25/11/2010, 07:40 AM
|
زعيــم متواصــل | | تاريخ التسجيل: 01/03/2009
مشاركات: 57
| |
علب فارغة . . . وتُشخِّص بعد ؟! بسم الله الرحمن الرحيم
علب فارغة . . . وتشخص بعد ؟!
عندما يأتيكم ضيوف ومعهم طفل تشعر أنه ملك , من مشيته وملامح وجهه
ويده التي في جيبه تتخيل أنها لو خرجت لخرجت معا ( الزرق ) ـ أهل التعيلم
لا يصححون تراني أقصدها ولا أقصد الرزق ـ فهو إن لم يكن ملكا فهو ابن ملوك .
يشغل ذهنك ذاك الطفل والسر الذي يجعله بهذه النشـوة والزهـو , ولكنك لم تلبث
وإلا يده بدأت بالحراك , فلعلك شعرت ببطء لم تشعر به مـن قبل , كل ذلك حماسا
لمعرفة سر ذلك الطفل .
لكن الطفل تردد وأرجع يده وبدأ يتلفت فتيقنت أن أمهات ( خمس مية ) تملأ جيبه
فبدأت ( تتميلح ) لذلك الطفل لعلك تحضى ( بريحة ) تلك الزرقاء النفيسة .
وبعد ( التبشيك ) مع الملك الصغير , استغليت تلك العلاقة وأغريته أن يخرج ما في
جيبه , وطبيعي أن يجد الطفل من ينظر لملكه فيشخص أمامه بما معه .
قام الطفل ليخرج ما في جيبه نافخا صدر ورافعا كتفيه , وأنت ( سعـ.. آسف ) لعابك
تحرك , فإذا بالطفل يخرج من جيبه علبة بيبسي , وأنت من شد الصدمة توقفت الدنيا للحظات
ثم تحركت وأردت أن تعبر بتلقائية المغضب الطامع , لكنك تذكرت أنه طفل فأظهرت الانبهار
والإعجاب به , فمن حق الطفل أن يفرح بمشوربه الغازي , لكن المفاجأة عندما تكتشف أن
العلبة فارغة ( فتقول : مسكين هذه الملك الفقير فرح بعلبة فارغة ويشخص بعد )
هل مر بك طفل مثلا هذا ؟
آسف دعني أكون أكثر صراحة :
كم مرة رأيت علبة فارغة تشخص ؟
أعرف ما زال الحديث غامضا وغير مفهوم الهدف . ولكن دعني أسألك
ما موقفك من شخص يحمل كياسا فخما في علبة ساعة رولكس وهو في زهو
ونشوة ولما طلبت منه أن يريك إياها , قال لك : العلبة فارغة ؟ أتوقع أنك لن تصدقه
وتقول له : ليه خايف أنحتك ( أنضلك ) ( أصيبك بعين ) . قال : لا . وفتح العلبة
فإذا هو صادق . ما موقفك ؟ أقلها : تقول في نفسك : مسكين ( الله يخلف ) .
ما موقفك أنت عند صديقك , ودخل عليكم صديق صديقك وفي يده مفتاح لكزس
يلعب به ويستعرض , ولما خرجتم إذا معه كسرت سيارة لا يركب فيها . . .
ولما خرجت من صدمتك , سألت صديقك وين مفتاح اللكزس , فأجابك : مصدق
المفتاح لعبة يحب يظهر نفسه بإنه عنده سيارة لكزس , ما موقفك منه ؟
ما موقفك أيتها المباركة لما تأتي زميلة صديقتك بالجامعة ويدق جوالها فلما أخرجته فإذا
هو مرصع بالأحجار الكريمة والفخمة ( ألماس وبزرانها ) وترززه أمامك ومشت عنكم
فقلت لصديقتك باندهاش بكم جوالها ؟! قالت : بمئتين وخمسين . ليه ؟
قلت : مو معقولة , تخبين عني ؟ قالت : لا تهمك الفصوص اكسسوارات لكنها تحب تكشخ .
دعني أسألك سؤالا صريحا ولا تزعل :
هل أنت من هذه العلب الفارغة وتدعي الإمتلاء ؟
ولأجل ألا أفقع مرارتكم دعوني أذكر لكم موقفي مع المتدربين لأوضح لكم :
كنت لما أتكلم عن القناعات ومنها قناعة الإنسان عن مصدر وجوده , أقول اسمحوا لي بسؤال
ولا تزعلوا مني : من منكم يعرف الله ؟
فترى علامات الاستهجان والاستغراب وكل ينظر لمن بجواره وبعضهم . ( يمط بوزه )
فأقول لهم : خذوني على قد عقلي وجاوبوني . فيجب هذا بكلمة أو كلمتين
والثاني كذلك , وأشكرهم وأحفزهم , فيجب ثالث .
فإن كانوا شبابا كما في آخر مرة : قلت لهم : اسمع كثيرا الإعجاب بالمحترف ميريل رادوي
من يحدث عنه وليه الاعجاب فيه ؟ ولك أن تتخيل التفاعل في الحديث : الوجه يتحدث واليدين
تعبر , والجسد يشرح .
فأقول لهم : لماذا هذا الحماس والمشاعر والتفاعل مع هذا . وعندما طلبت منكم الحديث عن الله
لم تتحرك كل هذه .
هل وضحت لكم العلب الفارغة ؟
ندعي معرفة الله ولكني لا نستشعرها . فقط معلومات فارغة , لو ملأنها مشاعر وتمثل لها كما يفعل
ابن باز عندما يتكلم عن الله , لعرفة قيمة هذه المعرفة .
أكرر عليكم سؤالي : هل أنت علب فارغة ؟
صور لتلك العلب الفارغة والكاشخة بنفسها :
الصورة الأولى : بنات يعرفن خطورة ( من سن سنة سيئة ) أو نشر الفتنة , ولكنهن في تواقيعهن صور
من يصدق عليهن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كاسيات عاريات ) ينشرن الفتنة .
ما فائدة المعرفة الفارغة من العمل ؟
الصورة الثانية : كُتّاب يدعون الوطنية والالتزام بأمر ولي الأمر وتشدقون بذلك , ولما يكون عكس أهوائهم
وزارهم , انقلبوا . فأي وطنية يدعون فارغة من الالتزام في المنشط والمكره ؟
الصورة الثالثة : صحفيون يحكمون العقل والهوى ولا يحكمون كلام الله ورسوله , وعندما يكون على مرادهم
نفشوا عنه وبحثوا عن فتاوى وأدلة توافق هواهم , فأي دعوى باتباع الحق . فأي تحكيم فارغ لحكم الله ؟
الصورة الرابعة : شباب وفتيات يدعون معرفة أن الله يراهم وهو السميع البصير ولما يدخلون غرف
الدردشة والشات والقيمزير وتقنعوا بالأسماء المستعارة , قالوا : كل قبيح وبذيء وقلة أدب . فأي خوف
فارغ من الله ؟
وقبل الختام : ( الأزمة لدينا ليست معرفة , وإنما الأزمة في تطبيق وتمثل تلك المعرفة )
وفي الختام : أذكر نفسي وأحبتي بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه فيما فعل ، وعن ماله من
أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن جسمه فيما أبلاه )
( لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمسة عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله
من أين اكتسبه وفيما أنفقه وما عمل فيما علم )
رزقني الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح .
ويبقى السؤال : كيف نسد الفجوة بين المعرفة والعمل ؟
كتبه : فوزان الحماد
أرجو عند النقل الأمانة العلمية |