نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي

نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي (http://vb.alhilal.com/)
-   منتدى الثقافة الإسلامية (http://vb.alhilal.com/f55/)
-   -   تفسير سورة الفرقان (3) (http://vb.alhilal.com/t815665.html)

سامي صعب يتكرر 27/09/2009 05:14 PM

تفسير سورة الفرقان (3)
 
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ‏}‏ ‏{‏وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ‏}‏ فلما نزهوا أنفسهم أن يدعوا لعبادة غير الله أو يكونوا أضلوهم ذكروا السبب الموجب لإضلال المشركين فقالوا‏:‏ ‏{‏وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ‏}‏ في لذات الدنيا وشهواتها ومطالبها النفسية، ‏{‏حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ‏}‏ اشتغالا في لذات الدنيا وإكبابا على شهواتها، فحافظوا على دنياهم وضيعوا دينهم ‏{‏وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا‏}‏ أي‏:‏ بائرين لا خير فيهم ولا يصلحون لصالح لا يصلحون إلا للهلاك والبوار، فذكروا المانع من اتباعهم الهدى وهو التمتع في الدنيا الذي صرفهم عن الهدى، وعدم المقتضي للهدى وهو أنهم لا خير فيهم، فإذا عدم المقتضي ووجد المانع فلا تشاء من شر وهلاك، إلا وجدته فيهم، فلما تبرؤوا منهم قال الله توبيخا وتقريعا للعابدين ‏{‏فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ‏}‏ إنهم أمروكم بعبادتهم ورضوا فعلكم، وأنهم شفعاء لكم عند ربكم، كذبوكم في ذلك الزعم وصاروا من أكبر أعدائكم فحق عليكم العذاب، ‏{‏فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا‏}‏ للعذاب عنكم بفعلكم أو بفداء أو غير ذلك، ‏{‏وَلَا نَصْرًا‏}‏ لعجزكم وعدم ناصركم‏.‏ هذا حكم الضالين المقلدين الجاهلين كما رأيت أسوأ حكم، وأشر مصير‏.‏
وأما المعاند منهم الذي عرف الحق وصدف عنه فقال في حقه‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ‏}‏ بترك الحق ظلما وعنادا ‏{‏نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا‏}‏ لا يقادر قدره ولا يبلغ أمره‏.‏
ثم قال تعالى جوابا لقول المكذبين‏:‏ ‏{‏مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ‏}‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ في الْأَسْوَاقِ‏}‏ فما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما جعلناهم ملائكة، فلك فيهم أسوة، وأما الغنى والفقر فهو فتنة وحكمة من الله تعالى كما قال‏:‏ ‏{‏وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً‏}‏ الرسول فتنة للمرسل إليهم واختبار للمطيعين من العاصين والرسل فتناهم بدعوة الخلق، والغنى فتنة للفقير والفقير فتنة للغني، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار دار الفتن والابتلاء والاختبار‏.‏

والقصد من تلك الفتنة ‏{‏أَتَصْبِرُونَ‏}‏ فتقومون بما هو وظيفتكم اللازمة الراتبة فيثيبكم مولاكم أم لا تصبرون فتستحقون المعاقبة‏؟‏

‏{‏وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا‏}‏ يعلم أحوالكم، ويصطفي من يعلمه يصلح لرسالته ويختصه بتفضيله ويعلم أعمالكم فيجازيكم عليها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر‏.‏


‏[‏21 ـ 23‏]‏ ‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا * يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا * وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا‏}‏
أي‏:‏ قال المكذبون للرسول المكذبون بوعد الله ووعيده الذين ليس في قلوبهم خوف الوعيد ولا رجاء لقاء الخالق‏.‏
‏{‏لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا‏}‏ أي‏:‏ هلا نزلت الملائكة تشهد لك بالرسالة وتؤيدك عليها أو تنزل رسلا مستقلين، أو نرى ربنا فيكلمنا ويقول‏:‏ هذا رسولي فاتبعوه‏؟‏ وهذا معارضة للرسول بما ليس بمعارض بل بالتكبر والعلو والعتو‏.‏
‏{‏لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ‏}‏ حيث اقترحوا هذا الاقتراح وتجرأوا هذه الجرأة، فمن أنتم يا فقراء ويا مساكين حتى تطلبوا رؤية الله وتزعموا أن الرسالة متوقف ثبوتها على ذلك‏؟‏ وأي كبر أعظم من هذا‏؟‏‏.‏
‏{‏وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا‏}‏ أي‏:‏ قسوا وصلبوا عن الحق قساوة عظيمة، فقلوبهم أشد من الأحجار وأصلب من الحديد لا تلين للحق، ولا تصغى للناصحين فلذلك لم ينجع فيهم وعظ ولا تذكير ولا اتبعوا الحق حين جاءهم النذير، بل قابلوا أصدق الخلق وأنصحهم وآيات الله البينات بالإعراض والتكذيب والمعارضة، فأي عتو أكبر من هذا العتو‏؟‏‏"‏ ولذلك بطلت أعمالهم واضمحلت، وخسروا أشد الخسران، وحرموا غاية الحرمان‏.‏
‏{‏يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ‏}‏ التي اقترحوا نزولها ‏{‏لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ‏}‏ وذلك أنهم لا يرونها مع استمرارهم على جرمهم وعنادهم إلا لعقوبتهم وحلول البأس بهم، فأول ذلك عند الموت إذا تنزلت عليهم الملائكة قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ‏}‏ ثم في القبر حيث يأتيهم منكر ونكير فيسألهم عن ربهم ونبيهم ودينهم فلا يجيبون جوابا ينجيهم فيحلون بهم النقمة، وتزول عنهم بهم الرحمة، ثم يوم القيامة حين تسوقهم الملائكة إلى النار ثم يسلمونهم لخزنة جهنم الذين يتولون عذابهم ويباشرون عقابهم، فهذا الذي اقترحوه وهذا الذي طلبوه إن استمروا على إجرامهم لا بد أن يروه ويلقوه، وحينئذ يتعوذون من الملائكة ويفرون ولكن لا مفر لهم‏.‏
‏{‏وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا‏}‏ ‏{‏يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ‏}‏
‏{‏وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ‏}‏ أي‏:‏ أعمالهم التي رجوا أن تكون خيرا لهم وتعبوا فيها، ‏{‏فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا‏}‏ أي باطلا مضمحلا قد خسروه وحرموا أجره وعوقبوا عليه وذلك لفقده الإيمان وصدوره عن مكذب لله ورسله، فالعمل الذي يقبله الله، ما صدر عن المؤمن المخلص المصدق للرسل المتبع لهم فيه‏.‏
‏[‏24‏]‏ ‏{‏أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا‏}‏
أي‏:‏ في ذلك اليوم الهائل كثير البلابل ‏{‏أَصْحَابُ الْجَنَّةِ‏}‏ الذين آمنوا بالله وعملوا صالحا واتقوا ربهم ‏{‏خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا‏}‏ من أهل النار ‏{‏وَأَحْسَنُ مَقِيلًا‏}‏ أي‏:‏ مستقرهم في الجنة وراحتهم التي هي القيلولة، هو المستقر النافع والراحة التامة لاشتمال ذلك على تمام النعيم الذي لا يشوبه كدر، بخلاف أصحاب النار فإن جهنم ساءت مستقرا ومقيلا وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل، فيما ليس في الطرف الآخر منه شيء لأنه لا خير في مقيل أهل النار ومستقرهم كقوله‏:‏ ‏{‏آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏
‏[‏25 ـ 29‏]‏ ‏{‏وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا * وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا‏}‏
يخبر تعالى عن عظمة يوم القيامة وما فيه من الشدة والكروب، ومزعجات القلوب فقال‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ‏}‏ وذلك الغمام الذي ينزل الله فيه، ينزل من فوق السماوات فتنفطر له السماوات وتشقق وتنزل ملائكة كل سماء فيقفون صفا صفا، إما صفا واحدا محيطا بالخلائق، وإما كل سماء يكونون صفا ثم السماء التي تليها صفا وهكذا‏.‏
القصد أن الملائكة ـ على كثرتهم وقوتهم ـ ينزلون محيطين بالخلق مذعنين لأمر ربهم لا يتكلم منهم أحد إلا بإذن من الله، فما ظنك بالآدمي الضعيف خصوصا الذي بارز مالكه بالعظائم، وأقدم على مساخطه ثم قدم عليه بذنوب وخطايا لم يتب منها، فيحكم فيه الملك الحق بالحكم الذي لا يجور ولا يظلم مثقال ذرة ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا‏}‏ لصعوبته الشديدة وتعسر أموره عليه، بخلاف المؤمن فإنه يسير عليه خفيف الحمل‏.‏

‏{‏يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا‏}‏
وقوله‏:‏ ‏{‏الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ‏}‏ أي‏:‏ يوم القيامة ‏{‏الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ‏}‏ لا يبقى لأحد من المخلوقين ملك ولا صورة ملك، كما كانوا في الدنيا، بل قد تساوت الملوك ورعاياهم والأحرار والعبيد والأشراف وغيرهم، ومما يرتاح له القلب، وتطمئن به النفس وينشرح له الصدر أن أضاف الملك في يوم القيامة لاسمه ‏"‏ الرحمن ‏"‏ الذي وسعت رحمته كل شيء وعمت كل حي وملأت الكائنات وعمرت بها الدنيا والآخرة، وتم بها كل ناقص وزال بها كل نقص، وغلبت الأسماء الدالة عليه الأسماء الدالة على الغضب وسبقت رحمته غضبه وغلبته، فلها السبق والغلبة، وخلق هذا الآدمي الضعيف وشرفه وكرمه ليتم عليه نعمته، وليتغمده برحمته، وقد حضروا في موقف الذل والخضوع والاستكانة بين يديه ينتظرون ما يحكم فيهم وما يجري عليهم وهو أرحم بهم من أنفسهم ووالديهم فما ظنك بما يعاملهم به، ولا يهلك على الله إلا هالك ولا يخرج من رحمته إلا من غلبت عليه الشقاوة وحقت عليه كلمة العذاب‏.‏




تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


استغفر الله واتوب اليه

ابو كااااب 28/09/2009 02:33 AM

جـــــــــــــزاكـــ الله الف خير اخوي


الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 07:51 AM.

Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd