المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى المجلس العام
   

منتدى المجلس العام لمناقشة المواضيع العامه التي لا تتعلق بالرياضة

 
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 02/10/2009, 08:48 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ دوق فليد
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 06/04/2006
المكان: بلجرشي الوطن والروح
مشاركات: 2,746
Smile آخر أيام الصيفية..

بعد زواجي ولمدة ست سنوات تلته كنت أزرع الأراضي التي ورثتها عن عائلتي يساعدني في ذلك زوجتي الغالية؛ فقد كانت تقوم بدور الأيدي العاملة المجانية وتكفيني شر خسارة الأموال في دفع الرواتب والأجور للعمال..
كان برنامج العمل يبدأ فجراً إلى ما قبل صلاة المغرب بقليل، وسويّاً نقوم بحرث الأرض ورعاية الزرع وفي أوقات الفراغ نتعاون في بناء منزل في وسط المزرعة الكبيرة نسبياً والتي تمتد على مساحة ربع كيلو متر طولاً وربع كيلو متر عرضاً تقريباً، كان العَمل مُتعباً إلا أنها كانت سعيدة بالعمل معي..

×××

في فجر أحد الأيام المُلبدة بالغيوم استيقظت مع أذان الفجر فالتفت إلى زوجتي وقلت مبتسماً: هيا استيقظي يا زوجتي الحبيبة..
لم ترد علي فأخذت قليلاً من الماء ونضحته على وجهها لتستيقظ إلا أنها لم تستجب..!!
ذهبت للاغتسال وعندما عدت صببت دلو من الماء على وجهها ولكن لم تستيقظ أيضاً..
بدأت أقلق بشدة خاصة بعد أن هززتها عدة مرات كي تستيقظ لنذهب إلى المزرعة بلا فائدة، ذهبت لإحضار الطبيب بسرعة "والطبيب في عائلتنا هو والدتي حفظها الله وذلك توفيراً للمال" وعندما أتت قامت بفحصها وفحص نبضها ثم ما لبثت أن التفتت إلى قائلة بخشوع:
- لا بأس يا ولدي.. ما حدث لزوجتك هو أمر يحدث لنساء العائلة كثيراً بسبب إجهاد العمل.. زوجتك توفيت رحمها الله.
نظرت إليها بذهول:
- كيف ولماذا وتباً..!!
- ماذا بك يا ولدي هل تعترض على قدر الله..؟؟
قلت لها وأنا أصرخ:
- معاذ الله لن أفعل.. ولكن لماذا توفيت؛ اليوم كنا سنحصد الكثير.. يا إلهي يا زوجتي الحبيبة أرجوك لا تتركيني وحدي..
وضعت وجهي على صدر زوجتي رحمها الله وأجهشت في بكاء مرير..

×××

مرت علي الأيام والشهور كئيبة من بعد وفاة زوجتي؛ فقد كانت تؤنس وحدتي وتعينني في الكفاح في هذه الحياة، ومن بعد وفاتها قل إنتاج المزرعة بشكل كبير وبالتالي قل دخلي المادي ولم استطع أن أوصل رصيدي إلى الأصفار الثمانية كما كُنا نُخطط أنا والمرحومة وبذلك زادت كآبتي واشتياقي لها..

رحمك الله يا عزة.. فقد كُنتِ خير مثال للمرأة المُطيعة لربها.. المُؤدية لفرضها.. المُعينة لبعلها..

×××

وضعت رأسي في حجر أُمي مهموماً فعلمت ما يختلج في صدري فقالت:
أدرك أنك حَزِنٌ لقلة دخلك المادي في الفترات الأخيرة..
- أنا حَزنٌ لفقدان زوجتي الحبيبة..
- وأنا أعرف علاج ذلك.. فلا سلوان عن فقدان الزوج إلا زوج أُخر.
اعتدلت في جلستي وأنا أقول لها:
- هل تريديني أن أتزوج غير عزة يا أُماه..؟؟
- سيعوضك الله خيراً يا بُني؛ زوجاً تساعدك في عملك من جديد..

قلت بعد برهة تفكير:
- ولكن يا أُمي أنت تعلمين أن الفتيات السعوديات فتيات مُدلعات يعشقن النوم والأكل ويكرهن العمل..
ومن أين لي بفتاة مثل زوجتي المُتوفاة وقد بلغتُ الستين عاماً ونيف؛ ولن تتزوجني إلا امرأة تطمع في ثروتي..!!
- الفتاة السعودية فتاة مُكافحة فقط لو عودتها على ذلك ويوجد من قريباتي فتيات لديهن حُبُ العمل والرغبة في خدمة الزوج.
- أنتِ تعلمين أني لا أؤيد زواج العقارب.. ألا تعرفين نسبة تفشي الأمراض الوراثية في بلادنا..؟؟
- ولكنهن لا يَطلبن المهور العالية..
- ماذا..؟؟ حسناً.. إن نسبة تفشي الأمراض الوراثية لا يصل إلى 100% .. ولكن من تقترحين يا أمي الغالية..؟؟
قالت بسرعة وكأنها كنت تنتظر هذا السؤال:
- ابنة خالك يا ولدي الحبيب..

×××

اصطحبت اثنان من إخوتي الأربعة عشر مع أُمي إلى بيت خالي الذي كان ترحيبه بنا بارداً كالثلج بل إن القهوة تأخرت أكثر من نصف الساعة، ولأنه لم يكن هناك شخص غريب فإن والدتي حفظها الله تواجدت معنا في المجلس وكانت تتحدث طوال الوقت عن مُختلف المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بدءاً من تمرير أوباما لخطة الإنعاش الاقتصادي إلى الأسلحة النووية الإيرانية والأحداث الدامية في اليمن الشقيق بينما كان أخي الأكبر بجانبها يغط في نوم عميق..
وبعد أن انتهت من المواضيع الجانبية تنحنحت وقالت بعد أن حمدت الله وأثنت على نبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام:
- .... فإن ابني الأصغر يتشرف بمصاهرتك والتقدم لابنتك..
- ابنتي في العشرينيات وأنتِ تعلمين فارق السن بينهما.
- ولكن ابني ما زال في صحة جيدة وريعان الش..

تجاهل خالي والدتي وتحدث إلي قائلاً:
- ما هي مؤهلاتك..؟؟
فوجئت بالسؤال فوضعت فنجان القهوة البارد وقلت متلعثماً وبسرعة:
- أنا شاب سعودي مُحب للخير وأقدر الحياة الزوجية؛ أُحب العلوم الشرعية ومتدين وخبير في تحويلات لابلاس الرياضية وأُجيد تحويلات فوريير وأملك خلفية جيدة في الميكانيكا والتكنولو....
قاطعني بضجر:
- لم أسألك سيرتك الذاتية بل قلت ما هي مؤهلاتك..؟؟

فهمت إصراره بشكل خاطئ فقلت وأنا أُفكر:
- أنا لدي انضباطية غيرتس وذكاء سامي ومهارة الثنيان ولياقة ويلهامبسون وقوة الجمعان وقدرات الشلهو..

قاطعني ابن خالي بغضب:
- والدي يسأل عن الصداق "المَهر" الذي ستقدمه لأُختي..
- أهااا.. بصراحة أنا ضد مبدأ غلاء المهور والنبي صلى الله عليه وسلم قال أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة وأنتم "شارين رجال".

همس أخي "غير النائم" في أُذن أُمي:
- أليس من المُفترض أن يقول هذا الكلام والد العروس وليس الخاطب..؟؟

قال خالي:
- حسناً حسناً.. سأستشير ابنتي وأرد بعد ثلاثة أيام.
قلت له:
- هل آتي إلى منزلك لسماع الرد خاصة وقد أعجبني طعم قهوتكم الباردة..؟؟
- لا داعي لذلك، سأخبركم بالرد عن طريق الهاتف.

أخذت والدتي تشير إلي وكُنت أريد تجاهلها..
والسبب أن لدينا عادة متخلفة فعندما يتقدم المرء لخطبة فتاة يجب أن يقدم هدية "أو ما اسميه عربون لحجز الزوجة".. وللأسف أن هذا العربون لا يتم استرداده في حالة أن رفضوا العريس..!!

مددت يدي إلى صرة في جيبي وأخرجت منها ثلاثة ريالات معدنية كانت ضمن صندوق ورثته عن والدي رحمه الله وناولتها خالي الذي نظر بسخرية وقال: ما هذا..؟؟
قالت والدتي بسرعة وهي تغلق يد خالي قبل أن يعد أموالي: هذه هدية من ولدي للعروس التي نتمنى أن توافق بمشيئة الرحمن..

لكزت والدتي أخي الأكبر الذي كان متأثراً بالمسلسلات المصرية فاستيقظ دَهِشاً وهو يقول بلهجة مصرية:
- نقرأ الفاتحة..؟؟

سارت أمي بهدوء إلى خارج منزل خالي وسرنا نحن من ورائها بانتظار الإجابة بعد ثلاثة أيام والتي كانت مُفاجأة للغاية..

×××

من أسلوب تعامل خالي كان واضحاً أن إجابتهم هي الرفض لذلك بدأنا استعراض عيوب الفتاة على مبدأ "الذي لا يجد العنب يقول عنه حامض"

في عصر اليوم الثالث تلقينا اتصالاً غريباً من خالي..
فعندما أجبت على الهاتف كان صوته ينطق بالسرور والترحيب:
- كيف حالك يا ابن أختي الأثيرة..؟؟ أين أنت ولماذا لم تأتي إلى منزلي..؟؟
أجبت مستغرباً أسلوبه:
- ألم تقل لنا بأننا سنتلقى الإجابة عن طريق الهاتف..؟؟
- لا لا يا ولدي عيب.. ليس من عاداتنا إعطاء الإجابة عن طريق الهاتف يجب أن تأتي أنت ووالدتك وإخوتك إلى منزلي..
- إخوتي الأربعة عشر أم الاثنان اللذان حضرا سابقاً..؟؟
أجاب ضاحكاً:
- بل الأربعة عشر كلكم أجمعون..

عندما ذهبنا إلى منزل خالي استمر مسلسل الغرائب؛ إذ أن خالي استقبلنا عند باب حديقة منزله هاشاً باشاً ولم نكد ندخل إلى المجلس حتى أحضر ابن خالي والابتسامة على محياه القهوة والشاي وشراب فيمتو "روعة اللقاء" كلها دفعة واحدة..!!

وأخذ خالي يتحدث بحماس في مختلف المواضيع ثم تحدث عن الألفة والمحبة بين عائلة والدي وعائلة والدتي ذاكراً القصص الطريفة التي كانت بينه وبين والدي، ولم يمض إلا القليل من الوقت حتى أحضر عشاءاً فاخراً كاد بسببه أن يسقط أحد إخوتي من الخوف عندما شاهد ولأول مرة في حياته وعلى الهواء مباشرة جملاً كاملاً بشحمه ولحمه وعظمه على صحن واحد فلم يسبق أن شاهد في حياته جملاً لا حياً ولا ميتاً.. هذا إضافة إلى الجمل العجيب أحضر عدد من الصحون بها تيوس وبقر إضافة إلى المقبلات واللحم المشوي وصحون الكافيار والسوشي والعديد من المُقبلات الشرقية والغربية التي كُنا نقرأ عنها في الصحف ونسمع اسمها في الراديو..

وقف خالي بعد أن انتهى وضع الطعام الباذخ:
- حياكم الله واعذروني "إن كُنت قصرت..!!" وخذوا راحتكم في تناول الطعام فالنساء لديهن مثله وأكثر..!!

×××

في الحقيقة أن تغير تعامل خالي معي أثار أقصى علامات التعجب إلا أنني فهمت السبب فيما بعد من ابنة خالي..

فبعد أن قدمت له الثلاثة ريالات كعربون خرج إلى السوق وعندما وضع يده في جيبه ليحاسب أحد الباعة رأى الريالات الثلاثة التي أعطيته إياها ووجد أنها غريبة الشكل؛ إذ أن الكتابة في إحداها كانت بالخط الكوفي وكان عليها صورة رجل يلبس خوذة فوق رأسه وذو شارب عظيم..!!

ذهب خالي بالعملة إلى أحد أصدقاءه الذين يعملون في مجال الآثار الذي ما إن شاهد العملة المعدنية حتى أخذ يصرخ كالمجنون وهو يقول بأن أحد هذه العُملات يعود إلى عصر حمورابي والأُخرى تعود إلى العصر العباسي الأول..!!
في اليوم التالي أخذوا العُملات إلى معامل الفحص بالإشعاع الذري التي أكدت استنتاجاته..

وبعد اجتماع عدد من علماء الآثار مع خالي عرضوا عليه ثلاثة ملايين دولار مُقابل العُملات الثلاث التي ورثتها من جدي السابع نتيجة بخل أجدادي رحمهم الله وكنزهم للذهب والفضة..
أعطاهم خالي العملات وعاد إلى القرية بالأموال والموافقة..

×××

بعد تناول الغداء حد التخمة، بارك خالي هذه المناسبة السعيدة ووجه إخوتي بالذهاب إلى غرفة مجاورة ثم أمر ابنته أن تدخل للرؤية الشرعية على الرغم من ممانعتي "خوفاً من أن ترفضني بعد أن تراني" إلا أن الرؤية سارت على خير ما يرام وقالت أمي حفظها الله للعروس:
- هل لديك شروط يا ابنتي..؟؟
فقالت على استحياء:
- فقط أتمنى شهر العسل في مدينة "فرانكفورت".
أجابتها والدتي:
- ولا يهمك يا ابنتي.
وأطلقت والدتي الزغاريد..

لا حاجة لي أن أذكر بأن والدتي لا تعرف فرانكفورت وأين تقع فهي تظن أنها مدينة سعودية؛ أما أنا فأخذت أردد في نفسي: "الله أكبر يا بنت علي.. لم تعرفي فرانكفورت إلا من نشرة الأحوال الجوية وحسن كرّاني وتريدين أن تريها عياناً بياناً..!!"
التفتُ إلى والد العروس وقلت له:
- كم تريد المَهر يا خالي..؟؟
- لا داعي للمهر وهذه العادات البائسة يا ولدي.. "احنا شارين رجال".

للأسف تدخلت والدتي حفظها الله وقالت:
- بل سيعطيك ابني من صندوق والده مثل ما أخذت يا أخي العزيز.

عندها لم يتمالك خالي نفسه وقام باحتضاني ولأول مرة في حياتي..!!

×××

كان أهل العروس يريدون الزواج بسرعة قبل دخول شهر رمضان المُبارك إلا أني رفضت ذلك بحجة أن زواجي أريده أن يكون في تاريخ مميز وهو 11 سبتمبر أيلول والذي يوافق العشر الأواخر من رمضان.
والسبب الحقيقي في اختيار ذلك التاريخ المشئوم أن انشغال الناس بالعبادة والتراويح والتهجد سيخفف من تكاليف الزواج إلى أقل من النصف؛ وإمعاناً في تكريس هذه الفكرة أرفقت ملاحظتين الأولى اعتاد الجميع قراءتها في كروت الزواج:
× نتمنى لأطفالكم وزوجاتكم نوماً هادئاً.
× هناك اشتباه في إصابة بعض المدعوين بإنفلونزا الخنازير فيرجى إحضار الكمامات.

هذه الخطط وغيرها لم يكن لها دور في تواني قلة من الفضوليين في أن يحضروا لمشاهدة هذا الزواج الغريب المُقام في العشر الأواخر "أعتقد بأني أول شخص في التاريخ الإسلامي يكون حفل زفافه في العشر الأواخر من رمضان"..
أتى الحضور قبل صلاة العشاء فصليت بهم العشاء والتراويح وعندما انتهيت التفت إليهم وقلت لهم:
- العذر والسموحة منكم يا جماعة الخير؛ لدي مشوار قريب أنا وزوجتي، لا تنسوا السحور سيكون هنا وسيتولى الأمر أخي..

عندما هممت بالانصراف قال لي أخي:
- مع من اتفقت لإحضار السحور..؟؟
- مع لا أحد.. أنت فقط انتظر إلى ما قبل آذان الفجر بربع ساعة ولن تجد أحداً من هؤلاء الفضوليين..
نظر إلي أخي بذهول بينما ذهبت إلى قسم النساء وأخذت عروسي وذهبنا إلى عش الزوجية..

×××

صدقت توقعات والدتي عن الفتيات السعوديات وكفاحهن؛ فعلى الرغم من تدليل خالي لابنته إلا أنها لم تبكي من العمل إلا في أول يوم ثم أخذت لياقتها تزداد يوماً بعد آخر وتظهر الجَلَد والمُثابرة حتى لم يكد ينتهي رمضان الماضي إلا وتخليت عن المحراث الآلي لما رأيت أنها تريد العمل أكثر.
وعندما أقبل العيد ذكرتني بوعدي لها برحلة شهر العسل وقالت أنها لا تمانع إذا ذهبنا إلى أبها عوضاً عن فرانكفورت.

- لا يا زوجتي العزيزة.. فالأوضاع في اليمن الشقيق مُضطربة وأنا لدي ذكريات سيئة من اضطراب الأوضاع في اليمن في عام 1962م عندما ذهبت مع والدي لبيع المحصول الزراعي وقامت القوات المصرية المُتواجدة في اليمن بقصف مدينة أبها بالطيران بسبب دعم السعودية للحكم الملكي في اليمن آنذاك؛ سنتجه إلى فرانكفورت كما سبق ووعدتك خاصة وأنك قمت بمجهود جيد في زرع الأرض وحرثها.

ولم تكن تعلم بما يعتمل في صدري من خطط جهنمية..

×××

ركبنا سيارتي "كابريس موديل 1970م " والتي اشتراها والدي رحمه الله من مزاد قامت به إدارة المباحث العامة؛ إذ أن صاحب السيارة السابق كان مُهرب أسلحة عبر الحدود.
بعد أن انطلقنا من قريتنا إلى جدة سألت زوجتي إن كان قد سبق لها الخروج من القرية فأجابت بالنفي.
قهقهت في نفسي فرحاً - إذ أن ذلك يصب في صالح خطتي - وقمت بتشغيل أغنية فيروز "هل رأى الحُبُ سُكارى مثلنا" والتي كان يقول أحد شيوخي بأن رجل توفي في حادث وهو يردد هذا المقطع إلا أن زوجتي جزاها الله خيراً ذكرتني بأن الأغاني حرام فأغلقت المسجل ووضعت إذاعة القرآن الكريم.

بعد أن وصلنا إلى جدة قلت لزوجتي:
- رحلتنا كلها ستكون بالسيارة.. سنتجه إلى تركيا وفي تركيا سنعبر مضيق الدردنيل إلى أوربا ومن ثَمّ إلى فرانكفورت إن شاء الله.

هكذا كانت الخطة بالنسبة لها بينما الواقع غير ذلك..
فقد كُنت أريد أن اتجه إلى الرياض ومن ثم إلى الشرقية ثُم نعبر مضيق "جسر الملك فهد" إلى البحرين التي ستكون في هذه الحالة أوربا..!!

سرنا في الصباح الباكر إلى الرياض وقبل المَغرب بقليل وصلنا وبعد أن جاوزنا نقطة التفتيش قلت لزوجتي مبتسماً:
- ها قد وصلنا إلى تركيا يا زوجتي الحبيبة..

عقدت حاجبيها علامة التفكير:
- ولكنا كُنا نسير والشمس أمامنا أي أننا نتجه شرقاً بينما تركيا في شمال السعودية..؟؟

صُدمت بمعلومات زوجتي الجغرافية إذ أني لم أضع ذلك في الحسبان:
- إن الشمس في تركيا وأوربا تشرق من الشمال وليس مثل الشمس في قريتنا الجميلة تشرق من الشرق..

كان يبدو عليها صعوبة الاقتناع فصممت أن أتفادى الإحراج بأن لا نُكمل السفر إلا ليلاً.
لم تُلاحظ زوجتي مظاهر السعودة في الرياض لأنها كانت طوال الوقت تضع غطاء الرأس، وبعد أن ارتحنا قليلاً أكملنا رحلتنا إلى الشرقية بعد منتصف الليل ووصلنا إليها مع ساعات الصباح الأولى.
ذهبنا مُباشرة إلى مضيق الدردنيل "جسر البحرين" وبعد أن عبرنا قلت لزوجتي:
- وصلنا بحمد الله إلى أوربا..
- يا إلهي.. هل حقاً وصلنا.. هل تحبني لدرجة أن تذهب بي إلى أي مكان يا زوجي العزيز..؟؟
قلت لها وأنا أبحث عن شيء في شوارع البحرين:
- بالطبع يا حبيبتي.

ما إن شاهدت ما أبحث عنه حتى هتفت لزوجتي قائلاً:
- انظري يا عزيزتي إلى الإشارة الضوئية أمامنا..!! هنا في أوربا النساء يقدن السيارات..!!

رفعت زوجتي غطاء الرأس وتأملت المرأة التي تقود سيارة "وهي الإثبات الوحيد بأننا في أوربا" فلكزتني قائلة:
- لا أريدك أن تنظر إلى امرأة غيري.
قلت بحرج:
- فقط أردت أن تشاهدي المنظر الغريب.
- لم أتوقع أنك تحبني لهذه الدرجة يا زوجي العزيز؛ أنا أعلم شدة حُبك للمال، مجرد خروجنا من القرية وإنفاقك المال لإسعادي أمر لم أحلم به..

بدأت هنا أشعر بتأنيب الضمير؛ وزاد من ذلك أنها أخذت تذكر اشتياقها للمزرعة والعودة للعمل فأحسست بأني استغلها في الأعمال الشاقة دون أن ألبي كل رغباتها البسيطة.
عندها صممت أن أجعل بقية الأيام سعيدة بالنسبة لها؛ فقفلنا عائدين إلى الشرقية وقمنا بالشوي على شاطئ نصف القمر ثم عدنا إلى الرياض وذهبنا إلى أبراجها ثم إلى جدة وتعشينا في مطعم أبو زيد فول وقلابة ثم تمشينا على ضفاف بحيرة الأربعين وانتهت الرحلة يوم أمس في قريتنا..

لا أُخفيكم أن زواجي الأخير أحدث تغييرات بيولوجية لدي.
فلم أعد أشعر بالأسى عندما أنفق المال والأهم من ذلك أني أصبحت أبحث عن إسعاد الآخرين.
لا أدري ما الذي حدث لي وغيرني هكذا إلا أني أعتقد أنه المحبة والمودة..

اخر تعديل كان بواسطة » دوق فليد في يوم » 03/10/2009 عند الساعة » 12:51 AM
اضافة رد مع اقتباس
   

 


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 04:34 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube