[فارس بنو هلال]

ساءني من رأيت وماسمعت من إنتقادات جماهيرية لاذعة موجهة صوب مهاجم الهلال (ياسر القحطاني).
المرحلة الحالية تعتبر حساسة بمعنى الكلمة وتتطلب الاستقرار وتكاتف الجهود الشرفية والجماهيرية والادارية لاعداد الفريق الهلالي بالشكل الأمثل للبطولة الآسيوية والتي تبقى عليها أقل من شهر.
هذه الانتقادات ليست الأولى ولن تكن الأخيرة فقد عانى عدة لاعبين قبل ياسر أمثال الشلهوب والدعيع وعزيز وويلهمسون وغيرهم.
وللأسف فان الجمهور نفسه مقصر هو الآخر حيث لم يحضر بكثافته المعهودة بنزال التعاون مايعني أن التقصير أتى من الجميع وليس من ياسر وحده.
لم أكتب هذا الموضوع منافحا ومدافعا عن ياسر فلست محاميه الشخصي بل وسبق أن انتقدته مرارا وتكرارا واعترف بهبوط مستواه في لقاء التعاون ورعونته مع الفرص السهلة وهذا ربما نتاج طبيعي كون اللقاء يبدأ في أول الموسم واللاعب للتو عائد من الاصابة ويحتاج لفترة ليست بالقصيرة للعودة لمستواه المعروف لياقيا وفنيا.
ولكن خصصت هذا الموضوع لايضاح حقيقة الهداف ياسر القحطاني من وجهين الأول يختص بالادارة الهلالية والآخر يختص باللاعب نفسه:

سياسة المهاجم الواحد
الفريق الهلالي اعتاد على سياسة اللعب بمهاجم واحد منذ قدوم المدرب البرازيلي (باكيتا) عام 2005 ولم ينسلخ هذا الأسلوب الايطالي رغم تعاقب عدد كبير من المدربين من بعده رغم إختلاف مدارسهم التدريبية وخططهم التكتيكية!
هذا الأسلوب ربما يكون من صالح الفريق كلعب جماعي وهو يتيح للفريق السيطرة على منطقة المناورة ولكن من أبرز عيوبه تقييد حركة المهاجم وإبتعاده عن التهديف والذي يكون دوره حينئذ البحث عن الكرة وفتح ثغرات لبقية اللاعبين وهذا يتطلب جهد لياقي عالي مع العلم أن معظم الفرص لاتصل لياسر وإنما للاعبي الوسط الذين يتفننون في تضييعها وهذه من أبرز عيوب هذا التكتيك كما ذكرت آنفا.
هذا التكتيك والذي لايطبقه أي ناد سعودي وقد فشل من ذي قبل مع ناديي الاتحاد والنصر من الصعب أن يطبق على أرض الميدان إلا بوجود مهاجم ذكي وسريع ومهاري ونشيط وهذه الخصال موجودة في ياسر وحده.
فلم يعهد كبار مهاجمي السعودية من ذي قبل كماجد عبدالله وسامي الجابر وفهد المهلل وعبيد الدوسري وغيرهم اللعب بهذا الأسلوب وإلا لكان عدد أهدافهم ضئيل جدا خاصة وأن البعض منهم ثابت داخل الصندوق ولايستطيع الحركة بشكل سريع وكبير في أرض الملعب خاصة ماجد عبدالله والذي يحتاج مساندة من لاعب بجواره في خط المقدمة خلاف لاعبي الوسط.
في المقابل فان سامي الجابر كان محظوظا بتواجد هدافين أجانب بجواره في فتراته الذهبية شكلوا معه ثنائي رائع استفاد منه الهلال وانعكس ذلك على بطولاته حيث لعب بجواره صلاح الدين بصير وسوزا وسيرجيو وأدميلسون وروني والكاتو وتراوري وسياسيا وغيرهم هذا خلاف الهدافين المحليين أمثال الجمعان والحيائي والغشيان والعلي والعنبر وغيرهم.
