07/06/2009, 02:44 AM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 10/10/2008 المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
| |
كشف وجه المرأة) .. بين الصحفيين والفقهاء. (كشف وجه المرأة) .. بين الصحفيين والفقهاء.
قال صاحبي مزمجراً:
ما لكم تغضبون من أي مقال صحفي يتمسّك صاحبه بأهداب بعض الفقهاء المتقدمين في جواز كشف المرأة لوجهها، وتسيئون الظنّ بكاتبه مع أن القضية لا تعدو أن تكون فقهيّة خلافيّة؟
إن الخلاف –يا صاحبي- في (كشف المرأة لوجهها) في تقريرات الفقهاء هو في وادٍ، والتناول الصحفي المبتذل لهذه القضية في وادٍ آخر، فالطرح الصحفي- في غالبه- يمرّر انحرافه الفكري في هذه القضية من خلال بوّابة الخلاف الفقهي، وكلّ من يقرأ هذه المسألة الفقهية في كتب الفقهاء ثمّ يتابعها في أروقة الصحافة يشعر بأن ثمّة هوّة سحيقة تفصل التأصيل الفقهي عن التناول الصحفي مما يدرك به العاقل أن القضية تمريرٌ لا تدليل واستغلالٌ لا تأصيل.
وحتى لا أرسلها دعوى بلا بيّنة فدونك هذه القواطع التي تفصل الصلة بين طرح الفقهاء وعبث الصحفيين، وتمسح الطلاء الفقهي الذي يلمّع المعالجة الصحفية لتبدو على حقيقتها كما خلقها الله:
أولاً:
الخلاف بين الفقهاء محصور في الوجه والكفّين فقط، وهم مجمعون قطعاً على أن ما عداه عورة لا يجوز للمرأة كشفه لأحد غير محارمها، فالتكشّف السائد في عالم اليوم هو خارج عن دائرة الخلاف الفقهي وغارق في التحريم حتى ناصيته .. إلا أنّ ذلك لم يمنع الصحفيين عن طرق هذه المسألة في مثل ذلك الجوّ الملوّث.
ثانياً:
وحين يختلف الفقهاء في جواز كشف المرأة لوجهها فإنهم مجمعون قطعاً على حرمة كشف المرأة لما عداه، فالفقيه الذي يرى جواز الكشف هو ذاته الذي يرى حرمة التبرّج والتكشّف، ومن الطبيعي حينها أن تكون غيرته وإنكاره على الأمر الحرام أعظم من حماسته لنصرة رأي فقهي لا يجزم بصحّته،
فهل يستوي هذا مع من لا يتذّكر خلاف الفقهاء في كشف الوجه إلا في المواقع الإعلاميّة المروّجة لألوان الإثارة الغريزيّة وأشكال التهييج والفتنة، فحالهم حال من يلتمس العذر لشارب الخمر في تركه للتسميّة لوجود خلاف للفقهاء في حكم التسميّة!
ثالثاً:
والفقهاء القائلون بهذا الرأي يضعون له من الشروط والضوابط المختلفة التي يثقون من خلالها على تضييق الفتنة ومحاصرة الفساد من تجنّب المحسّنات الصناعيّة مثلاً .. وأن لا تكون المرأة شابة وأن يكون ذلك في صورة فرديّة خاصّة لا في سلوك مجتمعي عامّ، وأن لا يكون ذلك في زمن الفتن ..
وكلّها شروط تتبخّر عندما تدخل عالم الإعلام فلا تكاد تجد لها ذكراً، وهذا يبين أن العالم الغيور الذي أفتى بجواز الكشف كان يستحضر أصل الصيانة والستر والعفّة فجاء من حمل هذا القول ليركبه في عربة الإفساد ويدفع به في وجوه الغيورين وليتخذه طريقاً شرعيّا لهدم القيم والأصول الشرعيّة.
رابعاً:
ثمّ إن الفقهاء مجمعون على أن حجاب الوجه فضيلة وسنّة وكرامة للمرأة، فخلافهم إنما هو في جواز كشف الوجه، وأما الأكمل والأفضل فهو الحجاب والستر التام، وبالتالي فلا يمكن أن تجد إطلاقاً في كلام أحد من العلماء دعوة إلى كشف الوجه لأنه مخالف للسنة ولا يمكن لعالم مسلم أن يدعو ويتحمّس لفعل يخالف سنّة من سنن الإسلام.
فإذا جاء الصحفي والإعلامي فكتب يدعو إلى كشف الوجه، ويحسّنه للنساء، ويشنّع على الغيورين الداعين إلى الحجاب الكامل، ويصوغ المقامة الأدبية الطويلة في بيان السفور وما فيه من تحرير للمرأة وطهارة لها ..
فإن هذا انزلاق من رابية الفقه الطاهرة إلى وادي الانحراف والفساد الفكري، لأن الحجاب واجب أو مستحب ولا يمكن لمسلم منقاد لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجعل سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم عائقاً عن الطهارة والفضيلة، أو أن يجمع قواه وفكره ليهوّن من سنّة الرسول ويقلّل من ثمرتها، ويجتهد في فكّ المجتمعات المحافظة عن تمسّكها بالسنّة والفضيلة، أو يقول إن السفور طهارة للمرأة وهو يسمع قول الله تعالى ( فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) فكلّ هذا مما لا يخفي فساده أن يقال: هو رأي العالم الفلاني ورواية في المذهب الفلاني!
خامساً:
وطريقة الصحفيين في النظر في هذه القضية طريقة من ينتزع نبتة من تربتها، ويشعر أن ما في يده نباتاً سليماً سينمو ويثمر ويحصد كمثل أي نبتة من نبات الأرض، فالقول بجواز كشف المرأة لوجهها جاء في سياقٍ من تعظيم الفقهاء وتسليمهم لنصوص الشريعة، وإيمانهم بأصولها القائمة على صيانة النساء وسترهنّ، والنهي عن كلّ ما يؤدّي إلى الفساد، وجهادهم في سبيل التزام المجتمعات المسلمة برسالة الإسلام في المرأة، فتجد في كلام من يجيز كشف المرأة لوجهها نصوص تحريم الخلوة، وأن المرأة ليس أهلاً لحضور مجامع الرجال أو الولاية ، والحثّ على قرار المرأة في بيتها، والأمر بغضّ البصر ..
وأحكام كثيرة جدّاً أجزم أن كثيراً من القرّاء –لو علموها- لرموا قائليها بالتشدّد في التعامل مع المرأة وأنّ موقفهم مبالغ فيه، ويكفي أن تعلم أن الإمام ا لذي ينسب إليه القول بجواز كشف المرأة يقول (ولا أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال، وإن كانت ضرورة ولا سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها وهي خلفه، ويجعل بين الرجل والمراة في القبر الواحد حاجز من تراب)
فأين هذا ممن يلتهب من مرأى النساء المسلمات المتحجّبات فيعيد المرّة والكرّة ويجتهد الليل والنهار في سبيل إقناع المجتمع السعودي بأن يخلع عن نفسه حجاب الستر والعافية لأن في المسألة خلافاً، بينما تجهر عينه صور العري والخلاعة والابتذال الذي يشيع في وسائل الإعلام المثيرة للغرائز والمشيعة للفواحش فلا يتحرّك ساكناً، ولا يفهم من تلك المشاهد إلا مسألة الخلاف الفقهي في كشف الوجه!
إن من محاسن نساء هذا المجتمع الطيّب أن الحجاب الكامل ما زال هو لباسهنّ وفخرهنّ، وهو سلوك تبعوا فيه حكم الإسلام في وجوب الستر الكامل للمرأة في ذهابها وإيابها حفظاً لها وصيانة للمجتمع المسلم النقّي من وسخ المنكر، وهو على أقل أحواله سنّة وفضيلة شرعيّة حثّت عليها الشريعة واتفق عليها العلماء ..
فما أدري .. ما تريد تلك الأقلام والأفواه ..؟
ما الذي يغيظها من شيوع هذه العبادة الشرعيّة؟ وهبْ أنها سنّة فقط ما الذي يزعجك من عناية النساء بالسنّة والتزامهنّ بها؟
وهبْ ما شئت .. فهي عادة رضيها الناس وعاشوا عليها وحققت لها الأمن والصيانة، فلم الاستماتة في محاربتها ..؟
ولِمَ تتلاحق المقالات والتحقيقات الإعلاميّة في تعليم الناس بوجود خلاف فقهي في مسألة كشف الوجه وتنسى أن تعلّم نفسها حرمة وجرم ما تمارسه من إثارة للفتنة وتهييج للغرائز وزجّ للمجتمع في أتون الشهوات بالتفنن في نشر الصور النسائية السلعيّة؟
إني مؤمن بوجوب حسن الظنّ بالمسلمين، وبفضيلة التماس المعاذير للأفعال المختلفة غير أنّي اعترف أني عاجزٌ تماماً عن إدراك عذر معتبر لمن يجتهد في الدعوة إلى كشف المرأة لوجهها في مثل المجتمع السعودي، وقد يغتفر من الإنسان الكلمة والإشارة، وأما المتابعة والملاحقة فهو انحراف فكري مقطوع الصلة عن أي خلاف أو قول فقهي، ولا أحسب من يغيظه منظر الحجاب ويسعى لإزاحة ستاره عن المجتمع له سبب مقنع إلا من مرض في قلبه جعل نفسه تشمئز من رؤية شعائر الله ظاهرة. |