في كل عام تبدأ فيه خطواتك بالإقتراب تتفتح في ذواتنا نوافذ مشرعة تُنسمنا بنفحات رحمانية تنادي فينا أن يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ..
ما أجمل رمضان حين يثبت المرء فيه وجوده الروحاني في أجمل معانيه وحين يكون ثورة على شهوات النفس وبداية للتوبة والإنابة وميداناً للمنافسة في الطاعات .. " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ".
نهر دفاق كلٌّ يغترف منه بقدر همته وعزمه فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له ..
يا شهراً يفيؤنا بظلاله الوارفة ويبسط كفيه بالعطايا لكل من يبحث عن شمعة تضيء عتمة نفسه ولكل من يمتطي صهوة المجاهدة بحثاً عن الأجر .. يقول - صلى الله عليه وسلم - : "من صام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ". متفق عليه.
ها هو رمضان أقبل .. يبشر من تاه في صحراء ذنوبه حتى اثقلته عن المسير بواحة غناء من رب رحيم .. فيا شهر المغفرة من ذا الذي يحملك في عينيه ويستطيع أن يقاوم البكاء حين يعلم ان ما فات من عمره في غير طاعة الله يستحق الرثاء لكنك جئت لتزرع في بطحاء احزانه شيئا من الأمل وتعلمه ان الارادة كبرياء ..
بأي شئٍ نستقبلك يا موسم الخير العظيم وفي كل يوم فيك لله عتقاء من النار وفيك ليلة هي خير من ألف شهر من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .. وفيك دعوة لا ترد .. فيك انتصار على الانانية حين تساوي بين الغني والفقير وحين تجمّع الأرحام على مائدة زكاها طلب الأجر .. فمن فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شئ .
وهذا هو أبو هريرة - رضي الله عنه - يأتينا بخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول فيه : لما حضر رمضان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد جاءكم رمضان ، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه تفتح فيه ابواب الجنة ويغلق فيه ابواب الجحيم وتغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها قد حرم .
هو موسم وفير للخير فمن أحسن البذر حصد ومن تكاسل جاء محصوله جدبا ..
بأي شئ نستقبلك يا شهر المجاهدين الصائمين يا عنوان النصر على صفحات التاريخ المضاء بالدعاء ، يا شهر الصوم .. دع الجوع يمزق فينا شعور العجز والهوان لينطلق بنا الى نفحات النصر عبر التاريخ وليغرس فينا ان الجهاد وحدة لا تتجزأ .. جهاد النفس وجهاد العدو .. علنا بذلك نمد بشيء من الوحدة في الشعور اولئك الذين يقاومون بشمس عيونهم الظلام والرصاص مقتاتين الصبر والدعاء ..
فيا ليت شعري لو ندرك اي منّةٍ تلك التي يمنها الله علينا أن بلغنا شهر رمضان شهر الرحمة فكم من أناس احببناهم كانوا يقاسموننا الايام مضوا الى ربهم ولم يبلغوا هذا الخير ...
فيا من اثقلتك الهموم واحاطت بك الذنوب قد جاءك بقدميه باب للتوبة مفتوح وعطاء من ربك ممنوح وفضل يغدو ويروح فقد قال صلى الله عليه وسلم : " أن الله يبسط يديه بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده في النهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ".
ها هو رمضان أقبل وفيه اشعار للامة أن فيها قوة تغيير الايام ، فرمضان شهر ليس كأي شهر .. فيا باغي الخير أقبل .. فقد تضرب بيننا حوادث الأيام اسوارا من الوحدة وقد نلتحف الاحزان .. لكننا بأيام الهلال يداً بيد .. قلباً بقلب .. تجمعنا نسائم الروح لنرسل للسماء من قبب المساجد هدايانا .. ننشر في الكون تراتيل استغفارنا ونغسل الذنب بالدمع ..
ليكن رمضاننا هذا عزم آخر .. وصدق آخر .. وبناء آخر .. فلعلنا لا نبلغ رمضان غيره ....
__________________
اللهم بلغنا رمضـان ..
و أعنا فيه على الصيام و القيام و غض البصر و حفظ اللسـان ..
قطايف رمضاااااااان 
الوضع العادي
