
13/09/2003, 08:42 PM
|
زعيــم متواصــل | | تاريخ التسجيل: 13/08/2003
مشاركات: 70
| |
مع حلول الذكرى الثانية لسقوط البرجين في أمريكا والتي لم تكن نقطة البدء في استباحة حقوق الشعب المناهضة لسياسات الإدارة الأمريكية فحسب بل بقيت منعطفاً خطيراً في بداية انهيار القيم في أجندة الشعب الأمريكي.. وبداية مرحلة تقييد حريته وأمنه.. فلعبة الترويع المستخدمة منذ انهيار البرجين وحرائقهما للشعب الأمريكي تتزامن مع مشاهد سياسية تعصف بالحياة لهذا الشعب، وتدمر الحياة للمسلمين في أفغانستان والعراق وكل دولة تمارس الظلم على الأقليات المسلمة فيها باتهامها بالإرهاب..
فهذه المشاهد أصبحت ترتفع عسكرياً وتبحث عن مسوغ سياسي وثقافي واقتصادي في أجندة الآلة الإعلامية الغربية بل وتفرضها هذه الآلة بكل ما لديها من قوة كاسحة على المشهد التاريخي المعاصر..
بينما هناك معاناة كبيرة وخندق مظلم تغوص فيه القوات الأمريكية في العراق من ويلات المقاومة العراقية ويتساقط القتلى يومياً من الشباب الأمريكي الذي تم تجنيده بحثاً عن تأمين لقمة عيشه ومصاريف دراسته!
وإذا كانت الهجمات على الجيش هناك يومياً لا تقل عن عشرين هجمة فهل يعقل أن تكون الوفيات تتراوح ما بين جندي إلى جنديين؟!
هذا من ناحية ومؤخراً طلب الرئيس الأمريكي من الكونغرس 87مليار دولار لتمويل عمليات ما بعد الحرب في العراق!!
وكأن الحرب انتهت!! رغم المشهد التمثيلي الذي قام به الرئيس بوش عندما هبط بزيه العسكري في مشهد مسرحي على حاملة الطائرات ابراهام لينكولن ليعلن رسمياً انتهاء العمليات العسكرية!! ورغم أن المشهد الحقيقي يومياً في العراق هو المزيد من القتلى والمزيد من الرفض للوجود المحتل والمزيد من الاحتقان..
وفي المشهد السياسي الآخر في أفغانستان لاتزال الأرض الأفغانية تمثل جحيماً للجيش الأمريكي ورغم زيارة رامسفيلد الأخيرة وتفقده للقوات الأمريكية هناك وإدعائه ان الوضع تحسن!! وهو يدرك ان الوضع ليس آمناً وان هناك معارك لاتزال بين القوات الأفغانية والأمريكية من جهة ومقاتلي طالبان من جهة أخرى فسقط القتلى من الجانبين رغم التقليل من الخسائر الأمريكية في هذا الجانب.. وكما هو معروف أن الولايات المتحدة تنفق شهرياً 900مليون دولار على العمليات العسكرية، إضافة إلى مساعدة اقتصادية لأفغانستان مقدارها 900مليون دولار سنوياً!! ينفق بعضها على تدريب الجيش الأفغاني!! ووعدت ادارة بوش منذ شهرين تقريباً بأنها تستعد لتقديم بليون دولار مساعدات للتعجيل بجهود الإصلاح في أفغانستان كي تستخدم في تشييد المدارس والطرق ومشاريع أخرى!!
بالعودة إلى المشهد السياسي داخل الولايات المتحدة فجميع التقارير توضح أن هناك حملة شرسة يواجهها بوش من الرأي العام الأمريكي ووسائل الإعلام والديموقراطيين في الكونجرس بسبب كذب ادعاءاته حول أسلحة الدمار الشامل العراقية التي استند عليها كمبرر للحرب وكما يذكر أن (الملف العراقي) أصبح حاضراً بقوة في المشهد السياسي للانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة 2004م التي يخوضها بوش وهو يعاني من (ضغوط الرأي العام، والكونغرس، وهجمات المقاومة العراقية)!!
وكما يرى الجنرال كارل روف المخطط الاستراتيجي الأبرز لبوش والذي نصح العام الماضي المرشحين الجمهوريين بالتركيز على مسألة الحرب بدأ يكتشف الآن ان مبدأ بوش حول الحرب الاستباقية لا يستطيع أن يستبق الفوضى، لا بل ثمة ما هو أسوأ من ذلك.. المرشحون الديموقراطيون لا الجمهوريون هم الذين يركزون الآن على مسألة الحرب.. فها هو السيناتور الديموقراطي جوزف بيدن يعلن أن (الصور التي تتدفق من العراق، أوضحت للرأي العام أن خطة بوش حول عالم أكثر سلماً لم تتحقق)!! ولكن ومع انخفاض شعبية بوش حالياً كما يعلن ذلك مركز (بيو) للأبحاث. إلا ان ذلك كما يرى المحللون لا يعني أن حظ بوش بتجديد ولايته بات أقل من غيره والسبب كما يقال هو ضعف منافسيه الديموقراطيين.
ولم يبق لمنافسيه سوى التعويض عن ضعفهم الداخلي بالتركيز على المشهد العسكري في العراق وتناقضات بوش فيه فتصريحاته عن أن (الوضع في كل أنحاء العراق يتحسن وتنظيم القاعدة يتفكك، وسلام الشرق الأوسط يتقدم) ستكون ببساطة ملفات لمشهد الاتهام ضده.
وبعد عامين من تاريخ أمريكا في سقوط البرجين!! يقول معظم خبراء السياسة الخارجية الأمريكيين الذين يدعمون سياسة بوش (إنه يتعين على بوش إعداد بلاده لمعركة طويلة الأمد) ويقول كينث أدلمان أحد مساعدي ريغان (يجب ألا نحاول أن نقنع الناس بأن الأمور تسير من حسن إلى أحسن بدلاً من ذلك، يجب إقناعهم بأننا نعيش في عصر الإرهاب)!!
وما يذكرفي هذه التقارير أن هذا المنحى (الدخول في عصر الإرهاب الأمريكي) هو ما ينوي فريق بوش القيام به وقد عززت مستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس هذا المنحى بقولها: (على أمريكا وحلفائها وأصدقائها أن يلزموا أنفسهم بعملية تغيير طويلة الأمد في جزء آخر من العالم.. الشرق الأوسط)!!
@@ عامان منذ سقوط البرجين وحمم الإرهاب الدولي تتساقط متدفقة على الخطوط الجغرافية للعالم الإسلامي.. ومع حلول هذه الذكرى سيبقى السؤال: ترى من يحارب الإرهاب بل ما هو (الإرهاب)؟
@@ في الذكرى القادمة.. ما الجديد الذي سيدخل في المشهد المسرحي للإدارة الأمريكية.. ويمعن في تجريف سلم قيمها وليس ارتفاع التكلفة المالية والعسكرية في حربها على "الإرهاب" فقط؟! د. نورة السعد
صحيفة الرياض
الخميس 14 رجب 1424 هـــ |