** الهلال : أنشودة الذهب وحكايةٌ كلما تأهب الأخرون لمتابعة أحداثها الأخيرة ونهاياتها المختلفة .. بدأ الترقب في أعين عشاقه الدائمون تحفزاً لبداية الحكاية من جديد ، يترقبون بثقة .. تملؤهم اللهفة ويغشى ملامحهم بريق المنصات ، وكأنهم على مشارف الدرجة الأولى من سلم الإنجازات والمجد .. بالرغم من أنهم حولوا البطولات إلى دائرة .. لايقدر سواهم على التماس معها ، ولايبرحون هم محيطها الأزرق الرهيب .
** العظماء فقط هم من لايعودون إلى مركز الدائرة بعد أن بدأوا منه إنطلاقة البطل الذي لايموت . عقودٌ من الزمن وهذا الهلال ينمو في دواخلنا التي لاتتسع إلا لبهجة الزعيم وفرحته .. وإنتصاره ، وربما بدا هذا الأزرق الملكي – ذات يوم – باهتاً في نظرة محبيه ، لكنه لم يتلاشى لحظةً من ذاكرتهم ، فالهلاليون متعلقون في السماء .. غارقون في أكثر المحيطات عمقاً في الأرض ، يحلمون بل يسعون لملء المساحة الواقعة بين السماء والماء بأزرقٍ ثالث .. نجومه لاتأفل ، ومحاره يحتضن الكوؤس والذهب والإنجازات المحصورة على أبناء الملوك . فحين يكسب الهلال مجرد الكسب أياً كانت أهمية النزال بالنسبة له ككيان .. لايشعر أنصاره بأنه مجرد كسبٍ إعتادوه كثيراً ، بل إن لنصر الهلال نشوةٌ ليست كأي نشوة .
** ( مباراة دورية كأي مباراة لاتتعدا نقاطها الثلاث ) .. هكذا هو الخطاب المعتاد ، والذي يراه العقلاء منطقياً وطبيعياً قبل كل جوله أو بعدها .. سواء كانوا عقلاء الهلال أو غيرهم ، وجميعهم في الحالتين عقلاء في نظر أنفسهم .. ونظر المحايدين - إن وجدوا - وعلى حساب الجنون الساكن فينا .. نبارك هذا الخطاب محاولين إقناع أنفسنا قبل إقناعهم بأن هذا هو الصواب حتى لانحمل الأمور أكثر مما تحتمل .
** أثق من عدم منطقية المهووسين بهذا الهلال ، وأجزم بأنهم حين يتعلق الأمر بزعيمهم سيغيبون العقل أو أن من لايتفق مع عشقهم لزاماً عليه أن يغيب .. حتى لو كان هذا المختلف معهم هو العقل نفسه . حينها لايحضر سوى جنونهم الطاغي وهوسهم بأزرقهم وسحر إنتصاراته .. وتاريخ عظمائه الذين وضعوا حجر الأساس لهذا الجنون الذي تغص به المدرجات ، الجنون الذي شكلته تراكمات الفوز ، ومتعة الفائزين وصانعي الإبداع ، فأخذ يتضاعف فرحاً بعد فرح .. وهدفاً بعد هدف .
نعم .. هذه الجماهير أجزم – وتجزم هي – بجنونها ولانبالي .
10/10
** ليس لأنه نادي النصر .. لكنها كل مباريات الزعيم لايوجد بينها مباراة دورية ذات نقاطٍ ثلاث نفرح لنيلها ، ونأسى على ضياعها أو ضياع بعضها ، فلذة الإنتصار التي يمنحها هذا الفريق لأنصاره أكبر من الفرح بالتقدم في سلم الترتيب .. ومن صمت ليلةٍ يتوقف فيها لخسارة جولة ، بغض النظر عن من نال شرف ذلك التعثر أو التأخر .
فأمام الصاعد ، أو البطل ، أو المنافس .. يختلف المقابلون وتبقى زفة المنصر بوشاحه الأزرق هي المتعة التي تجعل كل هؤلاء المجانين يقفون خلف هذا - الثابت - ولايتحركون .
** الليلة : لانريد الفوز لأنه النصر .. بل نريده لأنه الهلال ، وهنا يكمن الفرق بين دوافع الإنتصار لدى هؤلاء المجانين بالهلال .. وأولئك العقلاء خشية المضاعفات ، وتحسباً لما هو آت .. ليبقى أمام وعود التعويض متسعٌ من العقل .
بعيداً عن النصر
** بعد ثلاث جولات إنقضت من عمر دوري المحترفين وبالرغم من تحقيق الهلال للدرجة الكاملة ( 9/9 ) .. إلا أن الفريق مازال بحاجة إلى الكثير حتى يكون الفريق القادر على كسب الرهان في جميع الظروف ، فالقادم من منافسات بظروفها وإصاباتها وإيقافاتها - لاسمح الله - قد تضع الهلال في مأزق أو أكثر . فما قدمه المدرب واللاعبون في بداية بطولة الأمير فيصل أقل بكثير مع قوة المنافسة في دوري المحترفين على إعتبار أن الفريقين مكملان لبعضهما ، وإذا ماوضعنا في الحسبان أن الظروف قد تجبر المدرب على خوض مباريات الدوري بغالبية لاعبي الأولمبي أو بنصفها على الأقل .
فبنك الهلال الإحتياطي هذا الموسم ليس كما كان في المواسم – الكثيرة – السابقة ، وهنا تبقى عقلية المدرب وإختياراته وقدرته على توظيف قدرات لاعبيه وإعادة إكتشافهم لخدمة الفريق في حال الحاجة لذلك .
** الهلال لايكاد ينقضي موسم رياضي إلا ويكون الطرف الثابت في المنافسة على اللقب .. وفي المقابل تأتي منافسات الموسم الجديد مجدولة حسب الآلية المعمول بها حالياً .. الأمر الذي يحتم على إدارة الزعيم وجهازه الفني متابعة الفريق وتقييم أدائه أولاً بأول ، فالإنتصارات المتتالية على الفرق الصاعدة والهاربة من الهبوط العام الماضي قد لاتكون مقياساً حقيقياً لمستوى الفريق ، فلا يظهر الخلل إلا في نهاية الموسم .. حينها لن يتنازل الأخرون عن أي نقطة من أمام الهلال ، وسيكون الضغط على اللاعبين والمدرب والإدارة ، حتى وإن كان لدى الجميع القدرة على التصحيح والعودة .. يبقى توقيت هذا التصحيح هو الأهم ، والموسم الماضي ليس ببعيد .
وكل عام والهلال يعتلي القمة .
