على ان الصراع العربي الاسرائيلي بات حاضرا في هذه الانتخابات من خلال محاولة حملة جون مكين الانتخابية التركيز على علاقة بين باراك اوباما والدكتور رشيد الخالدي، استاذ التاريخ ودراسات الشرق الاوسط في جامعة كولومبيا، كون الخالدي من اصول فلسطينية وعمل كمتحدث لمنظمة التحرير في السبعينات من القرن الماضي. حملة مكين تحاول من خلال التركيز على هذه القضية ان تظهر اوباما وكأنه قريب للعرب والمسلمين ما سيؤثر عليه سلبا في عموم الحراك الانتخابي العام. اوباما يتهم انه وبسبب علاقته مع اشخاص من امثال الخالدي لربما يكون معاديا للسامية وهي تهمة خطيرة ومكلفة سياسيا في الولايات المتحدة.

تركيز حملة مكين; على هذه الجزئية لم يحدث للان اي آثار تذكر على استطلاعات الرأي بل ان هناك من يعتقد ان اوباما مستفيد لانه يظهر وكأنه الضحية لهجوم مكيني ساذج ما قد يقوي فرص فوزه، وان; حملة مكين تبدو بالمقابل وكأنها كالغريق الذي يتعلق بقشة، هذا بالاضافة للاضرار التي لحقت بمصداقية مكين لان المعهد الجمهوري الدولي كان قد منح مؤسسات رأسها وأسسها الخاالدي قروضا مالية عندما كان مكين يرأس مجلس ادارة هذا المعهد. هذه النوعية من المماحكات السياسية قد تنطوي ايضا على درجة مخاطرة سياسية على المستوى الاستراتيجي وقد تحدث تحولات جذرية في خارطة توزيع القوى السياسية والتحالفات التقليدية التي عرفت المشهد الانتخابي الاميركي لعقود، قد يحدث هذا اذا ما الحق بالفعل هجوم مكين على اوباما ضررا بهذا الاخير بناء على اتهامات له بمعاداته للسامية، وقد يؤدي لغضب شديد من قبل مناصري اوباما وشرخ التحالف التاريخي بين الاميركيين من اوصول افريقية واليهود الاميركيين والذي يعد من الاقوى منذ ان تمأسس هذا التحالف بعيد حركة التحرر المدني الذي قاده مارتن لوثر كنج في الخمسينيات من القرن الماضي.

تصريحات مرشحي الرئاسة تجعلنا نستقرئ ان البيت الابيض تحت قيادة اوباما سيكون على الاقل اكثر اندماجية في الصراع العربي الاسرائيلي بينما مكين سيستمر بوضع هذا الصراع ضمن عقلية "سأتدخل عندما تكون اطراف الصراع جاهزة" وهو الامر الذي نعلم جميعا انه لن يحدث في اي قريب عاجل حيث ان الاطراف غير جاهزة ولا تبدو مستعدة لان تكون جاهزة.

لا نعتقد ان اوباما يمتلك تصورا نهائيا وشاملا للتعامل مع الصراع العربي الاسرائيلي، ولكن اندماجيته بحد ذاتها اخبار جيدة لان اسوأ ما يمكن لرئيس اميركي ان يفعل فيما يختص بهذا الصراع هو تبني سياسة رفع اليد التي تبناها بوش في جل فترتي ولايته. اوباما سيمتلك تفويضا سياسيا داخليا وخارجيا بعد نجاحة بالتحرك والتغيير في العديد من الملفات التي افسدها من سبقه وهذا شرط ضروري وان لم يكن كافيا لاحداث تغيرات واختراقات في العديد من الملفات بما فيها الصراع العربي الاسرائيلي. يبقى على اوباما ان يحضّر درسه على مستوى الاستراتيجية والفحوى وينتج تصورا يمكن ان يشكل اطارا مقبولا لحل الصراع العربي الاسرائيلي.

محمد حسين المومني