
19/09/2010, 02:07 AM
|
 | زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 06/03/2009 المكان: In Catalonia
مشاركات: 507
| |
- كيف تتمتع بحياتك وتعيش سعيداً - الاسْتِرْخَاء سَبَب مِن أَسْبَاب الْشُّعُوْر بِالْسَّعَادَة؛ وَيُمْكِن الْقَوْل أَن مِن أَبْسَط وَسَائِل الْتَّمَتُّع بِالْحَيَاة، وَأَقَلُّهَا كُلْفَة هُو الاسْتِرْخَاء، فَأَنْت لَا تَحْتَاج إِلَى أَن تَدْفَع مَالْا، أَو تَبَذَّل جُهْدَا لِكَي تُحَصِّل عَلَيْه، بَل يَكْفِي أَن تَتَمَدَّد عَلَى الْأَرْض، وَتُرْخِي عَضُلَاتِك لِكَي تَشْعُر بِخَدَر لَذِيْذ يَسْرِي فِي أَعْصُابِك..
لَقَد كَشَفْت الْأَبْحَاث أَن التَّوَتُّر هُو الْسَّبَب الْخَفِي لِكَثِيْر مِن الْأَمْرَاض الْجَسَدَيَّة وَالْنَّفْسِيَّة، لِمَا لَه مِن تَأْثِيْر مُبَاشِر عَلَى أَعْضَاء الْإِنْسَان وَحَالَتِه الْجَسَدَيَّة وَالْنَّفْسِيَّة مَعَا.
كَمَا كَشَفْت أَن الاضْطِرَاب، وَالاحْبَاط وَالْيَأْس، وَحَتَّى الْقَلَق وَالضَّجَر وَالْإِحْسَاس بِالْفَشَل، هِي نِتَاج الْإِجْهَاد الَّذِي يُمْكِن مُعَالَجَتُه بِسُهُوْلَة وَيُسُر عَن طَرِيْق بِضْع دَقَائِق مِن الِاسْتِرْخَاء..
فَكَثِيْرَا مَا يَنْتَابُنَا الْشُّعُوْر بِالْإِنَهَاك وَنَحْن فِي غَمْرَة الْمُتَطَلِّبَات الْوَظِيْفِيَّة وَالعائِلّيّة وَالْمَشَاكِل الْأُخْرَى الَّتِي يَفْرِضُهَا عَلَيْنَا مُحِيْطِنَا، وَمَا التَّوَتُّر إِلَا اسْتِجَابَة طَبِيْعِيَّة فِي مُوَاجَهَة هَذِه الْمُتَطَلِّبَات، لَكِنَّه يُؤَدِّي إِلَى شَل الْعَضَلَات وَرَفَع ضَغْط الْدَّم وَتَعْرِيْض صِحَّة الْإِنْسَان لِجُمْلَة أَمْرَاض يُسَبِّبُهَا أَو يَزِيْد مِن حِدَّتُها الْضَّغْط الْعَصَبِي، كَقَرِحّة الْمَعِدَة وَصَدَاق الْشّقِيقَة وَأَمْرَاض الْقَلْب وَالْتِهَاب الْمَفَاصِل وَآَلَام الْظُّهْر، وَحَتَّى دَاء السُّكَّرِي..
وَإِذَا أَخَذْنَا بِعَيْن الاعْتِبَار أَن الْإِنْسَان هُو مَزِيْج مِن ثَلَاثَة أَشْيَاء:
الْجِسْم - وَالْرُّوْح - وَالْنَّفْس
وَإِن كُل وَاحِد مِنْهَا يَتْرُك أَثَرِه الْحَسَن أَو الْسَّيِّء عَلَى الْبَقِيَّة فَإِن أَي تُوَتِّر جِسْمَانِي يُسَبِّب تَوَتّرا ذِهْنِيّا، كَمَا أَن أَي تُوَتِّر رُوْحِي يُتْرَك أَثَرَا سَيِّئَا عَلَى الْجِسْم أَيْضا، إِن مِن يُرْخِي عَضَلَاتِه سَوْف يَنْتَهِي بِه الْأَمْر إِلَى الارْتِخَاء فِي ذِهْنِه أَيْضا.
وَهَكَذَا فَلَا يَحْصُل أَحَدَنَا عَلَى صَفَاء الْرُّوْح مِن دُوْن ارْتِخَاء الْجِسْم، وَالْعَكْس أَيْضا صَحِيْح.
هَل تَتَذَكَّر يَوْم كُنْت طِفْلَا صَغِيْرَا، كَيْف كُنْت تَسْتَلْقِي عَلَى الْأَرْض وَتَرْفُس الْهَوَاء بِرِجْلَيْك، وَتُحَرِّك يَدَيْك إِلَى جَانِبَيْك؟!.
إِن الْجِسْم فِي أَيَّام الْطُّفُوْلَة لَا يَعْرِف التَّوَتُّر، لِأَنَّه يَتَرَاخَى بِشَكْل جَيَّد بَيْن فَتْرَة وَأُخْرَى، بَيْنَمَا يَغْزُو التَّوَتُّر جِسْم الْكِبَار بِسَبَب تَرَكَهُم لِلِاسْتِرَّخَاء الْمَطْلُوْب، وَيَتَسَاءَل أَحَدُنَا بَعْد ذَلِك عَن سَبَب التَّوَتُّر وَقَد تَقُوْل لِمَاذَا أَنَا هَكَذَا يَائِس أَو قَلَق؟!.
إِن أَنْوَاعَا مِن الْتَوَتِّر قَد تَرَاكَمَت فِي جِسْمِك لَسَنَوَات خَلَت كَمَا أَن ضَرَوبَا مِن الْتَوَتِّر يَعْتَرِيَك فِي كُل يَوْم، وَهِي إِذ لَا تَجِد مُتَنَفَّسْا، فَإِنَّهَا تَسْتَفْحِل، وَتَسْتَشْري حَتَّى تَشْمَل كُل مَنَاحِي حَيَاتِك..
وَالْتَوَتِّر يَمْنَع الْجِسْم مِن الْنُّمُو، وَيَمْنَع الْذِّهْن مِن الْصَّفَاء، وَيَزِيْد مِن الْغِشَاوَة عَلَى الْعَقْل.. لِأَنَّه يَشْغَل الْرُّوْح بِنَفْسِهَا، وَعَلَى الْعَكْس فَإِن مِن صِفَات الْجِهَاز الْعَصَبِي الْمُسْتَرْخِي أَن يَسْتَجِيْب كُلِّيّا لِلّطَّاقَات الْدَّاخِلِيَّة، وَالْإِنْسَان غَيْر الْمُتَوَتِّر هُو الْأَقْوَى عَلَى مُوَاجَهَة الْصِّعَاب وَالْتَّحَدِّيَات مِن الْإِنْسَان الْمُتَوَتِّر.. وَلِهَذِه الْحَقِيقَة نَتَائِج مُذْهِلَة فِي أَيَّام الْدِّرَاسَة، فَالْأُسْتَاذ الَّذِي يَسْتَطِيْع أَن يَمْتَص تُوَتِّر الْطُّلاب، وَأَن يَنْشُر بَيْنَهُم الاسْتِرْخَاء الْذِّهْنِي سَوْف يَزِيْد مِن تَحْسِيْن تَعْلَم الْطُّلاب لِأَنَّهُم يُصْبِحُوْن أَكْثَر تَنَبَّهَا، وَأَعْمَق تُرَكِيَّزَا مِن غَيْرِهِم.
وَهُنَاك جَانِب آَخَر مِن جَوَانِب الْعَلَاقَة بَيْن الْعَقْل وَالْجَسَد، وَهُو تَحْسِيْن الْمُقَدَّرَة عَلَى الْتَّحَكُّم بِالعَضَلَات، عَبْر الاسْتِرْخَاء الْذِّهْنِي وَمِن خِلَال الاسْتِرْخَاء الْبَدَنِي كَذَلِك، فَيَغْنَم مَن تَمَكَّن مِنْهَا تَطَوَّرَا مَلْحُوْظَا فِي الْأَدَاء الْعَقْلِي وَالْسَّيْطَرَة عَلَى الْمَشَاعِر، وَلَا نُبَالِغ إِذَا قُلْنَا إِن مُعْظَم الْأَعْدَاد الْمُتَزَايَدَة مِن الانْهِيَارَات الْعَصَبِيَّة الَّتِي تَزَخَم بِهَا الْمُسْتَشْفَيَات الْعَقْلِيَّة سَبَبُهَا الْفَشَل فِي تَعْرِيْف الْأَبْنَاء بِالْتَّرَابُط بَيْن الْعَقْل وَالْجَسَد وَالْنَّفْس، وَالْتَّأْثِيْر الْمُسَيَّطَر لِلِاسْتِرَّخَاء عَلَى تِلْك الْعَنَاصِر.
فَإِذَا كُنْت تَشْعُر -لِسَبَب مِن الْأَسْبَاب- بِالْتَّعَب، فَمَا عَلَيْك إِلَا أَن تَتَمَدَّد عَلَى الْأَرْض خَمْس دَقَائِق هُنَا، وَرَبْع سَاعَة هُنَاك، فِي حَالَة اسْتِرْخَاء جَسَدِي وَرُوْحِي، وَسَوْف تَرَى كَيْف أَن هَذِه الْفَتْرَة الْقَلِيْلَة تُنْتَج رَاحَة أَفْضَل مِن لَيْلَة بِطُوْلِهَا فِي نَوْم مُتَقَطِّع مُهْتَاج.
