المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 29/08/2009, 02:53 AM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة القصص (8)

‏71ـ73‏]‏ ‏{‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}‏
هذا امتنان من اللّه على عباده، يدعوهم به إلى شكره، والقيام بعبوديته وحقه، أنه جعل لهم من رحمته النهار ليبتغوا من فضل اللّه، وينتشروا لطلب أرزاقهم ومعايشهم في ضيائه، والليل ليهدأوا فيه ويسكنوا، وتستريح أبدانهم وأنفسهم من تعب التصرف في النهار، فهذا من فضله ورحمته بعباده‏.‏
فهل أحد يقدر على شيء من ذلك‏؟‏ فلو جعل ‏{‏عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ‏}‏ مواعظ اللّه وآياته سماع فهم وقبول وانقياد، ولو جعل ‏{‏عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ‏}‏ مواقع العبر، ومواضع الآيات، فتستنير بصائركم، وتسلكوا الطريق المستقيم‏.‏
وقال في الليل ‏{‏أَفَلَا تَسْمَعُونَ‏}‏ وفي النهار ‏{‏أَفَلَا تُبْصِرُونَ‏}‏ لأن سلطان السمع أبلغ في الليل من سلطان البصر، وعكسه النهار‏.‏ وفي هذه الآيات، تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نعم اللّه عليه، ويستبصر فيها، ويقيسها بحال عدمها، فإنه إذا وازن بين حالة وجودها، وبين حالة عدمها، تنبه عقله لموضع المنة، بخلاف من جرى مع العوائد، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمرا، ولا يزال‏.‏ وعمي قلبه عن الثناء على اللّه، بنعمه، ورؤية افتقاره إليها في كل وقت، فإن هذا لا يحدث له فكرة شكر ولا ذكر‏.‏
‏[‏74ـ75‏]‏ ‏{‏وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ‏}‏
أي‏:‏ ويوم ينادي اللّه المشركين به، العادلين به غيره، الذين يزعمون أن له شركاء، يستحقون أن يعبدوا، وينفعون ويضرون، فإذا كان يوم القيامة، أراد اللّه أن يظهر جراءتهم وكذبهم في زعمهم وتكذيبهم لأنفسهم فـ ‏{‏يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ‏}‏ أي‏:‏ بزعهم، لا بنفس الأمر، كما قال‏:‏ ‏{‏وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وإن هم إلا يخرصون‏}‏
فإذا حضروا وإياهم، نزع ‏{‏مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ‏}‏ من الأمم المكذبة ‏{‏شَهِيدًا‏}‏ يشهد على ما جرى في الدنيا، من شركهم واعتقادهم، وهؤلاء بمنزلة المنتخبين‏.‏
أي‏:‏ انتخبنا من رؤساء المكذبين من يتصدى للخصومة عنهم، والمجادلة عن إخوانهم، ومن هم وإياهم على طريق واحد، فإذا برزوا للمحاكمة ‏{‏فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ‏}‏ حجتكم ودليلكم على صحة شرككم، هل أمرناكم بذلك‏؟‏ هل أمرتكم رسلي‏؟‏ هل وجدتم ذلك في شيء من كتبي‏؟‏ هل فيهم أحد يستحق شيئا من الإلهية‏؟‏ هل ينفعونكم، أو يدفعون عنكم من عذاب اللّه أو يغنون عنكم‏؟‏ فليفعلوا إذا ‏[‏إن‏}‏ كان فيهم أهلية وليروكم إن كان لهم قدرة، ‏{‏فَعَلِمُوا‏}‏ حينئذ بطلان قولهم وفساده، و ‏{‏أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ‏}‏ تعالى، قد توجهت عليهم الخصومة، وانقطعت حجتهم، وأفلجت حجة اللّه، ‏{‏وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ‏}‏ من الكذب والإفك، واضمحل وتلاشى وعدم، وعلموا أن اللّه قد عدل فيهم، حيث لم يضع العقوبة إلا بمن استحقها واستأهلها‏.‏
‏[‏76ـ82‏]‏ ‏{‏إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ‏}‏ إلى آخر القصة
يخبر تعالى عن حالة قارون وما ‏[‏فعل‏}‏ وفُعِلَ به ونُصِحَ ووُعِظَ، فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى‏}‏ أي‏:‏ من بني إسرائيل، الذين فُضِّلوا على العالمين، وفاقوهم في زمانهم، وامتن اللّه عليهم بما امتن به، فكانت حالهم مناسبة للاستقامة، ولكن قارون هذا، بغى على قومه وطغى، بما أوتيه من الأموال العظيمة المطغية ‏{‏وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ‏}‏ أي‏:‏ كنوز الأموال شيئا كثيرا، ‏{‏مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ ‏[‏أُولِي الْقُوَّةِ‏}‏ والعصبة‏}‏، من العشرة إلى التسعة إلى السبعة، ونحو ذلك‏.‏ أي‏:‏ حتى أن مفاتح خزائن أمواله لتثقل الجماعة القوية عن حملها، هذه المفاتيح، فما ظنك بالخزائن‏؟‏ ‏{‏إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ‏}‏ ناصحين له محذرين له عن الطغيان‏:‏ ‏{‏لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ‏}‏ أي‏:‏ لا تفرح بهذه الدنيا العظيمة، وتفتخر بها، وتلهيك عن الآخرة، فإن اللّه لا يحب الفرحين بها، المنكبين على محبتها‏.‏
‏{‏وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ‏}‏ أي‏:‏ قد حصل عندك من وسائل الآخرة ما ليس عند غيرك من الأموال، فابتغ بها ما عند اللّه، وتصدق ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات، وتحصيل اللذات، ‏{‏وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا‏}‏ أي‏:‏ لا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك وتبقى ضائعا، بل أنفق لآخرتك، واستمتع بدنياك استمتاعا لا يثلم دينك، ولا يضر بآخرتك، ‏{‏وَأَحْسَنُ‏}‏ إلى عباد اللّه ‏{‏كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ‏}‏ بهذه الأموال، ‏{‏وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ‏}‏ بالتكبر والعمل بمعاصي اللّه والاشتغال بالنعم عن المنعم، ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ‏}‏ بل يعاقبهم على ذلك، أشد العقوبة‏.‏
فـ ‏{‏قَالَ‏}‏ قارون ـرادا لنصيحتهم، كافرا بنعمة ربهـ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي‏}‏
أي‏:‏ إنما أدركت هذه الأموال بكسبي ومعرفتي بوجوه المكاسب، وحذقي، أو على علم من اللّه بحالي، يعلم أني أهل لذلك، فلم تنصحوني على ما أعطاني للّه تعالى‏؟‏ قال تعالى مبينا أن عطاءه، ليس دليلا على حسن حالة المعطي‏:‏ ‏{‏أَوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا‏}‏ فما المانع من إهلاك قارون، مع مُضِيِّ عادتنا وسنتنا بإهلاك من هو مثله وأعظم، إذ فعل ما يوجب الهلاك‏؟‏‏.‏
‏{‏وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ‏}‏ بل يعاقبهم اللّه، ويعذبهم على ما يعلمه منهم، فهم، وإن أثبتوا لأنفسهم حالة حسنة، وشهدوا لها بالنجاة، فليس قولهم مقبولا، وليس ذلك دافعا عنهم من العذاب شيئا، لأن ذنوبهم غير خفية، فإنكارهم لا محل له، فلم يزل قارون مستمرا على عناده وبغيه، وعدم قبول نصيحة قومه، فرحا بطرا قد أعجبته نفسه، وغره ما أوتيه من الأموال‏.‏
‏{‏فَخَرَجَ‏}‏ ذات يوم ‏{‏فِي زِينَتِهِ‏}‏ أي‏:‏ بحالة أرفع ما يكون من أحوال دنياه، قد كان له من الأموال ما كان، وقد استعد وتجمل بأعظم ما يمكنه، وتلك الزينة في العادة من مثله تكون هائلة، جمعت زينة الدنيا وزهرتها وبهجتها وغضارتها وفخرها، فرمقته في تلك الحالة العيون، وملأت بِزَّتُهُ القلوب، واختلبت زينته النفوس، فانقسم فيه الناظرون قسمين، كل تكلم بحسب ما عنده من الهمة والرغبة‏.‏
فـ ‏{‏قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا‏}‏ أي‏:‏ الذين تعلقت إرادتهم فيها، وصارت منتهى رغبتهم، ليس لهم إرادة في سواها، ‏{‏يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ‏}‏ من الدنيا ومتاعها وزهرتها ‏{‏إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ‏}‏ وصدقوا إنه لذو حظ عظيم، لو كان الأمر منتهيا إلى رغباتهم، وأنه ليس وراء الدنيا، دار أخرى، فإنه قد أعطي منها ما به غاية التنعم بنعيم الدنيا، واقتدر بذلك على جميع مطالبه، فصار هذا الحظ العظيم، بحسب همتهم، وإن همة جعلت هذا غاية مرادها ومنتهى مطلبها، لَمِنْ أدنى الهمم وأسفلها وأدناها، وليس لها أدنى صعود إلى المرادات العالية والمطالب الغالية‏.‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏}‏ الذين عرفوا حقائق الأشياء، ونظروا إلى باطن الدنيا، حين نظر أولئك إلى ظاهرها‏:‏ ‏{‏وَيْلَكُمْ‏}‏ متوجعين مما تمنوا لأنفسهم، راثين لحالهم، منكرين لمقالهم‏:‏ ‏{‏ثَوَابُ اللَّهِ‏}‏ العاجل، من لذة العبادة ومحبته، والإنابة إليه، والإقبال عليه‏.‏ والآجل من الجنة وما فيها، مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ‏{‏خَيْرٌ‏}‏ من هذا الذي تمنيتم ورغبتم فيه، فهذه حقيقة الأمر، ولكن ما كل من يعلم ذلك يؤثر الأعلى على الأدنى، فما يُلَقَّى ذلك ويوفق له ‏{‏إِلَّا الصَّابِرُونَ‏}‏ الذين حبسوا أنفسهم على طاعة اللّه، وعن معصيته، وعلى أقداره المؤلمة، وصبروا على جواذب الدنيا وشهواتها، أن تشغلهم عن ربهم، وأن تحول بينهم وبين ما خلقوا له، فهؤلاء الذين يؤثرون ثواب اللّه على الدنيا الفانية‏.‏



تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 12:22 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube