
09/06/2009, 07:17 PM
|
روماوي مميز | | تاريخ التسجيل: 23/06/2006 المكان: Il Romanista
مشاركات: 6,046
| |
القول السابك في تفحيط الأغبياء السبايك | لمؤلفه الإمام أبو المهالك :) بسم الله الرحمن الرحيم هذه جلدةٌ وجدتها أمتي الحبشيةُ في أروقةِ حُجرَتي العتيقة ، و لما رأيتها لأول وهلةٍ ظننتها من آثار بلقيس .. أو خوفو أو رمسيسٌ من الرماسيسِ , و لما أمعنت النظر و أطلت التأمل فوجدتها بلغةٍ لا أفهمها و لهجةٍ لا أعرفها فاستعنت بالله و ذهبت إلى جامعِ الرصافةِ الأكبر , أسأل الله المعونةَ على فكِ رموزها و تحليلِ خطوطها و تجميع شتاتِ خيوطها .. و هي مخطوطة ذكر فيها كاتبها ما ظهر في زمانه من قلاقل و فتن و مصائب .. و غرائب و عجائب .. محيت في زماننا هذا و لم يقم لها بعد ذاك الزمان قائمة ..
قال صاحبُ المخطوطة : و قد ازداد عددُ المفحطين بالطرق و أصابوا العباد و الهوام بالأذى و الديار بالبلى و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم . أ.هـ قلت - أنا أبو المهالك الخرساني - : حدثني أبي قال حدثني الوزير الذائب بن التائب قال حدثني هلالُ ابن يمانِ قال بينما نحنُ في مجلس الأميرابن مقبل إذ جاء رجلٌ من أقصى الديار يركض و هو يصرخ يا أمير يا أمير يا أمير .. فلما وصل إلى خيمة الأمير الزاهد و دخل صرخ بأعلى صوته أوتجلس هنا مرتاح البالِ و الضميرِ و الناسُ يتخطفهمُ الموت من الخيول الهائجة في جنوب بغداد !
فقام رجلٌ من بطانةِ الأمير يقال له سلمانٌ بن آل شغب ذكره المؤرخون في السير و أثنوا على شجاعته و قوةِ بأسه ,
قال ابنُ مرسالَ في كتابه الشهير [ الأضواء الهادئة في فرسان القرون البائده ] :
و كان سلمانٌ مضرب المثل في الشجاعة و قوةِ البأس و روي عنه ما يدعوا إلى العجب و كان في زمنه بغيةَ نساءَ الأرض جميعاً , و لكنه لم يتزوجَ زهداً و ورعا و روي عنه أنه في حربِ ضد الروم أمره الأمير ابن مقبلِ على سرية تخرج في الليل لتنال من العدو شيئاً بسيطاً و لكنه ما فتئ يقتل بالروم حتى أنهاهم عن بكرة أبيهم فلما عادَ إلى الأمير و أخبره الخبر كبر الأمير ثم كبرَ القومُ حتى ارتجت الأرض من تكبيرهم ] أ.هـ
فلما قام سلمان على الرجل نهاه الأمير و قال له :
إن كنت في كل الأمور مقاتلاً
عدوكَ لم تلق من لا تقاتله
فأغمد سيفه و جعل يتمتم بعبارات الله أعلم بها ..
فقال الأمير ابن مقبل : ما شأنك يا رجل ؟!
فقال الرجل و هو يرجف خائفاً من بن آل شغب : يا أمير إن الغلمان في جنوب بغداد قد آذو العباد و البلاد !
فقال الأمير : و كيف هذا ؟
فقال الرجل : أنهم قبيل المغربِ يركبون الدواب و يستأجرون الرحل فيتمايلون بها يمنةَ و يسرة , بسرعة كبيرة ! فيفقدون السيطرةََ و يرتطمون بالناس فتطير الأجساد و يقتل الأطفال بغير وجه حق و لا حول و لا قوةَ إلا بالله ..
فبكى الأمير و بكى معه القوم .. ثم أخرج سيفه و صرخ بكل قوة :
و الذي نفسي بيده لا تقع يدي على أحدِ منهم إلا صلبته و مزقته و مثلت بجثته !
فصرخَ شماس و قال معاذ الله يا أمير أتمثل بجثته !
فاستدرك الأمير و استغفر الله ..
ثم أن الأمير ابن مقبل احتار في أمره أيقتل الغلمان أم يبحث عن طريقةٍ أخرى ؟
فقام الليلة كلها يدعوا الله أن يفرج همه و يكشف غمه ,
فلما صلى الفجر في الناس في مسجد الرصافة قام بالناس خطيباً و قال بأعلى صوته أيها الناس أجتمعوا يا أهل بغداد أجتمعوا و قد أنشدها بموالِ طربَ له الناس فلما اجتمع أهل بغداد في الجامع و امتلأت الطرق بهم و فاضت السطوح و قيل أنه أجتمع أمامه في ذلك اليوم 70 ألفاً , فحمد لله و أثنى عليه بما هو أهل له و قال :
أيها الناس أخشوا ربكم و اتقوه و خافوا عقابه الشديد و بكى القوم من شدة الموعظة فلما أحس أنه وصل إلى شغاف قلوبهم قال :[ أيها الناس قد وصلني نبأ الذين عملوا ما علموا في دوابهم فتمايلوا بها مسرعين يثيرون الغبار و يسمونه ( التفحيط ) فإني أعظهم و أذكرهم بالله و أذكرهم شدة وعيده فقد قال تعالى [ و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ] فاحذروا عبد الله فمئات قتلوا بسبب هذه الآفة و لا حول و لا قوة إلا بالله .
و إني أقول لكل من فحط أو يريد أن يفحط أتق الله ربك فهو الذي خلق جوارحك أفتعصيه بها و هو الذي أنشأ أرضك أفتعصيه عليها !
فبكى القوم و ارتج الجامع بالبكاء حتى سالت الأرض بالدموع .. و انتهى المفحطون عن شنيعتهم ]
قلت - أنا ابو المهالك - : و في هذه الروايةِ عضةٌ و عبرة و ورواتها ثقات عدول ..
قلتُ : و قد أختفى في زماننا هذا الفعل الشنيع و نسي مصطلحه حتى .. فنحمد الله على هذه النعمة و نرجوا أن يتمها علينا ..
و صلى الله على محمدِ أبا القاسم و سلم تسليماً كثيراً .. حبرها الإمام أبو المهالك بن محمدِ الخرساني نزيل بغداد - أنار الله بصيرته - في خمسةٍ و عشرين يوماً من شهرِ الله المحرم في عامِ ألفين و مئتين و عشرين للهجرة النبوية المباركة .
اخر تعديل كان بواسطة » الغرناطي في يوم » 09/06/2009 عند الساعة » 07:48 PM |