المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 04/12/2002, 02:00 AM
عضو سابق باللجنه الإعلاميه
تاريخ التسجيل: 26/08/2001
المكان: السعودية "الــخــبـــر"
مشاركات: 13,852
الـــــــــــــــــعــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــد

بسم الله الرحمن الرحيم

في العيد ملل فما الخلل


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد ..
وداعاً رمضان وداعاً شهر الخيرات والبركات وداعاً ضيف حلّ وارتحل كغمضة عين وانتباهتها وداعاً إلى أعوام عديدة وأزمنة مديدة .
رمضان ترفق دموع المحبين تدفق .. قلوبهم من ألم الفراق تشقق .. عسى من استوجب النار أن يعتق .. عسى من انقطع عن ركب المقبولين أن يلحق .. عسى وقفة للوداع تطفيء من نار الشوق ما أحرق .. عزم على الرحيل وبعد أيام ستحل علينا فرحة العيد وإشراقة شمس يوم جديد .

قف بالمصلى فهذا اليوم مشهود *** واسمع حديث الهدى فالقول محمود
عيد أتيت وشهر الخير منسلخ *** من بعد أن كان للقرآن ترديد
أتيت تحمل للصوام تهنئة *** ففيك جائزة الصوام ياعيد
أتيت ياعيد والأرواح مشرقة *** فللبلابل ألحان وتغريد

عبادة من العبادات يعيش فرحته الصغير والكبير .. الذكر والأنثى .. الغني والفقير .. لكن في خضم الأجواء والمتغيرات التي طرأت على الأمة المسلمة غابت بعض مظاهر هذه الشعيرة وفقد بعض المسلمين لذتها ورونقها وفرحتها ولذا ترى على بعض الوجوه في هذه الحقبة الزمنية وجوماً وكآبة واغتيالاً لفرحة العيد التي كان يعد لها في السابق منذ شهور ، وفي يومنا منذ أيام بل يمر على البعض كطيف من خيال ، هم فاتر .. وحسٌّ بليد .. وشعور بارد .. لايعرف من العيد إلا الصلاة تحية بلا حرارة .. وابتسامة بلا روح .. بل ترى البعض متذمراً يتمنى ألا يكون عيداً ، وفي البعض الآخر ترى انحرافاً وضعفاً وفتوراً ، ومن الناس من هو على خير وبر وإحسان وفرحة وسرور وتكبير وشكر لله على ما هدى للصيام والقيام ، وآخر حزين الحال كاسف البال على التقصير والتفريط والخير في الأمة مازال ولا يزال فأبشروا وأملوا والفأل الفأل والله يحب الفأل .

وإنه من منطلق الإيمان بمبدأ الإصلاح والسعي إلى الارتقاء إلى ما هو أفضل وأكمل ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ... أهدي هذه الكلـمـات .
إلى من أحسن الصيام والقيام ...إلى المقصرين والمفرطين في شهر رمضان ...
إلى التائبين والتائبات ... إلى الذين سكبوا العبرات وأطلقوا الزفرات في شهر الرحمات ...
إلى الذين ينادون بفصل الدين عن الحياة والتحررمن الدليل الشرعي ...
إلى الذين ينادون بالحزبيات والطبقيات ..للمتهاجرين والمتهاجرات ..للأقارب والأرحام والجيران ..
إلى المفتونين والداعين إلى حضارة الغرب وثقافة الكفر وحولهم يصفق الذباب ..
إلى طلبة العلم والدعاة والمصلحين ولجان الاصلاح ..
إلى أصحاب الصحافة والإعلام .. وأرباب القلم والتربية والتوجيه ..
إلى الذين اهتموا بالمظاهر والنقوش وأهملوا تربية النفوس..
فأقول إن العيد شعيرة إسلامية ودينية تتجلى فيه مظاهر العبودية لله وتظهر فيه معان اجتماعية وإنسانية ونفسية فالجميع يلبي نداء صلاة العيد والجميع أيد تتصافح وقلوب تتآلف ، أرواح تتفادى ورؤوس تتعانق .. تتألق على شفاههم الابتسامة الصادقة وتلهج ألسنتهم بالكلمة الطيبة والتهنئة العطرة , ود وصفاء وأخوة ووفاء ، لقاء ات تغمرها حرارة الشوق واللقاء والمحبة والنقاء .

إن هذا العيد جاء *** ناشراً فينا الإخاء
نازعاً أشجار حقد *** مصلحاً مهدي الصفاء

إن كثيراً من الناس يظن أن العيد قضية اجتماعية وعادة من عادات الأمم لايتعدى اهتمام الاسلام به في غير قضية الصلاة بل جهلوا أو تجاهلوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة .. )(1)
وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له جبة يلبسها للعيدين والجمعة (2) وأهدى عمر رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم جبة وقال له تجمل بها للعيد والوفود (3) وغير ذلك من السنن والمباحات .
أيها الناس : ليس الإسلام محصوراً في أركانه الخمس بل ليس محصوراً في صفحة دينية من صحيفة تتضمن قصائد هابطة ومقالات تدعو إلى التحرر من مبادئ الإسلام والتشكيك في ثوابت ومسلّمات شرعية وعقلية و العقل السليم لا يعارض النقل الصحيح وأما السقيم فيجلب كل سقيم .

دنَّستْ أرضنا الحرام قرود *** ولدتها الذئاب في زي إنسي
نُرقِّع دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا ديننا يَبقى ولاما نرقع

يا قوم ..

متى تصل العطاش إلى ارتواء *** إذا استقت البحار من الركايا
وإنّ ترفع الوضعاء يوماً *** على الرفعاء من إحدى البلايا
إذا استوت الأسافل والأعالي *** فقد طابت منادمـة المـنايا

ليس من هدي الإسلام أن يحافظ الإنسان على الأذكار ثم يلعب بالقيم والأخلاق .
ليس من هدي الإسلام أن يسمع الإنسان خطبة الجمعة ثم يغدو إلى الشواطئ والبحار حيث اللعب واللهو الحرام .
ليس من هدي الإسلام أن يحمل الإنسان المصحف ثم يكون منعدم الإحساس كاتم الأنفاس لقضايا المسلمين .
ليس من هدي الإسلام أن يصلي الإنسان الفجر ويقرأ القرآن ثم يسحب قدميه إلى دور الربا والتعامل بالحرام .
ليس من هدي الإسلام أن نسمع الموعظة ونقرأ العلم ثم يكون التفاضح لا التناصح .. والغيبة لا النصيحة .. ليس من هدي الإسلام أن يَسأل الإنسان عن حكم معجون الأسنان للصائم ثم لا يسأل ولا يبالي بالتعاملات التجارية أهي حلال أم حرام .
ليس من هدي الإسلام أن نتعب الأقدام بالقيام والأبدان بالصيام في رمضان ثم في العيد نتحرر من كل حرام .. ليس من هدي الإسلام يا أمة الله أن تصلي القيام بالمسجد الحرام وغيره ثم تذهبي إلى الأسواق متعطرة متبرجة .. ليس من هدي الإسلام أن تخرجي إلى صلاة العيد امتثالاً لأمر الله ثم تعصينه في الخروج متزينة بأتم زينة .. الإسلام روح متكاملة ، روح وحياة ، عقيدة واستعلاء وجهاد سلوك وسياسة وتعامل وأخلاق ، ثقافة وإعلام وثوابت وقيم .. الإسلام هو كل شئ في حياتنا ..
نقل المسلمون للعالم كله الإسلام بشموليته فحركوا القلوب وأثروا في النفوس فدخل الناس في دين الله أفواجا .

هكذا الإسلام يا أهل الإسلام .. هكذا الإسلام يا دعاة التحرير .. هكذا الإسلام يا شباب الإسلام ..
هكذا كان المسلمون وهكذا ينبغي أن نكون مع أنه أساء بعض المسلمين إلى الإسلام بسوء أقوالهم وأفعالهم ، فشوّهوا صورة الإسلام في الداخل والخارج وصدوا الكفار عن الإسلام وضيقوا الدعوة إلى الإسلام لكن المستقبل والنصر لهذا الدين والشرف لمن أتى خادماً لهذا الدين .

إني أُبَشّرُ هذا الكون أجمعه *** أنّا صحونا وسرنا للعلا عجبا
بفتية طهّر القرآن أنفسهم *** كالأُسد تزأر في غاباتها غضبا
عافوا حياة الخنا والرجس فاغتسلوا *** في توبة لاترى في صفهم جُنبا

و العجب كل العجب والأسف كل الأسف بل المصيبة العظمى أن يأتي من بني قومنا ومن يتكلم بلغتنا فيكون داعياً بقلمه ولسانه وفيـه بحجج واهية وأساليب ملتوية إلى مواكبة حضارة الكفر وتقليد المجتمعات الكافرة المخالفة لشرع الله ، ويظهر الإسلام في صورة العاجز عن مواجهة المشكلات والتمشي مع حضارة العصر أو أنه شيء قديم تراثي ، يريد أن ينتزع الإسلام من قلوب الرجال والنساء فيعيدهم إلى أرذل الحياة بلا دين ولا إيمان ، إسلام بلا إسلام مع أن جمعاً من الكفار يدخلون الإسلام أفواجاً والبعض منهم يخرج لقتال المسلمين في صف الكفار ثم يسلم ويكون في صف المسلمين بل إن أنظمة الكفر تقر تارة على حياء وأخرى على الملأ بأن الإسلام به صلاح الأفراد والمجتمعات فياليت قومي يعلمون فيفيقون ويتنبهون ويتيقظون ويتعظون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ..!
يقيناً وقطعاً وجزماً بلا شك ولا مرية أنه لاصلاح للأفراد والمجتمعات إلا بالإسلام فمن سيكون السبب في ذهاب الإسلام وفساد الدين والقيم والمجتمعات ؟

وما نتاج بني الإلحاد مفخرة *** وإنما الفخر فيما وافق الدين

أنا مسلم وأقولها ملء الورى *** وعقيدتي نور الحياة وسؤدد
سلمان فيها مثل عمرو لاترى *** جنساً على جنس يفوق بمحتد
وبلال بالإسلام يشمخ عزة *** ويدكُّ تيجان العنيد الملحد
إن العقيدة في قلوب رجالها *** من ذرة أقوى وألف مهنّد
لله أسعى خاضعاً ومجاهداً *** ولغير ربي جبهتي لم تسجد
سنعيد للدنيا صباحاً مشرقاً *** ونضئ أنواراً بشرع محمد
ونعيد أمجاد الجدود وعزة *** شماء تسمو فوق هام الفرقد
ونقولها الله أكبر حسبنا *** وبمنهج الله المهيمن نقتدي
بالشرق أو بالغرب لست بمقتدي *** أنا قدوتي ماعشت شرع محمد
حاشاي يطويني سراب خادع *** ومعي كتاب الله يسطع في يدي
روح الحياة ونورها وجمالها *** من حاد عنه ففي ظلام سرمدي
أنا لست ممسوخ الدماغ مُكبَّلا *** فأضيع في حلك الوجود الأسود

ثم تأتي ثلة أخرى تزيد الطين بلة بحكايات وأعياد وخرافات ، ضعف بعض الناس عن امتثال أمر الله فكلفوهم بمالم يأمر به الله وفوق أمر الله ( ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ) (4) .
يا أيها الناس : أيُعقل أن نحتفل بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحتفل به صحابته الكرام ..
أيُعقل أن يرقص فيه الدجالون والخرافيون وينشدون وتتساقط عمائمهم كما تتساقط مبادئهم ..

