قال تعالى (وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) الحديد 25.
لقد ورد ذكر بعض المعادن في القرآن الكريم كالحديد والنحاس والذهب والفضة لكن الله سبحانه وتعالى أفرد سورة كاملة باسم (الحديد) في القرآن الكريم للتأكيد على اهميته في الطبيعة وفائدته للانسان.
ان ترتيب سورة الحديد في القرآن الكريم هو (57) ويعادل ذلك تقريبا وزنه الذري الذي هو (56) واذا اعتبرنا سورتي الأنفال والتوبة سورة واحدة ( لعدم وجود البسلمة بينهما) كما قرر ذلك بعض العلماء فيكون العدد (56) قد تحقق بالضبط ثم ان رقم الآية الكريمة في قوله سبحانه وتعالى (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) هو (26) مع البسملة ويعادل ذلك وزنه المكافىء الذي هو (26).
وقد ورد ذكر الحديد في القرآن الكريم في ست آيات كما يلي:
1 ـ (قل كونوا حجارة او حديدا) الاسراء 50.
2 ـ (ولهم مقامع من حديد) الحج 21.
3 ـ لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) ق 22.
4 ـ (آتوني زبر الحديد حتى اذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا) الكهف 96.
5 ـ ( ولقد آتينا داوود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد) سبأ 10.
6 ـ (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) الحديد 25.
وقد يكون في تكرار الحديد ست مرات في القرآن اشارة الى بعض خواصه الكيميائية والفيزيائية كما يلي :
1 ـ إن أعلى درجة لتأكسد الحديد هو (6)،
بالرغم من كون تواجد الحديد في الطبيعة على شكل حالتين شائعتين الاولى ثنائية التكافؤ(الحديدوز) مثال FeCl2 والثانية ثلاثية التكافؤ (الحديديك) مثال FeCl3، لكن هناك تكافؤات أخرى يتواجد بها عنصر الحديد في الطبيعة ولو بشكل اقل كالحديد السداسي التكافؤ مثال H2FeO4)).
2 ـ إن عدد أطياف عنصر الحديد هو (6) R.O.Y.E.D.V.
3 ـ إن الاواصر التي يرتبط بها في بعض المركبات العضوية هي (6) اواصر كما هو في حال الحديد الموجود في مركب الهيموجلوبين (في الدم) والمايوكولبين (في العضلات) وانزيم السيتوكروم P450 الموجود في اجسام الطاقة في الخلية (المايتوكندريا) المسؤولة عن التفاعلات الحيوية للجسم الحي.
وبدون انزيم السايتوكروم (الذي مركزه الحديد) لا تتم الحياة والعمليات الايضية. كما انه من دون الحديد لا يمكن تكوين جزئية الهيموجلوبين في الدم الذي هو شريان الحياة والمايوكلوبين في العضلات اللذين هما مصدر القوة في الجسم. ومن اجل ذلك ـ والله اعلم ـ ذكره الله سبحانه وتعالى (فيه بأس شديد) حيث ان كمية وجوده في الجسم بصورة عامة تقدر بحوالي 4 جم وبصورة خاصة في الدم 2.5 جم (65 بالمائة) هيموجلوبين وفي العضلات مايوكلوبين وفي انزيم السايتوكروم المذكور أعلاه ولو بنسبة ضئيلة لكنها ضرورية وفعالة بمقدار 500 ملجم. إن الحديد في الجسم يؤدي الى النشاط والقوة والبأس فيه لانه مسؤول عن كثيرمن الفعاليات والعمليات الحيوية التي بدونه لا تتم هذه العمليات وبقلته ونقصانه تصاب هذه الفعاليات، وبالتالي الجسم بكامله يصاب بالوهن والضعف الشديدين وربما الموت اذا تدنت نسبته بكمية كبيرة عن المعدلات الطبيعية والذي يرجح هذا المعنى (أي أن البأس الشديد يعود الى القوة والصحة والعافية للجسم الانساني) هو ان قوله سبحانه وتعالى (ومنافع للناس) تشمل منافع وفوائد الحديد العامة في المجالات الصناعية و الاقتصادية والحربية.. الخ، وحيث انه لا تكرر للمعاني والعبارات والكلمات المتتالية ورودها في القرآن الكريم كما يقول علماء البلاغة القرآنية وان لكل كلمة معنى مغايرا فان كلمة (بأس شديد) لها مفهوم ومعنى آخر يمكن استنباطه ومعرفته من القرآن الكريم نفسه، حيث وردت عبارة (البأس الشديد) في القرآن الكريم ثلاث مرات وهي تعطي مفهوم القوة البشرية كما يأتي: 1 قال سبحانه وتعالى (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ) الاسراء 52.
2 ـ وقال سبحانه وتعالى (قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين) النمل 33.
3 ـ وقال سبحانه وتعالى (قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون) الفتح 16.
فالكلمات : (عباد ـ قوم ـ نحن) تشير الى الانسان. فالانسان القوي = بأسا شديدا كما يفهم من هذه الآيات ولما كان الحديد بأسا شديدا فان الانسان القوي = صفات الحديد، أي ان احد اسباب القوة البشرية والحيوية في الانسان هو عنصر الحديد الذي يدخل في المركبات العضوية في جسمه للقيام بالوظائف الحيوية. ولما كان الانسان «الرجل» يحتاج الى القوة العضلية والبأس الشديد لمواجهة متطلبات الحياة ومصاعبها ومسؤولياته تجاه كسب العيش حيث انه المسؤول الاول عن العمل لاعالة اسرته واهله ومن يعول وليست الزوجة او المرأة فقد حباه الله بالقوة والصلابة اكثر من الانسان «المرأة» لقوله تعالى (وليس الذكر كالانثى) ال عمران 36، علما بان كثيرا من الاعمال والواجبات التي يقوم بها الرجال تتطلب القوة العضلية والتحمل الشديد، لذلك فقد جعل الباري ـ عز وجل ـ كمية الحديد في الانسان «المرأة» اقل منها في الانسان «الرجل» بنحو 1 ـ 1.5 جرام.