يقول نائب رئيس تحرير الندوة فوزي خياط في ندوة عن التعصب : (بالحب يمكن لنا أن نحل أزمة التعصب) .. في اللقاء الإذاعي لمناقشة التعصب .
كيف يمكن لنا أن نعالج التعصب بالمسؤول عن التعصب .. وأعني الحب ؟
هل يمكن لك أن تقنع فتى عاشق لـ (باسكال) أن هناك من أجمل منها ؟
إن حاولت ستخرج محملا بـ (أنت لا تفقه بالجمال ، وأعمى ، وربما غبي "وش فهمك" إن كان من تناقشه وقح) .
لا أدري لماذا نستسهل الحديث في كل شيء ، الشعوب العربية أكثر شعوب العالم تحدثا في السياسة ، ومع هذا فاشلون على المستوى السياسي .. العرب أكثر من يتحدث عن العدل ، وترى الواسطة والقبلية التي تصبح مناطقية تنخر بجسد العدل .. كذلك نحن أكثر من يتحدث في الرياضة ، ترى مقالا لكاتب ينقد خطة المدرب مع أنه لا يعرف ما هي خطة المدرب ، بل ربما هو لا يعرف طرق اللعب .. يحدث هذا لأن الأمر لدينا واضح جدا في هذا الجانب ، إن هزم الفريق عليك أن تصب غضبك على المدرب وهذه ميزة أغلب نقاد الأندية باستثناء نقاد النصر الذي لهم خاصية نقد الحكم .. ويجد هذا النقاد من يؤيده ويقسم أنه لامس جرح وأزمة الفريق أو النادي .
كل هذه يحدث بسبب استسهال الحديث .. سأبتعد عن السياسة والعدل ، هذان الطريقان الوعران للقارئ وللكاتب ، وأمضي مع الرياضة .. وهذا الاستسهال الحاصل لنا .
حين نسأل عن ماهية التعصب ومن أين ينبع هذا التعصب .. نجد أن الحب هو مسؤول عن هذا التعصب ، ويزداد التعصب بازدياد الحب .. هل يعني هذا أن الحب هو المسؤول عن تعصبنا الأعمى وعلينا أن لا نحب ؟
حتى لا يبدو الأمر مثيرا للدهشة .. دعونا نمضي أكثر .. في تحليلنا .
الحب هو غريزة أوليه في الإنسان ، إن لم يرافقها عقل واعي سيدمر هذا الحب من يحب .
على سبيل المثال .. كلنا نحب أبنائنا (أعني الأسوياء) ، البعض يمنح طفله كل شيء وحين يكبر تصدمه الحياة وربما تجعل منه شخصا فاشلا .. البعض يعلم طفله منذ البداية تحمل المسؤولية تدرجا وأن الحياة لا تعطينا كل ما نريد ، وأن علينا ألا نقع فريسة الفشل ، فالحياة قاسية وعلينا أن نكون جاهزين لها .
هذان نموذجا للحب بلا وعي وآخر واعي .. ربما يوضح لنا القادم .
لنوسع الدائرة ونتكلم عن ذاك الحب الحارق والذي يمكن تسميته (تعصب) للأندية .. فنسأل لماذا هو يأتي بلا وعي ؟
وهل نحن واعون بكل الأمور ومشكلتنا فقط في الأندية لنحل الأزمة ؟
منذ زمن وأنا أصر على أن الرياضة ما هي إلا مرآة للمجتمع أي أنها تكشف لنا بسهولة ويسر ماهية أي مجتمع وكيف يفكر .. لهذا من المفترض أن لا نطرح قضية كيف نحارب التعصب في الرياضة ، أي ليس من العدل تعديل ما يعكس في المرآة وترك الذي يقابل المرآة .
من هنا .. تعالوا نتأمل المشهد في المجتمع هل هو تعددي في الأصل أم أحادي ، بمعنى أن هناك متلق يستقبل ، وآخر يصدر الأوامر .. أو هو تبادلي في الطرح والفكر .. لنبدأ من النواة نواة المجتمع ، الأسرة .. كيف هي التعددية بها ؟
لننتقل إلى التعليم ، كيف هي طرق التعليم لدينا ؟
هل هي طرق تنزع للتعددية التحليلة ، أم هي طرق تلقينية (تحفيظية) إن جاز لي التعبير؟
مثل هذه الطرق هل تساعد على التحليل والتأمل وتطوير العقل وبالتالي تطوير الوعي ، أم أنها تدفعك للانغلاق على ما حفظته وترفض تقبل الآخر لأن الآخر بالنسبة لك منافس أو عدو , ويريد بك السوء .؟
المؤسسة كذلك لا تختلف عن الأسرة والمدرسة .. كل هذا يظهر في المرآة في الرياضة .
وبما أن الرياضة أشبه بجدول ماء عكس صورتنا ، فليس من العدل أن نصلح الصورة في الماء ، بل أن نفتش لماذا يحدث هذا وكيف نحل هذا التعصب ؟
كيف يمكن لنا أن ننشر الوعي في الأسرة وأن الحب إن لم يصاحبه وعي سيدمر الجيل القادم ، وأن كبت صوت الطفل سيجعله يرفض الحوار لأنه لم ينشئ على التحاور ؟
كيف يمكن للأسرة أن تؤسس للإيمان بالمبدأ بغض النظر عمن هو مستفيد أو من هو متضرر ، لأنك إن فعلت هذا ستجد أن المشجع سيرفض الخشونة في الملعب ولن يقول عن مهاجم الخصم : (خله يستاهل) .. فيما يردد حين يحدث لمهاجم فريقه نفس الشيء : (حرام هذا منتهى الظلم) ؟
كيف يمكن للتعليم أن يطرح هذا التعدد في المنهج دون الخروج عن دائرة العقيدة ، ليرى التلميذ أنه يمكن للأمة أن تختلف دون عداوات ، ويمكن أن يكون (لنص ما عدة تفاسير ، وكلها لا تخل بإيمانك) ؟
كيف يمكن للمعلم أن يعلم طلابه أن يتحاورا ويعبروا عن رأيهم بهدوء وأن ينصت ويتمعن بما يقال من الطرف الآخر دون أن ينغلق ، دون أن يحول عقل الطالب إلى حافظة ؟
وأخيرا .. هل باستطاعة مؤسساتنا الحكومية والخاصة ، أن تكرس مفهوم (العصف الذهني) أو التفكير الجماعي ، وأن لا تكرس مفهوم رئيس يصدر التعليمات ، ومرؤوس ينتظر التوجيهات دون أن يكون له رأيا ؟
وينتظر المرؤوس دوره ليصعد على الكرسي فيضطهد كل من يريد طرح (رأي) يخالفه ، لأن من سبقه لم يمنحه فرصة التفكير والاعتراض ، فنستمر في الدوران في حلقة الفكر الأحادي الذي يرفض الآخر لأنه يرتاب به ويظن به كل الظنون .
إن حدث كل هذا .. سنكتشف أنه يمكن لنا أن نحب دون أن نبحث عن شخص ما لنكرهه أو ليبرر لنا حبنا .
تنويه :
قد يتساءل البعض وماذا عن التعصب في الخارج ..؟
ربما أكثر فئة متعصبة هي ما تسمى في إنجلترا (الهوليغانز) وهؤلاء فئة قليلة معروف أسباب تعصبها ، فهم أشخاص محبطون وعاطلين عن العمل ، لهذا ينتقمون من المجتمع لأنه لم يمنحهم فرصة أن يكونوا أشخاص أسوياء .
وحل قضيتهم بإيجاد عمل لهم .. أي أن لهم خصوصية تختلف عنا .
[ALIGN=CENTER]
[email protected][/ALIGN]