بسم الله الرحمن الرحيم..
تحية للأعضاء الحلوين.. وبسم الله نبدأ..
لن أتحدث عن الشعر ومكانته وأهميته ولا حتى عن متعته لمن يقرأ..
بحر كلما شربت منه ازددت عطشا..
لن أكتب مقدمة لموضوعي..
فقط اخترت بعض الأبيات من [ الحكمة ] في الشعر العربي..
وأحببت أن أشارككم أياها للفائدة والمتعة معا..
ملاحظة بسيطة..
(الأبيات غير مرتبة ومقتطفة من عدة قصائد.. والأبيات المرتبطة ببعضها من نفس القصيدة بالأزرق)
من أشعار علي بن أبي طالب.. كرم الله وجهه..
حكم دينية رائعة.. وكلام سهل يفهمه الجميع..
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت... أنّ السعادة فيها تركُ ما فيها
لا دار للمرءِ بعد الموت يسكُنُها... إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنه... وإن بناها بشرٍ خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها... ودُورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوكُ التي كانت مسلطنةً... حتى سقاها بكأس الموتِ ساقيها
فكم مدائن في الآفاقِ قد بُنيت... أمست خراباً وأفنى الموتُ أهليها
لا تركن إلى الدنيا وما فيها... فالموتُ لاشك يُفنينا ويُفنيها
المرءُ يبسطها والدهر يقبضها... والنفس تنشرها والموتُ يطويها
والنفسُ تعلمُ أني لا أصدّقها... ولستُ أرشُد إلا حين أعصيها
واعمل لدار غدٍ رضوانَ خازنها... والجارُ أحمدُ والرحمن ناشيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمُرُها... بركعةٍ في ظلام الليلِ يحييها
ليس الفتى من يقول كان أبي... إن الفتى من يقول ها أنا ذا
لا تشكِ للناس جُرحاً أنت صاحبُه... لا يُؤلمُ الجرح إلا من به ألم
ولربما اختزن الكريمُ لسانَه... حذرَ الجوابِ وإنه لمُفوّه
ولربما ابتسم الوقورُ من الأذى... وفؤاده من حرّه يتأوه
وما من كاتبٍ إلا سيُفنى... وويُبقي الدّهرُ ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بكفك غيرَ شيءٍ... يسرك في القيامة أن تراهُ
وهذه من معلقة زهير بن أبي سلمى..
شاعر جاهلي حكيم مع نزعة دينية مجهولة المصدر..
سئمتُ تكاليفَ الحياةِ ومن يَعش... ثمانينَ حولاً لا أبا لك يسأمِ
رأيتُ المنايا خبطَ عشواءَ من تُصب... تُمِتهُ ومن تُخطئ يُعمّر فيَهرمِ
ومن لم يصانع في أمور كثيرةٍ... يُضرّس بأنيابٍ ويُوطأ بمنسمِ
ومن يجعل المعروفَ من دون عِرضِه... يَفِرهُ ومن لا يتقِ الشتمَ يُشتمِ
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ... على قومه يُستغن عنه ويُذمم
ومن يوفِ لا يُذمم ومن يُهد قلبه... إلى مطمئنِ البرِ لا يَتَجَمجَمِ
ومن هاب أسباب المنايا ينَلنَهُ... وإن يرق أسبابَ السماءِ بسُلّم
ومن يجعل المعروف في غير أهله... يكن حمدُهُ ذماً عليه ويندمِ
ومن لم يَذُد عن حوضِهِ بسلاحِهِ... يُهدّم ومن لا يَظلمِ الناسَ يُظلمِ
ومن يغترب يحسب عدواً صديقَه... ومن لم يُكرِم نفسه لم يُكرم
ومهما تكن عند امرئٍ من خليقةٍ... وإن خالها تخفى على الناسِ تُعلم
فلا تكتمُن اللهَ ما في قلوبكم... ليخفى ومهما يُكتمِ اللهُ يَعلمِ
يُؤخّر فيُوضع في كتابٍ فيُدّخر... ليوم حسابٍ أو يُعجّل فيُنقم
لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُه... فلم يبق إلا صورةُ اللحمِ والدمِ
وإن سَفاهَ الشيخَ لا حِلم بعدَه... وإنّ الفتى بعد السفاهةِ يَحلُمِ
من معلقة الحُطيئة..
أرى قبر نحامٍ بخيلٍ بمالِه... كقبرِ غَوِيٍٍّ في البطالةِ مُفسِد
أرى العيشَ كنزاً ناقصاً كلَ ليلةٍ... وما نتقصُ الأيامُ والدهرُ ينفدِ
لعمرُك إنّ الموتَ ما أخطأ الفتى... لكالطولِ المُرخى وثنياه باليد
وظلمُ ذوي القُربى أشد مضاضةً... على النفسِ من وقعِ الحسامِ المهندِ
ستُبدي لك الأيامُ ما كُنتَ جاهلاً... ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تُزوّدِ
المتنبي..
بغض النظر عن الشاعر.. فشعره من أروع ما يمكن..
ما كل ما يتمنى المرءُ يُدركه... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
ذو العقلِ يشقى بالنعيم بعقله... وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ ينعمُ
لا يخدعنك من عدوٍ دمعةً... وارحم شبابك من عدوٍ تُرحم
ومن البلية عذلُ من لا يرعوي... عن جهله وخطابُ من لا يفهم
ومن العداوة ما ينالك نفعه... ومن الصداقة ما يضر ويؤلم
إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ... فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر عظيم... كطعم الموت في أمرٍ حقير
على قدر أهل العزم تأتي العزائم... وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظُم في عين الصغير صغارها... وتصغُر في عين العظيم العظائم
لا تلق دهرك إلا غير مُكترثٍ... ما دام يصحب فيه روحَك البدن
فما يُديم سرورٌ ما مررت به... ولا يردّ عليك الغائبَ الحُزن
من يهن يسهل الهوان عليه... ما لجرحٍ بميت إيلام
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا... فأهون ما يمر به الوحول
وما الحياةُ ونفسي بعدما علمت... أن الحياة كما لا تشتهي طَبَعُ
من كان فوق محل الشمس موضعه... فليس يرفعه شيئٌ ولا يضع
إن السلاح جميعُ الناس تحمله... وليس كل ذواتِ المخلب السبعُ
والهجر أقتَل مما أُراقبه... أنا الغريق فما خوفي من البلل
إذا أتتك مذمتي من ناقصٍ... فهي الشهادةُ لي بأني كامل
إن أنت أكرمت الكريم ملكته... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
أعز مكان في الدُّنى سرجُ سابحٍ... وخيرُ جليسٍ في الزمان كتابُ
الإمام الشافعي.. رحمة الله عليه..
شعره رائع.. تقرأه وكأنه يعيش معنا في هذا الزمن..
دع الأيام تفعل ما تشاء... وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي... فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا... وشيمتك السماحة والوفاء
تستر بالسخاء فكل عيب... يغطيه كما قيل السخاء
ولا ترج السماحة من بخيل... فما في النار للظمآن ماء
عداتي لهم فضلٌ علي ومنة... فلا أبعد الله عني الأعاديا
هموا وبحثوا عن زلتي فاجتنبتها... وهم نافسوني فاكتسبتُ المعاليا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعةً... فلا خير في ودٍ يجيء تكلفا
ولا خير في خِلٍ يخون خليله... ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشاً قد تقادم عهدُه... ويُظهر سراً كان بالأمس قد خفا
سلامٌ على الدنيا إن لم يكن بها... صديقٌ صدوقٌ صادقُ الوعدِ منصفا
نعيبُ زماننا والعيب فينا... وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنبٍ... ولو نطق الزمانُ لنا هجانا [البيتين الأروع عندي]..
ولما قسى قلبي ضاقت مذاهبي... جعلتُ رجائي نحو عفوكَ سلما
تَعاظمني ذنبي فلما قرنته... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
يخاطبني السّفيهُ بكل قبحٍ... وأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهةً وأزيد حلماً... كعود زاده الإحراق طيبا
أبيات شهيرة في الحكمة من شعراء متنوعين..
لكل داءٍ دواءٌ يُستطب به... إلا الحماقةَ أعيت من يُداويها
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته... يوماً على آلةٍ حدباء محمول
إن أنت لم ترحل من الدنيا بزادٍ من التّقى... ولاقيت عند الموت من قد تزودا
ندمتَ على ألا تكون كمثله... وأنك لم ترصد كما كان أرصدا
لا تحسبن المجدَ تمراً انت آكله... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
لكلِ شيءٍ إذا ما تم نُقصان... فلا يُغرّ بطيب العيشِ إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دُوَلٌ... من سره زمنٌ ساءته أزمان
ولدتك أمك يا ابن آدم باكياً... والناس حولك يضحكون سرورا
فاعمل لنفسك كي تكون إذا بكوا... في يوم موتكَ ضاحكاً مسرورا
لقد أسمعت لو ناديت حياً... ولكن لا حياة لمن تنادي
ودقات قلبِ المرء قائلةٌ له... إن الحياةَ دقائق وثواني
تعصي الإله وأن تزعُمُ حبه... هذا وربي في القياسِ بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته... إن المحبَ لمن يُحب مُطيع
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه... فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي
إذا أرهقتك هموم الحياة... ومسك منها عظيم الضرر
وذقت الأمرين حتى بكيت... وضج فؤادك حتى انفجر
وسُدّت بوجهك كل الدروب... وأوشكت تسقط بين الحفر
فيمم إلى الله في لهفة... وبُثّ الشكاة لرب البشر
أرجو أن تكون الأبيات قد نالت رضاكم..
وآسف للإطالة..
للاماااااااااااااانه منقول
تحياتي للجميع