[c] [/c]


ما بين مونديال 1982 ومونديال 2002 نتوقف مع المنتخب الإيطالي، فقبل 20 عاماً تعرض الطليان لمأزق حقيقي في الدور الأول لكأس العالم الثانية عشرة التي استضافتها إسبانيا خلال الفترة من 13 يونيو وحتى 11 يوليو، وبدأ المنتخب الإيطالي مهمته في المجموعة الأولى بالتعادل مع بولندا بدون أهداف ثم تعادل مع البيرو 1/1 حيث سجل لإيطاليا كونتي بينما أحرز دياز هدف البيرو، وكان المنتخب الإيطالي على موعد مع الكاميرون في ختام مبارياته بالدور الأول، وتعامل الطليان مع الموقف على أنهم خارجون من المونديال، فبدو في حالة استرخاء كاملة، وبرغم مبادرتهم بالتسجيل في مرمى الكاميرون بهدف جارزياني في الدقيقة 61 إلا أن مبيدا الكاميروني أدرك التعادل بعد ذلك بدقيقة واحدة وتنتهي مباريات المجموعة فتتساوى إيطاليا مع الكاميرون في كل شيء خلف منتخب بولندا، جمع كل منهما ثلاث نقاط من ثلاثة تعادلات، وبدون أي فارق في الأهداف، سجلت الكاميرون هدفاً ودخل مرماها هدف، وسجلت إيطاليا هدفين ودخل مرماها هدفان، وصعدت إيطاليا للدور الثاني لأنها سجلت هدفين بينما سجلت الكاميرون هدفاً واحداً!
وتصور الكثيرون أن الطليان الذين صعدوا بعملية قيصرية، سيغادرون البطولة في الدور الثاني الذي كان يقام بطريقة المجموعات، ولعبت إيطاليا في مجموعة الأرجنتين والبرازيل، ولشد ما كانت دهشة العالم عندما انتفض الطليان وهزموا الأرجنتين 2/1 ثم أجهزوا على البرازيل بثلاثية باولو روسي، وانتهت المباراة إيطالية 3/2 ليصعد الطليان الى نصف النهائي ليقابلوا بولندا مرة أخرى وفازت إيطاليا بهدفين نظيفين لباولو روسي، وفي المباراة النهائية كان الدور على ألمانيا التي سقطت أمام إيطاليا 2/،3 ليعود الطليان الى روما بلقب أشبه بالحلم، بينما عاد الألمان الى ميونيخ، بكل الأسف والحسرة!
وعندما نستعرض ذكريات لا ينساها تاريخ المونديال، فإننا لا نستبعد أن يتكرر المشهد الإيطالي في مونديال 2002 فالصعود الصعب جداً عبر البوابة المكسيكية، يمكن أن يكون دافعاً معنوياً يذهب بالطليان لأبعد مما يتصورون!
___
القاسم المشترك بين السعودية وتونس ممثليّ العرب في مونديال 2002 أن السعودية فازت بالمركز الأخير في المجموعة الخامسة، وتونس جاءت في المركز الأخير بالمجموعة الثامنة·
وأمجاد يا عرب أمجاد!
·· وفي الجانب الآخر احتلت السعودية بطل المجموعة الأولى بالتصفيات الآسيوية المركز الـ32 في النهائيات بينما احتلت الصين بطل المجموعة الثانية بنفس التصفيات المرتبة الـ31 في النهائيات!
ولا تعليق!
___
مشكلة المنتخب التونسي الشقيق في مباراته مع اليابان اليوم أن مدربه عمار السويح لم يكن يعرف ما يريد، برغم أن الحسابات كانت تفرض على نسور قرطاج أن يهاجموا إذا ما أرادوا الفوز بهدفين للصعود للدور الثاني، ولكن الفريق لم يهاجم ولم يدافع وضاعت معالمه فودع البطولة للمرة الثالثة دون أن يحقق حلم تجاوز الدور الأول!
أما المنتخب الياباني فقد حقق مع الساحر فيليب تروسيه إنجازاً تاريخياً بالصعود للدور الثاني في ثاني مشاركة له بالنهائيات وبذلك أوفى تروسييه بما وعد عندما صرح عقب فوز اليابان ببطولة أمم آسيا لبنان 2000 إن فريقه يطمح في أن يكون واحداً من أفضل 20 منتخباً في العالم، وجاء مونديال 2002 أكثر كرماً عندما وضعه- مبدئياً- ضمن أفضل 16 منتخباً في كأس العالم وربما حقق اليابانيون ما هو أفضل من ذلك، بعد أن تحاشوا لقاء البرازيل في دور الـ·16
وكلمة حق فإن فوز اليابان ببطولة المجموعة الثالثة على حساب منتخبي بلجيكا وروسيا الأكثر خبرة، يعد انتصاراً للكرة التي تسير وفق خطط علمية مدروسة لا علاقة لها بالعشوائية أو التخبط·
***
من بين غرائب المونديال، وما أكثرها، إن كوريا في منتصف العشرينيات أقدم على الانتحار قبل ساعات من مباراة منتخب بلاده مع البرتغال حيث أضرم النار في نفسه وترك رسالة يقول فيها: اخترت الموت لأن كوريا الجنوبية تحتاج لبذل مجهود كبيرة لتنافس فرق أوروبا وأميركا الجنوبية، سأكون شبحاً واللاعب رقم 12 في الملعب وسأبذل قصارى جهدي من أجل فريقنا·
فعلاً·· من الحب ما قتل!



نغمة الهزيمة!

لسنا أفضل من فرنسا والأرجنتين والكاميرون ونيجيريا ·
نغمة بدأت تتردد بقوة في الشارع العربي بعد ان ودع سفراؤنا المونديالي من الدور الأول وخرجت السعودية وتونس صفر اليدين دون ان يترك أي منهما بصمة تذكر بل انهما سحبا من رصيد الكرة العربية في كأس العالم!
ولم يحصل منتخبا السعودية وتونس سوى على نقطة واحدة فقط من 6 مباريات عندما تعادلت تونس مع بلجيكا وايضا لم يسجلا سوى هدفٍ واحدٍ في 540 دقيقة مقابل 17 هدفا دخلت مرمييهما منها 12 هدفا في شباك محمد الدعيع!
الحصيلة النهائية مؤلمة ومفزعة لانها أعادت الكرة العربية الى عصور التخلف الكروي في وقت نرى فيه الكثير من الدول الصغيرة حولنا تتقدم خطوات واسعة للأمام·· والمؤسف ايضا ان العديد من المنتخبات العربية تركت بصمات لا تنسى في بطولات العالم السابقة قبل ان تدخل زمن الاحتراف ويزداد الاهتمام باللعبة وتسخر كل الامكانيات تحت أقدام اللاعبين، وفازت الجزائر على المانيا في عصرها الذهبي 2/1 عام 1982 وتعادلت تونس ايضا مع المانيا بطلة العالم بدون أهداف في مونديال 1978 وصعدت المغرب الى الدور الثاني في بطولة 1986 بعد ان تصدرت مجموعتها التي تضم انجلترا والبرتغال وبولندا وخسرت أمام المانيا بصعوبة قبل دقيقتين من نهاية المباراة·
ورغم الأداء الدفاعي لمنتخب مصر في مونديال 1990 بايطاليا إلا انها تعادلت مع هولندا بطلة أوروبا 1/1 وأيرلندا بدون أهداف وخسرت بصعوبة من إنجلترا بهدف واحد فقط ثم جاءت السعودية عام 1994 بالولايات المتحدة لتواصل المسيرة وتصعد الى الدور الثاني وتخسر من السويد 3/·1
وفي آخر بطولة قدمت المغرب عروضا رائعة وكانت الأقرب للتأهل الى الدور الثاني لولا فوز النرويج المفاجىء على البرازيل ليصعدا معا·
واليوم في كوريا واليابان عجزت الفرق العربية عن تحقيق فوز واحد فقط·· بل انها عجزت عن تقديم عروض مقنعة لان السعودية وتونس لم يلعبا وذهبا الى كوريا واليابان وهما يحملان شعاراً انتهت مدة صلاحيته منذ سنوات وهو شرف المشاركة ·· فالسنغال التي تشارك لأول مرة في تاريخها كانت الأولى باستخدام هذا الشعار وليس فريقين يشاركان للمرة الثالثة في تاريخهما، الشرف الحقيقي اليوم في كرة القدم هو ان تلعب وتقدم أفضل ما عندك ولا أعتقد ان هناك مناسبة أهم وأغلى من كأس العالم تستحق ان يبذل فيها لاعبونا أقصى مالديهم خاصة وان العالم كله يتابع هذا الحدث الضخم·
إلا ان المشاركة في المونديال اليوم أصبحت مأزقاً لمنتخباتنا العربية لأن أقصى أحلامنا هو التأهل الى كأس العالم وأن نصرف الملايين على المدربين الأجانب والاستعدادات ونتقاتل بكل شراسة في التصفيات·· وعندما نتأهل مع أقوى 32 دولة في العالم لا نعرف ماذا نفعل وماذا نريد لأن أقصى طموحاتنا توقف عند حدود التأهل، ونردد نغمات مختلفة حول صعوبة المجموعة·· ونقول ماذا سنفعل أمام المانيا او الكاميرون او اليابان أصحاب الأرض ونبرر للهزائم قبل ان تبدأ المباريات في الوقت الذي تحقق فيه منتخبات صغيرة مثل السنغال مفاجآت ضخمة·· وشاهدنا كيف أحرجت الدنمارك بطلة العالم·· وماذا فعلت المكسيك مع إيطاليا·· حتى أميركا التي لم يتجاوز عمرها الكروي العشرين عاما فازت على البرتغال·
هؤلاء حققوا مفاجآت لانهم حضروا الى كوريا واليابان لكي يلعبوا كرة قدم حقيقية ويستعرضوا قدراتهم أمام العالم اما نحن فقد حضرنا لكي نشارك فقط بدون أي هدف·
وبكل صراحة اذا كانت المشاركة في كأس العالم ستكون بهذا المستوى فنحن لا نريدها حتى نحافظ على صورتنا أمام العالم·
واذا كان البعض يرى ان خروج السعودية وتونس أمر طبيعي في ظل خروج الأرجنتين وفرنسا والكاميرون فان هذا مبرر غير منطقي·· لأن هذه الدول الكبرى التي خرجت صنعت تاريخاً وفازت ببطولات، اما نحن فمازلنا نبحث عن مكان تحت شمس المونديال وعندما نحصل على بطولة العالم مثلهم وقتها يمكن ان ندخل في مقارنة معهم·
والخروج من الدور الأول ليس نهاية العالم وهذا يحدث لنا ولهم ولكن عندما تخرج دون ان تلعب وتحضر لكي تشارك فقط فتلك هي الكارثة!
ولا يجب ان نشعر بالحزن والغضب على خروج السعودية وتونس لانهما خسرا قبل ان تبدأ البطولة ولم يكن أي منهما مرشحا للفوز بالبطولة مثل فرنسا او الارجنتين!
واذا كانت السعودية قد دخلت التاريخ من الباب الخلفي بأهداف المانيا الثمانية فإن النجم التونسي رؤوف بوزيان أصبح أول لاعب عربي وافريقي في تاريخ نهائيات كأس العالم يسجل هدفا من ضربة حرة مباشرة!!
وهذا كل ماخرجنا به من مولد المونديال·· وكل أربع سنوات وأنتم بخير·