03/09/2008, 05:44 PM
|
 | مشرف منتدى المجلس العام | | تاريخ التسجيل: 02/08/2005 المكان: بين الحلم والأسوار !
مشاركات: 13,589
| |
|
حديـث عـن رحلتـي المشؤومـة الـى المخيــم !!!
   في عاصمة عربية كنت اجوب تلك المدينة في يوم منحت نفسي مساحة لقضاء قليلا من الوقت للتعرف على ملامح تلك الفاتنة التي سحرت العالم في يوم لن يعود ابدا !! كان السائق ماهرا وكريما وهو يتجول بي من مكان الى اخر ويمنحني الكثير من المعالم التي ما كان لي الأحاطة بها ضمن برنامجي الصغير ،،،
من مكان الى اخر ومن معلم الى معلم وجدت نفسي مستمتعا ومنتشيا لأنني أضفت الى معرفتي ملامح أخرى جديدة .. وهكذا مضت بنا الساعات الجميلة كما هي عادتها دائما في برهة من الزمن !!
وجدت نفسي وانا على مشارف الأنتهاء من رحلتي مع السائق اننا بالقرب من " حصن " كبير !! حقيقة ان عبارة " الحصن " قد لا تعبر حقيقة عن ما اشاهده فربما كان من اللائق استخدام " المعتقل " العظيم عطفا على ذلك السور العملاق الذي احاط بتلك " العلب " السكنية أحاطة السوار بالمعصم وقد التف في أعلاها شبكة عملاقة من الحواجز الشائكة في دلالة واضحة على خطورة الاقتراب او الرحيل لمن هم بداخله !!
طلبت من السائق التوقف وتفسير ما تشاهده عيناي اضافة الى سؤالي : من أين يدخل هؤلاء ويخرجون ؟!! التف عائدا الى حيث وجدت نفسي امام بوابة تحيطها مدرعتين عسكريتين ونقطة أمنية مما زاد تعجبي ويقيني انني أمام " معتقل " عظيم !!
قال لي : هذا مخيم " ..... " للاجئين الفلسطينيين .. وفي هذه المساحة الصغيرة يقطن ما يقارب من ( 50 ) الف نسمة !!! لا تقدم لهم إي خدمات ويمنع عنهم الخروج من هذا المخيم بل استطيع القول ان هنالك من يبلغ الأربعين عاما في داخل هذا المخيم ولم يتمكن من مغادرة أسواره !!
حقيقة لا ادري لماذا شعرت ان تفكيري ومشاعري قد شلت تماما .. لا أعرف عن نفسي أنني " مرهف " الأحساس ولا أجد نفسي أردد " الأهات " في حضرة الطرب الأصيل !! ترجلت من السيارة وتوجهت الى مدخل " مخيم الأموات " اعتقد ان هذا المسمى يحاول ان يجاري الحقيقة نوعا ما !! لم يسمح لي بالدخول بدعوى انني في حال قررت ذلك فهم غير مسؤولين اذا تم منعي من مغادرة المكان الذي يمكن ان اشارك فيه أخواني هنالك الأقامة الجبرية للبقية الباقية من عمري !! انسحبت وقد استرقت النظر الى الداخل لكي أتعلم وأكون شاهدا على الكيفية التي يعيشها " الأموات " !!!  في ذلك المقهى على شاطئ مدينة عربية أخرى كنت أنظر الى اللاشئ !! دائما ما أحاول أن أمد بصري لعلي اتجاوز ذلك الأفق البعيد ولكن دون جدوى !! في ذلك المساء وفي ذلك المقهى كنت احاول كعادتي ان أخترق حجب الظلام ولكن كعادتي دون جدوى !! أخذت اسأل نفسي وانا في ترف من وقتي .. لماذا لا تستطيع أنظارنا ان تتجاوز تلك المسافة التي نتوقف عندها ؟!! وبينما أنا في هذياني الشخصي اذ رأيت في الأفق ما يشبه القرية التي تضيئ ليلها بالشموع !! سحرني ذلك المنظر عن بعد .. وقلت في نفسي إي ريشة فنان يمكنه عمل تلك اللوحة التراثية .. وقد أعتقدت ان ما كنت اشاهده هي " قرية تراثية " !! لذى قررت أن أكون هناك ،،،
ذهبت وعقارب الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل .. كان لدي مساحة كبيرة من الوقت ورغم بديهية ان تكون القرية مغلقة ولكنني سعدت ان وجدت مبررا أجوب به ضواحي المدينة ليلا .. سرت بالسيارة التي بين يدي مستدلا بقدرتي المتواضعة على تحديد احداثيات المكان الذي ارغب الوصول اليه .. هكذا من شارع الى اخر وجدت نفسي أسير بين الخرائب !! المباني أنقاض !! الشوارع مدمرة !! الأضائة معدمة !! الكلاب تصاحبك في جولتك الغير متوقعه !! هنالك وجوه تسترق النظر من حيث لا مكان تتسائل عن كنه هذا الضيف الغير منتظر !! هنا تنبعث رائحة الجوع والجهل والمرض وامتهان الأنسان !! واكتشفت أن ما كنت اظنه قرية سياحية عن بعد .. تبين لي انها مأساة انسانية عن قرب .. دائما ما نكتشف الحقيقة كلما اقتربنا منها ودائما ما تكون الحقيقة مؤلمة ،،،
شئ مؤلم عندما تجوب الطرقات ليلا وتحيط بك بقايا " الأرواح " من كل جانب !! ليس بمقدور احدهم ان يدعي انسانية ما يحيط بك سواء من حيث الأجساد التي تشاهدها أو المكان الذي يحتويهم ... توقفت على قارعة الطريق وترجلت من السيارة التي اشعرتني في هذا المكان بالترف الذي أحيى به !! تألمت على حال هؤلاء الذين ينتمون لنا وننتمي اليهم وحدثت نفسي : هل لا زلنا نملك بقايا انسانية بين ضلوعنا ؟!!  في الدول المتقدمة الذين ننعتهم بمصطلحات " الكفر " و " الأنحلال " ... الخ من سلسلة النعوتات ، يمنحوا المهاجرين " العرب و المسلمين " الذين يقدمون اليهم ( عآلة ) و ( فقراء ) و ( جهلاء ) و ( مرضى ) و ( معدومين ) وهم ليسوا من ( أرضهم ) ولا ( دينهم ) ولا ( لغتهم ) ولا يجمعهم بهم ( إي رابط ) .. حقوق تلتزم بها تلك الدول للأنفاق عليهم وتوفير حياه كريمة لهم ومن ثم تمنحهم المواطنه مع رسالة ( شكر ) وكذلك ( وردة ) !!!
لماذا ؟
يبدو ان هؤلاء الكفار المنحلين لديهم اخلاقيات انسانية كريمة وبنائه نفتقدها نحن المسلمين !!  صادف أن تبادلت أحاديث عدة حول مشاهدات مختلفة في المخيمات الفلسطينية مع بعض من يعنيهم هذه المسألة .. وكان التبرير ينحصر حول ضرورة تواجد هذه المخيمات كرسالة نقدمها للعالم الآخر عن ما يعانيه الفلسطينيين من تشرد !! وهنالك من افاد ان تواجد هؤلاء يعني استمرارية القضية وعدم انتهائها !! وهنالك من افاد ان هؤلاء من حقهم العودة الى وطنهم بالقريب العاجل !!!! حقيقة عندما تستمع الى تصريحات هؤلاء المعنيين بشأن الفلسطينيين ومخيماتهم ستكتشف اننا لا زلنا في حاجة الى ( مائة ) سنة أخرى حتى نكون أمة محترمة !!!
لا يعني فلسطينيي المخيمات كثيرا تلك القرارات العبقرية والنتائج العظيمة التي يمكن ان يخلص اليها المعنيين بهم .. هم بشر !! يريدون ان يأكلوا طعاما لا يجلبوه من الحاويات .. يريدون ان يشربوا ماء خال من المجاري والكيماويات .. يريدون ان يرتدوا ثيابا .. يريدون علاجا .. يريدون حياة نحن من سلبناهم اياها وليس الآخرون !!
المسألة ليست حديث سياسة نريد فيها المزايدة على الفلسطينيين ومخيماتهم .. كما ان المسألة ليست المطالبة بتحرير فلسطين فالحديث في ذلك أصبح لدى البعض تهمة ولدى الكثير ضرب من ضروب المستحيل .. كما ان المسألة ليست مطالبة بقرارات او توصيات او لجان فذلك حتما لم يعد مفيد .. أنما المسألة هي اننا يجب ان نحيي في نفوسنا أحترام الأنسان وأحترام حقه في حياه كريمه مادمنا نقول اننا مسلمين ،،، قال تعالى :
" الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ "
صدق الله العظيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " ودمتــم فــي خيــر |
الوضع الشجري
