انتظر اتحاد القصر ( بتشديد الصاد ) وبفارغ الصبر ما ستسفر عنه اجتماعات الكبار .. وبعد ذلك قام بتنفيذ القرارات وانتقاء نفس الخيارات دون عناء أو تعب ....
وحدهم القصر هم من يعجزون عن التخطيط لأنفسهم والمفاضله بين الخيارات ... ولذلك فمن الطبيعي أن يلجئوا لمن يفوقهم خبرة وذكاء وقدرة على التخطيط ...
بكل أسف هذا هو واقع الاتحاد السعودي لكرة القدم .. الذي عاد ليكرر سقوطه مرة اخرى , فبعد استعانته بالتشيكي ميلان ماتشالا بناء على رأي الاتحاد الكويتي ! وبعد الفشل الذريع الذي لاقته هذه التجربه .. هاهو اتحادنا المحترم يكرر أخطائه بلا مبالاه ويستعين بالمدرب الذي وقع عليه اختيار أعضاء شرف الهلال !!
ألهذه الدرجه بلغ العجز مبلغه في الاتحاد السعودي لكرة القدم , وهل هو اعتراف صريح من هذا الاتحاد بأنه عاجز عن ادارة شئونه بنفسه وأنه يجهل أبسط مبادىء وأسس التخطيط العلمي السليم ... أم أنه الهروب من واجباته كاتحاد لكرة القدم والتي يعتبر أبسطها هو البحث بدقه وعمق و( ذاتيه ) عن مدرب مناسب لامكانيات وظروف المنتخب الوطني في كل مرحله من المراحل .. بصراحه اذا كان العجز هو السبب فتلك مصيبه أما اذا كان السبب هو استعذاب التنصل من الواجبات والاستلقاء خلف المكاتب الفارهه فالمصيبه أجل وأعظم ....
دعوني أناقش ومن خلال نقاط سريعه قرار تعاقد المنتخب السعودي مع اليوغسلافي سلوبودان , وهل هو فعلا الخيار الأنسب , وهل ادراج هذا القرار تحت بند (( العشوائيه )) منصف له أم لا ؟ , مع التأكيد على أنني سأناقش القرار بتجرد كامل وبعيدا عن الانتماء .. أي ( كسعودي ) قبل وبعد كل شيء ....
أولا : ألم نسمع ومن خلال عدة تصريحات (( رسميه )) أن الاتحاد السعودي لكرة القدم قرر تجديد الثقه بالوطني ناصر الجوهر لقيادة المنتخب في التصفيات التمهيديه .. وأنه لا نيه لدى الاتحاد للتفكير حاليا بمدرب لقيادة المنتخب في التصفيات النهائيه .... وأن تحديد امكانية استمرارية الجوهر للتصفيات النهائيه أو التفكير بمدرب بديل هو قرار سابق لأوانه ولن يتم البت فيه حاليا ... بل ان تصريحات نائب رئيس الاتحاد السعودي أكدت أن كل مايدور في الصحافه حول هوية المدرب القادم غير صحيح وأن مهمة البحث عن مدرب للمنتخب لم تبدأ بعد (( !! أنا اشهد انها مهمه شاقه جدا !! )) ... اذا ألا يقودنا ذلك للتسليم بأن قرار التعاقد مع سلوبودان تم اتخاذه بين يوم وليله (( هذا اذا كملت يوم وليله بعد ! )) وأن السياسه التي يرسمها الاتحاد السعودي نهارا يتم نقضها ليلا ! (( فعلا تخطيط بطريقه علميه مدروسه
))
ثانيا : ألا يمثل خبر التعاقد ( الذي أجزم أنه فاجأ الجميع ) صدمه للوطني ناصر الجوهر الذي كان يحلم ( ربما ) باقناع المسؤولين بامكانية استمراريته عبر تحقيق نتائج أكثر ايجابيه .... ثم طالما أن قناعة المسؤولين تغيرت فجأه عن وجوب ترك الجوهر يعمل مع لاعبيه براحه أكبر دون ضجيج التعاقد مع مدرب جديد فلماذا اذا يحضر المدرب الجديد كمتفرج ولماذا لا يتم اسناد المهمه له منذ الآن ليتأقلم اللاعبين على طريقته وليتعرف عليهم عن قرب من خلال هذه التصفيات ( المضمونه ) قبل الدخول في المعمعه الأهم .. وما الذي يعنيه بقاء الجوهر للتصفيات التمهيديه رغم وجود مدرب مستعد لاستلام المهمه منذ الآن ؟؟؟ هل المقصود تسلية وتكريم الجوهر من خلال التصفيات التمهيديه !!! واذا كانت النتائج مضمونه والتأهل محسوم باذن الله فما أعرفه ويعرفه غيري هو أن استلام المدرب لمهمته منذ وقت مبكر وخلال مباريات سهله أفضل بكثير من تأخير ذلك دون سبب مقنع ( وأعتقد أن مصلحة المنتخب فوق كل اعتبار )
ثالثا : هل فعلا اليوغسلافي هو أنسب مدرب لقيادة المنتخب ؟ وهل هو حقا أفضل الخيارات المتاحه ؟ اذا علمنا أن سلوبودان لم يكن أفضل مدرب يمكنه قيادة الهلال عندها يمكن أن نستنتج بسهوله أنه لم يكن الخيار الأفضل للمنتخب ..... فمدرب كيوردانيسكو بالتأكيد أن احتمالية نجاحه مع المنتخب تتجاوز احتمالية نجاح سلوبودان لأسباب كثيره أثق أن الجميع يدركها ..... وكون الهلال لم يتعاقد معه فله أسبابه في ذلك والتي منها تعنت بعض أعضاء الشرف بالاضافه الى مغالاته الماديه .. بينما يختلف الأمر عندما نتحدث عن مؤسسه رياضيه بحجم اتحاد وطني لكرة القدم !!!
رابعا : هل حقا أن أحد الواجبات المفروضه على الأنديه بحكم الوطنيه هو دعم المنتخب الوطني بالمدربين !!! .... هذه أكبر نكته سمعتها في حياتي ! ومع ذلك يحاول الاعلام دائما أن يجعل من هذه القاعده المقلوبه حقيقه لا جدال عليها .. ومع الأسف أن هذه الحيله انطلت على الكثير من الرياضيين وأصبحوا يؤمنون فعلا بأن هذا واجب تحتمه الوطنيه على الأنديه وأن كل من يستنكر ذلك أو يرفضه ما هو الا متعصب لا يعرف عن الوطنيه سوى اسمها ... !
بربكم أليس العقل والمنطق يقولان أن الاتحاد الوطني مسؤول عن نجاح كل نادي من الأنديه المنتميه له .. وأنه يجب أن يمثل الخيمه الكبيره التي تستظل بها وتلجأ لها جميع الأنديه ...
في كل بلاد العالم .. الطبيعي أن يكون الاتحاد الوطني قادر على ادارة شئون المنتخب كما يجب والتخطيط له بثقه (( أمر مفروغ منه عالميا )) ويتجاوز دور اتحاد الكره هذه الأمور ( التافهه والأساسيه والمفروغ منها أصلا ) الى أدوار أخرى مهمه تتعلق بمتابعة شئون الأنديه الوطنيه وتزويدها بتقارير شهريه عن أبرز الكوادر الفنيه المتفرغه وطرق الاتصال بها .. بل ويتجاوز الأمر ذلك الى التدخل المباشر لمساعدة هذه الأنديه وحل مشاكلها وتوجيهها نحو الخيارات الأصلح ...
هذا هو التسلسل الطبيعي الذي يجب أن يحدث .. بينما هنا وبكل أسف يحدث العكس تماما فالأنديه هي المطالبه بالبحث الشاق والمتأني عن الكوادر الناجحه ومن ثم التنازل بها لمصلحة اتحاد الكره الذي لا يريد أن يرهق نفسه !!! والمصيبه أننا فعلا وصلنا الى مرحلة يأس كامل من امكانية تعديل الحال وهو الأمر الذي ولد لدى الكثيرين قناعه (( مزيفه )) أن ما يحدث هو الطبيعي وأن استنكاره واعلان عدم الرضى عنه هو الأمر غير الطبيعي ...
أصبحنا نرى بالمقلوب , ونسمع بالمقلوب بل ونفكر بالمقلوب ( حسبي الله عليهم ) .... ولأن القاعدة المقلوبه لا يمكن أبدا أن تنجح ولأن المثلث لا يمكن أن يستقر الا اذا ارتكز على قاعدته .. فشلت كل التجارب السابقه حتى وان بدت سطحيا ناجحه ... وسيستمر الفشل طالما أن اتحاد الكره مصر على الاستمرار بنفس النهج ورافض تماما لفكرة العمل والانتاج الذاتي ...
ختاما ...
يجب أن تتفهم بعض الجماهير الرياضيه سبب غضب الهلاليين تحديدا على هذا القرار ... فالمسأله ليست تفضيل للنادي على حساب المنتخب كما قد يعتقد البعض ..... لكن المشكله هي أن الاتحاد السعودي لكرة القدم أفسد على نفسه وعلى الهلال معه .. ولذلك فنحن كهلاليين أصابتنا الحيره ولا ندري هل نحزن على الوضع المأساوي لاتحاد الكره أم نحزن على وضع نادينا ..
الهلال كان أمام خيارين , اما اليوغسلافي أو الكولومبي ... وكان الخيار الأفضل هو سلوبودان ( المدرسه الأوروبيه ) وهذا هو المتاح طالما أن الخيارات الأفضل مستحيله في ظل الوضع الغير مثالي الذي يعيشه الفريق .... في المقابل كانت كل الخيارات مفتوحه أمام المنتخب لكن المسؤولين أبوا الا أن يمارسوا هوايتهم المحببه ( الأكل من أطباق الآخرين ) على طريقة ( القصر ) ولذلك ضيعوا على المنتخب خيارات أفضل بكثير ممكنه للمنتخب لكنها غير ممكنه للهلال .. وبذلك أصبح فشل الاتحاد السعودي مزدوجا ... فشل على مستوى التخطيط للمنتخب وذلك بالاستعجال في التعاقد مع مدرب والتفريط بخيارات أفضل بسبب عدم الاعتماد على الذات .. وفشل آخر على مستوى حماية حقوق الأنديه على الأقل لضمان مشاركات خارجيه مشرفه ....
أرجو أن تكون الصوره قد اتضحت أكثر الآن ...
--------------------------------------------------------------------------------