نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي

نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي (http://vb.alhilal.com/)
-   منتدى الثقافة الإسلامية (http://vb.alhilal.com/f55/)
-   -   تفسير سورة محمد (4) (http://vb.alhilal.com/t674751.html)

سامي صعب يتكرر 30/11/2008 10:57 AM

تفسير سورة محمد (4)
 
ثم ذكر تعالى حال المتولي عن طاعة ربه، وأنه لا يتولى إلى خير، بل إلى شر، فقال‏:‏


‏{‏فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم‏}
‏ أي‏:‏ فهما أمران، إما التزام لطاعة الله، وامتثال لأوامره، فثم الخير والرشد والفلاح، وإما إعراض عن ذلك، وتولٍ عن طاعة الله، فما ثم إلا الفساد في الأرض بالعمل بالمعاصي وقطيعة الأرحام‏.‏


‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ‏}
‏ أفسدوا في الأرض، وقطعوا أرحامهم

‏{‏لَعَنَهُمُ اللَّهُ‏}
‏ بأن أبعدهم عن رحمته، وقربوا من سخط الله‏.‏


‏{‏فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم‏}‏
أي‏:‏ جعلهم لا يسمعون ما ينفعهم ولا يبصرونه، فلهم آذان، ولكن لا تسمع سماع إذعان وقبول، وإنما تسمع سماعا تقوم به حجة الله عليها، ولهم أعين، ولكن لا يبصرون بها العبر والآيات، ولا يلتفتون بها إلى البراهين والبينات‏.‏



‏[‏24‏]‏ ‏{‏أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا‏}‏
أي‏:‏ فهلا يتدبر هؤلاء المعرضون لكتاب الله، ويتأملونه حق التأمل، فإنهم لو تدبروه، لدلهم على كل خير، ولحذرهم من كل شر، ولملأ قلوبهم من الإيمان، وأفئدتهم من الإيقان، ولأوصلهم إلى المطالب العالية، والمواهب الغالية، ولبين لهم الطريق الموصلة إلى الله، وإلى جنته ومكملاتها ومفسداتها، والطريق الموصلة إلى العذاب، وبأي شيء تحذر، ولعرفهم بربهم، وأسمائه وصفاته وإحسانه، ولشوقهم إلى الثواب الجزيل، ورهبهم من العقاب الوبيل‏.‏


‏{‏أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا‏}
‏ أي‏:‏ قد أغلق على ما فيها من الشر وأقفلت، فلا يدخلها خير أبدا‏؟‏ هذا هو الواقع‏.‏


‏[‏25ـ 28‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم‏}‏
يخبر تعالى عن حالة المرتدين عن الهدى والإيمان على أعقابهم إلى الضلال والكفران، ذلك لا عن دليل دلهم ولا برهان، وإنما هو تسويل من عدوهم الشيطان وتزيين لهم، وإملاء منه لهم‏:‏ ‏{‏يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا‏}‏
وذلك أنهم قد تبين لهم الهدى، فزهدوا فيه ورفضوه، و

‏{‏قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ‏}‏
من المبارزين العداوة لله ولرسوله

‏{‏سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ‏}
‏ أي‏:‏ الذي يوافق أهواءهم، فلذلك عاقبهم الله بالضلال، والإقامة على ما يوصلهم إلى الشقاء الأبدي، والعذاب السرمدي‏.‏


‏{‏وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُم‏}
‏ فلذلك فضحهم، وبينها لعباده المؤمنين، لئلا يغتروا بها‏.‏

‏{‏فَكَيْفَ‏}
‏ ترى حالهم الشنيعة، ورؤيتهم الفظيعة


‏{‏إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَة‏}‏
الموكلون بقبض أرواحهم،

‏{‏يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُم‏}
‏ بالمقامع الشديدة‏؟‏‏!‏‏.‏


‏{‏ذَلِكَ‏}
‏ العذاب الذي استحقوه ونالوه

‏{‏بـ‏}‏
سبب

‏{‏أنهم اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ‏}‏
من كل كفر وفسوق وعصيان‏.‏


‏{‏وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ‏}
‏ فلم يكن لهم رغبة فيما يقربهم إليه، ولا يدنيهم منه،

‏{‏فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم‏}
‏ أي‏:‏ أبطلها وأذهبها، وهذا بخلاف من اتبع ما يرضي الله وكره سخطه، فإنه سيكفر عنه سيئاته، ويضاعف أجره وثوابه‏.‏


‏[‏29ـ 31‏]‏ ‏{‏أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم‏}‏
يقول تعالى‏:‏

‏{‏أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏}
‏ من شبهة أو شهوة، بحيث تخرج القلب عن حال صحته واعتداله، أن الله لا يخرج ما في قلوبهم من الأضغان والعداوة للإسلام وأهله‏؟‏ هذا ظن لا يليق بحكمة الله، فإنه لا بد أن يميز الصادق من الكاذب، وذلك بالابتلاء بالمحن، التي من ثبت عليها، ودام إيمانه فيها، فهو المؤمن حقيقة، ومن ردته على عقبيه فلم يصبر عليها، وحين أتاه الامتحان، جزع وضعف إيمانه، وخرج ما في قلبه من الضغن، وتبين نفاقه، هذا مقتضى الحكمة الإلهية، مع أنه تعالى قال‏:‏

‏{‏وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُم‏}‏
أي‏:‏ بعلاماتهم التي هي كالوسم في وجوههم‏.‏

‏{‏وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ‏}
‏ أي‏:‏ لا بد أن يظهر ما في قلوبهم، ويتبين بفلتات ألسنتهم، فإن الألسن مغارف القلوب، يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر

‏{‏وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُم‏}
‏ فيجازيكم عليها‏.‏
ثم ذكر أعظم امتحان يمتحن به عباده، وهو الجهاد في سبيل الله، فقال‏:‏

‏{‏وَلَنَبْلُوَنَّكُم‏}
‏ أي‏:‏ نختبر إيمانكم وصبركم،

‏{‏حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم‏}
‏ فمن امتثل أمر الله وجاهد في سبيل الله لنصر دينه وإعلاء كلمته فهو المؤمن حقا، ومن تكاسل عن ذلك، كان ذلك نقصا في إيمانه‏.‏

‏[‏32‏]‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُم‏}‏
هذا وعيد شديد لمن جمع أنواع الشر كلها، من الكفر بالله، وصد الخلق عن سبيل الله الذي نصبه موصلا إليه‏.‏


‏{‏وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى‏}
‏ أي‏:‏ عاندوه وخالفوه عن عمد وعناد، لا عن جهل وغي وضلال، فإنهم

‏{‏لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا‏}
‏ فلا ينقص به ملكه‏.‏


‏{‏وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُم‏}
‏ أي‏:‏ مساعيهم التي بذلوها في نصر الباطل، بأن لا تثمر لهم إلا الخيبة والخسران، وأعمالهم التي يرجون بها الثواب، لا تقبل لعدم وجود شرطها‏.‏

تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

(((9الهلال15))) 30/11/2008 04:43 PM

جــزاك الله خيرا..

ننتظر القادم منك..

..:)


الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 02:48 AM.

Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd