
20/09/2002, 07:21 PM
|
زعيــم متألــق | | تاريخ التسجيل: 04/03/2002 المكان: الرياض
مشاركات: 1,348
| |
كيف نخوض "الإنترنت" في معية الله؟ الإنترنت سلاح ذو حدين، ووسيلة ذات وجهين متعارضين... ففيه عوامل الهدم والبناء، والإماتة والإحياء، والهداية والإغواء، ووجهة الاستخدام هي الفاصل بين هذا الجانب وذاك؟
قد لا أكون مبالغاً إذا قلت إن في الإنترنت من الفاعلية والجاذبية وسهولة التناول والخوض والتعامل ما يجعله "أداة العصر" أثراً ومساحة، فهو يغطي الكرة الأرضية دون أن يُضاهى ويُزاحم، ويمكن أن يكون بالنسبة للمسلمين المنبر الذي تتم لهم من خلاله إقامة الحجة على الناس بالإسلام، وبلوغ دعوته إلى كل إنسان في أرجاء المعمورة؛ مصداقاً لقوله تعالى: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل (النساء:165)، وصدق الله تعالى حيث يقول: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا(البقرة:143).
إنما في المقابل، يجب أن ندرك أن الإنترنت محشو بكل أنواع وألوان الفساد والإفساد، وأن شياطين الإنس والجن قد ملأوا هذه الشبكة بملايين المواقع التي تحترف وتتقن فنون الإغواء والإغراء، مما لا يصدقه عقل أو يخطر ببال؟
تشير إحدى الإحصاءات التي نشرتها مجلة "تايم" إلى أن عدد المواقع الإباحية بلغ 650 مليون موقعاً عام 1998م، والمتوقع أن يصل إلى 8 مليارات خلال هذا العام 2002م، وأن واحداً من هذه المواقع لديه أكثر من ثلاثمائة ألف صورة خليعة تم توزيعها أكثر من مليار مرة؟؟ أما في الجانب التجاري، فتشير إحدى الدراسات إلى أن مجموع مشتريات مواد الدعارة عبر الإنترنت بلغت 18 مليار دولار، وهذا ما دفع الباحث "ستيف واترز" لأن يقول معلقاً على حجم الكارثة: "إنه غالباً ما تبدأ رحلة الإنترنت بفضول، ثم تتطور بعد ذلك إلى إدمان، مع عواقب وخيمة ووخيمة جداً؟".
إن كل ذلك يجب أن يوضع في الحسبان بين يدي الكلام عن الإنترنت والخوض فيه والتعامل معه.
إنه لابد من تجريد النية بصدق قبل دخول الشبكة الإنترنت، لتحديد مقاصد هذا الدخول، فالذي يخوض بغير هدف كالذي يبحر من دون بوصلة، ومصير الاثنين الضياع والغرق.
والذين يتعاملون مع الإنترنت كأداة تسلية بحسب زعمهم، سينسون أنفسهم ويُستدرجون من حيث لا يشعرون إلى حتوفهم ومقاتلهم؟
ثم إن الجلوس إلى الإنترنت لفترات طويلة من شأنه أن يعطل دورة الحياة كلها، فيشغل عن النهوض بمتطلبات سعادة الدنيا والآخرة، وهذا هو الخسران المبين، هذا فضلاً عمَّا يتسببه ذلك من فقدان القدرة على التركيز الذهني، والاختلاطات العقلية، نسأل الله تعالى العفو والعافية.
أما أن نكون في معية الله تعالى ونحن نخوض هذه اللجج "الإنترنتية" العاتية في بحر الظلمات، فهذا يفرض أن نكون في معيته تعالى من قبل ومن بعد... يعني أن نعيش هذه المعية، في كل أحوالنا وشؤوننا وظروفنا وأيامنا... فالمعية لا تستعار استعارة، أو تصطنع اصطناعاً... فلا تكون حالة عرضية مؤقتة أو علامة فارقة عارضة، وإنما هي حالة ثابتة، تنمو ولا تذبل، وتكبر ولا تصغر، وتزداد ولا تنقص.
وتحقيق هذه المعية، يلزمه كبح جماح النفس عن أهوائها وضلالاتها، ودفعها وسوقها في سلم كمالاتها، بمحاذرة الغفلات، ومنازلة الوسوسات، ومغالبة النزوات والشهوات، ثم بدوام المراقبة واستمرار المحاسبة، مع أخذ النفس بالعزائم، وإلزامها الفضائل والمكارم، وبخاصة أننا في زمن الفتن والعجائب، الذي اختصه رسول الله ص بالعديد من تنبيهاته وتحذيراته وإنذاراته، حيث يصبح الحليم حيران، ويضحى المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، من ذلك قوله ص: "إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، فتناً كقطع الدخان، يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع أقوامٌ خلاقهم ودينهم بعرض من الدنيا" (رواه أحمد).
فنسأل الله تعالى العافية، ودوام العافية، والشكر على العافية، ونسأله تعالى من خير هذا الزمان وخير أهله، ونعوذ به من شره وشر أهله، وعفا عنَّا، وغفر لنا، وأحسن عاقبتنا، وختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، إنه سميع مجيب. |