#1  
قديم 25/04/2002, 11:08 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 11/01/2002
مشاركات: 792
أفغانستان .. ماذا نريد لها وماذا يريدون ؟

الإمارة - خاص

تشهد أفغانستان منذ غياب الإمارة الإسلامية عنها ، وتولي شراذم العلمانيين وأذناب الصليبيين الحكمَ فيها تشهد جهوداً ضخمة ومساعي متواصلة من قِبلهم من أجل إيصالها - وخلال فترة وجيزة - إلى أقصى ما يمكن من (العصرنة) حسب المفهوم الغربي بل حسب المخطط الصليبي الذي أخذ على عاتقه ضمن حملته الواسعة على الشعب أن يحطم ما بقي من قيم إسلامية واعتزاز بها ، وغرْسِ روح التبعية والإمعية بين أفراده لينقلب شعوره باستقلاله وتميزه إلى انهزام داخلي يدفعه إلى تلقي الواردات الغربية والأفكار الجديدة من غير تردد أو تمحيص.

ومن أدرك حقيقة وأبعاد المخطط الشيطاني الذي جاءت به أمريكا وأذنابها لتمريره جنباً إلى جنب مع آلتها العسكرية عرف عِظم الجرم الذي يرتكبه (الأفغان الأمريكيون) في حق هذا الشعب وتلك البلاد التي طالما بقي انتماؤها الإسلامي القوي والحي محركاً لها ومحفزاً للوقوف في وجه الحملات الاستعمارية العسكرية والتغريبية الفكرية على حد سواء ، وهو الأمر الذي أقض مضجع عقول التخطيط الإفسادية في الغرب ، وأزعج عملاءهم في المنطقة حين عجزوا عن اختراق ذلك الجدار الإسلامي ، وفشلوا - إلى حد كبير - في التغلغل إلى قلوب الشعب ليعملوا فيها معاول الهدم التي ستؤدي حتماً - عند تمكنهم من ذلك - إلى الاستسلام والاستجابة السريعة والواسعة للمخطط الإفسادي الذي يراد إيصاله ونشره وتثبيته بين أفراد الشعب .

والقوات الأمريكية في أفغانستان ومعها القوات الدولية تدرك ومن خلال معرفة التاريخ وبالخصوص تاريخ الأفغان ، ومعطيات الواقع أن معركة شرسة ستكون حتماً بينها وبين المجاهدين سواء على المدى القريب أو البعيد ، كما أنها تعلم يقيناً أن بقاءها كقوة أجنبية مستعمرة لأفغانستان وبصورة دائمة ومستقرة أمر شبه مستحيل ، لذلك فهي تسعى جاهدة وخلال وجودها قريبة من مواقع الأحداث وبصورة مركزة إلى ترسيخ مفاهيمها وأهدافها لدى الطبقة الحاكمة على جميع مستويات شرائحها مع توضيح الخطوط العامة لذلك وتبيين الخطوات التي تسير عليها لبلوغ تلك الأهداف الخسيسة مع عدم إهمال التأكد من وصول عوامل الفساد ونشرها بين أفراد الشعب ، فالحكومة العلمانية في أفغانستان تقوم الآن بدور التلميذ الذي يتقلى من أستاذه ، فهي في هذه الفترة في طور اكتساب الخبرات ورفع مستويات أعضائها في المجالات المتنوعة والتي تؤهلها فيما بعد للقيام بدور الأستاذ الملقي الذي يتكفل كلياً بأداء ما اكتسبه وتعلمه من أستاذه ، فهي بالنسبة لها فترة تشرُّبٍ للشر لتبثه بين الشعب بكل كفاءة وإخلاص.

ولهذا فإن نظرة خاطفة لبعض مناحي الحياة في أفغانستان ومقارنتها بالحالة السوية التي كانت عليها فترة حكم الشريعة الإسلامية أيام الإمارة يعطي صورة للانحدار الخطير والهوة السحيقة التي تنساق إليها البلاد لا سيما مع عدم إدراك كثير من طوائف الشعب - وخاصة الشباب - لمحتوى تلك الآليات التي سُخِّرت لبث الفساد وإشاعته بينهم الأمر الذي يوجب على كل من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان وغيرة أن يُسخِّر وقته وعمله وعقله للوقوف بقوة وحزم أمام تلك التيارات الإفسادية ومواجهة القائمين عليها بكل قوة ، وفضح مخططاتهم ، وكشف نواياهم ، وتوضيح اتجاهاتهم ، وإلا فإن العاقبة ستكون وخيمة جداً على البلاد والعباد ، فإننا نرى بكل وضوح المآلات الذي صارت إليها كثير من البلدان الإسلامية بعد أن استسلمت للحملات التغريبية وفتحت أبوابهم للأفكار المستوردة وسهلت الطرق للاندماج غير المنضبط مع الحضارة الغربية وقبول كل دخيل منها باسم التقدم والرقي والانفتاح حتى أصبحت بفعل جهود التخريبيين المتواصلة نسخة تكاد تطابق صورة بلدان الغرب في قيمها وأخلاقها وميوعتها وتفسخها وانحلالها وقوانينها ونظمها بعد أن داهمت وارداتهم كل شعب الحياة سواء العقائدية أو السلوكية أو الأخلاقية أو الإدارية ، وهو الأمر الذي يراد لأفغانستان وتبذل الجهود لجعلها بلداً من قبيل البلدان المذكورة والتي سارت وفق الخطوات التي رسمها لها أعداؤها.

المفتاح هو المرأة الأفغانية

وبما أن المرأة ركيزة من زكائز المجتمعات وعليها المدار في تنشئة الأجيال وتربيتهم فإن جهوداً جبارة ومركزة تبذلها الحكومة العلمانية وكالة عن الأمريكان من أجل عزل المرأة الأفغانية عن تاريخها الإسلامي وفصلها عن منابع توجيهها وضبطها ، ومن ثم ربطُها مباشرة بمصادر أخرى مستوردة ، وبناء شعور نفسي عميق لديها بمدى (الحرمان) من التطور والرقي الذي كانت تعيش فيه وتتقوقع بداخله ، وهو الأمر الذي قد يدفعها مع الأيام إلى التمرد المطلق على كل ما هو أخلاقي وربما إسلامي إن بقي المخطط الشيطاني سارياً ، ولهذا فإن أول الخطوات الظاهرة التي قام بها الرئيس الأمريكي بوش لوضع حجر الأساس لذلك المخطط هو طباعة وتدريس كتب مدرسية معظمها خاص بالفتيات ، مع قيام القوات الأمريكية والدولية والأمم المتحدة بالإشراف المباشر على مدارس البنات في سائر أرض أفغانستان ، ووضع يدها عليها ، وتنشئتها على عينها ، واستغلال الوضع الاقتصادي المتردي الذي تترنح فيه البلاد لاستلام زمام الأمور من خلال التموين المباشر والدعم الخاص لتلك المدارس ، ومتابعة سيرها حسب ما يريدون لها ، هذا على مستوى البناء الفكري لدي هذا القطاع المهم من المجتمع وتشكيل عقليات بعيدة كل البعد عن الارتباط بمصادرها الأصلية ، هذا زيادة على وسائل الإفساد الأخلاقية والسلوكية الأخرى كبؤر الفساد التي يتم إشاعتها بشكل متواصل وسريع ومركز كدور السينما وانتشار أفلام العهر والدعارة بشكل واسع ومخيف جداً.

فنحن نعلم أن شعار (تحرير المرأة) ودعاوى استرداد حقوقها ومساواتها بالرجل في كل شيء وإشعارها بأنها دائماً تحت وطأة ظلم الرجل لها ، هي الأبواب التي ولج منها الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، واستطاعوا من خلالها الوصول إلى قدر كبير من أهدافهم وغاياتهم ، حتى أصبحت المرأة المسلمة في كثير من بلدان المسلمين مُسخَّرة مهيأة لاستقبال وتنفيذ برامج المفسدين ، وهو ما يراد للمرأة الأفغانية البسيطة أن تصل إليه في وقت وجيز ليتم من خلالها الإجهاز على ما بقي من قيم الإسلام وأخلاقه التي لا يزال الشعب يحتفظ ويعتز بها ، ولهذا فإن السياسات التي تنتهجها الحكومة العميلة لإذكاء هذه المفاهيم المدمرة تحت أي دعوى وبأي صفة تعد مشاركة مباشرة لمحاربة الإسلام في عقر داره ومحاصرته بأبنائه ، فليس الأمر بالبساطة التي يحاول البعض أن يرسم بها الأحداث التي جرت وذلك بحصرها في دائرة ذهاب حكومة ومجيء أخرى ، بل حقيقة الأمر تحطيم حصن من حصون الإسلام وتشييد قلعة من قلاع الكفر والإلحاد على أنقاضه سواء على المستوى السياسي أو الأخلاقي أو الإداري ، وإن التهاون أو التردد في السعي الجاد لإيقاف هذه المخططات وإزالة القائمين عليها وإنقاذ البلاد والعباد من مؤامراتهم سيوصل البلاد إلى وضع يحتاج إلى جهود هي أضخم مما نحتاجه الآن قبل أن تتمكن تلك المفاهيم وتنتشر بين الشعب فتصبح أمراً مألوفاً بل أصلاً أصيلاً لا يمكن الاستغناء عنه وعندها ستعض أصابع الندم ولات حين مندم.

وللعصبية الجاهلية نصيبها أيضاً

من ناحية أخرى فإن الانتماء القبلي يعد عموداً أساسياً في تركيبة المجتمع الأفغاني ، والانتماءُ القبلي في ذاته قد يستخدم كوسيلة إيجابية تحفز على زيادة في العمل وتدفع إلى التنافس فيه ، وقد تكون دعوى جاهلية مقيتة تساهم في تفكك المجتمع وتوسيع الهوة بين أفراده ، ومن ثم تكون سببا في نشر البغضاء والعداوة بينهم ، وبناء الولاءات و العداوات على هذا الأساس ، ولهذا حذر الشرع من دعوى الجاهلية وزجر عن شعاراتها والتعصب المقيت لها .

ومنذ اندلاع الأحداث وتحزب الأحزاب على إمارة أفغانستان الإسلامية بذلت جهود قصوى من جانب أعدائها في الداخل والخارج لجعل هذا الأمر أحد الأسلحة الفتاكة التي ستستخدم لتقويض الإمارة وإضعافها من الداخل وذلك بعد أن رأوا الارتباط الكبير بين حركة طالبان كدولة وبين الشعب الأفغاني بكافة انتماءاته القبلية ، فغاظهم ذلك وأسقط في أيديهم بسببه ، وعلموا أن التشكيك في مصداقية الدولة ، ومحاولة الطعن في الإصلاحات التي قامت بها أو التي تسعي لتحقيقها رغم قلة الإمكانات وضعف الموارد كل ذلك أمر يصادم الواقع الذي يعايشه الشعب الأفغاني ، فعمدوا إلى (العصبية الجاهلية) ولجئوا إليها لتكون سلاحاً فعالاً في تفكيك الإمارة ، ولهذا فإن المراقب للاتجاه الذي سلكته وسائل الإعلام يرى بوضوح التركيز على مسألة الربط المباشر بين (قبائل البشتون) وحركة طالبان من جهة ، وقبائل (الفرسوان) وتحالف الشمال من جهة أخرى ليستشعر المتابع لها أن المعركة بين إمارة أفغانستان الإسلامية وبين مخالفيها ومسانديهم لا تعدو أن تكون قتالاً عصبياً قبلياً يدافع فيه البشتون عن قبيلتهم ويسعون لبسط سيطرتهم ، وينافح الفرسوان عن مكانتهم ويطالبون بحقوقهم ، وهو معنى خبيث ومسلك خسيس يعلمون هم قبل غيرهم كذبه وبهتانه ولكن إذا لم تستح فاصنع ما شئت .

كما أن فصول هذه المسرحية لم تنته بغياب إمارة أفغانستان الإسلامية وإنما ازداد تعزيز هذا المعنى وتنشيطه ليكون قنبلة موقوتة يتم تفجيرها متى أراد الأعداء ذلك ، فقد أدت الحملة الإعلامية المركزة التي مورست على الشعب الأفغاني إلى غرس معنى العصبية الجاهلية بين كثير من أفراده وتم ملأ قلوب القبائل بالبغضاء والعداوة ، وإثارة الثارات وتأجيج نارها بينهم ، الأمر الذي سيقود إلى حرب داخلية طاحنة لا يعرف منتهاها ، كما لا يعرف القاتل فيها لم قَتَل ولا المقتول فيما قُتِل ، واستجابة لتأثير الإعلام الخبيث رأينا المجازر والفظائع التي ارتكبت في حق أناس مسلمين عزل على أيدي تحالف الشمال لا لشيء إلا لأنهم ينتمون إلى قبائل البشتون ، ومازال الوقود العصبي يؤدي دوره ويحرك النفوس المريضة حيث انتهاك أعراض المسلمات واغتصابهن - فقط - لأنهن من هذه القبيلة أو تلك ، ومن هنا فإننا نعلم أن الشعب الأفغاني مع هذه السموم التي نفخت بينه لا يمكن أن يجمعه ويربط بين أفراده إلا الإسلام كما كان الحال أيام إمارة أفغانستان الإسلامية ، وستبقى الأيدي الخفية الخبيثة تشعل الفتن وتأجج نارها وتبث الفرقة وتغرس الاختلاف والتنازع وتثير العداوات وتحيي الثارات مالم يستظل الشعب الأفغاني بظل الشريعة وهو ما يفند مزاعم حكومة العمالة العلمانية بأنها تفرض الأمن وتنشر الاستقرار في البلد بعد غياب الإمارة الإسلامية .

والتدهور الأمني شاهد

أما على صعيد التدهور الأمني وترديه فحدث عنه ولا حرج حيث انتشار الجرائم بشتى أنواعها مما كان الشعب الأفغاني قد تجاوزه أيام حكم الشريعة الإسلامية فالقتل والسرقة والاغتصاب وقطع الطريق قد أصبحت منتشرة يعاني الناس منها في طول البلاد وعرضها ، فلم يعودوا آمنين على أنفسهم ولا على أموالهم ولا على أعراضهم ، وإذا أرادنا أن نخوض في بعض القصص التفصيلية والوقائع الجزئية التي ترد إلينا بين الحين والآخر لطال المقام ، ولكن يكفي أن ندرك أن القوات الدولية المتقوقعة في كابل والتي تزعم أنها جاءت لبسط الأمن فيها لم تستطع حتى الآن حماية أنفسها أو على الأقل أصبح أقصى ما تقدمه هو تأمين تلك القوات وحراسة مراكزها فكيف يرجى من مثل هذه القوات أن تنشر الأمن وهي أول من يفقده ويتلهف إليه ، ولا عجب إذاً في ظل هذا الواقع المذكور والمختلط أن تصبح أفغانستان مرتعاً للمجرمين بعد أن تولى الأمر فيها أكابر مجرميها واستمدوا نظمهم وقوانينهم وقوتهم من دول الإجرام وقوانين الإجرام فمن أين يأتي الأمن ويستمد الأمان فكل إناء بالذي فيه ينضح .

إذاً..

تلك هي أفغانستان الجريحة وهذا هو حالها بعد أن غابت عنها شمس الحق وتوارى في سحب الضلال والمكر نور العدل الذي كان ينتشر فوق ربوعها ، فخَلَفه ظلمات بعضها فوق بعض ، إلا أن الآمال لم تنقطع والجهود لم تتوقف لإعادة الأمور إلى نصابها ، فعسى أن ينجلي ظلام الضلال قريباً ويهب علي ربا أفغانستان نسيم الهدى فينعم الناس بعدل الشريعة ورحمة حكم الإسلام كما كانوا من قبل وإلا [فمن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا] فيبقى ضيق العيش وحرج النفوس وكبت القوانين وبشاعة الإجرام تطاردهم في كل مدينة وتلاحقهم في كل قرية ووادٍ ما لم ينفكوا من أسر التبعية للكافرين والخضوع لقوانينهم والانكسار أمامهم وما ربك بظلام للعبيد
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27/04/2002, 08:03 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 17/04/2002
مشاركات: 1,558
اخوي ابومحمد2001
جزاك الله خير على المقال الرائع

بالتوفيق والسداد
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27/04/2002, 11:55 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الوليد
عضو إدارة الموقع الرسمي لنادي الهلال
تاريخ التسجيل: 13/08/2000
المكان: قلوب الأحبة فى شبكة الزعيم
مشاركات: 13,348
جزاك الله كل خير انشاء الله.
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 03:41 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube