بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، أما بعد:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و أسعد الله أوقاتكم بكل خير .

قبل أن أطرح عليكم موضوعي المتواضع ، إسمحوا لي أن أقول لكم هذه القصة القصيرة التي أتمنى أن لا تأخذكم عن المغزى الحقيقي للموضوع :

ففي مباراة الهلال و نجران ، كنت قد دُعيت عند أحد الأصدقاء لمناسبة ليست بخاصة ، و بما أن أكثر الحاضرين ليسوا مهتمين بالرياضة ، فقد كنت أنا الوحيد المشاهد و
< المركـّز > على التلفزيون ، وعلى الرغم من ثقتي بالزعيم ، إلا اني قد كنت مشدوداً من دون أن أعلم ، و في لحظة ، سجل الهلال هدفه الأول - لا شعورياً - وقفت و صفقت !
و بعد مضي 10 ثواني تقريباً ، أيقنت حرج موقفي ، و أن معظم الموجودين - ان لم يكن جميعهم - ضحكوا من خلف ظهري !


أحببت أن أقص عليكم هذا الموقف المحرج بالنسبة لي ليكون مدخلاً لموضوعي المتواضع ، فمن رجل < ثقيل و شماغه كله نشاء > إلى رجل يصفق في مجلس حضوره < ما يمون عليهم > ! هذا التحول الذي طرأ علي و يطرأ بين الفينة و الأخرى عليكم إنما هو ناتج عن ردات فعل طبيعية تحكمها التشنجات التي هي من عواطفنا ، فقد يكون الانسان أكثر مخلوقات الله ذكاء وفطنة ولكن قلة من الناس فقط تحاول التعامل مع الأحداث بشكل منطقي أو تغلب المنهج العقلي على الموروث الشعبي ، و في المشرق العربي بالذات يتحول التعامل بالعواطف و الميول الى جزء من تركيبة العقل وأسلوب التفكير ، فالعقل البشري يمكن تربيته منذ الصغر للسير في اتجاهين مختلفين:

الأول : اتباع العواطف و الميول و ما نريد كواقع راسخ وحقيقة مطلقة "بل والاستشهاد بها لنقد أمور واقعة ومشاهدة" !
الثاني : العمل على التفكير المنطقي والمنهج العقلاني .


إن تصرفاتنا نحن الجماهير هي أولاً و أخيراً ناتجة عن الميول و العاطفة و "الطـَبع" ، فأنت أخي العضو لا تريد أبداً الجلوس معي و أنا اشاهد المباراة "فطبعي صراخ" ، و أنا لا أريد مشاهدتها معك لأنك أثناء الهجمة "تلعب بجوالك" ، نعم هناك فوارق بيني و بينك في ردة الفعل ، و لكن قد نتفق في تعاطفنا الأعمى مع أهوائنا ، فلذلك يجب علي و عليك أن نتقبل ( ما هية ) الآخر .

إن مشاهدة طرح المواضيع و الردود عليها بهذا الإسلوب "المسرف" يجعلنا <راكبين روسنا> و لا نريد الإقتناع ، لأن آراءنا أصبحت فريقين ، و نجتهد لمن ستكون الغلبة ! بعكس أن نرى في أنفسنا الخطأ و نصححه .

فلماذا نطرح الموضوع تلو الآخر فقط لنثبت أننا الأكثر و الأغلب ؟ ألم يحن الوقت لنكون "دكاترة" و "عباقرة" في ردة الفعل تجاه آراء الآخرين ؟


أما نصيحتي لك أخي الكريم: ردة فعلك خلها بعد أول 10 ثواني من الهدف ، و إلا يمكن تكب البيالة على كنب الرجال !