.
. مدخل : قد تستغربون من كثرة طرحي للمواضيع ؛ ولكني سأخبركم بسرٍ لن يعود سراً بعد اليوم
( أنا رجلٌ أملك بفضل الله قلماً إن شئت لان في يدي حتى ليخشن معه الحرير , وإن شئت
صلب حتى يلين إلى جنبه الحديد , إن أردته هديةً نبت من شقه الزهر وقطر منه العطر
و إن أردته رزيةً حطمت به الصخر و أحرقت به الجمر .. ومع كلِّ هذا فإني أحاول إبعاده
عن أحداث حياتي و أن أجعله في آخر اهتماماتي , أتعارك معه كثيراً ومع نفسي أيضاً
وهذه المقالة أحدى إرهاصات عراكي مع نفسي وقلمي )
لا أقصد مديح نفسي بهذا المدخل ..فالله يعلم أني ماكتبته إلا لتعلموا لماذا أكتب..فأنا أحاول أن أمنع نفسي من الاسترسال مع القلم..!!
قالت لي نفسي : هل قابلتَ خواطر نفسك على أوراقك وعبرت عن أحاسيسك ومشاعرك وتجربتك فيما تكتبه فحياتك كانت مراحل على الرغم من قلتها وإذا كان ذلك كذلك ألا تقول لنا هل هي مراحل خارج نفسك أم داخلها ؟
تساؤل لا أعرف كيف أتجه معه فلهذا السؤال رحلة بي إلى التذكر , أيُّ تذكر لا مرآة له على جدار الذهن يبقى لا وجه له تستبين معه الصور . ليت للأمنيات مع هذا السؤال مرآة تقف أمامها الذاكرة فتستدرج من البعيد كل ذكرى تركتها ورائي في المكان القصيّ لأخرج بها إلى أوراقي جميلة الثياب نظيفة المسار !
المرايا التي علقتها الأيام على جداري الخاص أخشى أنها صارت الآن إلى وهم فكيف لي أن أستقبله وأعطيه لكم أيها الكرام ؟
هو "
وهمٌ " إذا بحثت عنه في جيب ذكرياتي لا أجد غير الفراغ !
ذكرياتٌ ركبتْ الجمل وسافرت مع المسافرات , راحت عني بعيداً وتركتني حافياً أمشي على حصباء الوادي النفسي لوحدي لا أجد من يأخذني رديفاً له على جمله ..
فجأة
رأيت هناك في القفر البعيد راكبة جمل اعترضتني و
قالت : بنيتُ لك خيمةً على جنبات الغدير لتستريح فيها من وعثاء السفر الطويل ,
قلت لها : نسيت كلَّ شىء .. مالخيمة ؟ مالغدير ؟ ,
فقالت : ذكرى باقية لك من أيام طفولتك لم يحرقها النفط , ولم تلوثها المدنية الحديثة ,
قلت لها : أبقي في غدير ذكرياتي شربة ماء ؟!
فقالت : كل شىء كدره العصر وأفسد مذاقه و لم يبق لك إلا مرارةً في حلق ذكرياتك , أرجوك لا تريقها على ورقك .
وقعت في صراع عنيف بين عالمي الخاص وبين العالم الخارجي , وهذه هي مشكلتي التي لازمتني في مراحل حياتي
أتوق الآن إلى أن أزرع على ورقي شيئاً من أشجار الطريق الذي سرت إليه كما أرادت نفسي ؛ ولكن ماذا أزرع و ماذا أترك ؟!
فزرع الأشجار ليس سهلاً وليس كل من زرع سيثمر زرعه وأكثر من زرعوا الأشجار صارت أشجارهم إلى عثرات في الطريق , أتريدون أن أضيف عثرة على طريقكم الطويل ؟!
هكذا الإنسان وهكذا الحياة وهكذا الوهم وإن جلس على عرش كسرى أو قيصر أو حطّ مركبته على صخور القمر , هبطت أتسكع في سكك الحياة المظلمة فالخطرات من القيم والمثل العليا هي من روائح الطيب .. ما أجمله من طيب .!!
سأبقى أحاول أن أرضع العبر من ثدي الحياة وأذرف الدموع على ما فات وأحرص على التعويض في القادم من الأيام .
خلاصتي :
[ إنني إنسانٌ لا أحسن الزرع ولا السقي ولا الري , ولأجل هذا وذاك وذاك فإني أعتذر عن زرع شجرة واحدة لا تظلّل متعباً يأوي إليها ] !!
مخرج :
أمَّ النخيل ! ... هبيني نخلةً ذّبُلت
............... هل يَنبت النخل غضّاً بعد أن ذّبُلا ؟!
هذه معركتي مع نفسي , فقد كتبتها في دفتري قبل عدة أشهر..سامحوني على التقصير..
..
سيناتور ولاية الهلال / عبدالعزيز ..
.
.