المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى المجلس العام
   

منتدى المجلس العام لمناقشة المواضيع العامه التي لا تتعلق بالرياضة

 
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 24/04/2002, 02:17 PM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 02/10/2001
المكان: شــرق الريــــــاض
مشاركات: 314
مــــكــــالــمــه هــاتـفـيـه !!!!!!

رنين الهاتف يعلوا شيئاً فشيئا .. والشيخ ( محمد ) يغط في سبات عميق … لم
>يقطعه
>إلا ذلك الرنين المزعج … فتح ( محمد ) عينيه .. ونظر في الساعة الموضوعة على
>المنضدة بجواره … فإذا بها تشير إلى الثانية والربع بعد منتصف الليل !!…
>لقد كان الشيخ ( محمد ) ينتظر مكالمة مهمة .. من خارج المملكة .. وحين رن
>الهاتف في هذا الوقت المتأخر .. ظن أنها هي المكالمة المقصودة .. فنهض على
>الفور عن فراشة .. ورفع سماعة الهاتف .. وبادر قائلاً : نعم !! السلام عليكم
>ورحمة الله وبركاته .
>فسمع على الطرف الآخر … صوتاً أنثوياً ناعما يقول :
>لو سمحت !! .. هل من الممكن أن نسهر الليلة سوياً عبر سماعة الهاتف ؟!!
>فرد عليها باستغراب ودهشة قائلا : ماذا تقولين ؟!! … من أنتِ ؟!! ..
>فردت عليه بصوت ناعم متكسر : أنا اسمي ( أشواق ) .. وأرغب في التعرف عليك ..
>وأن نكون أصدقاء وزملاء ( !!! ) .. فهل عندك مانع ؟!!
>أدرك الشيخ ( محمد ) أن هذه فتاة تائهة حائرة .. لم يأتها النوم بالليل ..
>لأنها تعاني أزمة نفسية أو عاطفية .. فأرادت أن تهرب منها بالعبث بأرقام
>الهاتف
>!!
>فقال لها : ولماذا لم تنامي حتى الآن يا أختي ؟!!
>فأطلقت ضحكة مدوية وقالت : أنام بالليل ؟!!.. وهل سمعت بعاشق ينام بالليل
>؟!!..
>إن الليل هو نهار العاشقين !!!
>فرد عليها ببرود : أرجوك : إذا أردتِ أن نستمر في الحديث .. فابتعدي عن
>الضحكات
>المجلجلة والأصوات المتكسرة .. فلست ممن يتعلق قلبه بهذه التفاهات !!
>تلعثمت الفتاة قليلاً … ثم قالت : أنا آسفة … لم أكن أقصد !!
>فقال لها ( محمد ) ساخراً : ومن سعيد الحظ ( !!! ) الذي وقعتِ في عشقه وغرامه
>؟!!
>فردت عليه قائلة : أنتَ بالطبع ( !!! )
>فقال مستغرباً : أنا ؟!! .. وكيف تعلقتِ بي .. وأنتِ لا تعرفينني ولم تريني
>بعد
>؟!!
>فقالت له : لقد سمعت عنك الكثير من بعض زميلاتي في الكلية .. وقرأت لك بعض
>المؤلفات .. فأعجبني أسلوبها العاطفي الرقيق .. والأذن تعشق قبل العين أحيانا
>(
>!!! )
>قال لها محمد : إذا أخبريني بصراحة …كيف تقضين الليل ؟!!
>فقالت له : أنا ليلياً أكلم ثلاثة أو أربعة شباب !! … أنتقل من رقم إلى رقم …
>ومن شاب إلى شاب عبر الهاتف .. أعاكس هذا .. وأضحك مع هذا .. وأمني هذا … وأعد
>هذا .. وأكذب على هذا .. وأسمع قصائد الغزل من هذا .. وأستمع إلى أغنية من هذا
>.. وهكذا دواليك حتى قرب الفجر !! .. وأردت الليلة أن أتصل عليك .. لأرى هل
>أنت
>مثلهم !! أم أنك تختلف عنهم ؟!! ..
>فقال لها : ومع من كنتِ تتكلمين قبل أن تهاتفينني ؟!!…
>سكتت قليلاً .. ثم قالت : بصراحة .. كنت أتحدث مع ( وليد ) .. إنه عشيق جديد
>..
>وشاب وسيم أنيق !! ..
>رمى لي الرقم اليوم في السوق .. فاتصلت عليه وتكلمت معه قرابة نصف الساعة !!..
>فقال لها الشيخ ( محمد ) على الفور : ثم ماذا ؟!! .. هل وجدتِ لديه ما تبحثين
>عنه ؟!!
>فقالت بنبرة جادة حزينة : بكل أسف .. لم أجد عنده ولا عند الشباب الكثيرين
>الذين كلمتهم عبر الهاتف أو قابلتهم وجهاً لوجه … ما أبحث عنه ؟!! .. لم أجد
>عندهم ما يشبع جوعي النفسي .. ويروي ظمأي الداخلي !! ..
>سكتت قليلاً .. ثم تابعت : إنهم جميعا شباب مراهقون شهوانيون !! .. خونة ..
>كذبة .. مشاعرهم مصطنعة .. وأحاسيسهم الرقيقة ملفقة .. وعباراتهم وكلماتهم
>مبالغ فيها .. تخرج من طرف اللسان لا من القلب ..
>ألفاظهم أحلى من العسل .. وقلوبهم قلوب الذئاب المفترسة .. هدف كل واحد منهم
>..
>أن يقضي شهوته القذرة معي .. ثم يرميني كما يرمى الحذاء البالي .. كلهم تهمهم
>أنفسهم فقط .. ولم أجد فيهم إلى الآن – على كثرة من هاتفت من الشباب – من يهتم
>بي لذاتي ولشخصي !! .. كلهم يحلفون لي بأنهم يحبونني ولا يعشقون غيري .. ولا
>يريدون زوجة لهم سواي !! .. وأنا أعلم أنهم في داخلهم يلعنونني ويشتمونني !!
>..
>كلهم يمطرونني عبر السماعة بأرق الكلمات وأعذب العبارات .. ثم بعد أن يقفلوا
>السماعة .. يسبونني ويصفونني بأقبح الأوصاف والكلمات !! ..
>إن حياتي معهم حياة خداع ووهم وتزييف !! .. كل منا يخادع الآخر .. ويوهمه بأنه
>يحبه !!
>وهنا قال لها الشيخ ( محمد ) : ولكن أخبريني : ما دمتِ لم تجدي ضالتك المنشودة
>.. عند ألئك الشباب التائهين التافهين .. فهل من المعقول أن تجديها عندي ؟!!
>..
>أنا ليس عندي كلمات غرام .. ولا عبارات هيام .. ولا أشعار غزل .. ولا رسائل
>معطرة !!
>فقاطعته قائلة : بالعكس .. أشعر – ومثلي كثير من الفتيات – أن ما نبحث عنه ..
>هو موجود لدى الصالحين أمثالك ؟!! .. إننا نبحث عن العطاء والوفاء .. نبحث عن
>الأمان .. نطلب الدفء والحنان .. نبحث عن الكلمة الصادقة التي تخرج من القلب
>لتصل إلى أعماق قلوبنا .. نبحث عمن يهتم بنا ويراعي مشاعرنا .. دون أن يقصد من
>وراء ذلك .. هدفاً شهوانياً خسيساً .. نبحث عمن يكون لنا أخاً رحيما .. وأباً
>حنونا .. وزوجاً صالحا !!
>إننا باختصار نبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا !! .. نبحث عن معنى
>الراحة النفسية .. نبحث عن الصفاء .. عن الوفاء .. عن البذل والعطاء !!
>فقال لها ( محمد ) والدموع تحتبس في عينيه حزناً على هذه الفتاة التائهة
>الحائرة : يبدو أنكِ تعانين أزمة نفسية .. وفراغاً روحياً .. وتشتكين هماً
>وضيقاً داخلياً مريرا .. وحيرة وتيهاً وتخبطا .. وتواجهين مأساة عائلية ..
>وتفككاً أسريا !!
>فقالت له : أنت أول شخص .. يفهم نفسيتي ويدرك ما أعانيه من داخلي !!
>فقال لها : إذن حدثيني عنك وعن أسرتك قليلا .. لتتضح الصورة عندي أكثر …
>فقالت الفتاة : أنا أبلغ من العمر عشرين عاما .. وأسكن مع عائلتي المكونة من
>أبي وأمي .. وثلاثة أخوة وثلاث أخوات .. واخوتي وأخواتي جميعهم تزوجوا إلا أنا
>وأخي الذي يكبرني بعامين .. وأنا أدرس في كلية ( ….. )
>فقال لها : وماذا عن أمك ؟ وماذا عن أبيك ؟
>فقالت : أبي رجل غني مقتدر ماليا .. أكثر وقته مشغول عنا .. بأعماله التجارية
>…
>وهو يخرج من الصباح .. ولا أراه إلا قليلا في المساء .. وقلما يجلس معنا ..
>والبيت عنده مجرد أكل وشرب ونوم فقط … ومنذ أن بلغت .. لم أذكر أنني جلست مع
>أبي لوحدنا .. أو أنه زارني في غرفتي .. مع أنني في هذه السن الخطيرة في أشد
>الحاجة إلى حنانه وعطفه .. آه !! كم أتمنى أن أجلس في حضنه .. وأرتمي على صدره
>.. ثم أبكي وأبكي وأبكي !!! لتستريح نفسي ويهدأ قلبي !!!
>وهنا أجهشت الفتاة بالبكاء … ولم يملك ( محمد ) نفسه … فشاركها بدموعه الحزينة
>.
>
>
>بعد أن هدأت الفتاة .. واصلة حديثها قائلة :
>لقد حاولت أن أقترب منه كثيرا .. ولكنه كان يبتعد عني .. بل إنني في ذات مرة
>..
>جلست بجواره واقتربت منه .. ليضمني إلى صدره .. وقلت له :
>أبي محتاجة إليك يا أبي … فلا تتركني أضيع …
>فعاتبني قائلا : لقد وفرت لكِ كل ما تتمناه أي فتاة في الدنيا !! .. فأنتِ
>لديك
>أحسن أكل وشرب ولباس … وأرقى وسائل الترفيه الحديثة .. فما الذي ينقصك ؟!!..
>سكتُّ قليلا .. وتخيلت حينها أنني أصرخ بأعلى صوتي قائلة : أبي : أنا لا أريد
>منك طعاماً ولا شرابا ولا لباسا .. ولا ترفاً ولا ترفيها .. إنني أريد منك
>حنانا .. أريد منك أمانا … أريد صدراً حنونا .. أريد قلباً رحيما .. فلا
>تضيعني
>يا أبي !!
>ولما أفقت من تخيلاتي .. وجدت أبي قد قام عني .. وذهب لتناول طعام الغداء …
>وهنا قال لها ( محمد ) هوني عليك .. فلعل أباكِ نشأ منذ صغره .. محروما من
>الحنان والعواطف الرقيقة .. وتعلمين أن فاقد الشيء لا يعطيه !! .. ولكن ماذا
>عن
>أمك ؟ أكيد أنها حنونة رحيمة ؟ فإن الأنثى بطبعها رقيقة مرهفة الحس ؟
>قالت الفتاة : أمي أهون من أبي قليلا .. ولكنها بكل أسف .. تظن الحياة أكلا
>وشربا ولبسا وزيارات فقط .. لا يعجبها شيء من تصرفاتي .. وليس لديها إلا إصدار
>الأوامر بقسوة .. والويل كل الويل لي .. إن خالفت شيئا من أوامرها ..و( قاموس
>شتائمها ) أصبح محفوظاً عندي .. لقد تخلت عن كل شيء في البيت ووضعته على كاهلي
>وعلى كاهل الخادمة .. وليت الأمر وقف عند هذا .. بل إنها لا يكاد يرضيها شيء
>..
>ولا هم لها إلا تصيد العيوب والأخطاء .. ودائما تعيرني بزميلاتي وبنات الجيران
>.. الناجحات في دراستهن .. أو الماهرات في الطبخ وأعمال البيت .. وأغلب وقتها
>تقضيه في النوم .. أو زيارة الجيران وبعض الأقارب .. أو مشاهدة التلفاز …
>ولا أذكر منذ سنين .. أنها ضمتني مرة إلى صدرها .. أو فتحت لي قلبها …
>قال لها ( محمد ) وكيف هي العلاقة بين أبيك وأمك ؟
>فقالت الفتاة : أحس وكأن كلا منهما لا يبالي بالآخر .. وكل منهما يعيش في عالم
>مختلف .. وكأن بيتنا مجرد فندق ( !!! ) .. نجتمع فيه للأكل والشرب والنوم فقط
>….
>حاول محمد أن يعتذر لأمها قائلا : على كل حال .. هي أمك التي ربتك .. ولعلها
>هي
>الأخرى تعاني من مشكلة مع أبيك .. فانعكس ذلك على تعاملها معك … فالتمسي لها
>العذر .. ولكن هل حاولتِ أن تفتحي لها قلبك وتقفي إلى جانبها ؟
>فهي بالتأكيد مثلك …. تمر بأزمة داخلية نفسية ؟ !!!
>فقالت الفتاة مستغربة : أنا أفتح لها صدري … وهل فتحت هي لي قلبها ؟ … إنها هي
>الأم ولست أنا ..
>إنها وبكل أسف .. قد جعلت بيني وبينها – بمعاملتها السيئة لي – جداراً وحاجزاً
>لا يمكن اختراقه !!
>فقال لها ( محمد ) ولماذا تنتظرين أن تبادر هي .. إلى تحطيم ذلك الجدار ؟!! ..
>لماذا لا تكونين أنتِ المبادرة ؟!!… لماذا لا تحاولين الاقتراب منها أكثر ؟!!
>فقالت : لقد حاولت ذلك .. واقتربت منها ذات مرة .. وارتميت في حضنها .. وأخذت
>أبكي وأبكي .. وهي تنظر إلي باستغراب !! .. وقلت لها :
>أماه : أنا محطمة من داخلي … إنني أنزف من أعماقي !! .. قفي معي .. ولا
>تتركيني
>وحدي … إنني أحتاجك أكثر من أي وقت مضى … !!
>فنظرت إلي مندهشة !!.. ووضعت يدها على رأسي تتحسس حرارتي … ثم قالت :
>ما هذا الكلام الذي تقولينه ؟! … إما أنكِ مريضة !! .. وقد أثر المرض على
>تفكيرك .. وإما أنكِ تتظاهرين بالمرض .. لأعفيكِ من بعض أعمال المنزل .. وهذا
>مستحيل جداً … ثم قامت عني ورفعت سماعة التليفون .. تحادث إحدى جاراتها ..
>فتركتها وعدت إلى غرفتي .. أبكي دماً في داخلي قبل أن أبكي دموعاً !!..
>ثم انخرطت الفتاة في بكاء مرير !!
>حاول ( محمد ) أن يغير مجرى الحديث فسألها : وما دور أخواتك واخوتك الآخرين ؟
>فقالت : إنه دور سلبي للغاية !! .. فالإخوان والأخوات المتزوجات .. كل منهم
>مشغول بنفسه .. وإذا تحدثت معهم عن مأساتي .. سمعت منهم الجواب المعهود :
>وماذا ينقصك ؟ احمدي ربك على الحياة المترفة … التي تعيشين فيها …
>وأما أخي غير المتزوج … فهو مثلي حائر تائه .. أغلب وقته يقضيه خارج المنزل ..
>مع شلل السوء ورفقاء الفساد .. يتسكع في الأسواق وعلى الأرصفة !!
>أراد الشيخ ( محمد ) أن يستكشف شيئاً من خبايا نفسية تلك الفتاة … فسألها :
>إن من طلب شيئاً بحث عنه وسعى إلى تحصيله … وما دمت تطلبين السعادة والأمان ..
>الذي يسد جوعك النفسي .. فهل بحثتِ عن هذه السعادة ؟؟
>فقالت الفتاة بنبرة جادة : لقد بحثت عن السعادة … في كل شيء .. فما وجدتها !!!
>لقد كنت ألبس أفخر الملابس وأفخمها … من أرقى بيوت الأزياء العالمية .. ظناً
>مني أن السعادة حين تشير إلى ملابسي فلانة .. أو تمدحها وتثني عليها فلانة …
>أو
>تتابعني نظرات الإعجاب من فلانة … ولكنني سرعان ما اكتشفت الحقيقة الأليمة ….
>إنها سعادة زائفة وهمية .. لا تبقى إلا ساعة بل أقل … ثم يصبح ذلك الفستان
>الجديد الذي كنت أظن السعادة فيه … مثل سائر ملابسي القديمة .. ويعود الهم
>والضيق والمرارة إلى نفسي … وأشعر بالفراغ والوحدة تحاصرني من كل جانب .. ولو
>كان حولي مئات الزميلات والصديقات !!
>ظننت السعادة في الرحلات والسفرات .. والتنقل من بلد لآخر .. ومن شاطئ لآخر ..
>ومن فندق لفندق .. فكنت أسافر مع والدي وعائلتي .. لنطوف العالم في الإجازات
>..
>ولكني كنت أعود من كل رحلة .. وقد ازداد همي وضيقي .. وازدادت الوحشة التي
>أشعر
>بها تجتاح كياني …..
>وظننت السعادة في الغناء والموسيقى … فكنت أشتري أغلب ألبومات الأغاني العربية
>والغربية التي تنزل إلى الأسواق … فور نزولها .. وأقضي الساعات الطوال في
>غرفتي
>… في سماعها والرقص على أنغامها … طمعاً في تذوق معنى السعادة الحقيقية ..
>ورغبة في إشباع الجوع النفسي الذي أشعر به .. وظناً مني أن السعادة في الغناء
>والرقص والتمايل مع الأنغام … ولكنني اكتشفت أنها سعادة وهمية … لا تمكث إلا
>دقائق معدودة أثناء الأغنية … ثم بعد الانتهاء منها .. يزداد همي .. وتشتعل
>نار
>غريبة في داخلي .. وتنقبض نفسي أكثر وأكثر .. فعمدت إلى كل تلك الأشرطة
>فأحرقتها بالنار .. عسى أن تطفئ النار التي بداخلي … وظننت أن السعادة في
>مشاهدة المسلسلات والأفلام والتنقل بين الفضائيات .. فعكفت على أكثر من ثلاثين
>قناة .. أتنقل بينها طوال يومي .. وكنت أركز على المسلسلات والأفلام الكوميدية
>المضحكة .. ظناً مني أن السعادة هي في الضحك والفرفشة والمرح …
>وبالفعل كنت أضحك كثيراً وأنا اشاهدها … وأنتقل من قناة لأخرى … لكنني في
>الحقيقة … كنت وأنا أضحك بفمي .. أنزف وأتألم من أعماق قلبي … وكلما ازددت
>ضحكاً وفرفشة .. ازداد النزيف الروحي … وتعمقت الجراح في داخلي … وحاصرتني
>الهموم والآلام النفسية ….
>وسمعت من بعض الزميلات .. أن السعادة في أن ارتبط مع شاب وسيم أنيق .. يبادلني
>كلمات الغرام .. ويبثني عبارات العشق والهيام .. ويتغزل بمحاسني كل ليلة عبر
>الهاتف … وسلكت هذا الطريق .. وأخذت أتنقل من شاب لآخر .. بحثاً عن السعادة
>والراحة النفسية … ومع ذلك لم أشعر بطعم السعادة الحقيقية .. بل بالعكس .. مع
>انتهاء كل مقابلة أو مكالمة هاتفية .. أشعر بالقلق والاضطراب يسيطر على روحي …
>وأشعر بنار المعصية تشتعل في داخلي .. وأدخل في دوامة من التفكير المضني
>والشرود الدائم … وأشعر بالخوف من المستقبل المجهول .. يملأ علي كياني ..
>فكأنني في حقيقة الأمر .. هربت من جحيم إلى جحيم أبشع منه وأشنع ..
>سكتت الفتاة قليلا .. ثم تابعت قائلة :
>ولذلك لابد أن تفهموا وتعرفوا .. نفسية ودوافع ألئك الفتيات .. اللاتي ترونهن
>في الأسواق .. وهن يستعرضن بملابسهن المثيرة .. ويغازلن ويعاكسن ويتضاحكن بصوت
>مرتفع .. ويعرضن لحومهن ومحاسنهن ومفاتنهن .. للذئاب الجائعة العاوية من
>الشباب
>التافهين … إنهن في الحقيقة ضحايا ولسن بمجرمات ..إنهن في الحقيقة مقتولات لا
>قاتلات .. إنهن ضحايا الظلم العائلي .. إنهن حصاد القسوة والإهمال العاطفي من
>الوالدين .. إنهن نتائج التفكك الأسري والجفاف الإيماني .. إن كل واحدة منهن …
>تحمل في داخلة مأساة مؤلمة دامية .. هي التي دفعتها إلى مثل هذه التصرفات
>الحمقاء .. وهي التي قادتها إلى أن تعرض نفسها .. على الذئاب المفترسة التي
>تملأ الأسواق والشوارع … وإن الغريزة الشهوانية الجنسية .. لا يمكن أن تكون
>لوحدها … هي الدافع للفتاة المسلمة .. لكي تعرض لحمها وجسدها في الأسواق ..
>وتبتذل وتهين نفسها بالتقاط رقم فلان .. وتبيع كرامتها بالركوب في السيارة مع
>فلان .. وتهدر شرفها بالخلود مع فلان ….
>فبادرها ( محمد ) قائلا : ولكن يبرز هنا سؤال مهم جدا ، وهو : هل مرورها بأزمة
>نفسية .. ومأساة عائلية .. يبرر لها ويسوغ لها أن تعصي ربها تعالى .. وتبيع
>عفافها .. وتتخلى عن شرفها وطهرها .. وتعرض نفسها لشياطين الإنس .. هل هذا هو
>الحل المناسب لمشكلتها ومأساتها ؟؟ هل هذا سيغير من واقعها المرير المؤلم شيئا
>؟؟
>فأجابت الفتاة : أنا أعترف بأنه لن يغير شيئا من واقعها المرير المؤلم .. بل
>سيزيد الأمر سوءاً ومرارة .. وليس مقصودي الدفاع عن ألئك الفتيات .. إنما
>مقصودي : إذا رأيتموهن فارحموهن وأشفقوا عليهن .. وادعوا لهن بالهداية ووجهوهن
>.. فإنهن تائها حائرات … يحسبن أن هذا هو الطريق الموصل للسعادة التي يبحثن
>عنها ….
>سكتت الفتاة قليلا … ثم تابعت قائلة : لقد أصبحت أشك .. هل هناك سعادة حقيقية
>في هذه الدنيا ؟!! .. وإذا كانت موجودة بالفعل .. فأين هي ؟!!.. وما هو الطريق
>الموصل إليها .. فقد مللت من هذه الحياة الرتيبة الكئيبة …
>فقال لها الشيخ ( محمد ) : أختاه … لقد أخطأتِ طريق السعادة .. ولقد سلكتِ
>سبيلا غير سبيلها …
>فاسمعي مني .. لتعرفي طريق السعادة الحقة !! ….
>
>ــــــــــــــ
>
>إن السعادة الحقيقية أن تلجأي إلى الله تعالى .. وتتضرعي له .. وتنكسري بين
>يديه .. وتقومي لمناجاته في ظلام الليل .. ليطرد عنك الهموم والغموم .. ويداوي
>جراحك .. ويفيض على قلبك السكينة والانشراح … أختاه : إذا أردتِ السعادة
>فاقرعي
>أبواب السماء بالليل والنهار .. بدلا من قرع أرقام الهاتف .. على ألئك الشباب
>التافهين الغافلين الضائعين ..
>صدقيني يا أختاه .. إن الناس كلهم لن يفهموك .. ولن يقدروا ظروفك .. ولن
>يفهموا
>أحاسيسك .. وحين تلجأين إليهم .. فمنهم من يشمت بك .. أو يسخر من أفكارك ..
>ومنهم من يحاول استغلالك لأغراضه ومآربه الشخصية الخسيسة .. ومنهم من يرغب في
>مساعدتك .. ولكنه لا يملك لكِ نفعاً ولا ضرا …
>أختاه : إنكِ لن تجدي دواءً لمرضك النفسي .. لعطشك وجوعك الداخلي .. إلا
>بالبكاء بين يدي الله تعالى .. ولن تشعري بالسكينة والطمأنينة والراحة .. إلا
>وأنتِ واقفة بين يديه .. تناجينه وتسكبين عبراتك الساخنة .. وتطلقين زفراتك
>المحترقة .. على أيام الغفلة الماضية …
>قالت الفتاة .. والعبرة تخنقها : لقد فكرت في ذلك كثيرا … ولكن الخجل من الله
>.. والحياء من ذنوبي وتقصيري يمنعني من ذلك .. إذ كيف ألجأ إلى الله وأطلب منه
>المعونة والتيسير .. وأنا مقصرة في طاعته .. مبارزة له بالذنوب والمعاصي …
>فقال لها ( محمد ) : سبحان الله …يا أختاه : إن الناس إذا أغضبهم شخص وخالف
>أمرهم … غضبوا عليه ولم يسامحوه .. وأعرضوا عنه ولم يقفوا معه في الشدائد
>والنكبات … ولكن الله لا يغلق أبوابه في وجه أحد من عباده .. ولو كان من أكبر
>العصاة وأعتاهم .. بل متى تاب المرء وأناب … فتح له أبواب رحمته .. وتلقاه
>بالمغفرة والعفو .. بل حتى إذا لم يتب إليه … فإنه جل وعلا يمهله ولا يعاجله
>بالعقوبة … بل ويناديه ويرغبه في التوبة والإنابة … أما علمت أن الله تعالى
>يقول في الحديث القدسي : ( إني والجن والإنس في نبأ عظيم .. أتحبب إليهم
>بنعمتي
>وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم الفقراء إلي !! من أقبل منهم إلي
>تلقيته من بعيد ، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب ، أهل معصيتي لا أقنطهم من
>رحمتي ، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم ، فإني أحب التوابين والمتطهرين ، وإن
>تباعدوا عني فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب ،
>رحمتي سبقت غضبي ، وحلمي سبق مؤاخذتي ، وعفوي سبق عقوبتي ، وأنا أرحم بعبادي
>من
>الوالدة بولدها )
>وما كاد ( محمد ) ينتهي من ذلك الحديث القدسي … حتى انفجرت الفتاة بالبكاء ..
>وهي تردد : ما أحلم الله عنا … ما أرحم الله بنا ….
>بعد أن هدأت الفتاة .. واصل الشيخ ( محمد ) حديثه قائلا :
>
>أختاه : إنني مثلك أبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا .. ولقد وجدتها
>أخيرا .. وجدتها في طاعة الله … في الحياة مع الله وفي ظل مرضاته .. وجدتها في
>التوبة والأوبة .. وجدتها في الإستغفار من الحوبة … وجدتها في دموع الأسحار ..
>وجدتها في مصاحبة الصالحين الأبرار … وجدتها في بكاء التائبين ..
>وجدتها في أنين المذنبين .. وجدتها في استغفار العاصين .. وجدتها في تسبيح
>المستغفرين .. وجدتها في الخشوع والركوع .. وجدتها في الانكسار لله والخضوع ..
>وجدتها في البكاء من خشية الله والدموع ..
>وجدتها في الصيام والقيام .. وجدتها في امتثال شرع الملك العلام .. وجدتها في
>تلاوة القرآن … وجدتها في هجر المسلسلات والألحان …
>أختاه : لقد بحثت عن الحب الحقيقي الصادق .. فوجدت أن الناس إذا احبوا أخذوا
>..
>وإذا منحوا طلبوا .. وإذا أعطوا سلبوا .. ولكن الله تعالى .. إذا أحب عبده
>أعطاه بغير حساب .. وإذا أطيع جازى وأثاب ..
>أيتها الغالية : إن الناس لا يمكن أن يمنحونا ما نبحث عنه من صدق وأمان .. وما
>نطلبه من رقة وحنان .. ونتعطش إليه من دفء وسلوان .. لأن كل منهم مشغول بنفسه
>.. مهتم بذاته .. ثم إن أكثرهم محروم من هذه المشاعر السامية والعواطف النبيلة
>.. ولا يعرف معناها فضلا عن أن يتذوق طعمها .. ومن كان هذا حاله .. فهو عاجز
>عن
>منحها للآخرين .. لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما هو معروف …
>أختاه : لن تجدي أحدا يمنحك ما تبحثين عنه .. إلا ربك ومولاك .. فإن الناس
>يغلقون أبوابهم .. وبابه سبحانه مفتوح للسائلين .. وهو باسط يده بالليل
>والنهار
>.. ينادي عباده : تعالوا إلي ؟ هلموا إلى طاعتي .. لأقضي حاجتكم .. وأمنحكم
>الأمان والراحة والحنان .. كما قال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب
>أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )
>أختاه : إن السعادة الحقيقية .. لا تكون إلا بالحياة مع الله .. والعيش في
>كنفه
>سبحانه وتعالى .. لأن في النفس البشرية عامة .. ظمأ وعطشاً داخلياً .. لا
>يرويه
>عطف الوالدين .. ولا يسده حنان الإخوة والأقارب .. ولا يشبعه حب الأزواج
>وغرامهم وعواطفهم الرقيقة .. ولا تملأه مودة الزميلات والصديقات .. فكل ما
>تقدم
>يروي بعض الظمأ .. ويسقي بعض العطش .. لأن كل إنسان مشغول بظمأ نفسه .. فهو
>بالتالي أعجز عن أن يحقق الري الكامل لغيره .. ولكن الري الكامل والشبع التام
>لا يكون إلا باللجوء إلى الله تعالى .. والعيش في ظل طاعته .. والحياة تحت
>أوامره .. والسير في طريق هدايته ونوره .. فحينها تشعرين بالسعادة التامة ..
>وتتذوقين معنى الحب الحقيقي .. وتحسين بمذاق اللذة الصافية .. الخالية من
>المنغصات والمكدرات .. فهلا جربتِ هذا الطريق ولو مرة واحدة .. وحينها ستشعرين
>بالفرق العظيم … وسترين النتيجة بنفسك …
>فأجابت الفتاة … ودموع التوبة تنهمر من عينيها : نعم .. هذا والله هو الطريق
>!!
>وهذا هو ما كنت أبحث عنه .. وكم تمنيت أنني سمعت هذا الكلام .. منذ سنين بعيدة
>.. ليوقظني من غفلتي .. وينتشلني من تيهي وحيرتي .. ويلهمني طريق الصواب
>والرشد
>…
>فبادرها ( محمد ) قائلا .. إذن فلنبدأ الطريق .. من هذه اللحظة .. وهاهو الفجر
>ظهر وبزغ .. وهاهي خيوط الفجر المتألقة تتسرب إلى الكون قليلاً قليلا .. وهاهي
>أصوات المؤذنين تتعالى في كل مكان .. تهتف بالقلوب الحائرة والنفوس التائهة ..
>أن تعود إلى ربها ومولاها .. وهاهي نسمات الفجر الدافئة الرقيقة .. تناديك أن
>عودي إلى ربك .. عودي إلى مولاك .. فأسرعي وابدئي صفحة جديدة من عمرك … وليكن
>هذا الفجر هو يوم ميلادك الجديد .. وليكن أول ما تبدئين به حياتك الجديدة ..
>ركعتان تقفين بهما بين يدي الله تعالى .. وتسكبين فيها العبرات .. وتطلقين
>فيها
>الزفرات والآهات .. على المعاصي والذنوب السالفات ..
>وأرجوا أن تهاتفيني بعد أسبوعين من الآن … لنرى هل وجدت طعم السعادة الحقيقية
>أم لا ؟
>ثم أغلق ( محمد ) السماعة … وأنهى المكالمة …
>بعد أسبوعين .. وفي الموعد المحدد .. اتصلت الفتاة بـ ( محمد ) .. ونبرات
>صوتها
>تطفح بالبشر والسرور .. وحروف كلماتها تكاد تقفز فرحاً وحبورا .. ثم بادرت
>قائلة :
>وأخيراً .. وجدت طعم السعادة الحقيقية .. وأخيراً وصلت إلى شاطئ الأمان الذي
>أبحرت بحثاً عنه .. وأخيرا شعرت بمعنى الراحة والهدوء النفسي .. وأخيراً شربت
>من ماء السكينة والطمأنينة القلبية الذي كنت أتعطش إليه … وأخيراً غسلت روحي
>بماء الدموع العذب الزلال .. فغدت نفسي محلقة في الملكوت الأعلى .. وأخيرا
>داويت قلبي الجريح .. ببلسم التوبة الصادقة فكان الشفاء على الفور … لقد أيقنت
>فعلا .. أنه لا سعادة إلا في طاعة الله وامتثال أوامره .. وما عدا ذلك فهو
>سراب
>خادع .. ووهم زائف .. سرعان ما ينكشف ويزول …
>وإني أطلب منك يا شيخ طلباً بسيطا … وهو أن تنشر قصتي هذه كاملة .. فكثير من
>الفتيات تائهات حائرات مثلي … ولعل الله أن يهديهن بها طريق الرشاد …
>فقال لها الشيخ ( محمد ) عسى أن تري ذلك قريبا ….
=====================================





تحياتي"
اضافة رد مع اقتباس
   

 


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 01:11 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube