 
			
				23/02/2008, 10:31 PM
			
			
			     |  
      |    مشرف سابق بمنتدى المجلس العام   |   |    تاريخ التسجيل: 02/12/2001  المكان: حيث الأمل  
						مشاركات: 5,603
					        |        |  
  |     
				
				روحٌ مبعثرةٌ على قصاصةِ ورقةٍ باليةٍ.          
صليتُ اليومَ صلاةَ العشاءِ في مكانٍ غيرَ الذي اعتدتُ  عليهِ و عندما يفارقُ الإنسانُ  ما اعتادَ عليهِ يغمرهُ شعور بالغربةِ و الوحدةِ ، أخذتُ أسترقُ النظرَ إلى وجوهِ من هم حولي في محاولةٍ يائسةٍ أن أجدَ من تألفهُ نفسي و تحن إليه روحي فلم أجد إلا كلّ من هو غريبٌ علي.     
لكن هل المسلم غريب وهو في بيتٍ من بيوت الله !؟ كلا ، لكنّي إنسانٌ مقصرٌ أبحث في نفسي عن نفسي و أنسى ، أو ينسيني الشيطانُ ، من أوجدني من عدم ، فاللهم لا تكلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ و لا أقل من ذلك .     
سِرتُ قليلاً فالتقطت ورقةً باليةً أحالتها شمس صحرائنا ما تبقى من لونٍ أبيض إلى ذلك اللون الأصفرِ الكئيبِ كبقايا أوراقِ الخريفِ . بالكادِ قرأتُ ما خطته يدُ إنسانٍ بائسٍ في تلك الورقةِ الحزينة. يالهذه الورقة المظلومة ، أي ريحٍ ألقتْ بك في يد هذا المسكين !؟ لِمَ لَمْ تذهب الريحُ بكِ بعيداً هناكَ حيث يدُ طفلٍ مدللٍ يرسم لوحات خياله السعيد وهو في كنف أبويه ، أو لتطير بك بعيداً هناك حيث نسيم البحر ليكتب على خدكِ دورةَ بلوتٍ مكررةٍ أحدُ شبابِ هذا الوطن الواعدين. لكنّ الريح ، و يا لحظّكِ ، قذفت بك إلى يد هذا الحائر ليمسك بتلابيبكِ فيرسم ألمه و أمله فيك ثم يلقي بك في مهبها مرةً أخرى .     
تملكني الفضول و الإحساس بالوحدة لأتفحص هذه الورقة ، فتوقفت بجانب عمود إنارة ٍ في طرف الشارع لوحدي لأحاول فك رموزها ، فوجدت كاتبها يقول :    
أنت روحي و مهجتي و أملي ، أنت شمعة حياتي و نور بصري و منبع قوتي . أراكِ تعانين من شر المرض و مرارة الحياة فأكره نفسي و أكره حياتي . لو أن لي يداً لوهبتك جزءاً من حياتي ، لا بخلاً بالجزء الآخر لكن أملاً أن أعيش معكِ به و فيه فأرى طيف ابتسامتك يشع من جديد. المرأة مخلوق جميل و أنت أروع ما في ذلك الجمال.   
أتذكرين يوم عقد القِران !؟ أنا أذكره ، و يح نفسي كيف لي أن أنساه . أتذكرين ما كنت تقولين لي !؟ يا لهف نفسي كيف لتلك الكلمات أن تغيب عن قلبي . لا ليست كلمات بل هو سحرٌ حلال . خذي عيني و قلبي و روحي لكن عودي لي أميرة أحلامي وحدي . كنتِ لي أنا و كنت أنا لنفسي ، فاغفري لي هذه الأنانية و لا تلوميني لأنني أحببت نفسي من حبكِ لها .   
ما أقسى لحظات الإنتظار و أنت تنتظر حكم القاضي على روحك بالفناء ، جزء مني يود أن يدخل الطبيب فيتلو على مسامعي كلماته باقتضاب ، و الجزء الآخر يود لو أن الزمن توقف و أنا ممسكٌ بيدها الرقيقة الغضة بين يدي ، أخاطبها .. أهمس في أذنها .. أدعو لها. خانتني عيني هذه المرة فنشرت ضعفي و حيرتي على خدي فثارت عيني الأخرى غيرة و وجلاً و هي تبصر يد الرقة تحتوي أختها.   
 اللهم اكشف ما بها من ضر ، اللهم اكشف ما بها من ضر.   
انتهت الورقة المسكينة من نقل هذه القصة لي و لستُ أدري هل انتهتْ معاناة هذا المسكين البائس. هل رجعت إليه روحه إلى جسده ؟ و إذا عادت فهل سيتناولها بالعناية و يحمد الله على نعمته الفائقة عليه ؟ أم هل تراه بكى نفسه التي فقدها و كأني أسمع نحيبه بجوارها ؟ هل صلى عليها العصر أم الظهر ؟ أم عاد معها فصلت في مصلاها ؟      
نظرتُ إلى الورقةِ و هممت برميها علّ الريح تحملها إلى غريبٍ آخرٍ مثلي ، لكني آثرت أن أبقيها معي ، فأنا كذلك مثل غيري ، أحب نفسي.    
تأمّلتها مرةً أخرى قبل أن أدسّها في جيب معطفي العلوي .. بجانب قلبي  .. و أنا أدعو له و لها.         
أخوكم. 
          
					
						اخر تعديل كان بواسطة » القاضي في يوم » 24/02/2008 عند الساعة » 12:19 AM
					
					
						السبب: تصحيحات .
					
				      |