من لا يفهم كيفية هزم البرسا ويظن أن تقوقعه في مناطقه سيؤمن له نتيجة جيدة فهو مخطئ .

من يلعب بوسط أبطأ من السلحفاة أمام البرسا فهو مهزوم لا محالة .

برشلونة لم يلعب أمام فريق .. برشلونة لعب أمام شبح .. برشلونة حتى عندما يلاعب فرق في مستواها يتسيد المباراة لكن ليس بهذه الصورة . ليس شرطاً لتهزم البرسا أن تكون الطرف الأفضل والمتسيد للمباراة ، بل يكفي أن تمتلك لاعبان سريعان في خط الوسط وتمتلك مهاجم سريع . هل كان البايرن يمتلك هذه المقومات ... أبداً

كان يتعين على كلينسمان الدفع ببوروفسكي بدلاً من واحد من الثنائي البطئ بوميل –روبيرتو لأن بوروفسكي أسرع وأقوى .. صحيح ليس أكثر خبرة لكن خبرته كافية جداً ، ولو كان فيليب لام غير مصاب لكان قرار هداف ألمانيا التاريخي مخطئاً تماماً بإجلاسه على الدكة والدفع بليل بدلاً منه .

بعيداً عن المقدمات البرسا هو من لعب بدون مقدمات .. جوارديولا لعب بنفس الخطة المعتادة .. 4-3-3 وكلمة السر كالعادة في الثنائي الإسباني .. تشابي – إنيستا .

تشابي وإنيستا يقطعان كرات كثيرة للغاية في وسط الملعب ، مما يريح لاعب مذهل مثل ليونيل ميسي لا يضطر إلى بدء الهجمة من وسط ملعب البرسا ، بل إن تشابي وإنيستا يوصلا الكرة له عند منطقة الجزاء ولسان حالهم بالمصرية العامية يقول : شوف شغلك يا ميسي !!

القدرة العالية للبرسا على الإحتفاظ بالكرة في نصف ملعب الخصم ساعدته على إحراز هدفين في أول 12 دقيقة عبر ميسي وإيتو ، والهدفان مثال حي على الكرة الهولندية الشاملة .. تناقل للكرة في ناحية ثم الإنتقال بالكرة إلى الناحية الأخرى تماماً إلى اللاعب الغير مراقب وإحراز هدف يسعد العشاق ويبكي الخصوم ..

الهدف الأول والثاني فيهما إثبات للبطئ الكبير لوسط البايرن .. هجمة مرتدة تجد فيها لاعبي وسط البرسا وحيدين بدون لاعبي وسط البايرن بطيئو الإرتداد ، وهو الأمر الذي يشغل قلوب الدفاع عن وظيفتها الأساسية وهي مراقبة المهاجمين فتضطر لملاقاة وسط البرسا وترك المهاجمين يعبثون بالحارس المسكين .

بيب جوارديولا كان يعرف أنه برقابة فرانك ريبيري سيقتل البايرن لأن ريبيري هو اللاعب الوحيد الذي يمتلك السلاح الوحيد الفتاك ضد البرسا .. السرعة .

من يشاهد مباريات الدوري الإسباني سيعرف لماذا تستطيع بعض الفرق أن تهدد البرسا ، إمتلاكهم للاعبي وسط يستطيعون تناقل الكرة بسرعة ثم يمرروها إلى المهاجم أو المهاجمان السريعان اللذان يدخلا في موقف واحد لواحد مع مدافعي البرسا .

لكن هذا الأمر كان مستحيلاً مع فريق يمتلك لاعبين أقل ما يقال عنهما أنهما بطيئان جداً وهما فان بوميل ، وزي روبيرتو وحتى شفاينشتايجر قتله كلينسمان تقريباً بتحميله لواجبات دفاعية تثقل العقل قبل الأرجل .

البرسا استمر في تسيده للمباراة ووأده لهجمات البايرن في مهدها ونجاحه في عزل ريبيري ولوكا توني – الذي لم يكن من المجدي لعبه وحيداً في هذه المباراة - أدى إلى نجاحه في ضمان تواجد ما لا يقل عن سبعة لاعبين طوال الوقت في نصف ملعب البايرن .

هنري أعطى لمحة من أيام الدوري الإنجليزي عندما راوغ " بسرعته " ماسيمو أودّو ولعب الكرة عرضية لتنشق الأرض عن ميسي من بين ثلاثة عمالقة ألمان ليحرز الهدف الثالث القاتل للمباراة والقاتل للـ" مستحيل الألماني " .

ميسي " قرر " أنه يريد إحراز هدف ، فأحرز هدف ! .. هكذا الأمر ببساطة فالساحر الأرجنتيني أتيحت له أكثر من فرصة قبل كرة الهدف لكنه كان مصراً على تسجيل هدف تاريخي فباءت محاولاته بالفشل ، لكن عندما قرر اللعب مباشرة والمشاركة بفعالية في الكرة العرضية أحرز الهدف الثالث في الدقيقة 37 الذي جعل الكل يتساءل .. كيف توقف هذا الفتى ؟!!

البرسا لم يهدأ ولم يركن إلى الثلاثة أهداف ، ويكفي أن نعرف أن بيب جوارديولا قد طرد من المباراة بسبب إعتراضه على ضربة جزاء – صحيحة بنسبة كبيرة - عندما كان فريقه متقدماً بهدفين !

ميسي أراد أن يكافئ هنري على تمريرة الهدف الثالث فتوغل بالكرة في الدقيقة 43 وصنع محطة اسمها إيتو ثم وصلت الكرة مهيئة إلى هنري الذي أودعها بهدوء على يسار الحارس الإحتياطي للبايرن " بوت " الذي شارك بدلاً من كبش فداء مباراة فولفسبورج .. الحارس " رينسينج " .


انتهى الشوط الأول وانتهى كل شئ، البرسا متقدم بأربعة أهداف مع الرأفة ، والبايرن لا يعرف لماذا جاء ومن أين جاء وإلى أين سيذهب .
قد يقول قائل أن الإصابات أثرت على البايرن .. بالفعل أثرت لكن وسط البايرن الأساسي لم يغب عنه أحد والعيب موجود ولا يعالج .. الثنائي فان بوميل وزي روبيرتو منتهي منتهي منتهي ..

لو كان لوسيو وفان بويتن موجودين لكان الحال أفضل " قليلاً " لكن إيقاف البرسا غير مجدي من قلوب الدفاع بل هو يبدأ من وسط الملعب وإيقاف الثنائي تشابي – إنيستا واللذان بعزلهما يستطيع البايرن بالجناح الأيسر والظهير الأيسر إيقاف ميسي مثلاً الذي يرجع الكرة إلى إنيستا وتشابي كلما يجد الزاوية مغلقة ، وعندما يكون الثنائي الإسباني منعزل لا يكون أمام ميسي الحلول الكثيرة .

بيب جوارديولا عزل ريبيري بطريقة ذكية للغاية .. كبح الجماح الهجومي لداني ألفيش ووضع تشابي في الناحية اليمنى ليكون مع ريبيري كظله ، وجعل من إنيستا صانع الألعاب الحقيقي للبرسا بدلاً من تشابي بفضل تحرك إنيستا من اليسار (المكان المعتاد بالنسبة له) ودخوله في الوسط وسحب شفاينشتايجر معه مما أتاح الفرصة لهنري للإنفراد تماماً بأودّو الذي وضح كبر سنه ووضح أن ميلان كان له وجهة نظر في تركه يرحل .

الشوط الثاني كان بمثابة حصة تدريبية بين الفريقين ، فالبرسا " راضٍ " والبايرن " عاجز " وكلينسمان يتفرج !!

كلينسمان لم يفكر في حل كان سيعيد للبايرن بعضأ من بريقه . الحل كان في إشراك بودولسكي وهو لاعب سريع ويستطيع فك أسر ريبيري لأن البرسا كان سيجد نفسه أمام اثنان من اللاعبين المهاريين أصحاب السرعة .

كان يتوجب على كلينسمان تغيير زي روبيرتو ببودولسكي وليس بسوزا ، أو على الأقل إجراء التغيير الثالث بنزول " بودو " بدلاً من شفاينشتايجر ، لكن كلينسمان اكتفى بإجراء تغييرين وكأنه أيقن أنه لا توجد فائدة !