
26/11/2015, 11:50 AM
|
زعيــم فعــال | | تاريخ التسجيل: 20/01/2008
مشاركات: 232
| |
لماذا نصح نوح عليه السلام قومه بالاستغفار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في سورة نوح قول الله تعالى: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].
وقوله: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴾ [نوح: 10]، يقول: فقلتُ لهم: سلوا ربَّكم غفرانَ ذنوبِكم، وأخلِصوا له العبادةَ، وتوبوا إليه من كُفركم وعبادة ما سواه من الآلهة ووحِّدوه، يَغفر لكم، إنَّه كان غفَّارًا لذنوب مَن أناب إليه، وتاب إليه من ذنوبه.
وقوله: ﴿ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴾ [نوح: 11]، يقول: يسقيكم ربُّكم إن تُبتم ووحَّدتُموه وأخلصتم له العبادةَ الغيثَ، فيرسل به السماءَ عليكم مدرارًا متتابعًا، وروى الطبريُّ عن الشعبيِّ، قال: خرج عمر بن الخطاب يَستسقي، فما زاد على الاستغفار، ثمَّ رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما رأيناك استسقيتَ؟ فقال: لقد طلبتُ المطرَ بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر، ثم قرأ: ﴿ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴾ [نوح: 10 - 11]، وقرأ الآيةَ التي في سورة هود حتى بلغ: ﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ [هود: 52].
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ [نوح: 12 - 14].
وقوله: ﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ﴾ [نوح: 12]، يقول: ويعطِكم مع ذلك ربُّكم أموالًا وبنين، فيكثرها عندكم ويزيد فيما عندكم منها، ﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ﴾ [نوح: 12] يقول: يَرزقكم بساتين، ﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 12]؛ تسقون منها جنَّاتكم ومزارعكم؛ وقال ذلك لهم نوح؛ لأنَّهم كانوا فيما ذُكر قومًا يحبُّون الأموالَ والأولاد[1].
وقال ابن كثير: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴾ [نوح: 10 - 11]؛ أي: مُتواصلة الأمطار؛ ولهذا تُستحبُّ قراءةُ هذه السُّورة في صلاة الاستِسقاء لأجل هذه الآية، وقال ابنُ عباس وغيرُه: يَتبعُ بعضه بعضًا، وقوله تعالى: ﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 12]؛ أي: إذا تُبتُم إلى الله، واستغفرتُموه وأطَعتموه، كَثر الرِّزقُ عليكم، وأنبَت لكم الزَّرعَ، وأسقاكم من بركات السَّماء، وأدرَّ لكم الضَّرعَ وأمدَّكم بأموالٍ وبنين؛ أي: أعطاكم الأموالَ والأولاد، وجعل لكم جنَّاتٍ فيها أنواع الثِّمار، وخلَّلها بالأنهار الجارية بينها[2].
إذًا، الاستغفار سنَّة وارِدة عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لأنَّنا نجد منهجَ الاستغفار واردًا في سنَّة النبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم، روى البخاري عن الزُّهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن، قال: قال أبو هريرة: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والله إنِّي لأستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه في اليوم أكثر من سبعين مرَّةً))[3]. |