كنت قد أدرت محرك سيارتي عصر هذا اليوم الكئيب .. وانطلقت أشق بها طريق
القصيم .. متوجها إلى حيث تقطن شقيقات أبي .. مهنئا برمضان .. وقد أخذت أثناء
الطريق أرسم صورا من الإبداع الكروي الذي سينثره الفريق الأزرق مساء هذا اليوم
على أرض الملز .. حيث ملتقى الهلال مع الطائي .. وأتخيل كيف سيفعل النجوم الزرق
في المباراة ليزيحوا صورة الحزن من على وجوه جماهير عاشقة آلمها حال الفريق
حتى علاها الشحوب .. وحاصرتها الهموم .. أوهمت نفسي أن هناك في داخل كل لاعب
شيء من المسؤولية .. وكثيرمن الحب لفريق عرف الناس بهم .. حتى صارت صورهم
وأسماؤهم تتردد على ألسنتنا وأعيننا أكثر مما هو ألزم .. خدعت نفسي حين أشغلتها
بالتفكير ولو للحظة بأن لاعبي الهلال سوف يرسمون البسمة مجددا على محيا عاشقين
علقوا كثيرا من الآمال على لاعبين تهمهم المادة أكثر مما يهمهم همي وهمك .. آه ما
أتعسها من ليلة .. آه ما أشد كئابتها .. وآه ثم آه ما المخرج وما الحيلة ..
أقول إنني كنت أمني النفس بسهرة كروية ممتعة .. بعد أن حال السفر بيني
وبين الحضور للملعب لأملأ عيني بنجوم فريقي .. وبعد أن أطلق الحكم صافرته آذنا
بركل الكرة .. أيقنت أن أحلامي سراباً .. وأن آمالي آلام .. كنت أنوي والله أن أبقى
إلى جوار عماتي ليومين .. أبر فيهما بهما .. وأدخل البهجة لنفسيهما .. ولكن أقسم
بالله ما إن انتهى الشوط الأول حتى ضاقت علي الأرض بما رحبت .. وأدرت مجددا
محرك سيارتي منطلقا صوب الرياض .. وما فتئت الهموم والأحزان تتقاذفني على
جنبات الطريق الذي تحول إلى مقبرة لآمالي وأحلامي .. ولكن .. ولكن .. فجأة وفي
منتهى الطريق تذكرت مقولة شهيرة تتردد على مسمعي بين الفينة والأخرى .. وهي
قول الرجل الحكيم .. ( من رحم الظلام يولد النور ) .. عندها أيقنت أنه بإذن الله لا بد
لهذاالليل من آخر .. وأنه لا زال يلوح في الأفق أمل .. وكما قال الشاعر قديما :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
عذرا للإطالة فقد اشتقت كثيرا إليكم .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته