قصة واقعية وليست من نسج الخيال اقتربت الساعة من الرابعة صباحاً.. كل شيء حولها ساكن لا شيء يتحرك سوى أوراق >الشجر عندما يداعبها نسيم السَّحر.. أغصان الشجرة تتدلى بالقرب من النافذة تكاد >أن تعانقها.. الهدوء والسكينة يعمان كل شيء.. فجأة انطلق صوت المنبه.. تررررن.. >تررررن.. تررر.. أسكتت خديجة هذا الصوت المزعج في سرعة فائقة وهبت من الفراش., >توجهت متثاقلة إلى دورة المياة.. مشيتها الثقيلة صارت معتادة بالنسبة لها؛ فهي >في نهاية الشهر الثامن من الحمل.. بطنها كبير وأرجلها متورمة.. أصبحت تتعب >بسهولة.. وحتى تنفسها تجد فيه صعوبة.. وجهها شاحب.. جفونها متدلية من كثرة >البكاء.. ولكنها لا بد أن تقوم في ذلك الوقت.. فلم يبقَ على آذان الفجر سوى >ساعة واحدة!! > > >خديجة من أقرب صديقاتي.. كان قد مر على زواجها حوالي ثلاث سنوات فبالطبع كانت >فرحتها وفرحة زوجها غامرة عندما عرفا أنها حامل. ولكن في أحدى زيارتها للطبيبة >المتخصصة وبعد إجراء الاختبارات اللازمة أخبرتها الطبيبة أن الابنه التي تحملها >في أحشائها عندها كلية واحدة فقط!! >سبحان الله! الأطباء هنا في الغرب بالرغم من تفوقهم العلمي إلا أنهم يفتقدون >المشاعر الإنسانية؛ فها هي خديجة في صدمة رهيبة مما سمعت والطبيبة تخبرها في >منتهى البرود أنه لا يوجد حل فوري ولكن بعد الولادة من الممكن أن تجرى فحوصات >على المولودة لتحدد صلاحية الكلية الواحدة, وإن لم تكن صالحة فعمليات زراعة >الكلى أصبحت مثل عمليات الّلوز!! > >خرجت خديجة من عند الطبيبة وهي في حالة ذهول.. لا تدري كيف وصلت إلى بيتها!! >أول مولودة لها و بكلية واحدة!! ما العمل؟ هل من الممكن أن تكون الطبيبة مخطئة؟ >بحثت خديجة وزوجها عن أحسن الأطباء في هذا المجال ولكن كل طبيب كان يأتي بنفس >التشخيص.. كلية واحدة!! ومع كل زيارة لكل طبيب منهم كان أملها يقل ويضعف وفي >النهاية سلمت للأمر الواقع. وآخر طبيب قال لها ألا تتعب نفسها فالوضع لن >يتغيير.. وأدركت خديجة في تلك اللحظة أنه ليس بيدها شيء سوى التوجه إلى الله >بالدعاء.. ومنذ ذلك اليوم قررت أن تقوم في الثلث الأخير من الليل للصلاة >والدعاء لابنتها التي لم تولد بعد؛ فقد أخبر سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: > >"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ >إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ >يَرْشُدُونَ" (البقرة:186) >"وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ >يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الأنعام:17) >"وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ >يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ >عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (يونس:107) >"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ >يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" (غافر0) > > >وأيضاً ورد في الحديث الشريف, عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله >عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا, حين يبقى >ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له, من يسألني فأعطيه, من يستغفرني >فأغفر له" (رواه البخاري ومسلم) > >أيقنت خديجة أنه لا ملجأ إلا إليه فلم تتردد في القيام يومياً قبل الفجر بساعة >أو أكثر بالرغم من التعب الذي كانت تعانيه من الحمل ومن قلة النوم.. يومياً >تتجه في الثلث الأخير من الليل إلى سجادتها في مصلاها وتسجد في خشوع وتسأله >سبحانه وتعالى أن يرزقها ابنة بصحة جيدة وكليتين! كانت تلح في دعائها وتبكي إلى >أن تبتل سجادتها. لم تكل يوماً أو تمل.. جسدها أصبح منهكاً.. الركوع والسجود >أصبحا في غاية الصعوبة ولكنها لم تتراجع أو تشكو ولو مرة واحدة. > >وكلما أخبرتها الطبيبة بنفس النتيجة مع كل زيارة ومع كل فحص ازداد عزم خديجة >على القيام في الثلث الأخير من الليل. > >أشفق عليها زوجها من كثرة القيام وخشي عليها من الصدمة عند مولد الابنة ذات >كلية واحدة وكان دائماً يذكرها بأن الله سبحانه وتعالى قد يؤخر الاستجابة؛ فقد >روى أبو سعيد رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يدعو الله >بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل >له دعوته, وإما أن يدخرها له في الآخرة, وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها" رواه >أحمد في المسند. > >وكانت هي تذكر زوجها بأن لا حيلة لها إلا أن تسأل الله؛ فإن لم تسأله هو سبحانه >وتعالى فمن تسأل؟؟!! > >لا تسألنَّ بني آدم حاجـــة وسل الذي أبوابه لا تحـــجب >الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يُسأل يغضب > >وكيف لا تسأله وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي >رواه عن ربه تبارك وتعالى: ".. يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجنَّكم >قاموا في صعيد واحد فسألوني, فأعطيت كلَّ أنسان مسألته, ما نقص ذلك مما عندي >إلا كما ينقُص المخيط إذا أُدخل البحر" (رواه مسلم) > >قبل الموعد المتوقع للولادة بحوالي أسبوعين حضرت خديجة لزيارتي، ودخل وقت صلاة >الظهر فصلينا وقبل أن نقوم من جلستنا امتدت يد خديجة إلي وأمسكت بذراعي >وأخبرتني أنها تحس بإحساس غريب. سألتها إن كانت تحس بأي ألم فأجابت بالنفي ولكن >للزيادة في الاطمئنان قررنا الاتصال بالطبيبة فطلبت منا مقابلتها في المستشفى. >حاولنا الاتصال بزوج خديجة لكن بدون جدوى؛ فهو في صلاة الجمعة. فتوكلنا على >الله وذهبنا إلى المستشفى وتعجبنا أنهم أخبرونا أنها في حالة ولادة!! فجلست >بجانبها أشد من أزرها وأربت على كتفها... وكانت والحمد لله كثيرة الدعاء، >وبالرغم من الآلام إلا إنها كانت تسأل الله أن يرزقها ابنى بصحة جيدة وكليتين!! > >وولدت فاطمة.. صغيرة الحجم.. دقيقة الملامح.. وجهها يميل إلى الزرقة، وفي ظهرها >نقرة (نغزة) صغيرة قرب موقع الكلية، كأن جسدها الصغير امتص فراغ الكلية >الناقصة.. بكيت وبكت خديجة ووسط دموعها كانت تتسأل عن حالة ابنتها.. بماذا >أرد؟! ماذا أقول لأم أعياها السهر وتهدلت جفونها من البكاء وما زالت تتألم؟!! >"ما شاء الله حلوة".. حاولت أن أقول شيئاً أخراً ولكن الكلمات انحبست!! وسبحان >الله ما كانت إلا دقائق معدودة وتحول اللون الأزرق إلى لون وردي، ودققت في وجه >فاطمة.. سبحان الخالق.. وجهها جميل، ولكن كل ما نظرت اليها تذكرت المشاكل التي >قد تواجهها بسبب الكلية الواحدة. لم أتكلم ولم تتكلم خديجة فكل واحدة منا كانت >تفكر.. ماذا سيكون مصيرالطفلة ذات الكلية الواحدة؟!! > >حضر أطباء الأطفال وأجروا الفحص المبدئي وأبلغونا أنها فيما يبدو طبيعية ولكن >لا بد من إجراء فحوصات مكثفة لمعرفة صلاحية الكلية وهذا لن يتم إلا بعد أسبوعين >من ميلادها. > >ترددت خديجة كثيراً في أخذ فاطمة لإجراء الفحص الشامل. قالت لي في يوم من >الأيام "قدر الله وما شاء فعل.. لا داعي لأن أرهق جسدها الضيئل بتلك الفحوصات". >ولكنها أخذت بالأسباب وقررت إجراء تلك الفحوصات. > >وجاء اليوم الموعود وجلسنا في غرفة الانتظار نترقب خروج الطبيبة لتخبرنا عن >حالة الكلية الواحدة.. هل ستحتاج فاطمة إلى كلية "جديدة" أم أن كليتها الواحدة >ستقوم بعمل الكليتين؟؟!! >وخرجت الطبيبة وعلى وجهها ابتسامة باهتة.. توجهت إلينا وقالت "لا أدري ماذا >أقول ولا اعرف ماذا حدث!! لكن ابنتك بصحة جيدة وبكليتين!!" > > >أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاء!! >ما أجمل أثر الدعــاء وما أرحـــــــــم الله بخلقه!! > |
سبحان الله ,,,, الدعــــــــــــــــــــــــــاء ,,, الدعـــــــــــــــــــــــاء ,,,,, جزاكي الله كل خير أنشاء الله ,,,, |
هلابك اخوي thamir15 سبحان الله قادر على كل شئ نطلب من الله العفوا والعافيه |
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 11:01 PM. |
Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd