حياكم



تخيل نفسك معزوم عند ناس معارف..

ودخل عليكم المعزب وقال : اقلطوا الله يحييكم على عشاكم.. واعذرونا على قل الكلافه..

وقمت طال عمرك وغسلت ايديك ورفعت طرف الكم وشمرت عن ساعدك الايمن..

وتوّك تقول بسم الله وتمد ايدك على نعمة رب العالمين..

لكنك تفاجأت باللي عن يمينك واللي عن يسارك كلهم قاموا يطالعون فيك بشوية (ازدراء) وكل واحد فيهم ملعقته بيده وانت درعمت بام خمس لأنك خابر ان اللي ماياكل بيده مايشبع..

وحسيت ساعتها ان الجماعه قرفانين منك ومن شكلك وانت تدخل اللقمه في فمك باصابعك..

وجيت انت على بالك تبي تلطف الجو وتحسّن العلاقات و(بزعت) وقطعت لك هبرة لحم من احسن مكان في ظهر المفطح وحطيتها في حافة القرفان اللي جنبك وانت متشقق تحتريه يقصد بك من الوناسه لأنك اكرمته وفزعت له بالتقطيع..

لكنك مادريت الا وابوالشباب يرمي ذيك الهبره بحافتك ويصرخ منفعلا بصوت مجلجل : (ترى اللحم مايرمى الا للكلاب) أعز الله الجميع..

ساعتها انت انحرجت مررررررره وصار وجهك تقل طماطه وقمت وغسلت ايدك وقضبت الباب..

والحبيب القرفان كمل عشاه وهو ماسك شوكه وسكين يحاول يصطاد (ترنشات) الخيار من وسط صحن السلطه..


احبتي

الانفس تختلف.. والنفسيات تتأرجح بين متسع ومنغلق.. والعادات والتقاليد في صراع لاينقضي خصوصا واننا في مجتمع قبلي متمازج ومتباين..

هناك من يرتدي (الزبيريه) تكرمون ويذهب بها متفاخرا بصوتها وهو يسحّبها في الارض الى زواج حالم في قاعة مخمليه تتنافس فيها اكبر ماركات الاحذية الايطالية والاسبانية بين اقدام الشخصيات (الهاي كلاس)..

وهناك من يدخل الى افخم مطعم في اغلى الفنادق ليقف امام النادل اللبناني المتأنق والمشغول بطلبات (السوفليه والسوتيه والستيك والكافيار) ليسأله اذا كان لديه (كبدة حاشي وشوربة جريش)..

باختصار.. نحن نعاني من (ازمة فكر) لمخيخ (ناشب) في منطقة تذروها الرياح بين تراث وموروث شعبي جميل وعفوي.. وطبقة مخملية لا تتنفس الاكسجين الا بعد تنقيته من انفاس الطبقة الكادحه..

تداخل الحضارات وتمازجها خصوصا في الرياض كمدينة آهلة بالسكان أدّى الى اختلاط الحابل بالنابل وتفاقم الفوضى بين طبقات المجتمع الذي بدأ شيئا فشيئا يفقد هويته الاصليه..

دعوني اذكر لكم موقفا حصل امامي منذ ساعات بسيطه.. وتحديدا قبل ساعتين..

كنت في احد مطاعم المثلوثة الشهيرة في حي الروابي بالرياض ان لم يكن الاشهر على مستوى الرياض ككل..
وبينما الرجاجيل مشغولون بطلباتهم بين عاشق للمندي ومتيم بالمضغوط ومتشقق عند نفر حاشي مع رز احمر..
فإذا بذاك (الغرنوق) يدخل المطعم في عز زحمة الشمغ وهو يرتدي جينز طيحني وفنيله كت وتسريحة شعره سبايكي كأنه اللبناني نيشان..
ولا اخفيكم انني قد ذبحني الفضول وانا انتظر هذا الشنب الاصلي حتى يطلب وكلّي شوق لسماع ماهيّة طلبه..
فإذا به وبصوت ناعم يتحدث مع الكاشير قائلا : فيه مكرونه بالبشاميل ؟؟
فرد عليه الكاشير بالنفي ليعود الغرنوق بسؤال إلحاقي : طيب لازانيا ؟؟
لتضيق خاطرة الكاشير السوداني الذي طلب منه ان يتنحى جانبا ليفسح المجال لمن هم وراءه من الذين جاؤوا بحثا عن تدسيم الشوارب..

وانا اسألكم بالله : هذا ال(طيحني) لما دخل مايدري ان هذا مطعم رز وجريش وقرصان ؟؟

وبعدين مايستحي يدخل مكان كل اللي فيه غير شخصيته تماما ؟؟

ما كان اولى انه يطس باللي ما يعقله الى مطاعم المجمعات التجاريه مثل صحاري او حياة مول ؟؟

ما قلت لكم اننا نعاني من ازمة فكر ؟؟







محبتي













فـهـد