نعم إنه أنا ,, أنا ذلك صاحب الرداء ,, والجمال المبهور ,, أنا ذلك المغــرور ,, المتعجرف المتسلط ,, انا ذلك صاحبــ الوجه الملكي الشامخ ,,
حان حسابي .. قرب دفني .. أُنزلت إلى قبري .. سقُطت على كفني ادمع اخوتي .. سمعت اخوتي واقربائي يترحمون علي .. احسست بهول ما انا عليه .. إنني ممدة في بيتي ملجئ ومأواي إلى يوم الدين .. وضعت على جنبي الايمن .. أحسست بدفء أيادي .. اخوتي ترتفع عني .. وكأنهم يبلغونني انه حان وقت وداعي وتركي .. بدأوا يهلون علي التراب .. سمعت همسات حزنٍ على حالي .. كانوا يدعون لي بأن يثبتني الله عند السؤال .. كانوا يتضرعون لله ليخفف عني عذاب هذا القبر ..
أي عذااب .. ؟ وأي سؤال ..؟ أليس الموت هو نهــاية حياة الإنسان .. ؟ أليس الموت راحة لكل البشــر ..؟ هذا ما كنت اسمع به ,, وهذا ما علمونا إياه ,, ولكن أي نحن من البرزخ وعذاب القبر والسؤال .. ؟ أي نحن من تلك الحياة الأخروية ,, ؟ كم ضيعت وضيعت ,, ؟ كم تساهلت وأسرف ,, ؟ كم تبرجت وتجملت ,, ؟
منذُ صغري وانا اعشق جمال وجهي ,, أحسسته نعمة من خالقي ,, حافظت عليه بس أسرفت في المحافظة عليه ,, دائماً كنت انام والمساحيق على وجهي ,, كبرت وكبر معي عشقي ,, جمالي هو عنواني هو بطاقة مروري ,,
كنت لا اعير احدا اهتماما ,, كان الجميع يهل علي للسلام والترحيب كان ضوء وبريق وجهي يعكس إعجااابهم بي ,, وكنت ما البسه يفوق ما يلبسه أي أحد ,,
كنت لا أعرف إلا صاحبات الطبقات المرموقة ,, دائماً كنت ارتدي أفخم الملابس واحسنها جودة ,, كنتُ أعشق الجديد والموضة ,, أحب تلك الملابس اللي تبرز مفاتني ,, وجمالي أمام زميلاتي واساتذتي ,, أشعر بالحياة عندما ارى استاذا او دكتورا يمتدحني ويثني على اناقتي ,, بس احس بمعنى الحياة عندما اقف بالقرب من فتاة تعاني الفقر أو ربما فتاةٌ لا تعرف معني الموضه ,, أرى تلك الأبصار تنظر إلي ,, احس بنظراتهم تتلمس جمالي وجمال ما اردتيه ,, اعتدت ان ارفع شعري وازينه بأجمل الحُلي للشعر ,, وان ارسم عيناي وابرز البريق فيهما .. وعشقت ملابسي التي تلفت انتباه الجميع لأناقتي ,, وعباءتي المطرزة الخطيـرة ,,
لحــظة ,, ألست أنا الآآن في قبري ,, أنتظر السؤال ,, ؟ ألست اليوم بعيدةً عن هؤلاء البشر ,, لا احد يراني او يُسمعني مدحه ,, ألست اليوم اغطى بكفن لا يسوي حقيبة أحملهااا ,,
أين أنا .. . ؟ ولم تركت وحيد .. ؟ أين من أحبنى واعجب بجمالي .. ؟ أين من بهرتها رسمةُ عيناي ومدحتني ..؟ اي اساتذتي وزميلاتي .. ؟ أين دفئ مخدتي .. وملابسي الناعمة .. أين وأين .. واين .. ؟؟
هذا أجلي واليوم حملت على الأعناق ,, اليوم أنسى من قبل الأحباب والأصحاب ,, اليوم ذرفت علي أخر الدمعات التي تعلن نسيان إنسان تذكره قابض الأرواح ,, اليوم ودعت ملابسي وحقائبي وكل ما هو جديد وجميل في حياتي ,, اليوم انسى تحت الثرى وينهش الدود في جسدي الذي طالما احببت التباهر فيه ,,
اليوم واليوم واليوم .. ؟؟؟
أين انا من رمضان وايااامه ,, أين انا من ليلة قدرٍ ,, ؟ أين كنت غافلة عن أيامٍ مباركة ,, ؟ أين أصحابي الذين تعودت على سهراتهم في ليل رمضان ,, ؟ أين مصحفي اللي غطى الغبار عليه ,, ؟ أين سجادتي التي لا أعرف عنها شيئا ,, ؟ أين واين وأين .. ؟؟
ربي ارزقني قلباً صافيا خالصا في حبك .. ربي ارحمني واشملني بمغفرتك .. ربي اني اعلم انني قصرت في عباداتي وتجاهلت فروضي .. ربي انك غفور رحيم تحب العفو فاعف عني .. ربي بلغني ليلة القدر واعتقني فيها من النااار .. واعتق جميع اخواني المسلمين .. ربي اهدي تلك القلوب الغافلة عنك وعن رحمتك .. ربي أدخلنا مدخل صدق .. واجمعنا بالأبرار والصالحين ..