نعم.. يَا بني قومي
شعر: عبدالرحمن صالح العشماوي



بني أمتي، ما للخلافِ مكانُ
إذا ما روى صدقَ الحديثِ لسانُ
وليس لسوءِ الظنِّ في النفس موقعٌ
إذا ما زكى بالصالحاتِ جَنانُ
بني أمتي، واللّهِ ما اهتزَّ في يدي
يراعي، ولا استعصى عليَّ عِنانُ
تقيم القوافي عند باب مشاعري
لتَرويَ ما يُدْلي به الخَفَقانُ
ففيها شظايا من أَسايَ ولوعتي
وفيها حَنِينٌ صادقٌ وحَنانُ
وفيها وفاءٌ يعلم اللَّهُ أنَّه
نقيٌّ، فلم يُخْلَطْ به شَنَآنُ
نعم.. نحنُ في عصرٍ يثور غبارُه
ويركضُ في ساحاتِه الحَدَثانُ
ميادينُ حَرْبٍ تركض الخيلُ نحوَها
ويُكْسَبُ فيها للشجاع رِهانُ
ومَنْ لم يدرِّبْ للنِّزالِ حصانَه
تراجع مهزوماً وفرَّ حصانُ
نعم.. نحن في عصرٍ، لأعداءِ أمتي
وديني، حضورٌ عنده وكيانُ
تكالَبَ فيه المعتدونَ، وأرسلوا
رسالةَ رُعْبٍ نحوَنا، وأبانوا
بنوا قوَّةً لمَّا غَفَلْنا، وإِنَّما
يجاوز قَدْرَ الغافلينَ زمانُ
نعم.. نحن فرَّطْنا، فلم نَبْنِ قُوَّةً
يحومُ بها في قدْسِنا الطَّيرَانُ
وتجري بها دبَّابة عربيَّةٌ
ويخرس منها للعدوِّ لسانُ
نعم.. نحن فرَّطْنا ففي قلب أمتي
جراحٌ، لها في صدرها جَيَشانُ
نعم يا بَني قومي، ولكنَّ أمتي
لديها حسامٌ صارمٌ وسِنَانُ
لديها، إذا الطغيانُ صعَّر خدَّه
عزائمُ، بالدين الحنيفِ تُزَانُ
بني أمتي لا تغفلوا، فعدوُّنا
سريعٌ إلى نَقْضِ العهودِ جَبَانُ
طويلُ اليدِ اليُسْرَى، وأمَّا يَمينُه
فليس لها في المكرُماتِ بَنانُ
يبادلُ مَنْ يلقى بِضِحْكَةِ خائنٍ
وفي قلبه من حقدِه غَلَيَانُ
أَمَا والذي تعنو الوجوهُ لِفَضْلهِ
ومَنْ عنده حقُّ العبادِ يُصَانُ
يميناً بربِّ الكونِ، ما صانَ ذِمَّةً
يَهودٌ، وهلْ للغادرينَ أَمانُ؟
فكم غدروا بالأَنبياءِ وأسرفوا
وجاروا عليهم واعتدوا وأَهانوا
مفاتيحُ شرّ يستطيبونَ فعلَه
وإنْ خفَّضوا أصواتَهم وألانوا
أعيذُ بني الإِسلام مِن خوضِ لجَّةٍ
يميِّزها عن غيرها الهَيَجانُ
فما كلُّ بحرٍ يُمْتَطَى ظَهْرُ مائه
إذا اشتدَّ من إِعصاره الدَّوَرَان
ولا كلُّ روضٍ يُجْتَنَى من ثِمَارِه
ويأْوي إلى أعشاشِه الكَرَوانُ
تذكَّرُنا بالغَدْرِ غَزْوةَ خَنْدقٍ
وللبغي فيها جَذْوةٌ ودُخانُ
ولولا يَهُودُ الغدر، ما استُنْفِرَتْ لها
قريشٌ، ولا طارتْ لها غَطَفَانُ
أَتَوا قوَّةً عظمى، فعادتْ بكيدِها
وطارتْ على عزفِ الرِّياح جِفَانُ
لنا يا بني الإِسلام دينٌ يدلُّنا
على كلِّ خيرٍ، والكتابُ بيانُ
لنا مُهَجٌ تهفو إلى اللَّهِ، زادُها
تُقاها وذكرٌ صادقٌ وأَذَانُ
يشرِّفُها إخلاصُنا، ووفاؤُنا
وعطفٌ على إِخواننا وحَنَانُ
وفي الأرضِ عُمْقٌ لا يُحِسُّ به الثَّرى
وفي الأُفْقِ بُعْدٌ لا يُرَى وعَنَانُ
رويداً بني الإِسلام فالليلُ حالكٌ
ولا قَمَرٌ يبدو ولا دَبَرانُ
رويداً، فشذَّاذُ اليهودِ عصابةٌ
لهم جَفْوَةٌ في طبعهم وحِرَانُ
أُدِيرُ إلى حُكَّام قومي تَحيَّةً
وقولاً به يَتساقَط الهَذيانُ:
وُلاةَ أمور المسلمين، عدوُّكم
يطيب لديه «اللَّفُّ والدَّوَرانُ»
أقيموا على الإِيمَانِ بالله صرحَكم
فليس لغير المؤمنينَ أَمَانُ
ولا غَرْوَ، أنْ يسعى إلى الصُّلح مسلمٌ
بقصدٍ، له عند الإِلهِ مكانُ
يُصالح، لا مستسلماً لعدوِّه
ولا مُضْمِراً أمراً، عليه يُدَانُ
ولا غافلاً عمَّا يُحاك، فربَّما
يكونُ لأفكارِ الرَّدى لَمَعَانُ
سؤالي الذي ينمو على ثغرِ أمَّتي:
أيرضى بأنْ يرعى السَّلامَ «فُلانُ»؟
وكيف يُراد السِّلْمُ، ممن حديثُهم
سِبابٌ، ونقلٌ كاذبٌ ولِعَانُ؟
وكيف نُجيبُ اللّهَ يومَ حسابِه
إذا قال: ما بالُ الأَعِزَّةِ هانوا؟
بني أمتي، هذي قصيدةُ شاعرٍ
قوافيه من صدق الوفاءِ حِسَانُ
أقول لكم قولَ المحبِّ، وإنْ طغى
عَدُوٌّ، ونالَ الأُمَّةَ الرَّجَفَانُ :
يَدٌ تَحملُ القرآنَ أرفَعُ من يدٍ
عليها خضابٌ من دمٍ، وهَوَانُ

-

إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ

سورة آل عمران 160
- - - - - -

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ


سورة محمد 7
- - - - - -

أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ


سورة الملك 20