وَإِذَا أَرَدْت أَن تَأْخُذ الْحِكْمَة مَن الْحَيَوَانَات، فَمَا عَلَيْك إِلَا أَن تُلَاحِظ اسْتِرْخَاء (الْقِط) فَهُو يَتَمَدَّد عَلَى الْأَرْض غَيْر عَابِئ بِشَيْء، مُغْمَضَا عَيْنَيْه، فارَشا أَعْضَاءَه عَلَى الْأَرْض.. فَإِذَا رَمَيْت أَمَامَه كَرَّة، أَو قُطْعَة لَحْم قَفَز إِلَيْهَا بِسُرْعَة مُذْهِلَة. إِن سَر قَفْزَتُه تَكْمُن فِي اسْتِرَاحَتِه الْسَّابِقَة فَلَوْلَا تِلْك لَم تَكُن هَذِه، فَالِاسْتِرْخَاء الْجَيِّد هُو سِر الْعَمَل الْسَّرِيْع. وَيُعَرِّف الْرِّيَاضِيُّوْن الْكِبَار كَيْف يَسْتَرِخُون بَيْن كُل تَمْرِيْنَيْن عَنِيفَين، أَو بَيْن الْقِيَام بِلُعِبِتَين مُهِمَّتَيْن، لِيُظْهَرُوْا أَقْوِيَاء نَشِطَيْن..
وَقَبْل أَن نَذْكُر بَعْض أَسَالِيْب الاسْتِرْخَاء الَّتِي تُرِيْح الْنَّفَس وَالْرُّوْح، لَا بُد أَن نَّأْخُذ الْمُلَاحَظَات الْتَّالِيَة بِعَيْن الاعْتِبَار: أَوَّلَا: إِن الْحَد الْأَدْنَى مِن الاسْتِرْخَاء لَا يَحْتَاج إِلَى تَخْطِيْط مُسْبَق بِحَيْث يُتِم أَدَاؤُه فِي وَقْت لَاحِق، وَتُؤَدَيْه فِي الْعُطْلَة، لِتَحْتَاج إِلَى أَن تَذْهَب إِلَى مَكَان بَعِيْد عِنْد سَاحِل الْبَحْر، أَو فَوْق قِمَّة جَبَل فَتَجْلِس فِي أُرْجُوْحَة وَتَتَأَرّجَح بِهَا وَأَمَامَك مُرُوْج خَضْرَاء.. بَل يَكْفِي فِي الْحُصُوْل عَلَى الْنَّتَائِج الْمَرْجُوَّة مِن الْقِيَام بِالِاسْتِرَّخَاء فِي كُل وَقْت، وَلِذَلِك يُتِم بِشَكْل مِّنْتَظِم مِن دُوْن تَأْجِيْل، حَتَّى لَا تَكُوْن حَيَاتُك دَائِمَا حَالَة طَوَارِئ، تُؤَدِّي فِيْهَا وَاجِبَاتِك وَأَنْت عَصَبِي وْثَائِر وْمَهْمَوم. فَبَعْد كُل عَمَل، وَفِي أَثْنَائِه، يُمْكِنُك الْقِيَام بِالِاسْتِرَّخَاء بِقَدْر مُعَيَّن. إِن تَارِيْخ الْعُظَمَاء يُكْشَف أَنَّهُم كَانُوْا مِمَّن يُمَارَس الاسْتِرْخَاء بِشَكْل مُنَظَّم وَكُلَّمَا دَعَتْهُم الْحَاجَة إِلَى ذَلِك مِن دُوْن تَأْجِيْل، حَتَّى قِيَل إِن الاسْتِرْخَاء وَالْإِبْدَاع حَالَتَان مُتَلَازِمَتَان، فَمَن يَشْعُر بِالْتَوَتِّر لَا يُمْكِنُه الْقِيَام بِأَي إِنْجَاز مُهِم، أَمَّا عِنْدَمَا يَشْعُر بِالِاسْتِرَّخَاء فَإِن إِنْجَازَاتِه تَنْسَاب مِنْه كَمَا تَنْسَاب الْمِيَاه مِن أَعَالِي الْجِبَال إِلَى الْوَادِي. ثَانِيَا: بِمَا أَن أَعْصَابُنَا قَد اعْتَادَت عَلَى التَّوَتُّر، وَعَضَلاتِنا عَلَى الانْشِدَاد، فَإِن الْمَطْلُوْب هُو إِعَادَة تَّثْقِيْفُهَا، أَي إِعَادَة تَثْقِيْف حَرَكِاتَنَا الْعَضَلِيَّة، وَإِرْجَاعِهَا إِلَى حَالَتُهَا الْطَّبِيْعِيَّة وَهَذَا يَتَطَلَّب تَمْرِيْنَا بَطِيْئَا وَتَدْرِيجِيَّا، مِمَّا يَعْنِي ضَرُوْرَة الاسْتِمْرَار عَلَى حَالِات الاسْتِرْخَاء وَعَدَم قَطَع الْجُهُوْد بَعْد فَتْرَة قَصِيْرَة.. فَالَجَهْد الْمُتَقَطِّع هُنَا لَا يُعْطِي إِلَّا ثَمَرَة غَيْر نَافِعَة. ثَالِثَا: إِن الاسْتِرْخَاء بِحَاجَة إِلَى الاسْتِنْجَاد بِالتَّنَفُّس الْعَمِيق وَالهَادِئ، وَلِذَلِك يُفَضِّل أَن نَتَمَرَّن عَلَى الْتَّنَفُّس الَّمُتَناغْم الْمُمْتَلِئ أَوَّلَا، ثُم نَقُوْم بِالتَّدْرِيب عَلَى الاسْتِرْخَاء. رَابِعَا: إِن تَمَارِيْن الاسْتِرْخَاء يَجِب أَن تَتِم فَي غُرْفَة هَادِئَة، وَلِلوُصُوّل إِلَى تَطْبِيْقُهُا الْمِثَالِي لَا بُد لَك مِن قَضَاء ثَلَاثِيْن دَقِيْقَة يَوْمِيّا، خِلَال فَتَرَات تَمْتَد كُل مِنْهَا عَلَى أُسْبُوْعَيْن، وَلَكِن إِذَا لَم تَتَمَكَّن مِن الْتَّفَرُّغ أَكْثَر مِن بِضْع دَقَائِق يَوْمِيّا، يُمْكِنُك الْوُصُول إِلَى نَتَائِج مُفِيْدَة بِفَضْل بَرْنَامَج مُخْتَصِر، وَمِن الْمُمْكِن لِمَن يُمَارِس الْتَمَّارِيْن أَن يَقْرَأ الْتَّعْلِيْمَات بِنَفْسِه فِي فَتْرَة تَطْبِيْقُهُا أَو أَن يَهْتَدِي إِلَى مَن يَقْرَأَهَا لَه، أَو أَن يُتَّبَع طَرِيْقَة الْتَّلامِيْذ فِي تَسَجِيِل الْتَّعْلِيْمَات عَلَى أَشْرِطَة وَالاسْتِمَاع إِلَيْهَا وَهُو يُمَارَس الْتَمَّارِيْن. خَامِسَا: الْمَطْلُوْب هُو أَن نَصِل بِالِاسْتِرَّخَاء إِلَى مَا يَمْسَيْه الْإِمَام عَلَي عَلَيْه الْسَّلَام: "الْسَّاعَة الَّتِي لَا يَشْغَلُه فِيْهَا شَاغِل"، لَيْس مِن النَّاحِيَة الْجِسْمِيَّة فَقَط، بَل وَمِن الْنَّاحِيَة الْذِّهْنِيَّة أَيْضا، وَهَذَا يَتَطَلَّب إِفْرَاغ الْذِّهْن مِن كُل مَا يُثِيْر فِيْه التَّوَتُّر أَو يُسَبِّب لَه الاضْطِرَاب.. فَلَا بُد مِن أَن تُرْخِي عَقْلِك حَتَّى يُصْبِح مِن غَيْر إِحَسَّاس لِيَصْبِح غَيْر وَاع بِمَا يَجْرِي حَوْلَه، وَيَغْرَق الْشَخْص فِي سُكُوْت كَامِل، وَيُضَيِّع فِي مِزَاج وَسَط بَيْن الْوَعْي وَاللاوعي.. إِن مَثَل هَذَا الاسْتِرْخَاء هُو الَّذِي يَخْلُق فِيْنَا طَاقَات جَدِيْدَة، ذَلِك أَن هُنَالِك تَنَاسُبَا بَيْن الْمُقَدَّرَة عَلَى الاسْتِرْخَاء وَالْمُقَدَّرَة عَلَى الْفِعْل، إِذ لَا شَك أَن الْعَقْل يَنْمُو فِي حَالَة الْهُدُوء الْذِّهْنِي، وَيَتَوَقَّف عَن الْنُّمُو فِي حَالَات التَّوَتُّر، وَلِذَلِك كَان الْغَضَب مِن حَوَاجِز الْعَقْل وَأَعْدَائِه، وَبِهَذِه الْطَّرِيْقَة نُعَالِج تَوَتُّرات الْجِسْم وَالْعَقْل مَعَا.
صديقكم ,
عـزوز .. |