في المقابل فان ياسر يقدم مستويات رائعة مع المنتخب السعودي أفضل من مستوياته بقميص الهلال والسبب يعود لاختلاف طريقة اللعب حيث يحظى في المنتخب بتواجد مهاجم ثان بجواره وشاهدنا إنسجامه بجانب مالك معاذ في البطولة الآسيوية الماضية.
أسلوب المهاجم الواحد لم ينجح مع مهاجمين كثر سواء مالك معاذ في الأهلي أو سعد الحارثي في النصر أو زيايه في الاتحاد مايعني أنه أسلوب صعب ولايطبق عادة إلا في الملاعب الأوروبية.
ومع ذلك شاهدنا ياسر يحرث الملعب ويقدم مستويات رائعة وحقق بطولات عديدة مع الفريق الهلالي وتأقلم مع الأسلوب التدريبي الذي حطم عدة عناصر شابة أمثال الصويلح والعنبر وغيرهم.
فياسر منذ قدومه للهلال وحتى وقتنا الحالي أي خمس سنوات استطاع تسجيل 68 هدفا للهلال بمعدل تهديفي لايقل عن 12 هدفا سنويا وهو معدل جيد بالنسبة لمهاجم يقف وحيدا في خطا المقدمة ومكلف بمهام عديدة ومحاصر بين كماشة المدافعين.
لذا فان من أبرز أسباب ضعف الهجوم الهلالي والابتعاد عن البطولات الخارجية واستمرار مشكلة ضياع ركلات الزاوية هو عزوف الادارة الهلالية عن إحضار هداف يستغل أنصاف الفرص فالمهاجمين الذين حضروا في السنوات الماضية أمثال سيول كي هيون وديسلفا والفان مقالب ولم يستفد منهم الفريق الهلالي ولايوجد هداف أجنبي كبير حضر للهلال بعد البرازيليين روني وأدميلسون وسيرجيو ومنذ ذلك الوقت والفريق غائب عن البطولات الخارجية ولمدة 8 سنوات متتالية فالتاريخ يشهد بأن معظم بطولات الخارجية تحققت بمساهمة من مهاجمي الهلال الأجانب.
ومايؤكد صحة كلامي أن مركز الهجوم هو مركز ثابت للاعب الأجنبي لدى جميع الأندية في حين بقية المراكز سواء صانع الألعاب أو قلب الدفاع أو غيرهم هي مراكز متحركة ومتغيرة ولاتوازي أهمية خط الهجوم إنطلاقا من الحكمة التدريبية القائلة:
الهجوم خير وسيلة للدفاع
فلو أتينا للاعبي الوسط مثل ويلهمسون والشلهوب ونيفيز أتيحت لهم فرص كثيرة في الموسم الماضي أكثر من ياسر وسجلوا أهداف كثيرة خاصة في مسابقة الدوري ولكنهم أضاعوا ضعفها والسبب هو عدم تخصصهم في التهديف عكس المهاجم ياسر والذي استقبل فرص قليلة.
لذلك لاتحملوا ياسر فوق طاقته وتطالبوه بالمزيد فما ينقصه حاليا هو التركيز أمام المرمى فقط وتدربه على كرات كثيرة أمام المرمى لعلاج مشكلة ضياع الفرص السهلة والتي قد تكلف الفريق الشئ الكثير في لقاءات الحسم في البطولة الآسيوية.

موهبة اللاعب
عند تقييم المهاجم نجد إختلاف الصفات والمزايا من لاعب لآخر فياسر مثلا موهوب بالفطرة في المراوغة والسرعة والمهارة العالية ولكنه يعاني في التهديف والفرص السهلة داخل الصندوق وفي ركلات الجزاء والكرات العرضية.
في حين نجد أن لاعبا مثل سامي الجابر لاعب قناص أمام المرمى وبامكانه اللعب خلف المهاجمين وتمويلهم بالكرات الخطرة.
ياسر بحد ذاته مهاجم خطير ومشاكس ولكنه ليس هداف بالدرجة الأولى غير أن فائدته للفريق تكمن في تحريك الفريق بأكمله ولاتقتصر على تسجيل الأهداف وهذا مايبحث عن المدربين في الوقت الحالي.
ياسر سجل في الموسم الماضي 20 هدفا وهو رقم مميز بعد عودته لمستواه المعروف ولكن مجموع أهدافه مع الهلال على مدار خمس سنوات هو 68 هدفا مايعني أنه أفضل مهاجم سعودي في الوقت الحالي بلغة الأرقام.
غير أن المجموع الكلي لأهدافه مع القادسية أو النجمة البحريني أو مع الهلال لايتجاوز 109 أهداف وهو أقل بكثير من الرقم المسجل باسم مهاجم الهلال السابق (سامي الجابر) مع الهلال والمقدر ب181 هدفا رسميا مايعني أن ياسر والذي يستطيع اللعب ل5 سنوات قادمة كلاعب أساسي يحتاج إلى 72 هدفا لمعادلة رقم سامي وهو رقم صعب جدا جدا هذا رغم إنقطاع سامي عن اللعب لفترات طويلة في الهلال!!
بل أن ياسر قبل قدومه للهلال بفترة وجيزة سجل مع القادسية في موسم 2005 بمسابقة الدوري 5 أهداف فقط مقارنة ب11 هدف سجلها سامي مع الهلال رغم أن سامي لعب بعض الفترات وحيدا وعمره وصل إلى 35 سنة وقتذاك!!
حتى حينما نقول بأن أزهى فترى تهديفية لياسر هي الموسم الماضي برصيد 20 هدفا فهي مماثلة لعام 2005 لسامي حينما سجل 20 هدفا رغم أن عمره 35 سنة وذلك الموسم ليس أفضل مواسمه!!
من هنا نستنتج أن ياسر لايتمتع بقوة تهديفية فهذه الميزة لاتوجد فيه على عكس المهاجم الآخر عيسى المحياني والذي يفضل اللعب داخل الصندوق بدلا من الأطراف ولو طبق المدرب جيريتس هذا الأسلوب لانتفض الهجوم الهلالي وكشر عن أنيابه بتناغم رائع بين ياسر وعيسى.
وبشكل عام نجد أن المنتخب السعودي حاليا يعاني من غياب الهداف بعد رحيل جيل العمالقة بقيادة ماجد وسامي والمهلل ومايؤكد كلامي هو عقم الهجوم السعودي في تصفيات المونديال الماضي وأمام منتخبات صغيرة وغياب المهاجم السعودي عن قائمة الهدافين السنتين الماضية وفوز الشلهوب باللقب العام الماضي رغم تواجد ياسر مع العلم أن ياسر لم يفز بلقب هداف الدوري ولا مرة في مسيرته ولا أتوقع بأنه سيحققها أبدا!!
فما أطلبه من الجمهور الهلالي الواعي دعم اللاعب وعدم تحميله مافوق طاقته فهو ليس بآلة حديدية ومشكلته مع التهديف متأصلة فيه ولن تتغير ومع ذلك نشكره على مابذله الفترة الماضية فقد كان شعلة من النشاط ولو كان لاعبا ثابتا داخل الصندوق وغير متحرك كبقية المهاجمين أمثال وليد الجيزاني والعنبر والهزازي وغيرهم لما لعب الفريق الهلالي بأسلوبه الحالي.
ولاننس أن ياسر هو أفضل هداف في الموسم الماضي برصيد 20 هدفا أمام بقية المهاجمين المحليين والأجانب.
نتمنى دعم الفريق ككل وعدم قصر النظرة على لاعب واحد وبخصوص الأهداف مادام الأسلوب الحالي باق فاطلبوها من جميع اللاعبين وليس من ياسر وحده وحاولوا تخفيف الطلب على الأهداف فالهدف من ياسر عن عشرة بالأسلوب الحالي.
أخوكم:فارس المالكي