أحسبتَ ديني سبحة وعمامة *** وقصائداً أطري بها المختارا
كلا فديني دعوة أبدية *** قد أنبتت في العالمين منارا
رُكزت بصحراء الحنيف وأُرضعت *** بدماء من قد بايعوا المختارا

يا أيها الناس : أيُعقل أن يحتفل الواحد بميلاده وقد قصّر في طاعة ربه وموجده أيّ مولد وأيّ حياة يفتخر ويفرح بها المرء .. { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلَنْا لَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ في النّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ في الظُلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارجٍ مِنْهَا } .
أيُعقل أن نحتفل بتنظيف وتشييد المساجد وهي شبه خالية في صلاة الفجر والظهر من المصلين في أيام العيد بعد أن اكتضت بهم في رمضان .
أيُعقل أن نهتم بغرس الأشجار ونهمل في القلوب غرس الإيمان بوحي القرآن يا أهل القرآن ..
أيُعقل أن نعتني بتنظيف الطرقات والمنتزهات وفي القلوب أدواء وأمراض وأوباء ..
وبعد هذا كله فقد تلمست أسباباً لحال الناس في العيد وعدم التفاعل فيه واجتهدت في وضع العلاج والمقترحات تاركاً الموضوع لكل من يستطيع أن يفيد فيه بشيء من التفصيل وعلى الله قصد السبيل وبالبحث عن الأسباب نجد العلاج وبضدها تتبين الأشياء ولاشك أن الأسباب والمظاهر التي تضمنتها هذه الرسالة لا تتمثل إلا في شرائح من المجتمع معدودة وفئة قليلة من الأمة .
كلمات أخاطب بها الأمة جمعاً حيث إن مسئولية الإصلاح قاسم مشترك بين أفراد الأمة والعيد للأمة وحتى لا يتسع الداء ويموت الجسد وتغرق السفينة مع شي من الاستطراد والإطالة في مواضع منها لمسيس الحاجة وصعوبة فردها برسالة ، اغتناماً وانتهازاً للفرص .. لا لحشد المعلومات وملئ الأوراق اجتهدت فيها زمناً وهي تختلف باختلاف الأشخاص و الأماكن والأزمان قلة وكثرة ..
وإلا فالوعي والخير والتآزر والأخوة والمحبة والتصافح والإقبال على الله والتمسك بشرع الله وقوافل التائبين في كثرة وازدياد وكل ذلك يُلمس ويشاهد في أمتنا الغراء شبابها وشيبها ، رجالها ونسائها رغم تكالب أعدائها وشدة الوطأ عليها وكثرة مصابها وجرحها الغائر وتتابع الفتن عليها فلا يظن قارئها أن النظرة نظرة سوداوية قاتمة فنهلك ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم ومع الفال لابد من بذل الأعمال والاعتراف بواقعنا وحجم مشكلاته دون تهويل أو تهوين و قد عرفتم الداء فها هي الأسباب .. وفي العيد ملل .. فما الخلل ..؟
• اعتباره عادة من العادات الاجتماعية عند البعض .
• التقصير في السنن والشعائر الواردة فيه .
• السهر ليلة العيد وعكوف البعض على القنوات الفضائية مما يؤدي إلى النوم في النهار والسهر في الليل أيام العيد ولذا تجد البعض ينام النهار ويستيقظ الليل والآخر العكس فلا تكاد تعرف وقتاً مناسباً يُزار فيه الناس , فكان سبباً تذرّع به البعض في عدم التزاور والبعض ذهب لآخرين فوجدهم نائمين فكلّ وملّ وربما حنّ للذيذ النوم فكان من اللاحقين وهكذا الداء يسري والعلة تفري وتضيع فرحة العيد .
• الترف و الإفراط في الترفيه طوال العام حيث كان في السابق للعيد نعل وثوب جديدان يُدخلان على المرء فرحة العيد .
• التفكك الأسري المتمثل في قطيعة الأرحام ويتبعه قطيعة الجيران .
• الحساسية الزائدة عند البعض في التعامل مع الآخرين مما أدى إلى عدم التزاور بين الناس خشية بعض الإحراجات ومعرفة أمورهم الخاصة والعامة .
• كثرة الأعياد البدعية حيث أصبح البعض كل وقت وكل شهر في عيد فزاحمت البدع السنن ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه لاينقص من أوزارهم شيئاً .
• ضعف دور الأئمة و الخطباء في التذكير في هذا الجانب .
• ضعف الإيمان يبلّد الجنان وينتج عنه ما يلي :
أ _ تعود المعصية بلا شعور بألمها وقد يتلذذ بها .
ب _ لا فرق بين رمضان و غيره من الشهور في نظر البعض .
ج _ فقد الإحساس بكون العيد شعيرة ذات معان اختص بها المسلمون .
• ضعف المؤسسات الدعوية في المشاركة في هذه الشعيرة بما يناسبها كمكاتب الدعوة والمندوبيات وغيرها وغيابها في بعض الأماكن .
• الفهم الخاطئ لمعنى العيد .
• كثرة الأشغال والأعمال وتغير مجرى الحياة عما كانت عليه .
• الفخر والمباهاة والتكلف و الاهتمام بالمظهر مما أدى إلى عدم التزاور بين الناس لعدم قدرة البعض مثلاً على لبس الغالي و النفيس وتزيين البيت بكل جديد وإعداد الولائم والموائد فأصبحت الحياة عند كثير من الأفراد والمجتعات حياة مظهرية في كل جزء من حياتهم حنى سيطرت على حياتهم سيطرة تامة بل كثير من الأنظمة والقوانين اهتمت بالظاهر ولم تهتم بتحقيق المصالح ، فجرّت المظهرية المصائب والويلات على الناس .. ديون متراكمة .. وضياع للأوقات .. وإهمال للأولويات تفكير وحيرة وإشغال للذهن .. انحراف وفتور وتنازلات في دين الله .. فخر ومباهاة وتحاسد وعجب وزحام وصخب وحياة متعبة ومعقدة .. إسراف وبذخ وترف وتميع ..كبر وغرور وحب تعال على الآخرين .. فرقة وقطيعة للأقارب والجيران وخاصة النساء .. مشاكل أسرية وفقد للأصحاب بل وصل الأمربالبعض إلى الطلاق لأجل قطعة من الثياب أو اختلاف رأي بين الزوجين في أمر مظهري _ ومن العجائب والعجائب جمة أن رجلاً طلّق زوجته لاختلافهما على لون المروحة وعوداً على الآثار _ هم وغم .. تشبه بالكفار والفساق .. تشبه للرجال بالنساء والنساء بالرجال والعجب كل العجب مانرى ونسمع من استخدام بعض الشباب الذكور لا الإناث أدوات تبييض البشرة وتلميع الجسد وصبغ الشعور تقليداً وبحثاً عن الجمال وتنافساً فيه وتغطية للنقص وستراً للعيوب ولفتاً للأنظار وتذمراً من البشرة السمراء .

لا يُزري السواد بالرجل الشهم *** ولابالفتى الأديب الأريب
إن يكن للسواد فيك نصيب *** فبياض الأخلاق منك نصيب

ركض وراء حضارة الكفر و أمور متشابهات ومسائل يجتمع لها العلماء ، تكلف في التعامل بين الأفراد وتأخر وعزوف عن الزواج ، غلاء في الأسعار واحتكار في السلع ، نهب للأموال ولعب بعقول الصبيان والشباب والنساء الباحثين عن كل جديد بل ارتكاب للمكروهات والمحرمات وانشغال عن الطاعات وبحث عن رخص العلماء لأجل البحث عن الجمال وحسن الوجه والهندام والمركب والمظاهر والأشكال بل وللأسف أصبحت اللحية عند البعض تشكل عائقاً من عوائق جمال الوجه وحسن المنظر فتارة تحلق وتارة تقصّر وتارة تنتف وللناس فيها فن واحتراف وخشية أن يقال ملتزم كما يقال فتزهد فيه النساء ويتركه الأصحاب فيتساهل في سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وهي واجبة من الواجبات ، هيبة وجمال وزينة الرجال وفي الحديث ( سبحان من زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب )(5) ولولا خشيت الإطالة لذكرت من الأمثلة الكثير والكثير واللبيب بالإشارة يفهم وكل أدرى بأوان منزله وحياته بل وللأسف انتقل داء المظهرية حتى للعقلاء والفضلاء الذين عندهم من الأهداف السامية والغايات النبيلة والأعمال الجليلة ما يشغلهم عن تتبع تلك الأمور لكن الوسطية مطلب في جميع الأمور لا إفراط ولا تفريط والله جميل يحب الجمال بدون سفه ولا طيش ولا تبذير ولا ارتكاب لمحرم ومحظور والمقصد في كثير من الوسائل أن تؤدي المقصود على أحسن وجه كل بحسب قدراته وأحواله وظروفه المحيطة به (6) وكثير من الناس غلّب جانب المظهرية والمباهاة ولفت الأنظار على حسن أداء الوسيلة وجودتها بل على كثير من الأولويات ، فأين العقول يا أهل العقول .
أيعقل أن نتحرى النقوش ونهمل تربية النفوس ، فتحنا الأبواب والصدور وهيئنا الولائم لأصحاب المناصب والألقاب وللأثرياء والأغنياء وأوصدناها في وجوه الضعفة والفقراء ..
وفي الحديث الصحيح ( إن الله لاينظر إلى صوركم و أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )(7) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم )(8) .

إخوتي وأحبتي : ماأجمل الحياة البسيطة والسهلة اليسيرة ...
ما أجمل الحياة بدون تكلف ولا مظهرية زائدة جوفاء ...
ما أجمل الحياة بدون ذلك الركام الهائل الذي تجره المظهرية على الأفراد والمجتمعات ...

ومن أسباب ضعف فرحة العيد ومظاهره :
• ترك بعض العادات والتقاليد الطيبة في العيد غير المخالفة للشرع .
• عدم وجود مصارف مباحة لطاقات الشباب والأطفال أيام العيد .
• التقاطع والتدابر والحسد ولّد ضعفاً في الأخوة والمحبة وتفاقم الجفاء ومن ثم انعكس ذلك على تلك الشعيرة .
• ضعف دور الإعلام فيما يقدمه للناس والله المستعان .
• أصبحت الروابط في بعض المجتمعات مادية و مصلحية بحتة خالية من المودة والشفقة والعاطفة والأخوة الحقة بل أصبح شغلهم الشاغل السعي وراء المال حتى في أول يوم من أيام العيد حيث إننا نجد كثيراً من المتاجر مفتوحة على خلاف سنوات مضت لاتكاد تجدها مفتوحة بل إن الناس كانوا قديماً يدّخرون الخبز وكثيراً من المأكولات لأيام العيد .
• عدم المبالاة بالآخرين ومشاركة الناس في أفراحهم .
• السفر للخارج للنزهة أو هروباً من اللقاءات الأسرية أو نتيجة لضعف فرحة العيد في بلده
• كثرة الملاهي المحرمة وإن كان يتتخللها فرح لكن يعقبه ضيق وحسرة وكدر .
• عدم التجديد في نمط العيد .
• عدم توجيه بعض الأباء للأسرة والأبناء .
• اعتقاد البعض بأنه قد امتنع عن بعض المحرمات في رمضان فيعوّض عن مافات أو بمعنى آخر يمتع نفسه بعد أن منعها من كثير من الأشياء ويوجد التبريرات لنفسه حتى تولّد عند البعض الشعور بأن ارتكاب بعض المحرمات أمر يتساهل فيه في العيد ويختلف الناس في ذلك فالبعض ينزل درجة عما كان عليه في رمضان والبعض درجات ولذا تجد من الناس عندما يرتكب شيئاً من المحرمات أو التقصير في بعض الواجبات أو اقتراف شيء من المكروهات فتناصحه فيتعجب ويتذمر ويجيب ( بأن الأيام أيام عيد وفرح فلا تشدد على الناس .. ) وحاله : { كَالتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْد قُوَةٍ أَنْكَاثاً } .

معشر الأخوة والبنين عرفتم الداء والأسباب وإليكم الدواء .. وقد تقدم الخلل .. فما العمل .؟
• التربية الإيمانية الصادقة مضمونة ثابتة أكيدة لكنها طويلة شاقة تحتاج إلى جهود متظافرة ومن ذلك :
أ _ إرجاع الناس إلى دين الله وتعليق القلوب بالله ولن يصلح آخر هذه الامة إلا بما صلح به أولها .
ب _ السعي إلى تصفية القلوب وتنقيتها وتزكيتها وصدق الله { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } وصدق المصدوق صلى الله عليه وسلم ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ) رواه البخاري .
• استشعار أن العيد عبادة وقربة إلى الله كغيره من العبادات .
• إدخال الفرح والسرور على الأطفال وإشعارهم بعظم أيام العيد .
• تقوية أواصر المحبة بين الناس والألفة باستخدام كل وسيلة مشروعة ومباحة .
• الاجتماعات العائلية والأسرية والزيارات فيما بينهم واصطحاب الأولاد في ذلك لأجل ربطهم بأقاربهم والتعرف عليهم وهذا أمر يتساهل فيه كثير من الآباء فإذا توفي انقطع الأولاد عن الأقارب ولم يعرف لهم ذكر .
• إحياء الشعائر والسنن الواردة في العيد :
أ_ إخراج زكاة الفطر وتكليف الأبناء بتوزيعها على المحتاجين .
ب_ التكبير من غروب شمس آخر ليلة من رمضان حتى دخول الإمام ويكون في البيوت والمساجد والطرق والأسواق وفي الحديث ( زيّنوا أعيادكم بالتكبير )(9) وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكبر حتى يأتي المصلى ويكبر حتى يأتي الإمام (10) ..
والتكبير من أظهر الشعائر في العيد { وَلِتُكَبّرُوا الله عَلَى مَاهَدَاكُمْ وَلَعَلّكُمْ تـِشْكُرُونْ } لتكبروا الله على هدايته وتوفيقه للصيام والقيام ، لنستشعر قيمة الهدى الذي يسره الله فكّفت القلوب والجوارح عن المعاصي والذنوب .

يا أيها الجيل جاء العيد فانطرحوا *** لله شكراً ويا أهل الغنى جودوا

فمن صحت له التقوى ابتداء صح له الشكر انتهاء لكن البعض قصر فلم ينل التقوى ولم يبذل الشكر ، لنشكر الله على نعمة العبادة والطاعة يوم أن حرمها البعض من الناس فمابين ميت وآخر على فراش الموت وثالث مشغول بدنياه وآخر في الأندية و المنتزهات والاستراحات وخامس غارق في الأسواق بالمعاكسات والمطاردات وثلة أخرى غارقة في شرب المسكر والمخدرات والناس في النهار صيام وفي الليل قيام وآحسرتاه .. وآسفاه .. بل الأدهى والأطم أن نرى بعض تلك الصور وهي قلة من الشباب والفتيات حول حرم الله من ضيوف الله والآباء والأمهات ساجدين لله أيعقل هذا !

فائدة : قال بعض المفسرين : والشكر يكون بالقول كالتكبير الذي يتضمن الحمد والشكر ويكون بالفعل كزكاة الفطر ولبس أحسن الثياب (11) .
ج_ أكل تمرات وتراً قبل الخروج إلى صلاة العيد لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري .
د _ الخروج إلى المصلى مشياً وردعن عثمان رضي الله عنه قال : ( من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً ) رواه الترمذي .
هـ_ الذهاب من طريق والعودة من آخر لفعل الرسول صلى الله عليه وسلمكما في صحيح البخاري .
و _ خروج الأبناء والنساء للصلاة حتى الحيّض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى .
ز _ الاغتسال يوم العيد وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على الاستحباب .
ح_ السواك ورد عن عثمان رضي الله عنه أنه قال ( إن من السنة السواك يوم العيد كهيئته في يوم الجمعة )(12) ولعموم أدلة السواك .

تنبيه : إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة فإذا صلى العيد سقطت عنه الجمعة ويصليها ظهراً وهو الأصح ورجحه الشيخان ابن باز وابن العثيمين رحمهما الله .

خطأ : تخصيص يوم العيد بعد الصلاة بزيارة الأموات واعتقاد فضيلة ذلك وكل ماورد في تخصيص يوم أو وقت معين في زيارة الأموات فهو غير صحيح بل بدعة .

فائدة : إذا دخل الإنسان مصلى العيد فلا يصلي تحية المسجد لأنه ليس بمسجد ورجحه الشيخ ابن باز رحمه الله.
• السعي في إزالة الحزبية والطبقية بين أفراد المجتمع المسلم وإشاعة الأخوة الإيمانية { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ..} للتعارف لا للتفاخر ، للتقارب لا للتنابذ ، للتآلف لا للتنابز {َ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ولنتعاون جميعاً معشر المسلمين أفرادا ًوجماعات على أي ثغرة كنا وفي أي مكان كنا على إزالتها فهي آفة الآفات ومصدر النزاعات ورأس المشكلات ومفرقة الجماعات ، صفة مقيتة وسجية غير حميدة وطبيعة مذمومة وجائحة عظيمة ونعرة جاهلية ، نقص عقلي وتخلف حضاري وإن كان صاحبها من أصح الأصحاء وأنبل النبلاء وأعقل العقلاء ومن المفكرين والأدباء فكيف بمن دون ذلك ، بقعة سوداء في الثوب الأبيض بل إنها كانت سبباً في كثير من المشكلات ، انحراف في صفوف الشباب والفتيات والوقوع في العلاقات المحرمة بل أدى الأمر إلى القتل والتحرش والاعتداءات ، تعصب وتحزب وافتخار ..
سب وتنقص وسخرية وازدراء وشتم وتنابز بالألقاب .. دعاوى في المحاكم كيدية و باطلة .. فرقة وشحناء وتباغض وخلاف واتهام في الأعراض .. بل إنها تشكّل عند البعض ميزاناً ومقياساً في صحبته وعلاقاته الاجتماعية والحياة العملية والميدانية فولّدت حساسية في التعامل .
إن الحزبية والأعراف قُدِّمت عند البعض على كثير من المصالح بل على كثير من أمور الشرع حتى عند العقلاء فعظم الخطب وحلّ البلاء ، أصبحت المقياس الأكبر في كثير من الأمور بل إنها عُظّمت وكأنها مسلّمات أو وحي من السماء وآي القرآن ومن يجرؤ على النقاش ويخالف العادات فالويل ثم الويل والله المستعان ،هذه حقيقة بعض المسلمين ولنكن صرحاء ، ففي الصراحة تكمن الراحة ويصل الدواء إلى الداء بإذن الله إذا حسنت النيات ، البعض منّا ينكرها في الظاهر ويقرها في الباطن والبعض يظهرها وأقل القليل ينكرها باطناً وظاهراً ( دعوها فإنها منتنة )(13) كلكم لآدم وآدم من تراب والجزاء بالأعمال لا الأنساب ، لا نتبع ما وجدنا عليه آبائنا بل نتبع ما وجدنا عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم مع أن الجميع ولله الحمد يلحظ التحرر من كثير مما تقدم في طبقة المثقفين والمتعلمين ، فلنتعاون جميعاً معشر الجيل ،فالمعوّل عليكم بعد الله في صلاح الأجيال والأحوال فلابد من إزالة الحواجز وتجاوزها والعيش في ضلال قول الله { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } الرابط الإسلام لا سواه والتقوى هي المعيار لا الأنساب ولتسنوا سنة حسنة في الأمة وليحدّث عنكم التاريخ وتذكركم الأجيال ولكن شيئاً فشيئاً بحكمة وروية وفطنة وعلم حتى يزول الأمر ولا نستغني عن العلماء وأرباب القلم والتوجيه .

