
11/08/2010, 02:29 PM
|
زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 15/10/2008
مشاركات: 999
| |

● الوَسَائِل المُفِيدة للحَياة السَعِيِدة [ 1 - 5 ]
بِسم الله الرَحّمَن الرَحِيِمْ
الحمدلله الذي له الحمد كله و واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له , واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله واصحابه وسلم .
أما بعد : فإن راحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه هو المطلب لكل أحد , وبه تحصل الحياه الطيبه , ويتم السرور والابتهاج , ولذالك أسباب دينية , وأسباب طبيعيه , وأسباب علمية ولا يمكن اجتماعها كلها الا للمؤمنين , وأما من سواهم فإنها وإن حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلاؤهم عليه , فاتتهم من وجوه أنفع وأثبت وأحسن حلا ومآلا ولكني سأذكر برسالتي هذه ما يحضرني من الاسباب لهذا المطلب الأعلى , الذي يسعى له الجميع .
فمنهم من أصاب كثيراَ منها فعاش عيشة هنيئه و وحيي حياة طيبه ومنهم من اُفق فيها كلها فعاش عيشة الشقاء وحيي حياة التعساء . ومنهم ما هو بين وبين , بحسب ما وفق له . والله الموفق والمستعان به على كل خير وعلى دفع كل شر . المؤلف : عبدالرحمن ناصر السعدي .. رحمه الله
1- واعظم الاسباب لذالك و أصلها أُسًها هو : الايمان والعمل الصالح , قال تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر او أنثى وهو مؤمن فلنحييه حيوة طيبه ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون ) سورة النحل
فاخبر تعالى ووعد من جمع بين الايمان والعمل الصالح بالحياه الطيبه في هذه الدار وبالجزاء الحسن
في هذه الدار , وفي دار القرار .
وسبب ذالك واضح : فأن المؤمنين بالله الايمان الصحيح ,المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب
والاخلاق والدنيا والاخره , معهم أصول واسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من اسباب السرور والابتهاج ,
واسباب والقلق والهم والاحزان .
يتلقون المحاب والمسار بقبول لها , وشكر عليها , واستعمال لها فيما ينفع , فأذا استعملوها على هذا الوجه
احدث لهم من الابتهاج بها , والطمع في بقائها وبركتها ,ورجاء ثواب الشاكرين اموراَ عظيمه بخيراتها وبركاتها
هذه المسرات التي هي مراتها .
يتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه ,
والصبر الجميل لما ليس لهم عنه بد , وبذالك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعه , والتجارب والقوة
ومن الصبر واحتساب الاجر والثواب أموراَ عظيمه تضمحل مها المكاره , وتحل محلها المسار والامال الطيبه ,
والطمع في فضل الله وثوابه ,
كما عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح انه قال
( عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ,ان أصابته سرا شكرا فكان خيراَ له , وان اصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له , وليس ذالك لاحد الا للمؤمن )
فأخبر صلى الله عليه وسلم ان المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من الالسرور والمكاره .
ولهذا تجد اثنين تطرقهما نائبه من نوائب الخير او الشر , فيتفاوتان تفاوتا عظيما في تلقيها , وذالك بحسب تفاوتهما في الايمان والعمل الصالح .
هذا الموصوف بهذين الوصفين يتلقى الخير والشر بما ذكرناه من الشكر والصبر وما يتبعهما فيحدث له السرور والابتهاج , وزول الهم والغم , والقلق , وضيق الصدر ,وشقاء الحياة ,وتتم له الحياة الطيبه في هذه الدار .
والاخر يتلقى المحاب بأشر وبطر وطغيان , فتنحرف اخلاقه ويتلقاها كما تتلقاها البهائم بجشع وهلع , ومع ذالك
فأنه غير مستريح القلب , بل مشتته من جهات عديده , مشتت من جهة خوفه من زوال محبوباته , من كثرة المعارضات الناشئه عنها غالبا ,
ومن جهة ان النفوس لا تقف عند حد بل لا تزال متشوقه لامور اخرى ,
قد تحصل وقد لا تحصل , وان حصلت على الفرض والتقدير فهو ايضا قلق من الجهات المذكوره .
ويتلقى المكاره بقلق وجزع وخوف وضجر , فلا تسأل تسأل عن ما يحدث له من شقاء الحياة , و من الامراض الفكريه والعصبيه , ومن الخوف اللذي قد يصل به الى اسواء الحالات وأفظع المزعجات , لانه لا يرجو ثوابا ولا صبر عنده يسليه و يهون عليه .
وكل هذا مشاهد بالتجربه , ومثل واحد من هذا النوع اذا تدبرته ونزلته على احوال الناس , رأيت الفرق العظيم بين المؤمن العامل بمقتضى إيمانه وبين من لم يكن كذالك وهو ان الدن يحث غاية الح على القناعه برزق الله ,
وبما اتى العباد من فضله وكرمه المتنوع .
فالؤمن اذا ابتلي بمرض او فقر او نحوه من الاغراض التي كل أحد عرضة لها , فإنه بإيمانه وبما عنده من القناعه والرضى بما قسم الله له , تجده قرير العين , لا يتطلب بقلبه أمراَ لم يقدر له , ينظر الى من هو دونه , ولا ينظر الى من هو فوقه , وربما زادت بهجته وسروره وراحته على من هو محتصل على جميع المطالب الدنيويه , إذا لم يؤت القناعه .
كما تجد هذا الذي ليس عنده عمل بمقتضى الايمان , إذا ابتلي بشيء من الفقر , او فقد بعض المطالب الدنيوية ,
تجده في غايتة التعاسة والشقاء .
ومثل آخر : إذا حدثت أسباب الخوف وألمّـت بالانسان المزعجات تجد صحيح الايمان ثابت القلب , مطمئن النفس , متمكناَ من تدبيره وتسييره لهذا الأمر الذي دهمه بما هو في وسعه من فكر وقول وعمل , قد وطن نفسه لهذا المزعج الملم , وهذه أحوال تريح الإنسان وتثبت فؤاده .
كما تجده فاقد الإيمان بعكس هذهالحال إذا وقعت المخاوف انزعج لها ضميره , وتوترت أعصابه , وتشتت أفكاره , وداخله الخوف والرعب , واجتمع عليه الخوف الخارجي والقلق الباطني الذي لا يمكن التعبير عن كنهه , وهذا النوع من الناس ان لم يحصل لهم بعض الاسباب الطبيعية التي تحتاج الى تمرين كثير , انهارت قواهم وتوترت أعصابهم وذالك لفقد الايمان الذي يحمل على الصبر , خصوصا في المحآل المحرجه , والاحوال المحزنة المزعجة .
فالبر والفاجر , والمؤمن والكافر يشتركان في جلب الشجاعه الاكتسابيه , وفي الغريزه التي تلطف المخاوف وتهونها ولكن يتميز المؤمن بقوه إيمانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه , واحتسابه لثوابه – أموراً تزداد بها شجاعته , وتخفف عنه وطأة الخوف , وتهون عليه المصآئب , كما قآل تعالى : (أن تكونوا تألمون فإنهم يألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) [النساء : 104 ] , ويحصل لهم من معونة الله ومعينه الخاص ومدده ما يبعثر المخاوف , وقال تعالى واصبروا إن الله مع الصابرين ) [ الانفال : 46 ] .
2- ومن الاسباب التي تزيل الهم والغم والقلق :
الاحسان الى الخلق بالقول والفعل , وانواع المعروف . وكلها خير واحسان , وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها , ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب , ويتميز بأن إحسانه صادر عن إخلاص واحتساب لثوابه فيهون الله عليه بذل المعروف لما يرجوه من الخير , ويدفع عنه المكاره بإخلاصه وإحتسابه , قال تعالى : ( لا خير في كثير من نجوىهم إلامن أمر بصدقةٍ أو معروفٍ او اصلاحٍ بين الناس ومن يفعل ذالك آبتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما )
فأخبر تعالى أن هذه الامور كلها خير ممن صدرت منه , والخير يجلب الخير , ويدفع الشر , وأن المؤمن المحتسب يؤتيه الله اجراً عظيماً , ومن جملة الأجر العظيم : زوال الهم والغم والأكدار ونحوها .
لغة المؤلف شوي صعبه ,, لفهم اكثر انصحكم بقرائة الموضوع مرتين   |