قال السدي، عن أبي مالك.
وفي رواية عن الحسن:هو لفهما في الكفن.
وقال الضحاك: ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) اجتمع عليه أمران:الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه.
وقوله: ( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ) أي:المرجع والمآب، وذلك أن الروح ترفع إلى السماوات، فيقول الله عز وجل:ردوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. كما ورد في حديث البراء الطويل. وقد قال الله تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ* ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [ الأنعام:61 ، 62 ] .
وقوله: ( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) هذا إخبار عن الكافر الذي كان في الدار الدنيا مكذبا للحق بقلبه، متوليا عن العمل بقالبه، فلا خير فيه باطنا ولا ظاهرا، ولهذا قال: ( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ) أي:جَذلا . أشرا بَطرا كسلانا، لا همة له ولا عمل، كما قال: وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ [ المطففين:34 ] . وقال إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أي:يرجع بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا [ الانشقاق:13 - 15 ] .
وقال الضحاك:عن ابن عباس: ( ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ) [ أي ] . يختال. وقال قتادة، وزيد بن أسلم:يتبختر.
قال الله تعالى: ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) وهذا تهديد ووعيد أكيد منه تعالى للكافر به المتبختر في مشيته، أي:يحق لك أن تمشي هكذا وقد كفرت بخالقك وبارئك، كما يقال في مثل هذا على سبيل التهكم والتهديد كقوله: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [ الدخان:49 ] . و كقوله: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ [ المرسلات:46 ] ، وكقوله فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ [ الزمر:15 ] ، وكقوله اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [ فصلت:40 ] . إلى غير ذلك.
وقد قال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي- عن إسرائيل، عن موسى بن أبي عائشة قال:سألت سعيد بن جبير قلت: ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) ؟ قال:قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي جهل، ثم نـزل به القرآن.
وقال أبو عبد الرحمن النسائي:حدثنا إبراهيم بن يعقوب . حدثنا أبو النعمان، حدثنا أبو عَوَانة - ( ح ) وحدثنا أبو داود:حدثنا محمد بن سليمان . حدثنا أبو عوانة- عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير قال:قلت لابن عباس: ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) ؟ قال:قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أنـزله الله عز وجل .
قال ابن أبي حاتم:وحدثنا أبي، حدثنا هشام بن خالد، حدثنا شعيب عن إسحاق، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) وعيد على أثر وعيد، كما تسمعون، وزعموا أن عدو الله أبا جهل أخذ نَبيّ الله بمجامع ثيابه، ثم قال: « أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى » . فقال عدو الله أبو جهل:أتوعدني يا محمد؟ والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئا، وإني لأعز من مشى بين جبليها.
وقوله: ( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) قال السدي:يعني:لا يبعث.
وقال مجاهد، والشافعي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم:يعني لا يؤمر ولا ينهى.
والظاهر أن الآية تعم الحالين، أي:ليس يترك في هذه الدنيا مهملا لا يؤمر ولا ينهى، ولا يترك في قبره سدى لا يبعث، بل هو مأمور منهي في الدنيا، محشور إلى الله في الدار الآخرة. والمقصود هنا إثبات المعاد، والرد على من أنكره من أهل الزيغ والجهل والعناد ، ولهذا قال مستدلا على الإعادة بالبداءة فقال.
( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ) ؟ أي:أما كان الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين، يمنى يراق من الأصلاب في الأرحام . ( ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ) أي:فصار علقة، ثم مضغة، ثم شُكّل ونفخ فيه الروح، فصار خلقا آخر سَويًا سليم الأعضاء، ذكرا أو أنثى بإذن الله وتقديره؛ ولهذا قال: ( فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى )
ثم قال: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) أي:أما هذا الذي أنشأ هذا الخلق السوي من هذه النطفة الضعيفة بقادر على أن يعيده كما بدأه؟ وتناولُ القدرة للإعادة إما بطريق الأولى بالنسبة إلى البداءة، وإما مساوية على القولين في قوله: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [ الروم:27 ] . والأول أشهر كما تقدم في سورة « الروم » بيانه وتقريره، والله أعلم.
قال ابن أبي حاتم:حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا شبابة، عن شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن آخر:أنه كان فوق سطح يقرأ ويرفع صوته بالقرآن، فإذا قرأ: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ؟ قال:سبحانك اللهم فبلى. فسئل عن ذلك فقال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. وقال أبو داود، رحمه الله:حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة قال:كان رجل يصلي فوق بيته، فكان إذا قرأ: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ؟ قال سبحانك، فبلى، فسألوه عن ذلك فقال:سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفرد به أبو داود ولم يسم هذا الصحابي، ولا يضر ذلك.
وقال أبو داود أيضا:حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، حدثنا سفيان، حدثني إسماعيل بن أمية:سمعت أعرابيا يقول:سمعت أبا هُرَيرة يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قرأ منكم بالتين والزيتون فانتهى إلى آخرها: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ؟ فليقل:بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين. ومن قرأ: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فانتهى إلى: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ؟ فليقل:بلى. ومن قرأ: وَالْمُرْسَلاتِ فبلغ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ؟ فليقل:آمنا بالله » .
ورواه أحمد، عن سفيان بن عيينة. ورواه الترمذي عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة . وقد رواه شعبة، عن إسماعيل بن أمية قال:قلت له:من حدثك؟ قال رجل صدق، عن أبي هريرة
وقال ابن جرير:حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ذُكِر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال: « سبحانك وبلى » .
قال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس أنه مر بهذه الآية: ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) ؟، قال:سبحانك؛ فبلى.






واستمعوا لهذه السورة والايات المبكية باصوات مختلفة من المشائخ :






وختاما :
اللهم احسن خاتمتنا يارب العالمين
اللهم تب علينا انك التواب الرحيم





واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين





والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته








اخوكم :


& فتى الازرق &

اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29/10/2012, 11:32 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ بن جبله المطيري
مشرف اللجنة الإعلامية
بالموقع الرسمي لنادي الهلال
تاريخ التسجيل: 25/05/2004
المكان: (( تحت أقدااام أمي ))
مشاركات: 56,324
دائمآ تتحفنا بالمواضيع الثمينه.....

مشكووور عبدالله....


وجاااري القراءه.......
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29/10/2012, 11:35 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ فتى الازرق ..
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 23/06/2011
المكان: سعودي في قلب الزعيم !!!
مشاركات: 9,773
إقتباس
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة بن جبله
دائمآ تتحفنا بالمواضيع الثمينه.....

مشكووور عبدالله....


وجاااري القراءه.......


نورت صفحتي يا نواف
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30/10/2012, 04:35 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ هلالي عايش حياته
محرر أخبار المجلس العام
تاريخ التسجيل: 29/09/2011
المكان: الرياض
مشاركات: 14,817
جزاك الله خير ................................


يعطيك الف عافية عبدالله
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30/10/2012, 05:51 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ اعواد شيح
زعيــم جديــد
تاريخ التسجيل: 29/11/2010
مشاركات: 46
مشكور الله يكثر من امثالك
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 30/10/2012, 06:24 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ هلاليه ودمها خفيف
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 12/05/2011
مشاركات: 28,345
جزاااااااااااااااك الله خيرررررررررررر
اضافة رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30/10/2012, 06:51 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 20/08/2008
مشاركات: 2,953
الله يجزاگ خير جعله في ميزان حسناتگ
اضافة رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30/10/2012, 03:49 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ فتى الازرق ..
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 23/06/2011
المكان: سعودي في قلب الزعيم !!!
مشاركات: 9,773
اشكركم جمعيا على المرور الجميل

بارك الله فيكم يا غوااااااالي
اضافة رد مع اقتباس
  #9  
قديم 30/10/2012, 11:55 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ .Mohammed#
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 06/06/2012
المكان: Al-khobar
مشاركات: 11,203
جزآك آلله خيرر

جـآإرري آلقرآءه ..
اضافة رد مع اقتباس
  #10  
قديم 31/10/2012, 12:12 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ فتى الازرق ..
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 23/06/2011
المكان: سعودي في قلب الزعيم !!!
مشاركات: 9,773
إقتباس
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة .Mohammed#
جزآك آلله خيرر

جـآإرري آلقرآءه ..

نورت صفحتي ياغاااالي
اضافة رد مع اقتباس
  #11  
قديم 04/11/2012, 07:37 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ أبـو حيـه
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 29/03/2011
مشاركات: 80,203
جزاااگ الله الجنه وجزيت خيرا على الموضوع
اضافة رد مع اقتباس
  #12  
قديم 04/11/2012, 07:16 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم مين يطوله
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/07/2011
المكان: Kuwait
مشاركات: 2,888
جزاك
اللَّه
خير
و إن شاء اللَّه
يجعلها
في ميزان حسناتكـ
اضافة رد مع اقتباس
  #13  
قديم 04/11/2012, 07:18 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم مين يطوله
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/07/2011
المكان: Kuwait
مشاركات: 2,888
جزاك
اللَّه
خير
و إن شاء اللَّه
يجعلها
في ميزان حسناتكـ
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 02:04 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube