
استهلالا.. أود أن أؤكد – كرأي شخصي – صواب الطريقة التي اتبعتها إدارة الهلال برئاسة الأمير عبد الرحمن بن مساعد ومعاونيه كل في موقعه، بالإبقاء على جيريتس في مشوار الفريق خلال بطولة دوري آسيا وعدم المغامرة بجهاز جديد أقرب إلى أن يضيًع كل ما بنته هذه الإدارة الاحترافية في عملها وتعاملها بشكل عام.
أحيانا تكون الإيجابيات (نسبية) في قراءة المستقبل ومع ذلك تتحقق فتكون النتيجة النهائية 100% صح، وكي أكون أكثر دقة فيما ذهبت إليه فإن المعايير التي أراها من موقعي ترجح بقاء جيريتس والتركيز على تحقيق آسيا كهدف أول، ومن ثم التفكير بما يعزز هذا العمل بحثا عن نجاحات أخرى، خصوصا أن المدرب متحمس لتحقيق بعض أهدافه في حياته التدريبية فضلا عن صداقته القوية بمن عمل معهم وهو في الأصل أسس لهذا العمل الذي أثمر أداء جذابا وعملا منظما وانضباطية عالية تبدأ بالتمارين الصباحية وتنتهي بالبطولات التي حققها في أول موسم.
أما من يقول إنه يفكر في عمله الآخر، فإن المنتخب المغربي ليس لديه مهام بطولية قريبا، والمدرب (الخبير) احترز لعمله المستقبلي بمساعده الذي سيطبق الخطة التي رسمها هو – أي جيريتس.
أما إن كان غير مرتاح للبقاء وسيضغط على نفسه إرضاء لمن أحبهم وارتاح لتعاملهم فهذه مشكلة قد تؤثر في سير العمل التدريبي اليومي والتعامل مع ظروف المباريات، لكن مادام أنه متحمس ويطمح في تحقيق إنجاز كبير كبطولة دوري آسيا فهذه من العوامل المحفزة والمريحة لإضافة نجاحات أخرى، علما أن خطأ ما أو ظروفا معاكسة قد تحبط عملا مؤسسيا بُني على أسس احترافية من خبراء يعملون ألف حساب لكل ما قد يعتري العمل أو يُعثره.
ومن الممكن أيضا أن تُحضر مدربا جديدا ويحقق نجاحا باهرا، لكن كلما كان العمل احترافيا ومدروسا كلما كان مريحا ومرضيا ومقنعا أمام الرأي العام.
الأكيد أن كثيرين، بل الغالبية سيتهمون المدرب الخبير جيريتس بما يتناغم مع عدم احترافيتنا وما ينسجم مع الفكر السائد - دون تعميم. ولن أتوسع في هذا الجانب، فالأمر انجلى في ردود الفعل على الإنترنت وفي بعض المقالات إضافة إلى ما يتردد في المجالس، ويصل صداها للمعنيين، فلو أن الإدارة أعلنت عن هذه الاتفاقية، التي أفصح بها الأمير عبد الرحمن بن مساعد في حديث فضائي خاص بقناة العربية أمس، في حينها أي قبل 8 أشهر أو مع قرب انتهاء الموسم ستكون ردود الفعل مضادة وتكتسي بلغة الكرامة والعيب والتأويلات التي لا تنتهي.. وبالتالي تؤثر في سير التحضير للموسم المقبل، لكنني شخصيا أميل إلى الإعلان عنها بعد نهاية الموسم أي قبل شهرين، أو على أبعد تقدير حينما تردد بقوة خبر التعاقد مع جيريتس ولا سيما بعد أن توسعت فيه الصحافة البلجيكية، وخصوصا أن الموسم انتهى، ومن الأنسب أن تكون الأمور واضحة للجميع، يعزز ذلك العمل الاحترافي والوضوح والشفافية التي تميزت بها إدارة الأمير عبد الرحمن بن مساعد. أيضا مثل هذا العمل يحدث في أوروبا التي يجب أن نتشرب منها العمل الاحترافي في كل شيء على الصعيد الرياضي.
ولعل في إخلال الجامعة المغربية بالاتفاقية وهي تعلن عن التعاقد مع جيريتس تأكيد لمدى ضعف الاحترافية عربيا، ولكن أيضا لو كنت مغربيا للمت الجامعة على عدم الإعلان عن المدرب وأنا أشاهد مساعده يبدأ العمل والأخبار تؤكد حضور جيريتس واختيار شقته!! والأهم أن يطمئنني اتحاد بلدي الرياضي على مستقبل منتخبي من خلال معرفة الجهاز الفني والخطة المستقبلية ولا سيما العمل للبطولة القارية والتصفيات العالمية!!
لذا لو أن كل طرف وضع نفسه في مكان الطرف الآخر لما صار هذا التأجيل إلى أن عرفت الجماهير في البلدين عن طريق الإعلام الذي يستطيع كشف الأسرار والوصول إلى أدق المعلومات.
أما الفكرة الهلالية المرادفة بأن يأتي مدرب جديد في أقرب وقت ليكون ملما بالفريق جيدا، هي أيضا صائبة وتنم عن دراسة وافية لدرء أية معوقات قريبا أو لاحقا.
ومن جانبي أشدد على أن سامي الجابر هو الأنسب ليكون المدرب البديل بشرط توفير طاقم مساعد بمستوى عال في مختلف التخصصات.
وأتوقع أنه لن يختلف عن (جوارديولا) الذي نقل برشلونة إلى أن يكون الأفضل عالميا مستوى ونتائج في وقت وجيز، وهو الذي لم يمض سوى سنة مدربا للناشئين بعد اعتزاله، علما أنه ختم حياته لاعبا في قطر.
سامي في الأصل كان يخطط لانتداب نفسه – بعد الاعتزال - إلى إنجلترا في دورة أو أكثر نظريا وعمليا في أحد الفرق الكبيرة وقد يبدأ مشواره من هناك ثم يأتي إلى السعودية متسلحا بمقومات وأسس التدريب، ولكن الأمير عبد الرحمن طلبه (مديرا) فلبى النداء لأنه اليد اليمنى القوية للرئيس.
سامي الذي تشبع خبرات في الميادين لاعبا ومع كوكبة من المدربين وتعلم كثيرا، بالتأكيد تلقى (كورس) تدريبي من خلال تعامله مع جيريتس فترة طويلة وكسب الكثير بما يعزز كفاءته، وإذ قبل بالمهمة سيكون أهلا لها لأنه تعود على النجاح، ولديه القدرة على كسب التحدي والتعلم، والأمثلة كثيرة يحفظها البعيد قبل القريب إليه.
وسامي قادر – بعد توفيق الله – أن يحدث نقلة مختلفة مدربا وإداريا بمهام المدير الفني، أثق كثيرا أنه مشروع ناجح في هذا المكان.
أعرف أن كثيرين جدا سيتصدون للفكرة التي هي رأي خاص، وربما يعارض بقوة حتى بعض المقربين إليه والمحبين لناديه، لكنني أجزم أنه أفضل في فكره وقوته وخبرته وصراحته وجرأته من كثيرين حضروا بملايين الدولارات.
وليس بعيدا نجاح سامي القوي (مديرا عاما) بشهادة جيريتس الذي دائما ما يثني على عمله، بل ربما أنها المرة الأولى التي يقول فيها مدرب أوروبي خبير: "سامي هو مديري"، فالعادة أن المدرب هو كل شيء وعلاقته مباشرة برئيس النادي، ولو لم يتيقن جيريتس من عمل وتعامل سامي لما صدح بهذه المعلومة ولا الإشارة إلى قدرات سامي دون أن يطلب منه، وهو ليس مطالبا منه ذلك في مركزه ومكانته كمدرب.
وسامي في موقعه (إداريا) أثبت أنه أهل لثقة الأمير عبد الرحمن بن مساعد الذي يثق فيه ثقة عمياء، وهذا ليس استنتاجا ولا تأليفا مني بل على لسان الرئيس، لذا إذا ما قبل سامي أن يكون مدربا بعد جيريتس فستكون الفوائد كثيرة.
لا أستبعد أن يقترح أحد أو مجموعة أن يبدأ سامي من الناشئين أو الشباب أو حتى الأولمبي وربما يطالب البعض بتأهيله أكاديميا أو تدريبيا، وأنا بدوري أقول سامي لديه مقومات النجاح، ولو راقت الفكرة لإدارة الهلال وإذا قبل سامي فلا تترددوا. أما إن رفض أو اعتذر سامي فيجب وأد الفكرة في مهدها. وأخيرا أقول إن إدارة الهلال الحالية بكل فروعها (كرويا) تعمل بمنهج أوروبي بحت. ينقصها فقط أن يكون عملها مع الألعاب المختلفة منصفا كي لا تخسر كثيرا مما حققته في كرة القدم، وما أنجزته على صعيد المنشأة معماريا.