إن يختلف ماء الوصال فماؤنا *** عذب تحدر من غمام واحد
أو يختلف نسب يؤلف بيننا *** دين أقمناه مقام الوالد

عفوا إخوتي وأحبتي : ما قصدت جرح المشاعر ولا تكدير الخواطر ولا إظهار المعايب ولا اتهام العقول والضمائر، لكنها الأخوة الحقة والمحبة الصادقة والنصيحة في الله والحرقة في النفس ولسان الحال والمقال : { إِنْ أُرِيْدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعتُ وَمَا تَوفيقي إِلا بالله عَلَيهِ تَوَكّلتُ وَإِليهِ أُنِيْب }

يا أمتي منك أبكِ حيناً وأبكيك حينا *** وبناريك حـرّق الدهـر نفسي

وعوداً إلى العلاج ومنه :
• تفقد أحوال الفقراء والمساكين وزيارتهم وسد حاجتهم لكي يشاركوا الناس بثوب العيد وحلوى العيد .
يُسر بالعيد أقوام لهم سعة *** من الثراء وأما المقترون فلا
• التجديد وإيجاد البديل لكل رذيل وكل يفكر حسب استطاعته ومحيطه .
• التواصل والتزاور بين الأقارب والجيران .
• سعي وسائل الإعلام بما هو مشروع وصالح .
• ترتيب إجازة العيدين بين موظفي الدولة حتى يستمتع الجميع بمشاركة أهليهم وذويهم في هذه المناسبة .
• التفرغ النسبي أيام العيد للزيارات واللقاءات .
• التواضع خلق يجب الاهتمام به فمن تواضع لله رفعه فاحرص على أن تبدأ الناس بتهنئتهم ولا تنتظر أن يهنئوك كما يفعل البعض فالزيارة والاتصال الهاتفي ورسائل الجوال وسائل لتبادل التهاني والتهنئة واردة عن كثير من السلف رحمهم الله وأجازها الشيخان ابن باز وابن العثيمين عليهم سوابغ الرحمة والغفران وعن جبير بن نفير رضي الله عنه قال : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك ) حسنه ابن حجر (14) .

أُهنئكم بهذا العيد دوماً *** وأشكر فضلكم بين الأنام
فلا زلتم مدى الأزمان أنسي *** ويبقى مجدكم في كل عام

****
بالعيد وافتني تهانيك التي *** راقت ومثلك فضله لاينكر
لازلت في أمثاله تلقى الهنا *** وعليك ألوية المسرة تنشر

• توجيه الخطباء والوعاظ والأئمة .
الهدايا بين الجميع وتقديمها للأطفال خاصة ( تهادوا تحابوا )(15) ووضع هدايا مجهزة بكل مفيد وتقديمها للزائرين .

هدايا الناس بعضهم لبعض *** تولّد في قلوبهم الوصالا
وتَزرع في الضمير هوى وودّا *** وتُلبسهم إذا حضروا جمالا

• الجود و السخاء بدون إسراف ولاتبذير .
• يحسن السعي إلى إقامة وليمة متواضعة في كل حي في يوم من أيام العيد يتعاون الجميع في إقامتها ويدعى إليها أهل الحي والجاليات المسلمة العربية وغير العربية وتقديم النافع والمفيد من كتاب وشريط ومجلة هادفة ويلحظ أن هذه الفكرة بدأت في ازدياد فلنتفاعل جميعاً في حضورها ونجاحها ومساعدة القائمين عليها وخاصة أصحاب الكلمة والتقدير في الأحياء .
• إقامة أمسيات أدبية ولقاءات على مستوى الأحياء والأسر وغيرها .
• إقامة لقاء للأطفال تتخلله برامج هادفة وألعاب ترفيهية على مستوى الأسرة والعائلة والحي بل على مستوى المدينة حيث إن بعض الآباء يتعب في البحث عن أماكن الترفيه المفيدة والنافعة أو أقل الأحوال خالية من المحرمات .
• إقامة لقاءات نسائية هادفة تتخللها برامج مفيدة ونافعة على مستوى الأسرة والعائلة وهذه اللقاءات يقوم عليها بعض الأفراد من العائلة أو الحي بحيث يحدد الزمان والمكان ويشترك الجميع في تحصيل المبلغ المالي لإقامتها ويكون الإعداد لها وإبلاغ الناس مسبقاً.
• إقامة المخيمات الدعوية المفيدة ذات البرامج المشوقة والمنوعة .
• زيارة المرضى في المستشفيات والأيتام في دور الملاحظة والتربية ورعاية الأيتام وتقديم الهدايا لهم وإدخال السرور عليهم وحبّذا أن يكون ذلك من ضمن برامج المكتبات وحلق تحفيظ القرآن واختيار الطلاب الكبار خاصة في زيارة الدور تلافياً لأخطاء الزيارة وحتى يحسن التعامل معهم .
• ذهاب البعض لأداء العمرة لمن لم يتسن له الذهاب في رمضان وذلك بعد مشاركة الأهل في اليوم الأول أو الثاني من أيام العيد ومما لا ينبغي - استحساناً لا شرعاً- الذهاب في اليوم الأول وعدم مشاركتهم .
• زيارة العلماء والدعاة والقضاة وطلبة العلم ومعايدتهم والاستفادة منهم مع مراعاة أوقات زيارتهم حفظاً لأوقاتهم ومراعاة لأعمالهم .
• فرصة لذوي الجاه والمكانة والكلمة المسموعة للسعي في الإصلاح بين الناس وفرصة للمتهاجرين للتواصل قال صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليصل رحمه ) وقال : ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) رواهما البخاري .

يا أيها الناس : نريد مجتمعاً تسوده الشفقة والعاطفة والرحمة ، نريد من المتهاجرين صفحة جديدة وبداية سعيدة ونسياناً لذلك الركام الهائل من الأخطاء والمشكلات والانتصار للنفس ، نريد تجافياً عن الزلات وتعافياً عن الهفوات وإقالة للعثرات ومن كانت حاله كذلك فلن يعدم الأجر الكثير والذكر الجميل والشكر الجزيل ، لا يكن للشيطان نصيب منا في قطيعة الأرحام والتناحر بين الجيران ونقص الإيمان فيفرح ويطرب ويغضب الرب ، نعيش حياة مكدرة مع ضيق في الصدر على ألا ثمرة من الهجر البته لا في الدنيا ولا في الآخرة فلا نكن لعبة للشيطان من الإنس والجان يا أهل العقل والإيمان .

فهيا معشر المسلمين إلى التلاحم والصفاء ، هلموا إلى هجر القطيعة وترك الضغينة وركن الإخاء والنقاء .. هلموا إلى سلامة الصدر وطهارة القلب .. فإنها من أفضل الأخلاق روعة وحسناً وأدعاها إلى ثبات الود والصفاء ودوام العهد على الوفاء ، سلامة في العواقب وزيادة في المناقب ..

راحة في البال وأنس في الحال ، انشراح في الصدر وطيب في العيش وفوق ذلك كله تُدخل صاحبها الجنة بإذن صاحب المنة ولذا كانت قليلة في الناس ،عظيمة عندالله { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } .. فأين المتهاجرون إذا أراد الناس الإصلاح بينهم أو أراد واحد منهم الإصلاح كان الطرف الآخر رافضاً كل المحاولات ، راداً كل الأطراف حتى أصحاب العلم والفضل وكبار السن ، يظن أن الصلح هزيمة ومذلة وللآخر انتصار وعزة ونسي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ) (16) . وقول الله : ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) فالأجر الأجر رحمك الله ويقول صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) (17) وقال : ( من هجر أخاه فوق ثلاث فهو في النار إلا أن يتداركه الله بكرامته ) (18) وقال : ( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس ،فيغفر لكل عبد لايشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال : أنظروا هذين حنى يصطلحا ) (19) وقال : ( من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه ) (20) فكيف بالمتهاجرين سنوات وربما يفرقهم الموت وهم متهاجرون فكيف الجواب عن ماحرم الله يوم العرض على الله .
ينبغي على كل واحد من المتهاجرين أن يكون لسان حاله : يا هذا لا تفرط في شتمنا ولا تغرق في هجرنا وأبق ودع وخل للصلح موضعاً فإنا لا نكافيء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه .
يا أهل الإيمان والقرآن : هل يُعقل أن نرى أباً وابنه أو أخاً وأخاه متهاجرين عشرات السنين لولا أن الأعين تراه والواقع يحكيه لما صدّقناه وقبلناه ، يتحاكمون إلى القضاء الشهور والسنين بل الطامة كل الطامة أن يكون ذلك على سبب يسير و أمر حقير من متاع الدنيا فتذهب أُخوة الدين ولُحمة الرحم والنسب فتصغى وترعى الآذان لكلام نساء وأطفال وواشون ثم يشعلها الشيطان فتكون حطاماً وناراً ومن المستفيد ؟
إنه الشيطان وحزب الشيطان فأين العقول وطهارة القلوب وسلامة الصدور ؟ أين الإيمان والقرآن ؟
قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم ) رواه مسلم .

أيهجر مسلم فينا أخاه *** سنيناً لايمد له يمينه
أيهجره لأجل حطام دنيا *** أيهجره على نتف لعينه
ألا أين السماحة والتآخي *** وأين عرى أُخوتنا المتينه
بنينا بالمحبة مابنينا *** وماباع امرئ بالهجر دينه
علام نسد أبواب التآخي *** ونسكن قاع أحقاد دفينه

****
فيم التقاطع والإيمان يجمعنا *** قم نغسل القلب مما فيه من وضر

واعلم أن الهجر يزول بالسلام والكلام وزوال الوحشة والشحناء وأما التصالح للسمعة والرياء أو مجاملة وإرضاء للآخرين والقلوب ما تزال فلا يفيد (21) .

وقد ينبت المرعى على دِمْن الثرى *** وتبقى حزازات النفوس كماهيا

يا أيها الناس : لماذا النصر حليف الشيطان في كثير من المشكلات والصلح قليل ؟ ماالسبب وما الأمر!؟
وعلى المصلحين ولجان الإصلاح أن يبذلوا ما في وسعهم وألا يملوا وييأسوا والصلح يحتاج إلى وقت ومال ونفَس طويل وتحايل وذكاء بل إن الكذب جائز في الصلح ومن أكثر قرع الباب ولج والدعاء الدعاء ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً { إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِقِ اللهُ بَيْنَهُمَا }(22)
قال صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا بلى . قال : إصلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هو الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ) رواه الترمذي .

جرى بين أخ وإخوانه جفوة وفرقة وعتاب فكتب إليه :

من اليوم تعارفنا *** ونطوي ما جرى منّا
فلا كان ولا صار *** ولا قلتم ولا قلنا
وإن كان ولابد *** من العتاب فبالحسنى

ثم أبى إلا أن يزيد فرحه بلقاء إخوانه وإزالة شبح القطيعة فقال :

تعالوا بنا نطوي الحديث الذي جرى *** ولا سمع الواشي بذاك ولا درى
لقد طال شرح القيل والقال بيننا *** وحتى كأنّ العهد لم يتغيرا
تعالوا بنا حتى نعود إلى الرضا *** وما طال ذاك الشرح إلا ليقصرا
من اليوم تاريخ المحبة بيننا *** عفا الله عن ذاك العتاب الذي جرى

أيها المسلمون : كل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ولاتنسوا صيام الستة من شوال ولنتعاون جميعاً أفراداً وجماعات ، صغاراً وكباراً ، ذكوراً وإناثاً ، ملتزمين أو غير ملتزمين كما يقال على الصيام فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ) (23) فلا تحرموا أنفسكم الأجر واعلموا أن ما يسميه بعض العوام بعيد الأبرار أو يوم الأبرار وهو اليوم الثامن من شوال لمن صام الست متتابعات فهذه تسمية ليس عليها دليل ومن المحدثات في الدين ولا يشترط في صيامها التتابع والأفضل البدار مادامت النفس متعودة على الصيام .

تهاني العيد أُزجيها معطرة *** بصدر حب شديد الشوق مغموري
من خافق خافق دوماً يحبكم *** بشوق قلبي وأحلامي وترنيمي

لنرفع الأصوات بالتكبير ولنلبس من الثياب كل جديد ولنرسل التهاني لكل قريب وعزيز وجار وحبيب ، لنظهر الأفراح ولنترك الأتراح ، لنغدو في الصباح معلنين الصفاء لتتآلف الأرواح .

في الأنفس الصفح في المهجة الشرح *** البذل والنفح في ليلة العيد
عيد سعيد في الكون بهجته *** يهنئ به رفيق العلا والكمالات
أعاده الله بالإقبال مبتسماً *** وكل عام وأنتم بالمسرات

أخيراً :
بالله يا ناظراً خطي وسبقته *** فاستر فخير عباد الله من سترا
فإن مرّ سهو فلا تعجل بسبك لي *** واسمح أُخيّ وأصلح مابه سُترا

وسل المنان أن يوصلها الآذان ويبلغها الجنان وأن يفتح لها وبها القلوب فترجع إلى علام الغيوب وأن يغرس بها الخير في قلوب العباد فيعم بها الحاضر والباد ، تجعلهم أتقياء، أنقياء ، أخفياء ،سعداء غير أشقياء بإذن رب الأرض والسماء فهو خير مسؤول ومأمول والصلاة والسلام على الرسول وآله وصحبه أُولي النهى والعقول .



==========================================

وقفات مع العيـد
كتبه: محمد بن عبد الله بن صالح الهبدان


المقدمة

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) آل عمران : 2 0 1 (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) النساء : 1 (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) الأحزاب : 70 ، 71 أما بعد :
فهذه رسالة مختصرة ، مفيدة ميسرة تحتوي على وقفتين يسيرتين :
الوقفة الأولى : ماذا بعد رمضان ؟
الوقفة الثانية : أحكام العيد وآدابه وسننه .
أسأل الله تعالى أن ينفع بها ، وأن يجعلها في موازين الحسنات ، وأن يجعلها خالصة لوجهه مقربة لمرضاته ، نافعة لعباده ، فما كان فيها من صواب فمن الله وحده ، وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشيطان ، واستغفر الله من ذلك وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه .

الوقفة الأولى : ماذا بعد رمضان ؟

لقد كان شهر رمضان ميدانا يتنافس فيه المتنافسون ، ويتسابق فيه المتسابقون ، ويحسن فيه المحسنون ، تروضت فيه النفوس على الفضيلة ، وتربت فيه على الكرامة ، وترفعت عن الرذيلة ، وتعالت عن الخطيئة ، واكتسبت فيه كل هدى ورشاد ، ومسكين ذاك الذي أدرك هذا الشهر ولم يظفر من مغانمه بشيء ، ما حجبه إلا الإهمال والكسل ، والتسويف وطول ا لأمل .

ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرما *** واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسـرا *** مثلي فيا ويحـه يا عظـم ما حـرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما *** تراه يحصد إلا الهــم والنــدما

وإن الأدهى من ذلك والأمر أن يوفق بعض العباد لعمل الطاعات ، والتزود من الخيرات حتى إذا انتهى الموسم نقضوا ما أبرموا ، وعلى أعقابهم نكصوا ، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وذلك والله خطأ فادح بكل المقاييس ، وجناية مخزية بكل المعايير لا ينفع معها ندم ولا اعتذار عند الوقوف بين يدي الواحد القهار .
قيل لبشر - رحمه الله - إن قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان ، فقال : بئس القوم لا يعرفون لله حقا إلا في شهر رمضان ، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها . وسئل الشلبي - رحمه الله -أيما أفضل رجب أو شعبان ؟ فقال : كن ربانيا ولا تكن شعبانيا ، كان النبي صلى الله عليه وسلم عمله ديمة ، وسئلت عائشة رضي الله عنها هل كان يخص يوما من الأيام ؟ فقالت : لا ، كان عمله ديمة . وقالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة . إننا ندعو هؤلاء بكل شفقة وإخلاص ، ندعوهم والألم يعتصر قلوبنا خوفا عليهم ورأفت بهم ، ندعوهم إلى إعادة النظر في واقعهم ، ومجريات حياتهم ، ندعوهم إلى مراجعة أنفسهم وتأمل أوضاعهم قبل فوات الأوان ، إننا ننصحهم بألا تخدعهم المظاهر ، ولا يغرهم ما هم فيه ، من الصحة والعافية ، والشباب والقوة ، فما هي إلا سراب بقيعة ، يحسبه الظمأن ماء أو كبرق خلب سرعان ما يتلاشى وينطفي ويزول ، فالصحة سيعقبها السقم ، والشباب يلاحقه الهرم ، والقوة ايلة إلى الضعف ، فاستيقظ يا هذا من غفلتك ، وتنبه من نومتك ، فالحياة قصيرة وإن طالت ، والفرحة ذاهبة وإن دامت .

ليعلم أولئك أن استدامة العبد على النهج المستقيم ، والمداومة على الطاعة من أعظم البراهين على القبول قال تعالى : (( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )) الحجر : 99 فيجب أن تستمر النفوس على نهج الهدى والرشاد كما كانت في رمضان ، فنهج الهدى لا يتحدد بزمان ، وعبادة الرب وطاعته يجب أن لا تكون قاصرة على رمضان . قال الحسن البصري - رحمه الله - : (إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت ، ثم قرأ : (( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )) الحجر : 99 .

فإن انقضى رمضان فبين أيديكم مواسم تتكرر فالصلوات الخمس من أجل الأعمال ، وأول ما يحاسب عليها العبد ، يقف فيها العبد بين يدي ربه مخبتا متضرعا . .
ولئن انتهى صيام رمضان فهناك صيام النوافل كالست من شوال ، والإثنين والخميس ، والأيام البيض وعاشوراء وعرفة وغيرها .
ولئن انتهى قيام رمضان فقيام الليل مشروع في كل ليلة : (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )) الذاريات : 17 .
ولئن انتهت صدقة أو زكاة الفطر فهناك الزكاة المفروضة ، وهناك أبواب للصدقة والتطوع والجهاد كثيرة.
ولتعلم يا أخي المسلم أن من صفات عباد الله المداومة على الأعمال الصالحة(( الذين هم على صلاتهم دائمون )) المعارج : 23 و (( والذين هم على صلواتهم يحافظون )) المؤمنون : 9

وكأني بك قد تاقت نفسك لتعرف سبيل النجاة في كيفية المداومة على العمل الصالح ؟ فأقول لك بلسان المشفق الناصح الأمين .
لابد أولا : من العزيمة الصادقة على لزوم العمل والمداومة عليه أيا كانت الظروف والأحوال وهذا يتطلب منك ترك العجز والكسل ولذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من العجز والكسل لعظيم الضرر المترتب عليهما فاستعن بالله تعالى ولا تعجز .

ثانيا : القصد القصد في الأعمال ، ولا تحمل نفسك مالا تطيق ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا" رواه البخاري ومسلم .
ولتعلم يا أخي أن البركة في المداومة، فمن حافظ على قراءة جزء من القران كل يوم ختمه في شهر ، ومن صام ثلاثة أيام في كل شهر فكأنه صام الدهر كله ، ومن حافظ على ثنتي عشرة ركعة في كل يوم وليلة بنى الله له بيتا في الجنة. . وهكذا بقية الأعمال .

ثالثا : عليك أن تتذكر أنه لا يحسن بمن داوم على عمل صالح أن يتركه . . فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل " رواه البخاري ومسلم .

رابعا : استحضر يا رعاك الله ما كان عليه أسلافنا الأوائل : فهذا حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم تخبرنا أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها -أنه كان إذا نام من الليل أو مرض صلى في النهار اثنتي عشرة ركعة . رواه مسلم ، وترك صلى الله عليه وسلم اعتكاف ذات مرة فقضاه صلى الله عليه وسلم في شوال ، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الفجر : " يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة" قال : (ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي ) وأعجب من ذلك ما فعله علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له حينما دخل عليه ذات يوم فوجده نائم مع فاطمة ، يقول علي : "فوضع رجله بيني وبين فاطمة-رضي الله عنها - فعلمنا ما نقول إذا أخذنا مضاجعنا ، فقال : "يا فاطمة إذا كنتما بمنزلتكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربعا وثلاثين " قال علي : والله ما تركتها بعد! ! ، فقال له رجل : كان في نفسه عليه شيء ، ولا ليلة صفين ؟ قال علي : ولا ليلة صفين " أخرجه الحاكم وصححه .
إنك إذا تصورت مثل هذا الخبر فإنه سيتمالكك العجب من الحرص على المداومة على العمل حتى في حال القتال وتطاير الرؤوس ، وذاهب المهج، وسفك الدماء . . كل ذلك لا ينسيه عن وصية نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأن يقول ما أمر أن يقوله عند النوم . . إن معرفة مثل هذه الأخبار تدفعك إلى المداومة على العمل الصالح ومحاولة الاقتداء بنهج السلف الصالح والسير على منوالهم .

الوقفة الثانية : أحكام العيد

العيد هو موسم الفرح والسرور ، وأفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما هو بمولاهم ، إذا فازوا بإكمال طاعته وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم بوعده لهم عليها بفضله ومغفرته كما قال تعالى : (( قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )) يونس : 58 قال بعض العارفين : ما فرح أحد بغير الله إلا لغفلته عن الله ، فالغافل يفرح بلهوه وهواه ، والعاقل يفرح بمولاه .

أخي المسلم : هذه وقفات موجزة مختصرة عن أحكام العيد وآدابه :

أولا: أحمد الله تعالى أن أتم عليك النعمة بصيام هذا الشهر وقيامه ، وأكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منك الصيام والقيام ، وأن يغفر لك زللك وإجرامك ، روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه -أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان ، يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ، ومن هذا المحروم فنعزيه ، وعن ابن مسعود أنه كان يقول : من هذا المقبول فنهنيه ، ومن هذا المحروم منا فنعزيه ، أيها المقبول هنيئا لك ، أيها المردود جبر الله مصيبتك .

ثانيا: الفرح بالعيد: روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء فاضطجع على الفراش وحول وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فاقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "دعهما" فلما غفل غمزتهما فخرجتا) رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم : " تغنيان بدف " وقد استنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث مشروعية التوسعة على العيال في أيام العيد بأنواع ما يحصل لهم من بسط النفس ، وترويح البدن من كلف العبادة ، وأن الإعراض عن ذلك أولى ، ومنه أن إظهار السرور في ا لأعياد من شعائر الدين .

ثالثا: التكبير: يشرع التكبير من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد ، قال تعالى : (( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )) البقرة :185 ويستحب للرجال رفع الصوت بالتكبير في ا لأسواق ، والدور ، والطرق ، والمساجد ، وأماكن تجمع الناس ، إظهارا لهذه الشعيرة، وأحياء لها ، واقتداء بسلف هذه الأمة ، وصفة التكبير : (الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد) . ويربى النشء على هذا ويعلمون سببه .

رابعا: زكاة الفطر : شرع الله تعالى عقب إكمال الصيام زكاة الفطر ، وفرضت طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ، ومقدارها صاع من طعام من غالب قوت البلد كالأرز والبر والتمر عن كل مسلم ، لحديث ابن عمر قال : (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ) رواه مسلم ، ويسن إخراجها عن الجنين لفعل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد ، ولا يجوز إخراجها نقودا على القول الصحيح من أقوال أهل العلم ، لأن ذلك مخالف لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويجب تحري الفقراء والمساكين لدفعها إليهم .
ووقت إخراجها الفاضل يوم العيد قبل الصلاة ، ويجوز تقديمها قبل ذلك بيوم أو يومين .

خامسا : الغسل والزينة: يستحب للرجال الاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب للعيد ، لما روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر-رضي الله عنهما-قال : أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق ، فأخذها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود . . " الحديث ، وكان ابن عمر يلبس في العيد أحسن ثيابه .

سادسا: الأكل قبل صلاة العيد: يستحب قبل أن يخرج لصلاة عيد الفطر أن يأكل تمرات وترا ، ثلاثا ، أو خمسا لما ثبت عن أنس -رضي الله عنه - قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات " وفي رواية : "ويأكلهن وترا" رواه البخاري .

سابعا: التبكير في الخروج لصلاة العيد: يستحب التبكير لصلاة العيد لقول الله تعالى : (( فاستبقوا الخيرات )) المائدة : 48 والعيد من أعظم الخيرات وقد بوب البخاري في صحيحه باب التبكير إلى العيد ثم ذكر حديث البراء - رضي الله عنه - قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال : "إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي .." الحديث قال الحافظ ابن حجر : (هو دال على أنه لا ينبغي الاشتغال في يوم العيد بشيء غير التأهب للصلاة والخروج إليها ، ومن لازمه أن لا يفعل شيء غيرها ، فاقتضى ذلك التبكير إليها) والذي رجحه المحققون من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وغيره أن صلاة العيد واجبة ولا تسقط إلا بعذر ، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيض ، ويعتزل الحيض المصلى . لحديث أم عطية : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين " رواه البخاري ومسلم .

ثامنا: المشى إلى المصلى : عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - قال. "من السنة أن يأتي العيد ماشيا" رواه الترمذي وحسنه وقال : والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم يستحبون أن يخرج الرجل ماشيا . . ) قال ابن المنذر- رحمه الله - : (المشي إلى العيد أحسن وأقرب إلى التواضع ولا شيء على من ركب ) .

تاسعا: التهنئة بالعيد: لا بأس بالتهنئة بالعيد؟ كقول : (تقبل الله منا ومنك ) لما ورد عن جبير بن نفير قال : (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك ) .

عاشرا: مخالفة الطريق : لما روى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " قال ابن القيم -رحمه الله -: (وكان صلى الله عليه وسلم يخرج ماشيا ، وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب من طريق ويرجع من آخر قيل ليسلم على أهل الطريقين ، وقيل لينال بركته الفريقان ، وقيل ليقضي حاجة من له حاجة منهما ، وقيل ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق ، وقيل ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة ا لإسلام وأهله ، وقيام شعائره ، وقيل لتكثر شهادة البقاع فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطواته ترفع درجة وتحط خطيئة ، حتى يرجع إلى منزله ، وقيل وهو الأصح إنه لذلك كله ، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله منها).

الحادي عشر: اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد : إذا اجتمعا في يوم واحد سقطت الجمعة عمن صلى العيد، لحديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اجتمع في يومكم هذا عيدان ؟ فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون " رواه أبو داود لكن ينبغي للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء ، ومن لم يشهد العيد، وتجب على الصحيح من أقوال العلماء صلاة الظهر على من تخلف عن الجمعة لحضوره العيد ، والأولى أن يصلي العيد والجمعة طلبا للفضيلة ، وتحصيلا لأجريهما .

الثاني عشر: مخالفات في أيام العيد :
هناك بعض المخالفات يقع فيها بعض المسلمين في ليالي العيد وأيامه هذه بعضها :
1- التكبير الجماعي بصوت واحد ، أو الترديد خلف شخص يقول : "الله أكبر" أو إحداث صيغ للتكبير غير مشروعة .
2- اعتقاد مشروعية إحياء ليلة العيد ويتناقلون أحاديث لا تصح .
3- تخصيص يوم العيد لزيارة المقابر والسلام على الأموات .
4- اختلاط النساء بالرجال في بعض المصليات والشوارع والمنتزهات .
5- بعض الناس يجتمعون في العيد على الغناء واللهو والعبث وهذا لا يجوز .
6- كثرة تبرج النساء ، وعدم تحجبهن وحري بالمسلمة المحافظة على شرفها وعفتها أن تحتشم ، وتستر، لأن عزها وشرفها في دينها وعفتها.
7- خروج النساء لصلاة العيد متزينات متعطرات وهذا لا يجوز .
8- الإغراق في المباحات من لبس وأكل وشرب حتى تجاوزوا الأمر إلى الإسراف في ذلك ، قال تعالى : (( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )) الأعراف : 31.
9- البعض يظهر عليه الفرح بالعيد لأن شهر رمضان انتهى وتخلص من العبادة فيه ، وكأنها حمل ثقيل على ظهره ، وهذا على خطر عظيم .
10- بعض الناس يتهاون في أداء صلاة العيد ، ويحرم نفسه الأجر فلا يشهد الصلاة ، ودعاء المسلمين وقد يكون المانع من حضوره سهره الطويل .
11- بعض الناس أصبح يحي ليالي العيد وأيامه بأذية المسلمين في أعراضهم ، فتجده يتابع عورات المسلمين ويصطاد في الماء العكر ، وسيلته في ذلك سماعة الهاتف ، أو الأسواق التي أصبحت تعج بالنساء ، وهن في كامل زينتهن فتنهدم بيوت عامرة ، وتتشتت أسر مجتمعه ، وتنقلب الحياة جحيما لا يطاق ، بعد أن كانت آمنة مستقرة ! ! .
12- هناك من يجعل العيد فرصة له لمضاعفة كسبه الخبيث ، وذلك بالغش والخديعة ، والكذب والاحتيال ، وأكل أموا ل الناس بالباطل ، وكأنه لا رقيب عليه ولا حسيب ، فتجده لا يتورع عن بيع ما حرم الله من المأكل والمشروبات ، والملهيات ، ووسائل هدم البيوت والمجتمعات .
13- من الملاحظات التي تتكرر في مناسبات الأعياد وليالي رمضان ، عبث الأطفال والمراهقين بالألعاب النارية ، التي تؤذي المصلين ، وتروع الآمنين ، وكم جرت من مصائب وحوادث !! فهذا أصيب في عينه ، وذاك في رأسه والناس في غفلة من هذا الأمر .

وأخيرا قد قيل : من أراد معرفة أخلاق الأمة فليراقبها في أعيادها ، إذ تنطلق فيه السجايا على فطرتها ، وتبرز العواطف والميول والعادات على حقيقتها ، والمجتمع السعيد الصالح هو الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة ، وتمتد فيه مشاعر الإخاء إلى أبعد مدى ، حيث يبدو في العيد متماسكا متعاونا متراحما تخفق فيه القلوب بالحب والود والبر والصفاء .

أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الطاعات ، وأعاد علينا وعلى أمة الإسلام هذا الشهر بالقبول والغفران ، والصحة والسلام ، والأمن والأمان ، وعز الإسلام وارتفاع راية الدين ودحر أعداء الملة والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

======================================
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04/12/2002, 02:03 AM
عضو سابق باللجنه الإعلاميه
تاريخ التسجيل: 26/08/2001
المكان: السعودية "الــخــبـــر"
مشاركات: 13,852
بسم الله الرحمن الرحيم

من معاني العيـد
كتبها : محمد بن إبراهيم الحمد


الحمد لله الذي أكمل لنا الدين ، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا، والصلاة والسلام على النعمة المسداة، والرحمة المهداة نبينا محمد بن عبدالله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد:
فإن العيد مظهر من مظاهر الدين ، وشعيرة من شعائره المعظمة التي تنطوي على حكم عظيمه ، ومعان جليلة، وأسرار بديعة لا تعرفها الأمم في شتى أعيادها .

* فالعيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة، لا يقولها المؤمن بلسانه فحسب ، ولكنها تعتلج في سرائره رضا واطمئنانا ، وتنبلج قي علانيته فرحا وابتهاجا، وتسفر بين نفوس المؤمنين بالبشر والأنس والطلاقة، وتمسح ما بين الفقراء والأغنياء من جفوة
* والعيد في معناه الإنساني يوم تلتقي فيه قوة الغني ، وضعف الفقير على محبه ورحمة وعدالة من وحي السماء ، عنوانها الزكاة والإحسان ، والتوسعة .
* يتجلى العيد على الغني المترف ، فينسى تعلقه بالمال ، وينزل من عليائه متواضعا للحق وللخلق ، ويذكر أن كل من حوله إخوانه وأعوانه ، فيمحو إساءة عام بإحسان يوم .
* يتجلى العيد على الفقير المترب . فيطرح هموهه ، ويسمو من أفق كانت تصوره له أحلامه ، وينسى مكاره العام ومتاعبه ، وتمحو بشاشة العيد آثار الحقد والتبرم من نفسه ، وتنهزم لديه دواعي اليأس على حين تنتصر بواعث الرجاء.
* والعيد في معناه النفسي حد فاصل بين تقييد تخضع له النفس ، وتسكن إليه الجوارح، وبين أنطلاق تنفتح له اللهوات ، وتتنبه له الشهوات.
* والعيد في معناه الزمني قطعة من الزمن خصصت لنسيان الهموم ، واطراح الكلف ، واستجمام القوى الجاهدة في الحياة .
* والعيد في معناه الإجتماعي يوم الأطفال يفيض عليهم بالفرح والمرح ، ويوم الققراء يلقاهم باليسر والسعة ، ويوم الأرحام يجمعها على البر والصلة ، ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور ، ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب ودواعي القرب ، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها ، فتجتمع بعد إفتراق ، وتتصافى بعد كدر ، وتتصافح بعد انقباض .
وفي هذا كله تجديد للرابطة الاجتماعية على أقوى ما تكون من الحب ، والوفاء ، والإخاء.
وفيه أروع ما يضفي على القلوب من الأنس ، وعلى النفوس من البهجة ، وعلى ا لاجسام من الراحة .
وفيه من المغزى الاجتماعي - أيضا -تذكير لأبناء المجتمع بحق الضعفاء والعاجزين ؛ حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت ، وتعم النعمة كل أسرة .
* وإلى هذا المعنى الاجتماعي يرمز تشريع صدقة الفطر في عيد الفطر، ونحر الأضاحي في عيد الأضحى ؛ فإن في تقديم ذلك قبل العيد أو في أيامه إطلاقا للأيدي الخيرة في مجال الخير؛ فلا تشرق شمس العيد إلا والبسمة تعلو كل شفاه ، والبهجة تغمر كل قلب.
* في العيد يستروح الأشقياء ريح السعادة، ويتنفس المختنقون في جو من السعة، وفيه يذوق المعدمون طيبات الرزق، ويتنعم الواجدون بأطايبه .
* في العيد تسلس النفوس الجامحة قيادها إلى الخير، وتهش النفوس الكزة إلى الإحسان .
* في العيد أحكام تقمع الهوى ، من ورائها حكم تغذي العقل ، ومن تحتها أسرار تصفي النفس ، ومن بين يديها ذكريات تثمر التأسي في الحق والخير ، وفي طيها عبر تجلي الحقائق ، وموازين تقيم العدل بين الأصناف المتفاوتة بين البشر ، ومقاصد سديدة في حفظ الوحدة ، وإصلاح الشأن ، ودروس تطبيقية عالية في التضحية، والإيثار، و المحبة . ف
* في العيد تظهر فضيلة الإخلاص مستعلنة للجميع ، ويهدي الناس بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة المحبة، وكأنما العيد روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها .
* في العيد تتسع روح الجوار وتمتد، حتى يرجع البلد العظيم وكأنه لأهله دار واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي .
* في العيد تنطلق السجايا على فطرتها ، وتبرز العواطف والميول على حقيقتها .
* العيد في الإسلام سكينة ووقار، وتعظيم للواحد القهار ، وبعد عن أسباب الهلكة ودخول النار .
*والعيد مع ذلك كله ميدان استباق إلى الخيرات ، ومجال منافسة في المكرمات .

* ومما يدل على عظم شأن العيد أن الإسلام قرن كل واحد من عيديه العظيمين بشعيرة من شعائره العامة التي لها جلالها الخطير في الروحانيات ، ولها خطرها الجليل في الاجتماعيات ، ولها ريحها المهابة بالخير وا لإحسان والبر والرحمة ، ولها أثرها العميق في التربية الفردية والجماعية التي لا تكون الأمة صالحة للوجود، نافعة في الوجود إلا بها .
هاتان الشعيرتان هما شهر رمضان الذي جاء عيد الفطر مسك ختامه ، وكلمة الشكر على تمامه ، والحج الذي كان عيد الأضحى بعض أيامه ، والظرف الموعي لمعظم أحكامه.
* فهذا الربط الإلهي بين العيدين ، وبين هاتين الشعيرتين كاف في الحكم عليهما ، وكاشف عن وجه الحقيقة فيهما ، وأنهما عيدان دينيان بكل ما شرع فيهما من سنن ، بل حتى ما ندب إليه الدين فيهما من أمور ظاهرها أنها دنيوية كالتجمل ، والتحلي ، والتطيب ، والتوسعة على العيال ، وإلطاف الضيوف ، والمرح واختيار المناعم والأطايب ، واللهو مما لا يخرج إلى حد السرف ، والتغالي ، والتفاخر المذموم ؛ فهذه الأمور المباحة داخلة في الطاعات إذا حسنت النية؛ فمن محاسن الإسلام أن المباحات إذا حسنت فيها النية ، وإريد بها تحقق حكمة الله ، أو شكر نعمته -انقلبت قربات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "حتى اللقمة تضعها في في امرأتك ".
* كلا طرفي العيد في معناه الإسلامي جمال ، وجلال ، وتمام وكمال ، وربط واتصال ، وبشاشة تخالط القلوب ، واطمئنان يلازم الجنوب ، وبسط وانشراح ، وهجر للهموم واطراح ، وكأنه شباب وخطته النضرة ، أو غصن عاوده الربيع ؟ فوخزته الخضرة .
* وليس السر في العيد يومه الذي يبتدئ بطلوع الشمس وينتهي بغروبها ، وإنما السر فيما يعمر ذلك اليوم من أعمال ، وما يغمره من إحسان وأفضال ، وما يغشى النفوس المستعدة للخير فيه من سمو وكمال ؛ فالعيد إنما هو المعنى الذي يكون في العيد لا اليوم نفسه.
* هذه بعض معاني العيد كما نفهمها من الإسلام ، وكما يحققها المسلمون الصادقون ؟ فأين نحن اليوم من هذه الأعياد؟ وأين هذه الأعياد منا؟ وما نصيبنا من هذه المعاني ؟ وأين آثار العبادة من آثارالعادة في أعيادنا
* إن مما يؤسف عليه أن بعض المسلمين جردوا هذه الأعياد من حليتها الدينية، وعطلوها عن معانيها الروحية الفوارة التي كانت تفيض على النفوس بالبهجة ، مع تجهم الأحداث ، وبالبشر مع شدة الأحوال ؟ فأصبح بعض المسلمين - وإن شئت فقل : كثير منهم - يلقون أعيادهم بهمم فاترة، وحس بليد، وشعور بارد، وأسرة عابسة ، حتى لكأن العيد عملية تجارية تتبع الخصب والجد ، وتتأثر بالعسر واليسر ، والنفاق والكساد ، لا صبغة روحيه تؤثر ولا تتأثر .
* ولئن كان من حق العيد أن نبهج به ونفرح وكان من حقنا أن نتبادل به التهاني ، ونطرح الهموم ، ونتهادى البشائر - فإن حقوق إخواننا المشردين المعذبين شرقا وغربا تتقاضى أن نحزن لمحنتهم ونغتم ، ونعنى بقضاياهم ونهتم ؟ فالمجتمع السعيد الواعي هو ذلك الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة ، ويمتد شعوره الإنساني إلى أبعد مدى ، وذلك حين يبدو في العيد متماسكا متعاونا متراحما ، حتى ليخفق فيه كل قلب بالحب ، والبر ، والرحمة ، ويذكر فيه أبناؤه مصائب إخوانهم في ا لأقطار حين تنزل بهم الكوارث والنكبات .
ولا يراد من ذلك تذارف الدموع ، ولبس ثياب الحداد في العيد ، ولا يراد منه - أيضا - أن يعتكف الإنسان كما يعتكف المرزوء بفقد حبيب أو قريب ، ولا أن يمتنع عن الطعام كما يفعل الصائم .
وإنما يراد من ذلك أن تظهر أعيادنا بمظهر الأمة الواعية ، التي تلزم ا لاعتدال في سرائها وضرائها ؟ فلا يحول احتفاؤها بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فريق من أبنائها .
ويراد من ذلك أن نقتصد في مرحنا وإنفاقنا؛ لنوفر من ذلك ما تحتاج إليه أمتنا في صراعها المرير الدامي .
ويراد من ذلك- أيضا - أن نشعر بالإخاء قويا في أيام العيد ؟ فيبدو علينا في أحاديثنا عن نكبات إخواننا وجهادهم ما يقوي العزائم ، ويشحذ الهمم ، ويبسط ا لأيدي بالبذل ، ويطلق ا لألسنة بالدعاء ؟ فهذا هو الحزن المجدي الذي يترجم إلى عمل واقعي .

* أيها المسلم المستبشر بالعيد : لا شك أن تستعد أو قد استعددت للعيد أبا كنت ، أو أما ، أو شابا ، أو فتاة، ولا ريب أنك قد أخذت أهبتك لكل ما يستلزمه العيد من لباس ، وطعام ونحوه ؟ فأضف إلى ذلك استعدادا تنال به شكورا ، وتزداد به صحيفتك نورا ، استعدادا هو أكرم عند الله ، وأجدر في نظر الأخوة والمروءة .
ألا وهو استعدادك للتفريج عن كربة من حولك من البؤساء، والمعدمين ، من جيران ، أو أقربين أو نحوهم ؟ فتش عن هؤلاء ، وسل عن حاجاتهم ، وبادر في إدخال السرور إلى قلوبهم . وإن لم يسعدك المال فلا أقل من أن يسعدك المقال بالكلمة الطيبة ، والابتسامة الحانية ، والخفقة الطاهرة .
* وتذكر في صبيحة العيد ، وأنت تقبل على والديك ، وتأنس بزوجك ، وإخوانك وأولادك ، وأحبابك ، وأقربائك ، فيجتمع الشمل على الطعام اللذيذ ، والشراب الطيب ، تذكر يتامى لا يجدون في تلك الصبيحة حنان الأب ، وأيامى قد فقدن ابتسامة الزوج ، وأباء وأمهات حرموا أولادهم ، وجموعا كاثرة من إخوانك شردهم الطغيان ، ومزقهم كل ممزق ؟ فإذا هم بالعيد يشرقون بالدمع ، ويكتوون بالنار ، ويفقدون طعم ا لراحة وا لاستقرا ر .
* وتذكر في العيد وأنت تأوي إلى ظلك الظليل ، ومنزلك الواسع ، وفراشك الوثير تذكر إخوانا لك يفترشون الغبراء، ويلتحفون الخضراء ، ويتضورون في العراء . ف
* واستحضر أنك حين تأسو جراحهم . وتسعى لسد حاجتهم أنك إنما تسد حاجتك ، وتأسو جراحك (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) ، (( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم )) ، و(( من عمل صالحا فلنفسه )) و" من نقس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفسن الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " ، و" من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم " و"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
بارك الله للمسلمين عيدهم ، ومكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه وسلم .

=============================

عيدكم مبارك


تهنئــــة :
أخي الفاضل.. أختي الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيــام وصالح الأعمال ..
ثم إنه يسرنا أن نهنئكم بقدوم أيام عيد الفطر المبارك ، جعلهــا الله أيام عـــز للإسلام والمسلمين
أخي الحبيب.. أختي الحبيبة
مـن تــأمل أحــول الناس وعـرف كيف يـقضون أوقـاتهم، وكيف يمضـون أعمـارهم، وخـاصة أيام العيد ـ والأولى منها بالذات، علم أن أكثر الناس محرمون من نعمة استغلال العمر واغتنام الوقت ومن هنا يسعدنا أن نشارككم فرحة هذا العيد بقطوف من بستان النصح نهديها لكم، متمثلين بذلك قول الله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) وذلك حتى يكون عيداً سعيداً بإذن الله..

نصائح وإرشادات:
ـ في ليال العيد الأولى يكثر الازدحام والاختلاط في الشوارع والأسواق والأماكن الترفيهية، حاولوا أن تجنبوا أسرتكم مثل هذه الأماكن وفكروا كيف يمكنكم أن تغتنموا أيامكم بعيداً عن ذلك كله.
ـ علموا أولادكم أن ليس معنى العيد الإسراف أو التبذير في المال والوقت، بل إن للعيد معنى أكبر من هذا بكثير، قال صلى الله عليه وسلم "لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال،.... وذكر منها: عن عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه .." رواه الترمذي.
ـ قال صلى الله عليه وسلم "كلكم راع ومسؤول عن رعيته" الحديث، والأبناء من أغلى المسؤوليات وأعظم الأمانات رعاية وحفظا، فحافظ على ما أتمنكم الله عليه من الأولاد واحذروا من أن تسرق أماناتكم أو تخدش أو تمس بسوء.
ـ يقول الله جل وعلا {والعصر، إن الإنسان لفي خسر} ويقول الأول:
الوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليكـ يضيع
فإضاعة الأوقات فيما لا فائدة منه وإشغالها بمشاهدة أو حضور المحرمات أو المنكرات وأماكن اللهو وميادين العبث من أعظم التضييع لأمانة الوقت.
وعند الصباح يحمد القوم السرى.

سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بتاريخ 15ـ 3 ـ 1420 ورقم 20856 عن
حكم إقامة المهرجانات والحفلات التي تتضمن اللهو والغناء والطرب.... وعن حكم حضور هذه الاحتفالات والمهرجانات ومشاهدتها؟
فأجابة: يحرم على المسلم إقامة حفلات أو مهرجانات مشتملة على أمور منكرة كالغناء والموسيقى واختلاط الرجال بالنساء وإحضار السحرة والمشعوذين ....وإذا تقرر أن أقامة هذه الحفلات والمهرجانات محرم فحضورها وبذل الأموال فيها وتشجيعها والدعاية لها كل ذلك محرم أيضاً لأنه من إضاعة المال والأوقات فيما لا يرضي الله سبحانه، ومن التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

ـ أختي الكريمة.. نخضع بالخطاب، كما خصك الله تعالى عن خلقه فأكرمك بالحجاب، إن تميزك الحقيقي بعفافك، وعزتك في حجابك، فلا تهتكي ستر الله عنك بيديك فتخسري بذلك الدنيا والآخرة..

مقترحات :
ـ زيارة الأقارب وصلة الأرحام، فهي سبب دخول الجنة وحصول الرحمة قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره ، فليصل رحمه" رواه البخاري ، وللزيارات والرحلات العائلية في العيد شعوراً خاصاً، فشمروا في مضمار الخير عسى أن يكون لكم قدم السبق فيه.
ـ الرحلات البرية.. {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} وهذه الرحلات ذات طابع ترويحي مميز جداً، وخاصة مع هطول الأمطار واعتدال الأجواء، بعيداً عن الازدحام والاختلاط المفسدين، وأماكن اللهو والمنكرات.
ـ زيارة المسجد النبوي الشريف، وأداء العمرة في الحرم المكي، فإن ذلك من أنفع ما استغلت به الأعمار قال صلى الله عليه وسلم" .. والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، ما اجتنبت الكبائر"
ـ تنتشر الاستراحات الخاصة في كل مكان بعيداً عن أجواء الازدحام والضوضاء وهي تتميز بالترفيه الجيد مع المحافظة على خصوصية العائلة التامة.
ـ يمكن للإنسان أن يستغل العيد بتقديم عمل لدينه يشهد له غداً عند الله، أو بالتدرب على مهارة مفيدة حتى يكون عضواً فعالا في أمته.
ضدان ما اجتمعا لطالب عزة *** شرف النفوس وراحة الأجساد
ـ هناك من الناس من يعيش معنا هذا العيد دون أن يعيش فرحته وذلك لأن قلبه لم يحمل نور الإسلام بعد، ماذا قدمت لهؤلاء.. وهلا مددتم لهم أيديكم لتشعلوا في ظلام أرواحهم وقلوبهم قنديل الإيمان فيبصروا السعادة الحقيقية.


منقول من صيد الفوائد
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05/12/2002, 10:44 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ هـلالـي أصـيـل
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 01/05/2002
المكان: (( الـريـاض ))
مشاركات: 1,406
جزاك الله خير
وشكرا على جهدك المبذول
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05/12/2002, 05:55 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 08/03/2002
مشاركات: 930
جزاك الله الف خير ويجعلها في موازين حسناتك
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06/12/2002, 01:02 PM
عضو سابق باللجنه الإعلاميه
تاريخ التسجيل: 26/08/2001
المكان: السعودية "الــخــبـــر"
مشاركات: 13,852
مشكوورين أخواني على الردود


هلالي أصيل

الهاوي 2002
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 09:44 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube