سارعي للمجد و العلياء
مجدي لخالق السماء
و ارفعي الخفاق اخضر
يحمل النور المسطر
رددي الله اكبر
يا موطني
موطني ، عشت فخر المسلمين
عاش الملك للعلم و الوطن
هكذا رددناها لـ اثني عشر عاما ، ابتدائي ، متوسط و ثانوي
لكن هل فهمنا يوما معناها ؟؟
لنتأمل ما تحمل تلك الحروف من معاني
كلمات تدعو إلى المجد و العلو
وي كأننا بلغنا قمة المجد و تربعنا عليها
و هذا دليل أننا في افضل بلد و وطن على الأرض
لذلك سأفتخر بوطني و منجزاته
ولا اخفيكم أني عندما اريد الإفتخار ، أحب أن اعيشه ،
لذلك سأذهب و اعيش هذا الافتخار .
فقررت السفر بالخطوط الجوية السعودية ، لأنها تحمل
شعار بلدي و اسمه .
فحجزت على أول مقعد على طائرة العصر ،
كان الاقلاع الخامسة و النصف ، و على عجال
لممت حاجياتي و ذهبت إلى المطار لشراء التذكرة .
وصلت المطار - مطار الملك عبدالعزيز رحمه الله الدولي بجدة -
قبل الاقلاع بثلاث ساعات ، و توجهت إلى كاونتر شراء التذاكر ،
وصلت إلى الموظف و أنا اردد " سارعي للمجد و العلياء ..."
و ملء وجهي ابتسامة ، و في صدري دبوس عليه شعارنا السيفين و النخلة .
تكلمت مع الموظف : ( اريد شراء تذكرة ، اقلاعي العصر )
فكان الرد مجرد انه رفع عينيه إلي في سكون و سكوت ،
و كنت افسرها ... هل تلك نظرة رجل ينتظرني و مل الانتظار ؟؟ .
ام ان ألسنة اللهب ستنطلق من عينية لتحرقني و حاجبيه ؟؟!!.
كررت عليه طلبي ( لوسمحت اريد شراء تذكرة ! )
هذه المره إلتفت إلي بكل حاوسه و جوارحه
كأب يقول لطفله ( لبيك لبيك ) .
و قال : ( خذ لك رقم و انتظر ) !!
لم يكن في رده أي اهانه لكنه أسمع من في المطار جميعا !! .
ذهبت و اخذت رقما و انتظرت .. ثم انتظرت
و اخشى ان املئ الصفحة بلكمة ( انتظرت ) لطول الانتظار .
و لدرجة الملل لم اشعر بالوقت و هذا بحد ذاته اختراق لكل قوانين الطبيعة
و قوانين انيشتاين و النظرية النسبية ، نظرت للساعة فإذا هي السادسة !!
ويحي بل ويلي وامصيبتاه كنت حينها سيبويه في المناحه
لم تبقى كلمة في القاموس الا ذكرتها !! .
و ادركت أن الطائرة اقلعت و انا انتظر فقررت اكمال انتظاري لاني مازلت
اردد " سارعي للمجد و العلياء ... "
اكملت مسلسل الانتظار ، حتى حان وقتي و ظهر رقمي في الشاشة ،
و بلا شعور غنيت ( هلا باللي له الخافق يهلي من الفرحه و روحي به تهلي )
و ذهبت للموظف - ( سلام عليكم )
رد بعد تنهيتة طويلة ( عليكم السلام ) !
- ( لو سمحت .. اريد حجزا اليوم ذهابا و مرجعا في اقرب وقت )
- ( اوكييييي )
- !!!!!!
- ( هناك طائرة عند الساعة التاسعة هي اقرب طائرة )
- ( حسنا احجز لي على متنها )
اخذت التذكرة و انا اطير من الفرح و كأن الارض لا تحملني
و اصبحت اسلم على هذا و ذاك من هول الفرحة !!
انتظرت بكل فرح حتى حان موعد الإعلان عن صعود الطائرة ،
فكان المنادي يقول : ( اعزاؤنا المسافرون نعتذر لكم فقد تأخر
اقلاع الطائرة حتى العاشرة )
كنت مليء بالتفاؤل و قلت : ( كل تأخيره فيها خيره )
و بقيت ساعة كاملة حتى اقترب الرحيل ليعلن مرة اخرة عن تأجيلها حتى الفجر !!
فاتصلت بوالدتي لأخبرها ، و اشارت لي ان اعود و اترك السفر .
إن كان هذا اوله فكيف بأخره ، و خرجت من المطار
منهزماً و اتخيل الفنان عبد الكريم عبد القادر بجانبي
و بدل ان يغني ( راجع لربعي و ديرتي من غربتي )
يقول ( راجع لبيتي و اميمتي من مطارناا ) !!
و ضاع حلم الافتخار بربوع الوطن و الشعور به
و تبددت كل الأحلام و العواطف .
و أنا في طريق العودة ، تتصل بي الغالية والدتي
ان المخزن و الثلاجة ينقصهما حاجيات فلبيت الطلب ،
و ذهبت لأكبر هايبر في جدة لان الغالية من طلبت
فلا اريد لها الا افضل شيء و من افضل مكان .
بسم الله دخلت و بدأت بملئ العربة بالحاجيات
حتى انتهيت و ذهبت للحساب و انا اتمتم ( لبيكم ..
لبيكم ، و الثلاجة تناديكم )
بعد ان انتهيت و اخرجت المحفظة للحساب ،
سألته بكل ود و حب ( كم الحساب ؟؟ )
فرد علي بكل خجل ( 2500 ريال فقط )
فقط !! ، اتق الله خاف الله في الناس
لوهلة ظننت اني محمد العريفي او عائض القرني
أصبحت داعية للاسلام و الخير حينها .
لكن ما باليد حيلة حاسبته و ذهبت للبيت.
دخلت للبيت ، وانا احمل الأكياس ، و يملؤني
الحقد و كان لساني حالي يقول ( لو ان الاكياس
رجلا لقتلته ) !!
و ما ان وضعت اخر كيس حتى ناولني الحارس
فاتورة الكهرباء ، فسعقت كأني مسكت مولد طاقة عالي الجهد
كيف لا و و المبلغ بها ( 3201 ريال )
و لماذا الريال ؟؟ .
وقت اذ فضلت الانظار حتى الفجر للسفر
على المبالغ المدفوعة لهذا اليوم ! .
لكن شاء الله و جل سبحانه في حكمته ،
لكي احفظ "سارعي للمجد و العلياء .." عن ظهر قلب و عن حب ..
بعد عناء تعب يوم كامل قررت الراحة و بكوب من الشاي
فتحت التلفاز و اخترت القناة السعودية لانها تحمل شعار وطني
و ما زال الدبوس في صدري رغم التعب !.
و كان الخبر يتلو الخبر و الإستقبال يتلو الوداع و الإفتتاح
حتى أعلن عن شفاء ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز
حفظة الله و رفع ما به من ضر و شر و كرب و امده الله
بالعافية و تمام الصحة .
ثم ختم بعدد المصابين بفايروس ( H1N1 ) او كما
يسمى " انفلونزا الخنازير " بعدد تجاوز الألف مصاب
و اربع عشرة حالة وفاة و أن 94 % منهم ثم شفاؤه .
لكن لما العلاج و كان بالامكان افضل مما كان و الوقاية خير
من العلاج حتى أننا سنضرب الارقام القياسية في عدد المصابين !!
و بعد الفشل بدل ان يعلنوا عنه ، قالوا ( ان المرض عادي
و بسيط و اهون من الانفلونزا العادية )
و ما أن قال المقدم تصبحون علي خير حتى أصطكت جفناي لتعلن
نهاية يوم رجل شجاع اقصد مواطن سعودي .
جل امانيه ، مجد بلاده و علو شأنها في كل الامور
و التخصصات و اهمها التعليم ، اللذي احب ان اسميه " التعليب "
لانه كذلك مجرد ملء رؤوس الطلاب بمواد و مناهج لا يعرف عنها
إلا اسم معلمها و بعد ان يُقَفل رأسه كعلبة السمن ، يتخرج من الثانوية
لمرحلة التغليف ليحصل على البكلريوس بعدها
و ما ان غفوت حتى افقت فجعا اردد
( سارعي للمجد و العلياء
مجدي لخالق السماء
و ارفعي الخفاق اخضر
يحمل النور المسطر
رددي الله اكبر
ياموطني
موطتي ، عشت فخر المسلمين
عاش الملك للعلم و الوطن )
قصة مستوحاة من خيال الكاتب
بندر
و كل عام وانتم بخير