السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
لهذا الضاد ســــــحرٌ في عيونٍ * * * * * تقرُّ اليوم في بيتٍ كريــــــــمِ
فجودي يا زواهي الشعرِ جودي * * * * *ونادي إخوة الحلمِ القديــــــمِ
نحييكم أيا أدبــــاء عصــــــــري * * * * *و نرجوكمْ دواءً للســــــــــقيمِ
بكم تزدان أشعـــــار ورثـــــــنا* * * * *ونعــــم الإرثِ مــــــــن أمٍّ رؤومِ
فيا أم اللــــــغات شرُفتِ دهراً * * * * * بذكر الله في الآي الحكيـــــــم
كفاك الله فخـــــــــراً في كتابٍ * * * * * ووعداً من لدنهِ بأن تدومـــــــي
فدامت عزة الأعــــــراب دامتْ * * * * *ودامـــت أمـــة الديــــن الرحيمِ
بك الآباء قد نظموا القـــــــوافي * * * * *و أبناءٌ بحرفهم النـــــــظـــــيم
تغنوا مـــــجد ضادِهمُ تغــــــنوا * * * * *بأشعارٍ تطـــــيرُ إلى النـــــجومِ
بطيب الكــــــرم ما أحــلاه طيب * * * * * فيا سحر العروش على الكرومِ
عندما تتكلم عن اللغة العربية .....يعجز اللسان عن الوصف....وتجف المحابر والأقلام و أنت لازلت منهمك في ســـرد مميزاتها وخصائصها ....وتحاول أن تبيــن مدى سعة مفرداتها و بــيانها وسحرها فتـُصدم بالكم الهائل من الثراء اللغوي
القابع في كلماتها وأسمائها..... لغة يرجع تاريخها إلى ما لا يقل عن ألف وخمس مئة سنة و ينطق بها أكثر من 422 مليون نسمة ,حري بها أن تكون بهذا الجمال ....
حـُكى أن أحد الفصحاء كان يعاني من صعوبة نطق حرف( الراء )وبينما كان جالساً مع جمع من الناس , تعمد احد الظرفاء الايقاع به وطلب منه ترديد القول التالي :-
((( أمر الأمير بحفر بئر على قارعة الطريق )))
ولم يتردد ذلك الفصيح مخاطباً الجمع :-
((( نُفد الوالي بنقب قليب على متن الجادة ))) ....
نعم انها اللغة العربية الجميلة التي تتداخل وتتنوع فيها الألفاظ بصورة جمالية رائعة ..
والأمثلة في هذا المجال كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:
يقول العرب للضرب ببسط الكف لطم وبقبضها لكم وبكلتا اليدين لدم وعلى الذقن والحنك وهز وعلى الجنب وخز وبالركبة زبن وبالرجل ركل...
ماذا قال غير العرب عن العربيّة :
قال المستشرق المجري عبد الكريم جرمانوس :" إنّ في الإسلام سنداً هامّاً للغة العربية أبقى على روعتها وخلودها فلم تنل منها الأجيال المتعاقبة على نقيض ما حدث للغات القديمة المماثلة ، كاللاتينية حيث انزوت تماماً بين جدران المعابد .
ولقد كان للإسلام قوة تحويل جارفة أثرت في الشعوب التي اعتنقته حديثاً ، وكان لأسلوب القرآن الكريم أثر عميق في خيال هذه الشعوب فاقتبست آلافاً من الكلمات العربية ازدانت بها لغاتها الأصلية فازدادت قوةً ونماءً .
والعنصر الثاني الذي أبقى على اللغة العربية هو مرونتها التي لا تُبارى ، فالألماني المعاصر مثلاً لا يستطيع أن يفهم كلمةً واحدةً من اللهجة التي كان يتحدث بها أجداده منذ ألف سنة ، بينما العرب المحدثون يستطيعون فهم آداب لغتهم التي كتبت في الجاهلية قبل الإسلام "
- قال المستشرق الألماني أوجست فيشر :" وإذا استثنينا الصين فلا يوجدُ شعبٌ آخرُ يحقّ له الفَخارُ بوفرةِ كتبِ علومِ لغتِه ، وبشعورِه المبكرِ بحاجته إلى تنسيقِ مفرداتها ، بحَسْبِ أصولٍ وقواعدَ غيرَ العرب".
قال المستشرق الفرنسي رينان :" من أغرب المُدْهِشات أن تنبتَ تلك اللغةُ القوميّةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل ، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقّةِ معانيها وحسنِ نظامِ مبانيها ، ولم يُعرف لها في كلّ أطوار حياتها طفولةٌ ولا شيخوخةٌ ، ولا نكاد نعلم من شأنها إلاّ فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى ، ولا نعرف شبيهاً بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير تدرّج وبقيت حافظةً لكيانها من كلّ شائبة " .
- قالت المستشرقة الألمانية زيفر هونكة :" كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمالَ هذه اللغة ومنطقَها السليم وسحرَها الفريد ؟ ، فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة ، فلقد اندفع الناس الذين بقوا على دينهم في هذا التيار يتكلمون اللغة العربية بشغفٍ ، حتى إن اللغة القبطية مثلاً ماتت تماماً ، بل إن اللغة الآرامية لغة المسيح قد تخلّت إلى الأبد عن مركزها لتحتلّ مكانها لغة محمد "
وعلى النقيض من ذلك ...يرى بعض من غرتهم الحياة الغربية و انبهروا بها أن اللغة العربية أصبحت ضعيفة ركيكة
مليئة بالتعقيد والرجعية و أنها لا تناسب العصر الحديث والتطور والتقدم التكنولوجي وفي كل مجالات الحياة...زعموا..!!!
وما علموا أن العيب فيهم وبهوانهم و ارتمائهم بالحضارة الغربية...وليس للغة العربية ذنب..!
قال ابن حزم رحمه الله : « فإن اللغة يسقط أكثرها ويبطل بسقوط دولة أهلها ودخول غيرهم عليهم في مساكنهم أو بنقلهم عن ديارهم واختلاطهم بغيرهم ، فإنما يقيد لغة الأمة وعلومها وأخبارها قوة دولتها ونشاط أهلها وفراغهم ، وأما من تَلِفَتْ دولتهم وغلب عليهم عدوهم واشتغلوا بالخوف والحاجة والذل وخدمة أعدائهم فمضمونٌ منهم موت الخواطر ، وربما كان ذلك سبباً لذهاب لغتهم ، ونسيان أنسابهم وأخبارهم ، وبُيود علومهم ، هذا موجود بالمشاهدة ومعلوم بالعقل ضرورة »
و لقد نظم الشاعر حافظ ابراهيم قصيدة من أروع ما قيل باللغة العربية ...حيث تكلم الشاعر بلسان حالها فقال:
رجعت لنفسـي فاتهمـت حصاتـي * * * * *وناديت قومـي فاحتسبـت حياتـي
رموني بعقم فـي الشبـاب وليتنـي * * * * عقمت فلـم أجـزع لقـول عداتـي
ولـدت ولمـا لـم أجـد لعرائسـي * * * * *رجــالا وأكـفـاء وأدت بـنـات
وسعـت كتـاب الله لفظـاً وغايـة * * * * *وما ضقت عـن آي بـه وعظـات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلـة * * * * *وتنسيـق أسـمـاء لمختـرعـات
أنا البحر في أحشائـه الـدر كامـن * * * * * فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتـي
فيا ويحكم أبلـى وتبلـى محاسنـي * * * * *ومنكـم وإن عـز الـدواء أُساتـي
فـلا تكلونـي للـزمـان فإنـنـي * * * * * أخـاف عليكـم أن تحيـن وفاتـي
أرى لرجال الغـرب عـزا ومنعـة * * * * *وكـم عـزّ أقـوام بعـز لـغـات
أتـوا أهلهـم بالمعجـزات تفنـنـا * * * * *فيـا ليتكـم تـأتـون بالكلـمـات
أيطربكم من جانب الغـرب ناعـب * * * * *ينادي بوأدي فـي ربيـع حياتـي؟
ولو تزجرون الطيـر يومـاً علمتـم * * * * *بمـا تحتـه مـن عثـرة وشتـات
سقى الله في بطن الجزيـرة أعظمـا * * * * *يعـز عليهـا ان تلـيـن قنـاتـي
حفظن ودادي فـي البلـى وحفظتـه * * * * *لهـن بقلـب دائــم الحـسـرات
وفاخرات أهل الغرب والشرق مطرق * * * * *حيـاء بتلـك الأعظـم النـخـرات
أرى كل يوم فـي الجرائـد مزلقـا * * * * *مـن القبـر يدنينـي بغيـر أنــاة
أيهجرنـي قومـي عفـا الله عنهـم * * * * *الـى لغـة لـم تتصـل بــرواة؟
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سـرى * * * * *لعاب الأفاعي فـي مسيـل فـرات
فجاءت كثوب ضم سبعيـن رقعـة * * * * *مشكـلـة الألــوان مختـلـفـات
إلى معشر الكتـاب والجمـع حافـل * * * * *بسطت رجائي بعـد بسـط شكاتـي
فإما حياة تبعث الميـت فـي البلـي * * * * *وتنبت في تلـك الرمـوس رفاتـي
وإمـا ممـات لا قيـامـة بـعـده * * * * *ممات لعمـري لـم يقـس بممـات الرطانة..!!
الرطانة :
مصطلح يطلق على أي لغة تنشأ غالبا بشكل تلقائي من اختلاط عدة لغات كوسيلة للتخاطب بين الناطقين بلغات مختلفة. تتسم اللغات الرطنة بنحو بدائي ومفردات محدودة
والرطانة من أخطر الأمور التي يـُمكن أن تصيب اللغة و تـُبعد عنها هويتها وتاريخها..... ولعل من الأمثلة المنتشرة
بكثرة ما يـُسمى الآن ((
بالعربيزية ))..!!
وهي مشتقة من العربية والإنجليزية ..اندمجت مع بعضها لتـُنتج لنا مسخا مشوه يتكلم به العامة...و أكاد أجزم أن جميع من يقرأ الموضوع الآن قد مر عليه شخص ((
عربيزي ))...!!
وهي ظاهرة سيئة غير مرتبطة بطبقة إجتماعية دون الأخرى..يعتقد من يتكلم بها أنها من التحضر ودليل على الثقافة
والبرستيج..!!!
أتسائل أحياناً ..لماذا يتحاشى اليابانيون والألمان والفرنسيون التحدث بغير لغتهم ..وبالمقابل لا نجد حرجا في خلط الكلمات ببعضها...
" يلا سي يو بكرة ".... " ثانك يو الله يعافيك"...."أو ماي قاد ,صحيح! " .." تشــاو"... " مياو".>>>الأخيرة من عندي

امثلة بسيطة من العربيزية..!!!
ومن أشكال هذه الظاهرة أيضا ً ...استخدام الأحرف والأرقام الإنجليزية ...لكن بالعربية ..فكأنك تقرأ طلاسم
فالعين يرمز له " 3 " والصاد " 9 " والطاء " 6 "...الخ
وكما قال الشاعر :
أوكي .. ترددها وقلبـك يطـربُ
وتلوكُ من ( أخواتها ) مـا يُجلَـبُ
فتقول : ( يَسْ ) مترنمًا بجوابهـا
وبـ( نُو) ترد القولَ إذ لا ترغـبُ
وتعدّ ( وَنْ ) مستغنيًا عن واحدٍ
وبـ( تُو) تثنّي العدّ حين تُحسِّـبُ
تصف الجديد ( نيو) و( أُولْدَ) قديمَه
و(بْليزَ) تستجدي بها مـن تطلـبُ
وإذا تودعنا فـ( بـايُ ) وداعُنـا
وتصيح (ولكمْ -هايَ) حين ترحـبُ
مهلا بُنـيّّ .. فمستعـارُ حديثِكـم
عبثٌ ..وعُجْمَـةُ لفظِـه لا تُعـرَبُ
تدعو أخـاك اليعربـيّ كـأعجـمٍ
مستعرضًـا برطانـةٍ تتقـلـبُ !!
تستبـدل الأدنـى بخيـر كلامِنـا
وكـأنّ زامـرَ حيِّنـا لا يُطـرِبُ !!
أنـعـدّ ذاك هزيـمـةً نفسـيـةً
أم أنّه شغـبٌ .. فـلا نستغـربُ ؟
مهلا أخي في الضّاد يا ابن عروبتي
إن الفصاحـةَ واجـبٌ بـك يُنـدَبُ
حسْبُ العروبةِ أن تخـاذلَ قومُهـا
فلنحتفـظْ منهـا بلفـظٍ يَـعْـذُبُ