15/03/2011, 01:03 PM
|
| مشرف منتدى المجلس العام | | تاريخ التسجيل: 02/08/2005 المكان: بين الحلم والأسوار !
مشاركات: 13,589
| |
[ قهوة الثلاثاء - 17 ] .. كيـف تحـرق نفسـك في خطوتيـن ؟! كنت في اجتماع دوري مع موظفي القسم في الاسبوع الماضي .. نتناقش في بعض مهام العمل كما جرت العادة دوريا حتى شارفنا على الانتهاء وتحدث احدهم يسألني اذا ما كانت هنالك حوافز عن عمل سابق قاموا بإنجازه وأيده الآخرون فيما ذهب اليه ..
قلت لهم : الأمر ليس بهذه البساطة .. تطلبون حافز وتريدون أن نلبيه لكم بكل سهولة ! .. أعتقد أن الأمر في حاجة الى بعض التضحيات .. وأقترح ان يضحي أحدكم بنفسه حتى يمكننا بعد ذلك من تلبية طلبات الاخرين !
اتذكر ان أول رسالة شكر وصلتني من قطاع حكومي كان من السفارة الكندية عندما تقدمت اليهم بطلب تأشيرة فردوا على : شكرا لك اختيار كندا ! .. لا أخفيكم فقد أحببت كندا قبل ان أتشرف بمعرفتها .. فقد كانت الرسالة رغم بساطتها تظهر انني اتعامل مع مجتمع مؤدب وخلوق وحضاري .. أكتب هذه السطور وانا احاول ان اتذكر من القائل : رأيت في بلاد الغرب إسلام بلا مسلمين ! في بلاد الغرب تسمع وتقرأ عن تجارب الآخرين التي تظهر تلك المجتمعات وهي تتجتهد في ان تنال حقوقك .. فالشرطي لا يقوم بايقافك حتى يتلو عليك قائمة حقوقك ومنها حقك بالصمت حتى احضار محامي واذا لم تتمكن من دفع مصاريفه فهم سيحضرون لك محامي على حسابهم ! .. عن رب الأسرة الذي فقد عمله وسارعت الرعاية الاجتماعية لتلبية احتياجاته الاسرية حتى يتمكن من الحياة بشكل غير مهين ! .. عن المدرسة التي تزور احدهم تذكره ان احد ابناؤه قد بلغ مرحلة التعليم ومن الضروري ان يذهب الى المدرسة وتوضيح خطوات ذلك .. والقائمة لا تنتهي ويكفيك منها ان الجميع يستقبل مطالباتك بابتسامة ساحرة .. واذا لم تكن شروط احد الحقوق تستوفيك فلن تجد من يسخر منك بل سيتفهم أمرك كحاله انسانية طبيعية قابله للصواب والخطأ ..
في عالمنا العربي الأمر مختلف .. فمفردة ( الحقوق ) تستوجب في بعض الاحيان ان تردد بعدها ( وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا ) كناية عن الخطر الذي يحيط هذه المفردة في ثقافتنا العربية ! .. ومع الأحداث الراهنة في العالم العربي اصبحت مفردة الحقوق قد تعني اسقاط النظام وهذا مما زاد الطين بله مما يحتم على المجمع العربي ان يحذف هذه المفردة من قاموس لغة الضاد ! .. فيحدث ان يكون احدهم مريض ولا يملك ثمن العلاج فيتجه الى مستشفى حكومي والذي يتكفل بعد ذلك بتحويله الى مستشفى آخر ثم ثالث حتى يأتيك موعد لمقابلة الطبيب بعد 6 شهور ! .. واذا كانت حالتك تستوجب اجراء عملية فمن الخير لك ان تموت حتى موعد العملية ثم تستيقظ مرة أخرى ! .. واذا ما كنت تعيل اسرة وتعتمد بعد الله على رعايتهم من خلال راتبك الشهري والذي يمثل مصدر رزقك الوحيد وتم لظرف ما اقالتك من وظيفتك فأمامك في عالمنا العربي خيارين لا ثالث لهما : اما ان يرحمك الله وتجد وظيفة أخرى سريعا تكفيك شر الحاجة أو تجد نفسك بعد شهور معدودة في احد المساجد تهتف بأعلى صوتك من يدفع لك ثمن إيجار الشقة ! .. دون ان ننسى ذلك الوجه العبوس وانت تطلب حقا أو ذلك الموظف في مصلحة حكومية وهو يتجاهلك أو ينهرك لأن الله قد ابتلاك ووضع مصلحتك بين يديه ،،، قال الرئيس التونسي السابق زين العابدين : ( لقد فهمتكم ) ! .. وقال الرئيس المصري السابق حسني مبارك : ( لقد عرفتكم ) ! .. وقال الرئيس اليمني علي صالح وهو بين المطرقة والسندان : ( لقد سمعتكم ) ! .. ولم يشذ عن القاعدة سوى مجنون ليبيا وهو يرد على شعبه : ( يا جرذان ) ! .. هذه المواقف جعلتني اتسائل : هل كانت شعوب تلك الدول وقياداتها في حاجة الى هذه السنون الطوال جدا حتى يفهمونا أو يعرفونا أو يسمعونا أو يغضبون منا ويصفوننا بالجرذان !
اعتقد انني من الأشخاص المحظوظين الى حد ما انني تمكنت من زيارة عدد من الدول العربية .. وتبين لي ان هذه التركيبة العرقية التي يطلق عليها ( عرب ) .. لا يحلمون في حياتهم سوى أن تتوفر لهم حياة كريمة ! .. والحياة الكريمة هنا هو امكانية الحصول على متطلبات الحياة الاساسية مع بعض الاحترام ! .. رعاية صحية لائقة لمن ينشد العلاج ولا يجد ثمن الدواء .. مستوى دخل من الوظيفة توفر متطلبات الحياة الاساسية دون الحاجة ان ينقضي الشهر بقائمة من الديون ! .. شاب يريد ان يتزوج فيستطيع ان يجد ما يوفر له ما يعفه ويعف زوجه .. مصدر دخل لرب أسرة اصيب بالعمل اصابة اعجزته او خرج من عمله لظرف ما ولم يجد وظيفة اخرى .. مصدر دخل للأرامل والمطلقات ومن اشتعل رأسه شيبا وانحنى ظهره واصبحت اسرهم المتواضعه تضيق بمصاريفهم وتلبية احتياجاتهم .. معاملة كريمة لدى الدوائر الحكومية تتفهم مطالبي وتحترم وقتي .. حقيقة ان مجتمعاتنا العربيه بمجملها لا تتمنى سوى ان تلتفت اوطانهم اليهم وتظهر لهم رغبتها أن تعتني بهم جيدا ،،، ختاما .. من يرغب ان يحرق نفسه بخطوتين لا يحتاج سوى ان يسكب على نفسه البنزين كخطوة أولى ويشعل عود ثقاب كخطوة ثانية ! .. وفي عالمنا العربي ارتضى البعض ان يهمر الوطن بالبنزين ونسى أن هنالك آخرون يصنعون أعواد الثقاب !
ودمتـم في خيـر |