#1  
قديم 26/11/2008, 01:26 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة محمد (1)

تفسير سورة القتال

وهي مدنية
‏[‏1ـ 3‏]‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

‏{‏ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُم‏}‏
هذه الآيات مشتملات على ذكر ثواب المؤمنين وعقاب العاصين، والسبب في ذلك، ودعوة الخلق إلى الاعتبار بذلك، فقال‏:

‏ ‏{‏الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏}
‏ وهؤلاء رؤساء الكفر، وأئمة الضلال، الذين جمعوا بين الكفر بالله وآياته، والصد لأنفسهم وغيرهم عن سبيل الله، التي هي الإيمان بما دعت إليه الرسل واتباعه‏.‏
فهؤلاء

‏{‏أَضَلَّ‏}‏
الله


‏{‏أَعْمَالَهُم‏}
‏ أي‏:‏ أبطلها وأشقاهم بسببها، وهذا يشمل أعمالهم التي عملوها ليكيدوا بها الحق وأولياء الله، أن الله جعل كيدهم في نحورهم، فلم يدركوا مما قصدوا شيئا، وأعمالهم التي يرجون أن يثابوا عليها، أن الله سيحبطها عليهم، والسبب في ذلك أنهم اتبعوا الباطل، وهو كل غاية لا يراد بها وجه الله من عبادة الأصنام والأوثان، والأعمال التي في نصر الباطل لما كانت باطلة، كانت الأعمال لأجلها باطلة‏.‏
وأما


‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُوا‏}
‏ بما أنزل الله على رسله عموما، وعلى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ خصوصا،


‏{‏وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}
‏ بأن قاموا بما عليهم من حقوق الله، وحقوق العباد الواجبة والمستحبة‏.‏


‏{‏كَفَّرَ‏}‏
الله ‏


{‏عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِم‏}
‏ صغارها وكبارها، وإذا كفرت سيئاتهم، نجوا من عذاب الدنيا والآخرة‏.‏

‏{‏وَأَصْلَحَ بَالَهُم‏}
‏ أي‏:‏ أصلح دينهم ودنياهم، وقلوبهم وأعمالهم، وأصلح ثوابهم، بتنميته وتزكيته، وأصلح جميع أحوالهم، والسبب في ذلك أنهم‏:

‏ ‏{‏اتبعوا الْحَقُّ‏}
‏ الذي هو الصدق واليقين، وما اشتمل عليه هذا القرآن العظيم، الصادر

‏{‏مِنْ رَبِّهِم‏}‏
الذي رباهم بنعمته، ودبرهم بلطفه فرباهم تعالى بالحق فاتبعوه، فصلحت أمورهم، فلما كانت الغاية المقصودة لهم، متعلقة بالحق المنسوب إلى الله الباقي الحق المبين، كانت الوسيلة صالحة باقية، باقيا ثوابها‏.‏


‏{‏كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُم‏}
‏ حيث بين لهم تعالى أهل الخير وأهل الشر، وذكر لكل منهم صفة يعرفون بها ويتميزون ‏{‏ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة‏}‏


‏[‏4ـ 6‏]‏ ‏{‏فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُم‏}‏
يقول تعالى ـ مرشدا عباده إلى ما فيه صلاحهم، ونصرهم على أعدائهم ـ‏:‏


‏{‏فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏
في الحرب والقتال، فاصدقوهم القتال، واضربوا منهم الأعناق، حَتَّى تثخنوهم وتكسروا شوكتهم وتبطلوا شرتهم، فإذا فعلتم ذلك، ورأيتم الأسر أولى وأصلح،

‏{‏فَشُدُّوا الْوَثَاقَ‏}
‏ أي‏:‏ الرباط، وهذا احتياط لأسرهم لئلا يهربوا، فإذا شد منهم الوثاق اطمأن المسلمون من هربهم ومن شرهم، فإذا كانوا تحت أسركم، فأنتم بالخيار بين المن عليهم، وإطلاقهم بلا مال ولا فداء، وإما أن تفدوهم بأن لا تطلقوهم حتى يشتروا أنفسهم، أو يشتريهم أصحابهم بمال، أو بأسير مسلم عندهم‏.‏
وهذا الأمر مستمر


‏{‏حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا‏}
‏ أي‏:‏ حتى لا يبقى حرب، وتبقون في المسألة والمهادنة، فإن لكل مقام مقالا، ولكل حال حكما، فالحال المتقدمة، إنما هي إذا كان قتال وحرب‏.‏
فإذا كان في بعض الأوقات، لا حرب فيه لسبب من الأسباب، فلا قتل ولا أسر‏.‏


‏{‏ذَلِكَ‏}
‏ الحكم المذكور في ابتلاء المؤمنين بالكافرين، ومداولة الأيام بينهم، وانتصار بعضهم على بعض


‏{‏وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُم‏}
‏ فإنه تعالى على كل شيء قدير، وقادر على أن لا ينتصر الكفار في موضع واحد أبدا، حتى يبيد المسلمون خضراءهم‏.‏


‏{‏وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ‏}
‏ ليقوم سوق الجهاد، ويتبين بذلك أحوال العباد، الصادق من الكاذب، وليؤمن من آمن إيمانا صحيحا عن بصيرة، لا إيمانا مبنيا على متابعة أهل الغلبة، فإنه إيمان ضعيف جدًا، لا يكاد يستمر لصاحبه عند المحن والبلايا‏.‏


‏{‏وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏}
‏ لهم ثواب جزيل، وأجر جميل، وهم الذين قاتلوا من أمروا بقتالهم، لتكون كلمة الله هي العليا‏.‏
فهؤلاء لن يضل الله أعمالهم، أي‏:‏ لن يحبطها ويبطلها، بل يتقبلها وينميها لهم، ويظهر من أعمالهم نتائجها، في الدنيا والآخرة‏.‏


‏{‏سَيَهْدِيهِم‏}
‏ إلى سلوك الطريق الموصلة إلى الجنة، ‏


{‏وَيُصْلِحُ بَالَهُم‏}‏
أي‏:‏ حالهم وأمورهم، وثوابهم يكون صالحا كاملا لا نكد فيه، ولا تنغيص بوجه من الوجوه‏.‏


‏{‏وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُم‏}
‏ أي‏:‏ عرفها أولا، بأن شوقهم إليها، ونعتها لهم، وذكر لهم الأعمال الموصلة إليها، التي من جملتها القتل في سبيله، ووفقهم للقيام بما أمرهم به ورغبهم فيه، ثم إذا دخلوا الجنة، عرفهم منازلهم، وما احتوت عليه من النعيم المقيم، والعيش السليم‏.‏

‏[‏7ـ 9‏]‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم‏}‏
هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي‏:‏ يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره‏.‏
وأما الذين كفروا بربهم، ونصروا الباطل، فإنهم في تعس، أي‏:‏ انتكاس من أمرهم وخذلان‏.‏


‏{‏وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُم‏}
‏ أي‏:‏ أبطل أعمالهم التي يكيدون بها الحق، فرجع كيدهم في نحورهم، وبطلت أعمالهم التي يزعمون أنهم يريدون بها وجه الله‏.‏
ذلك الإضلال والتعس للذين كفروا، بسبب أنهم

‏{‏كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ‏}
‏ من القرآن الذي أنزله الله، صلاحا للعباد، وفلاحا لهم، فلم يقبلوه، بل أبغضوه وكرهوه، ‏{‏فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم‏}‏


‏[‏10ـ 11‏]‏ ‏{‏أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُم‏}‏
أي‏:‏ أفلا يسير هؤلاء المكذبون بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ


‏{‏فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم‏}‏
فإنهم لا يجدون عاقبتهم إلا شر العواقب، فإنهم لا يلتفتون يمنة ولا يسرة إلا وجدوا ما حولهم، قد بادوا وهلكوا، واستأصلهم التكذيب والكفر، فخمدوا، ودمر الله عليهم أموالهم وديارهم، بل دمر أعمالهم ومكرهم، وللكافرين في كل زمان ومكان، أمثال هذه العواقب الوخيمة، والعقوبات الذميمة‏.‏
وأما المؤمنون، فإن الله تعالى ينجيهم من العذاب، ويجزل لهم كثير الثواب‏.‏




‏{‏ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا‏}
‏ فتولاهم برحمته، فأخرجهم من الظلمات إلى النور، وتولى جزاءهم ونصرهم،


‏{‏وَأَنَّ الْكَافِرِينَ‏}‏
بالله تعالى، حيث قطعوا عنهم ولاية الله، وسدوا على أنفسهم رحمته

‏{‏لَا مَوْلَى لَهُم‏}
‏ يهديهم إلى سبل السلام، ولا ينجيهم من عذاب الله وعقابه، بل أولياؤهم الطاغوت، يخرجونهم من النور إلى الظلمات، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‏.‏

تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27/11/2008, 02:22 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ زعيم تشلساوي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 21/04/2008
المكان: الدمـــــ07ـــــام
مشاركات: 2,566
جــــــــــزاااااااااااااااكـ الله خيـــــر ونفـــــع بـــــكـ ورده ورده ورده ورده
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27/11/2008, 09:07 AM
موقوف
تاريخ التسجيل: 06/06/2008
المكان: الـشـرقـيه
مشاركات: 7,139
جــزاكـ الله خيرا..

على المجهود الرائع والدائم منك..

اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27/11/2008, 05:55 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 25/10/2007
المكان: !! السعودية .. !!
مشاركات: 4,500
جزااك الله خير وبارك الله فيك
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 05:10 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube