حينما توهم الانجليز أنهم في طريقهم إلى الفوز بعد هدف اوين في مرمى البرازيل .. وظنوا انهم قادرين على المحافظة على هدفهم وانهم قادرين على إغلاق المنافذ أمام البرازيليين كما فعلوا في الارجنتين من قبل ..
لكنها البرازيل وليست الارجنتين ( فتحوا عيونكم ) .. البرازيل حيث الخيارات الهجومية المتعددة .. رونالدو .. ريفالدو .. رونالدينو النجم القادم بكل قوة ..
ورغم النقص في الشوط الثاني لم يشعر أحد بأن البرازيل يلعبون ناقصين .. لعبوا أفضل من الانجليز دفاعيا وهجوميا وفي وسط الملعب .. رغم النقص .. وأي نقص .. انه رونالدينو نجم البرازيل والمباراة الأول .. صنع الهدف الأول من لاشيء بكل مهارة .. تلاعب بالمدافع الانجليزي ووضع نفسه في مكان خطر جداً على المرمى الانجليزي .. ثم مرر الكرة بكل براعة إلى ريفالدو أمام المرمى بدون مضايقة ( وريفالدو في مثل هذه الأوضاع من سابع المستحيلات أن يفشل في إصابة المرمى ) .. فعل رونالدينو كل ذلك رغم التكتل الدفاعي من الانجليز .. كانوا متقدمين وقتها ويفعلون كما فعلوا أمام الارجنتينيين .. تمسيك ورجوع كل اللاعبين بما فيهم بيكهام إلى مرماهم لكن رونالدينو ما عنده يمه ارحميني ولا يعيقه التكتل ..
وسجل الهدف الثاني بكل براعة ودقة من مسافة بعيدة لم يتوقع أحد وقتها أنه ينوي التسديد في المرمى مباشرة .. وفي الزاوية البعيدة أيضاً ( اعتقد أنه واحد من أجمل أهداف البطولة إن لم يكن أجملها على الإطلاق ) ..
لقد كان محقاً سكولاري مدرب البرازيل حينما قال انه يتوقع أن يكون رونالدينو واحد من أبرز نجوم البطولة ..
لم يكن واضحاً ما كان يفعله رونالدينو في المباريات الماضية رغم أنه كان يبدع .. لكن أحداً لم يتابعه .. ولم يكن يحصل على الأضواء التي يستحقها .. لكنه كان يتصاعد من مباراة لأخرى .. ثم في أقوى المباريات وفي أخطر المراحل .. ظهر رونالدينو بكل مهارة وإبداع .. وصنع لفريقه الانتصار .. لا أشك أن البرازيليين الآن لا يتحدثون إلا عن رونالدينو في المباراة .. أكل الجو من رونالدو ومن ريفالدو ومن بيكهام ومن أوين ( وهؤلاء هم أفضل لاعبي البطولة ) ..
وميزة رونالدينو الرائعة هي التي جعلته لا يظهر منذ البداية .. وهي التي حجبت إبداع رونالدينو عن المتابعين .. ميزته أنه يلعب بعقلية احترافية تفوق الوصف .. لا يضاهيه من حيث العقلية أحد .. يمرر حيث يجب أن يمرر .. ويحاور حيث يجب أن يحاور .. ويسدد حيث يجب أن يسدد .. ويتواجد في الأماكن التي يجب أن يكون فيها .. لا يتأخر في التفكير لنفسه .. رونالدينو فعلاً في هذه المباراة نجم كبير كبير كبير ..
لكن البرازيل ستفتقد لخدماته في دور الأربعة أمام الفائز من السنغال وتركيا .. ورب ضارة نافعة بالنسبة لنا .. ففي الوقت الذي سنفتقد للفن والمتعة التي يقدمها رونالدينو خلال المباراة القادمة وهو الذي للتو كشف عن نجوميته الكبيرة .. ونحن والعالم أجمع .. للتو عرفنا من يكون وماهو وزنه في الملعب .. في الوقت الذي يغيب فيه عن المباراة القادمة فإننا سنكسب نقصاً في البرازيل .. وذلك من صالح بلد مسلم ..
وإذا كنا نتمنى باعتبارنا مسلمين أن يفوز ( السنغال أو تركيا ) أمام البرازيل في دور الأربعة .. وبالتالي يصل بلد مسلم إلى المباراة النهائية .. إذا كنا نتمنى ذلك .. فإنه في حال فازت البرازيل .. وإن كنا سنحزن لفوزهم .. فإننا لن نعدم المتعة بصراحة .. حيث سنستمتع برؤية إبداعاتهم بقيادة النجم الصاعد رونالدينو وهم يدكون مرمى الألمان في الغالب في المباراة النهائية ..
لأول مرة منذ نهائي كأس العالم 98 أرى البرازيل تقدم مستوى رائع بهذا الشكل .. وإذا ما استمرت على ذلك المستوى فلا أمل للمنتخبات الأخرى في البطولة .. فإن أمر البطولة حين إذ محسوم إلى البرازيليين ..
وأتوقع شخصيّاً أن البرازيل بعد مباراة انجلترا قد استعادت ثقتها في نفسها كثيراً كثيراً .. وأتوقع أنها عادت إلى القمة بعد ضياع واهتزاز دام أربع سنوات .. لا أشك في أنهم راضين عن أنفسهم تماماً بعد هذه المباراة .. والمسألة ليست فقط في نجاحهم في الوصول لدور الأربعة .. ولكن في مستواهم المتميز أمام أفضل المنتخبات في هذه البطولة ( المنتخب الانجليزي ) بدليل أنه سجلوا في مرماه هدفين .. وهو المرمى اللذي لم يستقبل قبل هذه المباراة إلا هدفاً وحيداً .. رغم اهتزاز المدافع رقم ثلاثة .. وهو الوحيد الذي لم يكن مقنعاً في المباراة من البرازيليين .. لكن البقية كانوا أفضل من المنتخب البرازيلي الفائز في كأس 94 ولا أبالغ ..
أتوقع جازماً أن رونالدينو سيغادر فريقه الفرنسي إلى أحد الفرق الكبرى في العالم في أحد الدوريات الأقوى ( الدوري الايطالي أو الاسباني أو الانجليزي ) .. والأقرب أن ينتقل إلى فريق انجليزي كبير لأنهم شاهدوه أكثر من غيرهم وعن قرب .. وكانت مأساتهم على يده .. والقط يحب خنّأقه .. إلا إذا واصل البروز والتألق في المباريات القادمة فإن الجميع سيبحث عنه وحينا سيكون أقرب إلى الدوري الاسباني أو الايطالي منه إلى الانجليزي حيث الامكانات المادية أقوى .. وتذكروا كلامي ..
ورغم أنه واضح أنني معجب بأداء البرازيليين بدرجة كبيرة .. ومعجب بمستوى لاعبيه وخصوصاً رونالدينو .. إلا أن هذا لا يعني أنني أشجعهم .. حتى لو تأكدت من أن الساحة قد خلت من كل المنتخبات المسلمة فإنني لن أشجع غيرهم .. وإنما سأكتفي بالمتعة .. وسأفضل أن يكون البرازيليين موجودين في البطولة حتى المباراة النهائية .. والمسألة ليست متناقضة .. فأنا لا أفضل ذلك حبّا فيهم .. أو حرصاً على مصالحهم .. وإنما رغبة في الاستمتاع لنفسي وليس لهم .. هذا إذا فقدت الأمل في فوز أحد المنتخبات المسلمة .. وأؤكد بأنني لا أناقض نفسي ولا أخدع نفسي أو أغصبها على شيء بينما هي ترغب في شيء آخر .. المسألة بالنسبة لي محسومة وواضحة .. وحتى تفهموا تفكيري وتقتنعوا من وضوح موقفي أكثر .. تخيلوا لو أن منتخبنا تألق في البطولة وواجه البرازيل في دور الأربعة .. هل سترغبون في داخلكم أن يهزم المنتخب السعودي رغم أنكم تعلمون أنهم أمهر من لاعبينا وأكثر إمتاعاً ؟ .. أم ستتحمسون للمنتخب السعودي لدرجة الحقد على البرازيليين حتى رغم جمال مستواهم ؟ .. أنا أنظر إلى المنتخبات المسلمة كما لو كانت هي منتخب بلادي .. لأنهم يدينون بديني .. وأنا أفتخر بكوني مسلماً .. وأحرص على أن ينجح المسلمون في كل شيء حتى أفاخر الأمم الأخرى بأهل ملتي .. وإخواني في الدين ..
أمنية : أتمنى في حال خرجت المنتخبات المسلمة ( وهو أمر متوقع في الواقع ) أتمنى أن تتقابل البرازيل مع الألمان في النهائي لأشفي غليلي على المنتخب الألماني ..ومرة أخرى أقول أنني إذا كنت أتمنى للبرازيل أن تلتهم الالمان وتهزمهم شر هزيمة فإن دافعي لذلك ليس حبّاً في أحدهما .. وإنما لأسباب أخرى لا تخفى على أي سعودي بالذااااات ..