أقولها لكِ عندما تدق الساعة منتصف الليل ..

وتغرق السنة الماضية في مياه أحزاني ..

كسفينة مصنوعةٍ .. من الورق

كل عام وأنتِ حبيبتي
أقولها لكِ على طريقتي ..

متجاوزاً .. كل الطقوس الاحتفالية ..

التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة

وكاسراً كل تقاليد الفرح الكاذب ..

التي يتمسك بها العالم منذ 1975 سنة..

ورافضاُ .. كل العبارات الكلاسيكية ..

التي يرددها الرجال على مسامع النساء.. منذ 1975 سنة



كل عام وأنتِ حبيبتي
أقولها لكِ بكل بساطة ..

كما يقرأ الطفل صلاته قبل النوم

وكما يقف العصفور على سنبلة القمح ..

فتزداد الأزاهير المشغولة على ثوبك الأبيض .. زهرة

وتزداد المراكب المنتظرة في مياه عينيكٍ مركباً

أقولها لكِ بحرارة ونَزَق

كما يضرب الراقص الأسباني قدمه بالأرض ..

فتشكل ألوف الدوائر .. حول محيط الأرض


كل عام وأنتِ حبيبتي
هذه الكلمات الأربع ..

التي سألفها بشريط من القصب ..

وأرسلها إليكِ ليلة رأس السنة ..

كل البطاقات التي يبيعونها في المكتبات ..

لا تقـــول ما أريده ..

وكل الرسوم التي عليها ..

من شموعٍ .. وأجراسٍ .. و أشجار .. وكرات الثلج .. و أطفال .. وملائكة

لا تناسبني

أنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزة ..

ولا التمنيات التي برسم التصدير ..

فهي كلها مطبوعة في باريس أو لندن .. أو أمستردام ..

ومكتوبة بالفرنسية أو الإنجليزية ..

لتصلح من كل المناسبات ..

وأنتِ لست امرأة المناسبات

بل أنتِ المرأة التي أحبها ..

أنتِ هذا الوجع اليومي ..

الذي لا يقال ببطاقات المعايدة ..

ولا يقال بالحروف اللاتينية .. ولا يقال بالمراسلة ..

إنما يقال عندما تدق الساعة منتصف الليل ..

وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئة ..

وتستحمين هناك ..

ويسافر فمي في غابات شعرك الغجري .. ويستوطن هناك



لأنني أحبكِ ..

تدخل السنة الجديدة علينا ..

دخول الملوك ..و ولأنني أحبك



لن نشتري هذا العيد شجرة ..

ستكونين أنتِ الشجرة .. وسأعلق عليكِ

أمنياتي وصلواتي .. وقناديل دموعي



كل عام وأنتِ حبيبتي

أمنية أخاف أن أتمناها ..حتى لا أتهم بالطمع والغرور ..

فكرة أخاف أن أفكر بها ..

حتى لا يسرقها الناس مني ..

ويزعمون أنهم أول من اخترع الشعر ..



كل عام وأنتِ حبيبتي
كل عام وأنا حبيبكِ

أنا أعرف أنني أتمنى أكثر مما ينبغي ..

وأحلم أكثر من الحد المسموح به ..

ولكن(*_*)

من له الحق أن يحاسبني على أحلامي ..

من يحاسب الفقراء ... إذا حلموا أنهم جلسوا على العرش

لمدة خمس دقائق ؟؟؟

من يحاسب الصحراء إذا توحمت على جدول ماء؟؟

هناك ثلاث حالات يصبح الحلم فيها شرعياً

حالة الجنون .. حالة الشعر..

وحالة التعرف على امرأة مدهشةً مثلك ...

و أنا أعاني - لحسن الحظ – من الحالات الثلاث



أتركي عشيرتك ..

واتبعيني إلى دفاتري ..الداخلية

أتركي قبعة الورق .. وموسيقى الجيرك

والملابس التنكرية ..

وأجلسي معي تحت شجر البرق

وعباءة الشعر الزرقاء

سأغطيك بمعطفي من مطر بيروت ..

و سأصنع لكِ طبقاً أسبانياً .. من قواقع البحر

اتبعيني سيدتي .. إلى شوارع الحلم الخلفية
فلسوف أطلعك على قصائد لم أقرأها لأحد

و أفتح لكِ حقائب دموعي .. التي لم افتحها لأحد

ولسوف احبكِ .. كما لا أحبك أحد



عندما تدق الساعة الثانية عشرة

وتفقد الكرة الأرضية توازنها ..

ويبدأ الراقصون يفكرون بأقدامها ..

سأنسحب إلى داخل نفسي .. وأسحبك معي

فأنتِ امرأة لا ترتبط بالفرح العام .. ولا بالزمن العام

ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمر أمامنا

ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا

ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في أواخر الليل

سوى رجال من ورق.. ونساء من ورق

آه يا سيدتي لو كان الأمر بيدي

إذن لصنعت سنة لكِ وحدكِ

تفصلين أيامها كما تريدين

وتسندين ظهركِ على أسابيعها كما تريدين

وتتشمسين .. وتستحمين ..

وتركضين على رمال شهورها كما تريدين

آه يا سيدتي لو كان الأمر بيدي

لأقمت لكِ عاصمة في ضاحية الوقت

لا تأخذ بنظام الساعات الشمسية والرملية ..

إلا عندما تأخذ يدك الصغيرة قيلولتها .. داخل يدي



كل عام و عيناكِ أيقونتان بيزنطيتان ..

كل عام وأنا متورط بكِ ..

وملاحقٌ بتهمة حبكِ..

كما السماء متهمة بالزرقة..

والعصافير متهمة بالسفر ..

والشفة متهمة بالاستدارة ..

كل عام و أنا مضروب بزلازلكِ .. ومبلل بأمطاركِ

ومحفور – كالإناء الصيني

كل عام وأنتِ....... لا أعرف ماذا اسميك ؟؟؟

اختاري أنتِ أسماءك ..

كما تختار النقطة مكانها على السطر ..

كما يختار المشط مكانه في طيات الشعر

وإلى أن تختاري اسمك الجديد "

اسمحي لي أن أناديكِ : " يـــــــــا حــبـــيـــبــتــي "



كلمات/ نــــــــزار قـــبـــانــي




مع خالص حبي