#1  
قديم 22/08/2008, 11:32 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة الجن (2)

‏وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ‏}‏
أي‏:‏ الجائرون العادلون عن الصراط المستقيم‏.‏

‏{‏فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا‏}
‏ أي‏:‏‏:‏ أصابوا طريق الرشد، الموصل لهم إلى الجنة ونعيمها،

‏{‏وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا‏}
‏ وذلك جزاء على أعمالهم، لا ظلم من الله لهم، فإنهم

‏{‏لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ‏}‏
المثلى

‏{‏لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا‏
}‏ أي‏:‏ هنيئا مريئا، ولم يمنعهم ذلك إلا ظلمهم وعدوانهم‏.‏


‏{‏لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ‏}
‏ أي‏:‏ لنختبرهم فيه ونمتحنهم ليظهر الصادق من الكاذب‏.‏

‏{‏وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا‏}‏
أي‏:‏ من أعرض عن ذكر الله، الذي هو كتابه، فلم يتبعه وينقد له، بل غفل عنه ولهى، يسلكه عذابا صعدا أي‏:‏ شديدا بليغا‏.‏

وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}‏
أي‏:‏ لا دعاء عبادة، ولا دعاء مسألة، فإن المساجد التي هي أعظم محال العبادة مبنية على الإخلاص لله، والخضوع لعظمته، والاستكانة لعزته،

‏{‏وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ‏}
‏ أي‏:‏ يسأله ويتعبد له ويقرأ القرآن كَاد الجن من تكاثرهم عليه أن يكونوا عليه لبدا، أي‏:‏ متلبدين متراكمين حرصا على سماع ما جاء به من الهدى‏.‏

‏{‏قُل‏}
‏ لهم يا أيها الرسول، مبينا حقيقة ما تدعو إليه‏:‏

‏{‏إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا‏}‏
أي‏:‏ أوحده وحده لا شريك له، وأخلع ما دونه من الأنداد والأوثان، وكل ما يتخذه المشركون من دونه‏.‏

‏{‏قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا‏}‏
فإني عبد ليس لي من الأمر ولا من التصرف شيء‏.‏

‏[‏22‏]‏ ‏{‏قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ‏}‏
أي‏:‏ لا أحد أستجير به ينقذني من عذاب الله، وإذا كان الرسول الذي هو أكمل الخلق، لا يملك ضرا ولا رشدا، ولا يمنع نفسه من الله ‏[‏شيئا‏]‏ إن أراده بسوء، فغيره من الخلق من باب أولى وأحرى‏.‏

‏{‏وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا‏}‏
أي‏:‏ ملجأ ومنتصرا‏.‏

‏{‏إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ‏}‏
أي‏:‏ ليس لي مزية على الناس، إلا أن الله خصني بإبلاغ رسالاته ودعوة الخلق إلى الله، وبهذا تقوم الحجة على الناس‏.

‏ ‏{‏وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا‏}‏
وهذا المراد به المعصية الكفرية، كما قيدتها النصوص الأخر المحكمة‏.‏
وأما مجرد المعصية، فإنه لا يوجب الخلود في النار، كما دلت على ذلك آيات القرآن، والأحاديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأجمع عليه سلف الأمة وأئمة هذه الأمة‏.‏

‏{‏حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ‏}‏
أي‏:‏ شاهدوه عيانا، وجزموا أنه واقع بهم،

‏{‏فَسَيَعْلَمُونَ‏}‏
في ذلك الوقت حقيقة المعرفة ‏

{‏مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا‏}
‏ حين لا ينصرهم غيرهم ولا أنفسهم ينتصرون، وإذ يحشرون فرادى كما خلقوا أول مرة‏.

‏ ‏{‏قُل‏}
‏ لهم إن سألوك ‏[‏فقالوا‏]‏ ‏{‏متى هذا الوعد‏}‏ ‏؟‏

‏{‏إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا‏}‏
أي‏:‏ غاية طويلة، فعلم ذلك عند الله‏.‏

‏{‏عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا‏}‏
من الخلق، بل انفرد بعلم الضمائر والأسرار والغيب،

‏{‏إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ‏}
‏ أي‏:‏ فإنه يخبره بما اقتضت حكمته أن يخبره به، وذلك لأن الرسل ليسوا كغيرهم، فإن الله أيدهم بتأييد ما أيده أحدا من الخلق، وحفظ ما أوحاه إليهم حتى يبلغوه على حقيقته، من غير أن تتخبطهم الشياطين، ولا يزيدوا فيه أو ينقصوا، ولهذا قال‏:‏

‏{‏فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا‏}
‏ أي‏:‏ يحفظونه بأمر الله؛

‏{‏لِيَعْلَمَ‏}
‏ بذلك ‏

{‏أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِم‏}‏
بما جعله لهم من الأسباب،

‏{‏وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِم‏}‏
أي‏:‏ بما عندهم، وما أسروه وأعلنوه،

‏{‏وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا‏}‏
وفي هذه السورة فوائد كثيرة‏:‏ منها‏:‏ وجود الجن، وأنهم مكلفون مأمورون مكلفون منهيون، مجازون بأعمالهم، كما هو صريح في هذه السورة‏.‏
ومنها‏:‏ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسول إلى الجن، كما هو رسول إلى الإنس ، فإن الله صرف نفر الجن ليستمعوا ما يوحى إليه ويبلغوا قومهم‏.‏
ومنها‏:‏ ذكاء الجن ومعرفتهم بالحق، وأن الذي ساقهم إلى الإيمان هو ما تحققوه من هداية القرآن، وحسن أدبهم في خطابهم‏.‏
ومنها‏:‏ اعتناء الله برسوله، وحفظه لما جاء به، فحين ابتدأت بشائر نبوته، والسماء محروسة بالنجوم، والشياطين قد هربت عن أماكنها، وأزعجت عن مراصدها، وأن الله رحم به الأرض وأهلها رحمة ما يقدر لها قدر، وأراد بهم ربهم رشدا، فأراد أن يظهر من دينه وشرعه ومعرفته في الأرض، ما تبتهج به القلوب، وتفرح به أولو الألباب، وتظهر به شعائر الإسلام، وينقمع به أهل الأوثان والأصنام‏.‏


ومنها‏:‏ شدة حرص الجن لاستماع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتراكمهم عليه‏.‏
ومنها‏:‏ أن هذه السورة قد اشتملت على الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، وبينت حالة الخلق، وأن كل أحد منهم لا يستحق من العبادة مثقال ذرة، لأن الرسول محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا، بل ولا يملك لنفسه، علم أن الخلق كلهم كذلك، فمن الخطأ والغلط اتخاذ من هذا وصفه إلها ‏[‏آخر‏]‏ مع الله‏.‏ ومنها‏:‏ أن علوم الغيوب قد انفرد الله بعلمها، فلا يعلمها أحد من الخلق، إلا من ارتضاه الله وخصه بعلم شيء منها‏.




‏ تم تفسير سورة قل أوحي إلي، ولله الحمد‏.‏


تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)




استغفر الله وأتوب اليه
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 12:16 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube