28/01/2011, 08:40 AM
|
| زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 10/06/2004 المكان: السعودية
مشاركات: 713
| |
رؤية أفقية ،، غـريب فـي وطنـي!.. (بمناسبة مهرجان كارثة جدّة السنوي الثاني)
- رؤية أفقيـة - غريـب فـي وطـني هطلت على مدينة جدّة يوم أمس الأول أمطار خير سالت على إثرها الأودية والشعاب والطرقات
والأنفاق!. من موقعي في محافظة جدّة وتحديداً في حي الصفا فقد حمدت الله على نعمته، وعلى
رحمته التي رحم بها العباد والبلاد. لكن وردني اتصال من أحد معارفي من خارج المدينة وكان
يسأل عن حالتي ويطمئن عليّ فاستغربت الأمر!. فإذا به يقول بأن الدفاع المدني قد رفع درجة
الخطر إلى "الأحمر"!. في البداية كنت أظنه يمزح، كما تعودت منه ذلك أحياناً، ولكنه كان يصر
على ذلك ويؤكد لي بأن لدينا كارثة كالتي شهدتها المدينة العام الماضي!. لم اصدق إلا بعد
متابعة نشرات الأخبار ومشاهدة الصور، لقد فجعت من هول المشهد، ليست المشكلة كما ظننت
في "سيول منقولة" أو في "أحياء عشوائية"، لقد تعد الأمر إلى أبعد من ذلك، فقد طال هذه
المرة مؤسسات وهيئات "حكومية"! وخاصة، وربما كان توقيت هطول الأمطار سبباً في
انضمامها للأحياء السكنية ضمن المناطق المنكوبة هذه المرّة. بكل اختصار ما حدث في يوم
الأربعاء مشهد مخزٍ!. لن نفصّل في مشاهد الكارثة وأسبابها ولكن سأتحدث من زاوية أخرى أو بنظرة مختلفة. انتقلت
للعيش في جدّة منذ أربع سنوات وبصفة "مؤقتة". كنت أحسب أن عروس البحر الأحمر جزء
من بلدي وموطني، وكنت أظن بأنني انتقل من مكان إلى آخر داخل وطني الحبيب الذي لا أحب
سواه. كانت صورة جدّة في عيوني بأنها العروس ذات النافورة الشهيرة والجميلة والشواطئ
"الفسيحة". كنت اتصورها المدينة الإقتصادية الأولى ذات الشوارع الرحبة و"المنظمة"
والمبهرة. كنت اتخيلها المدينة السياحية ذات الفنادق الفارهة والأبراج الشاهقة والحدائق
الواسعة. ولكن بمجرد العيش فيها ومع مرور الوقت تلاشت صورة العروس وأصبحت في
عيوني كعجوز شمطاء . اصبحت صورة الواقع في عيوني، فأصبحت أرى الشواطئ الضيقة
والخالية من اللون الأخضر الواقعة بين الممتلكات الخاصة، وبحرها الملوث بكل أنواع الملوثات
حتى أصبحت أراه بحراً رمادياً قاتم اللون. رأيت الفنادق العتيدة ولكنني لم اجد أبراجاً شاهقة ولا
حدائق خضراء، حتى سيارتي الجديدة، لم يمض عليها أكثر من ثلاثة أعوام إلا وهي "خردة"
بسبب معاناتها في حفر جدّة، لربما كانت حفر بيشة أهون!. أحياء عشوائية لم اتجرأ يوماً على
دخولها سواء في ظلمة الليل أو حتى في وضح النهار لما سمعته من أنواع الإرهاب الإجرامي
يحدث فيها، وقتها تذكرت تعلقي بمشاهدة برنامج "أمن وأمان" في صغري!. التحقت بالتعليم
العالي لكي أكمل دراستي الجامعية، واخترت ثاني أعرق الجامعات السعودية، أملاً في أن أجد
المناخ المناسب للتعليم، ويالها من خيبة أمل قد أصابتني. رغم توافق انتقالي للمدينة مع "
تدشين" انظمة الحكومة الإلكترونية إلا أنني ظليت أمشي ساعات في حرم الجامعة بسبب
بيروقراطية العمل التي لم أرى لها مثيل في أكثر من مكان داخل المملكة!. ناهيك عن المعاناة
الطويلة مع ديكتاتورية و"عنصرية" الإحتلال الأجنبي، عفواً! أقصد الكادر الأجنبي في هيئة
التدريس. مرت السنون وها هي الأمطار تغسل "المكياج" من وجه "العروس" لنرى وجهها
الحقيقي ولو من زوايا ضيقة. أيها المواطن: عندما تكون غريباً في وطنك ، وترى الغريب مواطناً، فاعلم أنك في جدّة!. في
أكثر الأماكن بالمدينة لا أرى سوى المقيمين، لا أكاد أرى المواطنين، لا أعرف "أهل جدّة"!. في
المؤسسات والمعاهد والكليّات والشركات والشوارع لا أرى سوى غرباء، حتى الجيران
غرباء!. بل حتى المسؤولين أراهم غرباء!. هل هم الغرباء؟ أم أنا؟. نعم فعلاً, فأنا أرى بأني
غريب في وطني!. ومضة أبي عبد الله، تعلمتُ من الفهد حب الوطن وحفظت من المؤسس التمسك بالعقيدة فلن يمحي حب
وطني من قلبي "ثلّة" من الغرباء حتى لو عشتُ غريباً بينهم. فوطني سيبقى وعقيدتي ستبقى
ما حييت على هذه الأرض . وسوف أرفع رأسي إلى السماء لأني سعودي حتى وإن غرقت!. كتبه: هلالي عاشق الزعيم |
الوضع الشجري
