الدال على الخير كفاعله» مجموعة من الشباب اتخذوا من هذا الحديث الشريف منهجا لحياتهم، وأرادوا مساعدة كل شاب وفتاة على التقرب إلى الله، فانطلقت إذاعة «معا إلى الجنة» كأول إذاعة دينية شبابية على الإنترنت في «محاولة لإصلاح ما أفسده الآخرون»، على حد قول القائمين على الإذاعة.
محمد ميزار، موظف في الجمارك ومدير الإذاعة، يحكي لـ«الشرق الأوسط» عن فكرة الإذاعة فيقول: «كنت أحضر دروس الداعية الشاب مصطفى حسني في أحد المساجد وهناك تعرفت على مجموعة من الشباب وأصبحنا أصدقاء، وتولدت عندنا رغبة في عمل شيء نافع، نتمكن من خلاله من جذب الشباب إلى الطريق الصحيح بطريقة سلسة وغير مباشرة، وإحياء روح الخير والمبادئ والأخلاقيات بداخلهم، ليكون لكل منهم شأن عظيم في مجتمعنا، في محاولة لإصلاح ما أفسده الآخرون على الفضائيات وغيرها، وعملا بالحديث الشريف (الدال على الخير كفاعله). رواه الإمام أحمد والترمذي».

ويستطرد ميزار: «دارت في أذهاننا أفكار كثيرة حتى استقررنا على فكرة إنشاء إذاعة شبابية دينية على الإنترنت، فالإذاعة عادت الآن بقوة لتنافس التلفزيون والفضائيات، فنسمع كل يوم عن افتتاح إذاعة جديدة، ولكن مع الأسف لا يوجد بينها إذاعة واحدة دينية، فالإذاعة الدينية الوحيدة الموجودة هي إذاعة القرآن الكريم، ولكنها متخصصة بشكل كبير في علوم القرآن الكريم، كما أن أسلوبها غير شبابي».

وتابع: «فكرنا في بث الإذاعة على الإنترنت لأنه ملاذ الشباب الأول والأخير، كما أن البث من خلاله غير مكلف والأهم من كل ذلك أنه واسع الانتشار، فمستمعو الإذاعة ليسوا من مصر فقط وإنما من كل الدول العربية».

بدأ ميزار وزملاؤه في اتخاذ خطوات عملية لتخرج الإذاعة إلى النور، فقاموا بإنشاء موقع إلكتروني لتبث من خلاله الإذاعة، فيقول: «لسماع الإذاعة يقوم المستمع بالدخول على الموقع والضغط على أيقونة الاستماع للإذاعة فيفتح برنامج (الونامب) Winamp وتبدأ الإذاعة في الإرسال، كما قمنا بإنشاء (غروب على الموقع الاجتماعي الشهير (فيس بوك) لتعريف الشباب بالإذاعة والدعاية لها، وبهذه الطريقة استطعنا أن نصل لعدد كبير من الشباب الذين تجاوبوا مع الإذاعة، ووفر لنا (الغروب) إمكانية التواصل مع مستمعي الإذاعة عن طريق إبلاغهم بمواعيد البرامج والفقرات قبل إذاعتها ليتمكنوا من متابعتها، وأنشأنا لكل برنامج (غروب) خاصا به لتلقي الاستفسارات والاقتراحات، وبالفعل تفاعل الشباب معنا وقدموا لنا أفكارا جديدة لتطوير المحتوى الإذاعي».

تبث الإذاعة أغاني وأناشيد دينية ودروسا للشيوخ والدعاة المقربين من الشباب. ويعلق ميزار قائلا: «نختار ما نبثه عبر الإذاعة بدقة، فلا نريد أن نشعر الشباب بأننا وعاظ، على العكس نريد إحياء المبادئ والأخلاقيات الجميلة المنسية في داخلهم، وأن نحبب إليهم الطاعة وفعل الخيرات، دون أن يشعروا بذلك، ودون أن ينتابهم شعور بأنهم في محاضرة دينية، لذا نختار الدعاة والشيوخ المقربين من قلوب الشباب، والذين يمتلكون أسلوبا محببا وبسيطا غير منفر مثل الدكتورة عبلة الكحلاوي وعمرو خالد والدكتور طارق سويدان والشيخ الشعراوي والشيخ محمود المصري والداعية مصطفى حسني والداعية معز مسعود والداعية عصام حمدي والداعية شريف شحاتة والداعية نوارة هاشم وغيرهم الكثير، فنقوم ببث دروسهم وحلقات برامجهم المتاحة على مواقعهم وعلى الإنترنت للجميع من خلال الإذاعة».

ويوضح محمد ميزار أن الإذاعة مثلها مثل أي إذاعة أخرى تقدم برامج مختلفة ومتنوعة، فلا تقتصر الإذاعة على البرامج الدينية فقط، وإنما تبث برامج اجتماعية وشبابية ورياضية، وكلها تصب في هدف الإذاعة، ومن برامج الإذاعة برنامج (أنت مين فيهم)، الذي يناقش القيم المحمودة والمنبوذة في الإنسان، وعرض شخصية من عهد الرسول، عليه الصلاة والسلام، تتمثل فيها هذه الصفة، فتناولت إحدى حلقات البرنامج صفة الأنانية وضربت مثالا بأبي لهب كنموذج واضح للأنانية، وكذلك صفة الصدق وضربت الحلقة مثال بالصادق الأمين سيدنا أبي بكر الصديق، فالهدف من البرنامج هو أن يراجع كل شاب نفسه ليعرف هو أقرب لأي من الشخصيات التي يتناولها البرنامج.

(بكرة أحلى) من البرامج الشهيرة على الإذاعة ويتحدث عن القيم والعادات والتقاليد والسنن النبوية التي ابتعد عنها الشباب، في محاولة لاستعادتها من أجل غد أفضل. ويقدم برنامج (قصاقيص) عبر ومواعظ ولكن في صورة قصص وحواديت كوميدية مثل حكايات جحا.

وللفتيات تقدم الإذاعة برنامج (عاشقات الجنة) الذي يسلط الضوء على نساء الدنيا المؤمنات، ليكن قدوة للفتيات فسيرن على نهجن ويأتسين بسيرهن ويحتذين حذوهن. ولا تهمل الإذاعة التراث والتاريخ، وإذا أراد المستمع التعرف على الفرق بين أيام زمان والآن والقيم التي افتقدناها في الحياة فاسمع برنامج (أيام زمان لجدو جمال). كما يعرض برنامج (شخصيات فوق العادة) نماذج من أشخاص أسوياء وآخرين ذوي احتياجات خاصة نجحوا في حياتهم بالعزيمة والإرادة، وشهد لهم التاريخ واستفادت من علمهم البشرية.

وكل برنامج من برامج الإذاعة لا تتعدى مدته الدقائق العشر حتى لا يمل المستمع. ويتراوح عدد حلقاته ما بين الـ15 والـ20 حلقة، بعد انتهائها تتاح الفرصة ليتم ابتكار برامج جديدة بأفكار جديدة، وذلك بهدف جذب القارئ طوال الوقت وشد انتباهه بالتجديد، ويتخلل كل برنامج مجموعة من الأغاني والأناشيد الدينية التي تتماشى مع موضوع الحلقة.

ويضيف ميزار: «تقدم الإذاعة أيضا تغطية لبعض ندوات ساقية عبد المنعم الصاوي، كما تبث أجزاء من إذاعة القرآن الكريم، وعلى مدار اليوم تذاع حكمة صغيرة من بعض الشيوخ مدتها خمس دقائق، ثم تليها أنشودة عن نفس الموضوع، وبين كل ساعة والثانية فاصل لتذكير المستمعين بذكر الله والصلاة على النبي، كما تذيع الإذاعة مسلسلات اجتماعية مثل مذكرات (بنوتة مفروسة)، والفيلم الصوتي (مملكة الأعداء الخفية)، ولكل محبي أبلة فضيلة تبث الإذاعة حلقات برنامجها».

الفريق الأساسي لإذاعة «معا إلى الجنة» يتكون من عشرة أفراد فقط، منهم اثنان مسؤولان عن البث واثنان للبحث عن الأغاني والأناشيد الدينية، والباقون يعدون ويقدمون البرامج والفقرات، وتتميز الإذاعة بأنها تتيح الفرصة لكل من يجد في نفسه الموهبة ويرغب في أن يكون مذيعا في أن ينضم إلى فريقنا، وما عليه سوى تجهيز فكرة برنامج ويسجل شرحا لها بصوته في دقيقة واحدة ويرسله لنا، فإذا نجح ينضم إلينا فورا، فأغلب مقدمي برامج الإذاعة الآن كانوا مستمعين. ونرحب أيضا بكل من لديه فكرة برنامج جديدة ومفيدة للعمل كمعد في الإذاعة، فنحن نعطي فرصة لكل شاب وفتاة ليتبادلوا مع باقي الشباب ما تعلموه من علم سواء في الجامعة أو من شيخ أو داعية أو ما قرأوه في كتاب، ولكن أحب أن أشير هنا إلى أن هذه المواد تتم مراجعتها قبل بثها على الإذاعة، حتى لا ننقل معلومات مغلوطة، ويساعدنا في المراجعة العلمية الداعية عصام حمدي. فكل مذيع يقوم بتسجيل حلقات برنامجه من منزله على برامج خاصة موجودة على الكومبيوتر، ويرسله للمسؤولين عن البث الذين بدورهم يقومون بمراجعة المحتوى وإجراء المونتاج ثم تجهيزه للبث على الإذاعة بعد اختيار الفواصل الغنائية المناسبة وتنسيق باقي الفقرات، وبالطبع لا يشعر المستمع بكل هذا لأن البرامج والفقرات تذاع في تسلسل وبجودة عالية.

تبث إذاعة «معا إلى الجنة» برامجها على الإنترنت يوميا من الساعة الثامنة مساء وحتى الثانية بعد منتصف الليل بثا غير مباشر، فهذا التوقيت الأكثر جذبا للشباب على الإنترنت، ولكن مؤخرا بدأ القائمون على الإذاعة في إعادة البث في الصباح بناء على طلب المستمعين.

ولتفعيل دورهم في المجتمع أكثر قامت إذاعة «معا إلى الجنة» بتبني حملة «رفقا بالمسنين» للتوعية بأهمية رعاية المسنين والاهتمام بهم، وزرع الرحمة في قلوب الشباب اتجاههم، ومن ضمن فعاليات الحملة قامت الإذاعة بتنظيم زيارات لدور المسنين، كما تعاونت مع ساقية عبد المنعم الصاوي لتقديم ندوات عن كيفية التعامل مع كبار السن.

كما أن الإذاعة غير منفصلة عن المجتمع وما يدور به، حيث كان لها دور إيجابي أثناء أحداث مباراة مصر والجزائر، عندما أحضرت شابا جزائريا لإرسال رسالة للشباب المصري من خلال الإذاعة يعبر فيها عن حبه واحترامه للشعب المصري، طالبا ألا تتحول هذه الأحداث إلى صورة من صور العداء بين الشعبين.

في النهاية، يحلم محمد ميزار بأن يجد ممولا للإذاعة ليصبح لها مقر وتبث على موجات الراديو طوال الـ24 ساعة، لتعم الفائدة.