شاهدت هذه المباراة أكثر من أربع مرات .. ولا زلت غير قادر على استيعاب ما حدث ..!
أعتقد أنها أول مرةٍ في التاريخ .. يكون فيها فوز ليس بلا طعمٍ بل بطعمٍ مـر ..! وتأهل مشوبٌ بإحساس الصدمة .. وفرحةٌ ممزوجة بالغصة .. ومشاعر متناقضة تجتمع كلها في لحظاتٍ .. لا أعتقد أن أحدًا منا سوف ينساها .. فالذهول الملجم والغضب العارم والألم الشديد تتزامن مع نشوة فوز وفرحة تأهل وانتصارٍ ينتزع انتزاعًا في مباراةٍ حاسمةٍ .. ولكنها للنسيان ..!
أفضل ما يمكن قوله عن هذه المباراة بعيدًا عن الشروحات المطولة هو ما تفضل به سمو الأمير الرئيس العظيم عبد الرحمن بن مساعد : "
إن هذه المباراة كانت مكتوبة للهلال وقد فزنا بتوفيق الله سبحانه " .. وأعتقد أن ذلك تلخيص كافٍ جدًا لوصف هذه المباراة !
سمعت المعلق المتميز الأستاذ فارس عوض يقول: "
الهلال لم يحترم الغرافة في هذه المباراة! " وأقول له عذرًا أستاذي وأخي فارس , الهلال لم يحترم
نفسه في هذه المباراة!
قد يقول لي قائل : وكيف ذلك ؟! حسنًا سأجيب , وسأقول إن كل الهلاليين تقريبًا أخطؤوا في حق الزعيم , من إدارة وتدريب ولاعبين وجمهورٍ أيضًا ! وقد يسألني أحدهم مرة أخرى : وكيف ذلك ؟ سأجيب هذه المرة أيضًا , ولكن رجائي قبل أن أجيب وأعرض وجهة نظري الخاصة بي , أرجو من قارئي الكريم أن يقرأني بهدوءٍ ورويةٍ ..
منذ الفوز على الغرافة بثلاثة , ونحن نمارس الأخطاء جميعًا , فالإدارة - مثلاً- بالغت مبالغةً فجةً في التهوين من شأن هذا الانتصار الكبير , وبالغت في نفخ لاعبي الغرافة والإيحاء لهم بثقتها التامة في أنهم قادرون على قلب النتيجة الكبيرة , وبمعنى آخر كانت توحي للاعبي الهلال أنهم أضعف من أن يقفوا في وجه الغرافة حين يعزمون على قلب تلك النتيجة , زرعت هذه التصريحات الكثيرة الثقة في نفوس الغرفاويين وقبل ذلك زرعت الرهبة والانهزامية في نفوس الهلاليين واستعدادهم لتلقي نتيجةٍ كبيرةٍ وثقيلةٍ وبشكلٍ (( مبررٍ)) من قبل إدارتهم نفسها ..! أعتقد أن هذا تواضع في غير محله وهو مرفوضٌ تمامًا , فروح التحدي والإصرار لا تتناقض واحترام الخصم , بعكس هذا التواضع الفج الذي هو عدم احترامٍ للنفس في الحقيقة , وحتى عندما عاد جيريتس وأعلن التحدي في المؤتمر الصحفي كان ذلك بعد أسبوع من النفخ الزائد من قبل الهلاليين أنفسهم في الغرافة .. أي باختصارٍ ((
بعد خراب مالطا ))!
باختصارٍ شديدٍ , إن روح رادوي غابت , فغابت معها روح الهلال , وظهرت روح تخاذلية وانهزامية أسكنت الموج حتى غرق في نفسه ..! أي إعدادٍ نفسيٍ للغرافة قمت به يا إدارتنا الموقرة ..؟؟!
حسنًا ماذا عن أخطاء مدربنا العظيم جيريتس ؟؟! عفوًا أستاذي جيريتس , فأنا لن أتبنى فكر المقصلة تجاهك ولا تجاه أي شخص أو حدثٍ آخر , وإن أخطأت مرةً فلقد أحسنت مراتٍ , ولكنها كما يقولون :
غلطة الشاطر , التي كادت أن تذهب بركب كل الشطار ..! وعلى فكرة - من وجهة نظري الخاصة - لم يكن هناك مشكلة كبيرة في أن يخوض الزعيم اللقاء بمحورٍ واحدٍ , ولكن كان على السيد جيريتس حين لجأ إلى هذا الخيار أن يحسن ترتيب أوراقه وتوزيع عناصره , لأن هذا الخيار الخطر بطبيعة الحال سلاحٌ ذو حدين , قد يتسبب في قتلك أنت! وأنا لن أكون أفقه في التدريب والتحليل الفني أكثر منه عفوًا ولكن أعتقد أن من البديهيات أن من ينوي اللعب بمحور واحد ينوي بطبيعة الحال اللعب الهجومي وبمهاجمين "
صريحين" (( على الأقل )) .. لا مهاجم صريح واحدٍ يسانده لاعب وسطٍ أو جناحٍ !! بمعنى أن المحياني أو الجيزاني كان ((يجب)) أن يتواجد أحدهما في المباراة على حساب الشلهوب أو الفريدي الذين يشكلان ثقلاً كبيرًا وفراغًا في الوسط الهلالي في كل مرة يلعبان معًا .. كلاهما متميزٌ حقًا ولكن أيضًا كلاهما يعاب عليه بعض الأمور التي تجعل لعبه بجانب الآخر نقطة ضعفٍ وثغرة واضحةً وثقلاً في وسط الفريق ..! أعود فأقول أنا ليس لدي أية مشكلة في أن يلعب جيريتس بمحور واحد .. بدليل أن الغرافة لم يسجل أهدافه من هجمات منظمةٍ .. سوى الرابع ولنلاحظ أنه كان من هجمة مرتدة .. بينما أهدافه الثلاثة الأخرى كلها كرات ثابتة وأخطاء دفاعية بحتة جدًا .. وكان الهلال مسيطرًا على معظم أجزاء المباراة ..أعتقد أن المشكلة العويصة كانت في التشكيل والتوزيع .. كان يجب عودة ويلي إلى الوسط ووجود المحياني في الأمام بجانب القناص على حساب الشلهوب أو الفريدي .. أراهن على أننا كنا سنبدو بشكلٍ افضل بكثيرٍ ..!
اللاعبون أخطؤوا بحق الهلال حين نسوا بسبب الدلال أنهم يلعبون في الهلال ..! وحين استسلموا للتخديرات التي كان من أطلقها أعضاء إدارتهم للأسف .. فزرعوا في عقولهم الباطنة التي خاطبوها كثيرًا وألحوا عليها في الخطاب أنهم لن يستطيعوا صد الغرافة إن اراد الغرافة أن يعود .. فسلموا نفسيًا بذلك .. وما كان من أحد هؤلاء اللاعبين إلا أن قدم للغرفاويين مفتاح البداية للعودة على طبقٍ من خطأٍ ..! مبرهنًا على صحة كلام الإدارة وعلى أنه سلم به واستسلم أيضًا ..! وأتمسك بأني لن أتبنى فكر المقصلة مرةً أخرى .. ولكن سأقول بأريحيةٍ إنه كالعادة يوجد لاعبون في الفريق الهلالي لا أقول إنهم لا يستحقون ارتداء شعار الزعيم , ولكن عليهم العمل طويلاً وبذل جهدٍ دؤوب لكي يثبتوا أنهم يستحقون ذلك ..! فلا مكان في الهلال للمتراخين حتى ولو كانوا نجومًا .. فما بالك بغيرهم ؟؟!
الجمهور ساهم كذلك - بغير قصدٍ بطبيعة الحال - في تكريس هذا الإعداد النفسي السيء وترسيخ الإيحاء بأن الهلال يجب أن يكون حذرًا ويستعد لتلقي الضربات وحسب , , وسأضرب لذلك مثالاً .. عندما انتهت المباراة الأولى بثلاثة , فوجئت في أن ترشيح الجمهور لنجم المباراة انصب على حسن العتيبي!! الذي تألق في صد كرتين ثابتتين
((فقط )) أما الثالثة التي صدها فكانت في وسط المرمى , بمعنى أنها كانت سهلة .. في حين كان يتمشى في الشوط الأول كله بدون أن تصله أي كرة ولا حتى ربع خطرة ..! وفي مقابل أهدافٍ بالجملة كانت تضيع في المرمى المقابل..! أنا هنا لا أقلل من نجومية الكابتن حسن العتيبي , ولا يجب أن يفهم هذا خصوصًا لمن سيقرأ بهدوء .. ولكن يحق لي أن أتساءل إذا كان العتيبي استحق النجومية بهذا الشكل الكاسح لمجرد صد كرتين فماذا يمكن أن نقول عن نيفيز الذي دوخ وسط الغرافة لوحده ؟ وماذا يمكن أن نقول عن عيسى والغنام و و و و ؟؟ هل يعقل هذا ..؟؟! لماذا وكيف أصبحنا انهزاميين نبدأ في النظر إلى فريقنا من الخلف حتى إننا ننسى ما يحدث في الأمام ؟؟! ليس هذا ما تعودنا عليه في الهلال
((إطلاقًا)) ..! ولذلك لننظر ماذا جنينا على العتيبي في المباراة الثانية .. ؟! كثير من الأيادي التي صفقت له رفعت شعارات الغضب والرحيل في وجهه سريعًا ..!
نقاطٌ سريعة :
* هي مباراة للنسيان فعلاً , وأعتقد أن أول من يجب أن يتعلم منها هو الإدارة الهلالية المثالية .. التي هي مثالية في كل شيء فعلا .. ما عدا التواضع غير المنطقي وغير المقبول .. أخطأت إدراتنا الغالية الحسابات هذه المرة ويجب أن تتعلم من هذا الدرس .. فلو قدر - بإذن الله - وتأهلنا للمباراة النهائية , فالتصريحات والإعداد يجب أن ينصب على فريقنا لا على الفريق المقابل .. وبشكلٍ
منطقيٍ ..! هو درسٌ في الاحتراف .. ألا تتجاهل خصمك ولا تتجاهل نفسك أيضًا ..!
* وبالمناسبة .. فأعتقد أن الإدارة تدرك جيدًا جدًا أن الفريق القوي من الممكن جدًا أن يخسر البطولات بسبب الحارس الضعيف ..! وأن الفريق المتوسط من الممكن أن يكسب بطولة بسبب حراسته القوية ..! الأمثلة كثيرةٌ .. ولا أقلل من أداء الكابتن حسن ولكن أداءه متذبذب جدًا .. وهذا غير مطمئن .. أعتقد أن الإدارة الهلالية يجب أن تفكر جيدًا وجديًا في مستقبل الحراسة الهلالية .. وتأمين هذا المستقبل .. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر .. وكل خوفي أن نخسر النهائي بسبب الحراسة ..!
* ياسر , القناص الغالي , أعتقد أنه يجب أن يرتاح قليلاً , كي لا يستهلك طاقاته الذهنية والبدنية , ياسر ليس القناص الذي نعرفه , وأقدر أن ذلك بسبب إرهاقه , ولذلك يجب أن يمنح الراحة خصوصًا أماما الفرق الصغيرة , يجب أن يرتاح ياسر ليعود لنا القناص الذي نعرفه ولم نعد نعرفه ..! خصوصًا وأن إمكانية إراحته متاحة في ظل توهج طلق المحيا الذي يجب أن يمنح فرصةً أكبر في المشاركة , وكذلك نجاح الجيزاني في إثبات وجوده.
* يجب أن نعرف وأعتقد أننا نعرف جيدًا أن روح الهلال هي السر في انتصاراته بعد توفيق الله سبحانه , وفي الوقت الحاضر فإن مبرمج نظام هذه الروح هو الأدميرال والجنرال ميريل رادوي .. وجوده سيعلم الكابتن الفريدي مثلا كيف يلعب بروح الهلال ولا يلعب ((بروحه)) بمعنى لوحده على قولة إخواننا الكويتيين ! وسيعلم ياسر كيف يكون الإحساس بحجم المسؤولية عندما يكون في مواجهة المرمى في كرة حاسمة ويتفنن في إضاعتها .. وسيعلم ويعلم ويعلم أن اللاعب أجمل ما يكون حين يلعب لأجل الشعار ..!
ختامًا .. ما زلت أرجو ممن يقرؤني أن يستمر في قراءتي بهدوء وبتمهلٍ ..
احترامي وتقديري ومحبتي لكم جميعًا
مهلاً يا رفاق! الطريق إلى الحلم الكبير لا يمر من هنا ..! 
الوضع العادي
