مسلسل الإنتظار .. بطولة ( تيم الحسن - بسام كوسا - يارا صبري - نسرين طافش - ايمن رضا )
عبود لايعرف وجه والديه.. والسماء لم تمطر في مساحة وجوده ذلك الرخاء الذي يحتفي بالإنسانية. ولكنه ـ رغم ذلك ـ أدرك قدر نفسه واستحقاقات الكائنات التي تتحرك حوله واجتاز الدروب التي امتدت أمام ناظريه دون أن يصاب بحمى التردد أو عدوى الانتظار ـ حتى وهو يغادر الحياة وينام في القماش الأبيض ..
في مسلسل (الانتظار) لمبدعه.. الليث حجو ـ اخراجاً.. وحسن سامي يوسف ونجيب نصير تأليفاً.. عشنا مع شخوص العمل أطول لحظات الانتظار..انتظرنا مع وائل وسميرة (بسام كوسا ويارا صبري) حلاً للشرخ العائلي الذي صدّع بنيان علاقتهما الزوجية.. وانتظرنا مع مروة (سلافة معمار) وباسمة (نسرين طافش) وسعدة (قمر خلف) وهند (تاج حيدر) فرصة لتحقيق أحلامهن الصغيرة في أن يكون لهن ـ فقط ـ مكان في الدنيا مثل البشر.. وعشنا مع أبو سعدة (عمرحجو) وهو يتوزع الانتظار قلقاً وقلة حيلة أمام خوفه على مستقبل بناته.. وراقبنا غليص (اندريه اسكاف) وهو يزمن الانتظار رعباً من ماضيه.. وانتظرنا أن يتعافى (مالك) من العمى.. وينجو (رجا) مما ينتظره.. وتتنفس سنية (رشا الزغبي) هواء ربها برئتيها لابجهاز التحكم الذي تقبع كل مفاتيحه في يد زوجها فاضل (قاسم ملحو) وأن يستقر صابر (أيمن رضا) وأخوه بسام (أحمد الأحمد) على رأي
.
ولكن أطول لحظات الانتظار وأقساها على الإطلاق جاءتنا مثل الصفعة.. عندما اغتال خبر موت عبود (تيم حسن) سلامنا الروحي لتحل محله الغصة..
"الانتظار" نص يحمل بين آفاقه كماً وجدانياً هائلاً من التأمل والانتصار لإنسانية الإنسان رسماه يوسف ونصير بحوار السهل الممتنع المسكوت بخصوصية ناطقيه ومفردات تتسع رحابتها للغوص في تأويلات حسية كبيرة في أبعادها (تقول سميرة لصديقتها: الحارة مثل القنبلة الموقوتة لها آثار طويلة المدى.) !
..
تقابلها أفعالها جريئة في أدواتها (امتهان عبود السرقة ـ عمل زهيرة في الملاهي الليلية ـ شكل العلاقة بين مروة وماهر)
. "الانتظار وثيقة اخلاقية ذات مضامين اجتماعية وإنسانية لم تتطرق إليها نصوصنا الدرامية قبل الآن وتأتي أهميتها من كونها مشغولة بالعذابات اليومية للفقراء (أحد أحياء السكن العشوائي) استطاع كاتباها تطويع طروحاتهما بحوار رشيق ..
حوار لم تثقله طروحاته ولم يقفز بمفرداته فوق حجوم الشخصيات التي تنطق به فجاءت الكلمات مفصلة على قياس أصحابها (تقول سعدة لصابر: المرأة مثل الزريعة بدا سقاية دايماً.. فيرد صابر: ايه موهديك المرة حكينا في الحديقة.. فتجيب: ايه الزريعة بدا دائماً سقاية.. مو مرة وحدة بس) ويتساءل عبود وهو في طريقه الى المشفى يصارع الموت (الدنيا شورح ناخد منها ؟!) ولعل أهم مافي (الانتظار) تعريته لردود أفعال النفوس البشرية بمفارقة تصل الى حد الوجع أحياناً (صمت وائل ـ الصحفي ـ عندما رأى ابنة جيرانه باسمة في الملهى الليلي.. يقابله زلزلة عبود ـ السارق ـ المقهى فوق رؤوس أصحابه عندما رأى ابنة جيرانه في نفس الملهى) وتقديمه لردود أفعال لم نعتد سلوكها وبناء بعض مواقف أصحابها بعيداً عن النمطية (ردة فعل سميرة عندما اكتشفت علاقة مروة بزوجها.. قول سميرة لزوجها: بدك تطلق روح طلق.. بس أنا مالي موافقة) (ردة فعل أبو سعدة عندما دخلت باسمة الى البيت فور خروجها من السجن) وكذلك دعوة النص للمرونة في التفكير وعدم تحميل الأمور اكثر من أحجامها (يقول رجا لوالده: أنا بحب الحارة بس إذا ما كنا كلنا مع بعض بتروح على بيتنا الجديد)..(ظهور مالك من العمى وهو يضحك مع أفلام كرتون.. في وقت قامت فيه الدنيا ولم تقعد بين وائل وسميرة في المجادلة بأمر اجراء العملية له وتأمين مستلزماتها).
وفي موقع آخر يدعونا (الانتظار) الى شحنة من غيظ أنفسنا على ماننعم به رغم كل الظروف (توقف والدسميرة ـ سليم كلاس ـ عن السجال بينه وبين ابنته بشأن ماتعانيه ليستمع الى أخبار أهلنا في فلسطين)
أي العباءات اعتمدها الاخراج؟
في (الانتظار) بلور المخرج الليث حجو مرامي النص باجتهاد المبدع الذي يحترم خصوصية أعماله فتترجم رؤيته بمفاتيح جديدة تخص (الانتظار) وحده ولم يتعال ليلبس النص عباءة اخراجية جاهزة نسجها على قياس أعماله السابقة. بل حرص على نسيج جديد يظهر خصوصية الحوار بما يحتويه من بساطة ورشاقة..ويحتضن آفاق مراميه بما تحمله من جدلية وتأثير.. فجاءت أدواته زاخرة بالنبض على مستوى التجسيد الحركي والحسي في آن واحد (مشهد ترقب مروة لحركة السيارات الكثيرة الواقفة على مدى عرض وامتداد الشارع منتظرة دورها في المسير.. واسقاطه على احساسها بانتظارها الطويل.. وكذلك مشهد امتزاج صوت أيمن رضا وهو يغني "ياوبور قلي رايح على فين" بالصورة التي زحفت من البقعة التي يقبع فيها الى المدى برحابته لتطلق أصداء رؤيتها) لقد عاش المخرج مع شخوص عمله واستمتع في رسم أدق تفاصيل حياتهم شكلاً عبر الاعتماد على تقديم الصورة في مناخها الملائم بما تحمله من مرتسمات مرئية جاءت مدروسة بتقطيعاتها، موظفة لفرز شخصية اضافية تزيد في غنى العمل وتحقق المتعة لمشاهديه (يقول الدكتور بعد فحص سنية في منزلها: أكلت ضربة شمس ثم تنقلنا الصورة الى مروة في المشفى ليتبادر الى أسماعنا سؤال الدكتور مين ضاربها كل هالضرب؟) ومضموناً عبر تطويع موسيقا طاهر مامللي التي شكلت عاملاً بنيوياً رسم بأنغامه المسافرة توقاً لتجاوز الواقع وحفر بمطرقة"قرار الايقاع الساكن" صعوبة التحليق فوقه واللجوء الى فسحة لانطلاقة الممثل مستفيداً في إحساسه الداخلي بالشخصية التي يؤديها ناهيك عن مهارة المخرج في اختيار هذه النخبة من الممثلين.. ووضعه لبعضهم في موقع لم تعتد عليه حواسنا فكانت ورقة رابحة للعمل وستحسب مستقبلاً لصانعيه في حركة سير الدراما السورية.
ـ فألبس الفنان تيم حسن ذا الملامح الرومانسية عباءة عبود ـ ابن الحارة ـ الشخصية المركبة في شكلها وايقاعها الداخلي مستفيداً من الإحساس الداخلي للفنان المتألق.. في رسم ملامح تلك الشخصية وبلورة موقعها بامانة وقد جسدها تيم بحس عالٍ وبروح الممثل الذي يتوزع اجتهاداً ونباهة.
ـ واجادت تاج حيدر ـ رغم ملامحها الطفولية ـ دور الفتاة التي (شقت الأرض وطلعت) وتألق الفنان قاسم ملحو في شخصية فاضل بما تحمله من قسوة وتعال ومكر وخفة ظل.
(في الانتظار) بناء واضح على شغل الممثل لفرز الضحك والسخرية (وتلوين يتم لكلمة ـ لا ـ وهو يقولها بتهكم لنسرين طافش عندما أخبرته بأنها لا تعرف كيف قبلت به.. وطريقة مشيته وهو ينادي لفاضل بكلمة "فا.. ضل" ـ طريقة اغلاق أحمد الأحمد للباب بعنف.. رميه لربطة الخبر في وجه ضيوفه وهو يقول لهم تفضلوا كلوا.. خروجه للمشاركة في المشاجرة التي حصلت من أجل اختطاف رجا.. طريقة اصدار فاضل للأوامر في بيته.. وطريقة الاستعلاء التي يرسمها بين الحين والآخر وكذلك اثناء ركضه حافياً ليفض الشجار في الحارة).
وباختصار (الانتظار) عمل له وقعه الخاص لتدفقه بالنبض الإنساني يرسم بأدواته مستوى آخر للفكر الذي يرتفع برؤيتنا للحياة ويوقد في أرواحنا جرعات من المرارة والسخرية والضحك والأمل ويدعونا للخروج من صومعتنا قليلا !!
..
- رجـا .. ينتظـره مستقبل بـاهر !!
- الأخوان صابر وبسام .. اضافوا نكهه جميله جداً .. هم ( فاكهة المسلسل ) !
- تيم الحسن كعادته يبدع في ادواره .. تعمق في الشخصيه واتقان للدور بسكل مذهل !
- نسرين طـافش .. اكتفـي بـ [ ] !!
- من افضل المشاهد : محاولة اختطاف رجا الأولى و ( فزعة ) فاضل وبقية افراد الحاره !
- لم يسبق لي مشاهدة نهايه اقسى من النهايه التي انتهى عليها " الإنتظار " !!
- اخراج رائع .. موسيقى تصويريه ممتازه .. تمثيل مذهل .. عمل من القلب و صل الى القلب !!
- ارفع القبعه و اوجه تحيه وشكر لكل من كان خلف العمل .. فعلاً اثبت ان الدراما السوريه هي الأولى .. !
..
الصـور \\
..
في الختـام .. اتمنى يكون الموضوع حاز على رضاكم واعجابكم ..
اخوكم \ هلالي في جده .. والشكر موصول لـ اخوي وليد القحطاني !
مساء الخير الي يقولون متى يعرض .. ترى المسلسل انتهى عرضه قبل كم يوم في قناة mbc هلالي جدة .. الي اعرفه وضع صور النساء ممنوع هنا غريبة وليد القحطاني مايعلم بشروط المجلس العام ..! المسلسل مو ذاك الزود .. وفيه تعري كثير .. ومشاهد سخيفه من رقص وخلافه .. هلالي جدة ووليد .. مشكـورين على هذا الجهد ..ورده