لا تزال تلك العتمة تأبى أن تنجلي .. موحش هذا المكان سكون لا يقطعه سوى صوت أنفاسي المرهقة .. صرير الرياح ينبئ ببرد قارص قادم .. أحرقني ذلك الدفء الذي أحس به .. ثورة المشاعر بداخلي بلغت أوجها ؟ غضب وحيرة وآلام ونفور .. فأي شيء فعلت يا سيدي ؟ أي شيء فعلت جعلني في لحظة واحده أشعر بأمل فيئست !! أي شيء فعلت جعلني في لحظة واحده أحس بثمني فزهدت !! أي شيء فعلت جعلني في لحظة واحده أتلذذ بنشوة الإنتصار فخسرت !! أي شيء فعلت جعلني في لحظة واحده أتماثل للشفاء فـ انجرحت!! أي شيء فعلت جعلني في لحظة واحده أتنفس فـ اختنقت !! أي شيء فعلت جعلني في لحظة واحده أبصر فـ انعميت !! بربك ما الذي فعلته بي جعلني في لحظة واحده كمن ردت إليه الروح فـ استبشر خيراً وما لبث أن نزعت منه فلم يشعر حتى بسكرات الموت !! أي شيء فعلت جعلني أشعر بتلك اللحظات في لحظة واحده فقبضت ثمن الحب كاملاً بدلا من أن اقبضه دفعات !! تلك الطعنات التي مازالت آثار ندباتها جلية واضحة على جسدي .. تناشدك , ما عاد في قلبي متسع آخر لجروحك .. ولم تعد في الشرايين دماء كافية لتنزف ! ولم يعد بذلك الجسد روح لتخرج ! ما الذي أحتاجه لأقتلك بي ؟ مؤلم أن أحد لك سكينك لأقتلني بدلاً عنك ؟ لكن ما حيلتي ؟ أصعب الحلول آخرها وآخر الحلول هو أصعبها .. كتبت لك ذات مرة في مساء أرهقني حزنه .. أنني لست كأي أنثى .. مازلت رغم جبروتك وطغيان قسوتك أقف عارية عن كل ما قد يحجب حبي لك عنك .. متجردة من كل كيد نون النسوة .. معاهدة على أنك الوحيد الذي وهبت له نفسي .. الوحيد الذي لرضاه أغضب الدنيا بأكملها مني .. الوحيد الذي أحببته لدرجة جعلتني أغفر لك ما لا يغتفر فأتيتني لتلقي علي بما لا يغتفر؟ أحسنت لي كثيراً .. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ أقسمت حينها .. أنك تحبني .. وأقسمت أن ستستسهل الصعاب .. وتضحي من أجلي أقسمت أنك لن ترحل يوماً وتتركني .. أقسمت أن تحفظني في غيابي عنك وفي حضوري .. أقسمت أن لا ترى عيناك أنثى غيري .. أقسمت وأقسمت وأقسمت .. ومازلت حتى هذا المساء اسأل نفسي ؟ هل كنت رجل كثير القسم ؟ أم أنا من كانت المرأة كثيرة التصديق ؟ يا سيدي .. لم يعد في الجفن مداد لينهمر جفت الأقلام .. ونفذت أوراقي .. سلبتني الروح وأضعتها تلك المشاعر من يلملم ذلك الشتات ؟ من يحميها من غربة مزقتها ؟ من يقطع عليها طريق هجرتها ؟ فلا معتقلك ترضى .. والوطن في قلبي أمسى منفى !! أيا نفسي .. أستودعك الله فيما تبقى .. Share Share this post on Share on Facebook Share on Twitter
الوضع الشجري
