المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى المجلس العام
   

منتدى المجلس العام لمناقشة المواضيع العامه التي لا تتعلق بالرياضة

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 07/04/2002, 11:44 PM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
Post بحث شامل عن القضية الفلسطينية (( ارجو من الجميع الدخول ))

اتمنى لكل من يدخل هذا الموضوع ان يحفظ الصفحة لان الموضع طويل جدا
وكذلك اتمنى من الادارة انت تثبت الموضوع كي تعم الفائدة ولايضيع مجهودي هدر
هذا الموضوع مقتطفات لعدة مواضيع تخص القضية الفلسطينية



مناهجنا.. آخر الحصون
هكذا يربي اليهود أبناءهم
نائل نخلة

يقول يوري إيفانوف في كتابه: «الصهيونية حذار!»: إن دائرة الأفكار التي يسمم بها الصهاينة عقول أطفالهم والتي يرجى منها أن تستقر في أفهامهم تبدأ عادة بالتوراة. ويؤكد أندريه شوراكي في كتابه: «دولة إسرائيل» أن جميع اليهود يعمدون إلى الرجوع في كل مناسبة إلى الماضي الذي تضمنته التوراة وروح الأنبياء، وإلى الدور التاريخي والروحي للشعب اليهودي؛ أي إنهم يرجعون إلى قلب التراث الضخم الروحي والفكري والأخلاقي والقانوني للتاريخ العبري.
أما فيكتور مالكا فيرى في كتابه «مناحيم بيغن: التوراة والبندقية» أن اليهود استقوا من توراتهم تعليمات في أعمال العنف واستخدام القوة. فقد جمعت قوانين الحرب في العهد القديم في سفر التثنية، وهي تحدد لهم أسلوب الاستيلاء على المدن، وأسلوب التعامل مع أهلها، وهذه القوانين يعدها القادة الإسرائيليون مصدراً للوحي وشريعة مقدسة لاستئناف البعث اليهودي في فلسطين، على أساس أن كل جريمة تصبح شرعية وقانونية مـن أجـل تحقيق وعــد الــرب.
ولعلنا نستشف من هذا الكلام المصدر الذي ينهل منه الصهاينة أفكارهم وأسلوب حياتهم وهو التوراة؛ ولكن الوسيلة التي تتم من خلالها عملية نقل هذه الأفكار والتي تنتج الاحتلال والتمييز والتفرقة والعنصرية والتعصب هي مناهج التعليم في المدارس والجامعات الإسرائيلية؛ وهو ما أجملته الدكتورة الإسرائيلية تسيبورا شاروني في مقدمة حديثها عن التوجه القومي في برامج التدريس في المدرسة العبرية ـ ضمن يوم دراسي في الكلية الأتوثوذكسية بمدينة حيفا في عام 1988م ـ بالجمل الآتية: «إن جميع الجنود ممن يؤدون الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة... أولئك الشباب الذين يسكنون أور يهودا... حيث عمليات إحراق العمال العرب... إن ذلك كله نتاج مدرستنا... نتاج البرامج التعليمية... نتاج التربية الرسمية وغير الرسمية... ولكن للتربية الرسمية نصيب الأسد في ذلك. إذ لم ترد كلمة واحدة في البرنامج التعليمي لليهود حول التطلع للسلام بين إسرائيل وجاراتها... فمثلاً من منا يذكر كتاباً واحداً في الجغرافيا فيه اسم جبل باللغة العربية؟ لا وجود لهذا على الإطلاق؛ فالطلاب يتعلمون ذلك، وكأنه خلق هكذا... الأسماء العربية لا وجود لها على الإطلاق ... أنا لا أتكلم عن قرى عربية تم محوها .. لا يذكرونها قطعاً ... هل هذه تربية؟... وماذا يعني كل هذا؟... لا يوجد في الصفوف إطلاقاً خارطات تشمل الخط الأخضر... أرض إسرائيل الكاملة في جميع الخارطات بما فيها القدس والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة بوصفها جزءاً من دولة إسرائيل».
الصهيونية والدين اليهودي علاقة وثيقة:
ليس تأثير الدين اليهودي والمتدينين طارئاً على دولة إسرائيل؛ فمنذ انطلاقة الحركة الصهيونية وهذا التأثير ملازم لها؛ إذ يشير ناجي علوش في كتابه: «الأساطير والوقائع الصهيونية والأمة العربية» أن اليهود في أوروبا الغربية عندما نشأت الحركة الصهيونية كانوا يمرون بنوع من الانعتاق؛ ولكن الانعتاق أخافهم؛ لأنه يقود إلى الاندماج.
ولكن يهود أوروبا الشرقية كانوا متدينين وأكثر تمسكاً بالتوراة وطقوسها. ولم يجد رواد الصهيونية السياسية إشكالاً في ذلك، ووجدوا الحل بدمج الصهيونية السياسية، بالصهيونية الدينية.
وهذا ما قاد الصهيونية السياسية إلى تبني الأفكار والرموز الدينية المألوفة لدى الجماهير وتحويلها إلى رموز وأفكار قومية في صياغة شبه دينية للبرنامج الصهيوني ليكون محل قبول من كافة التنوعات الاجتماعية والعرقية والحضارية والثقافية ليهود أوروبا. وطبيعي أن يقود هذا إلى علاقة وثيقة بين الصهيونية والدين اليهودي.
ويضيف العلوش أنه على الرغم من أن الصهيونية بدأت من رجال يبدون علمانيين إلا أن رواد الحركة الصهيونية اندفعوا إلى الدعوة للتمسك بالدين وإحياء علومه ولغته ومحاربة الزواج المختلط.
التربية العبرية تحفظ اليهودية!
يقول الباحث الفلسطيني فارس عودة: لعل الدارس لطبيعة المجتمع الإسرائيلي يلاحظ تلك الملاءمة والتوافق القوي بين أهداف التربية اليهودية من جهة وأهداف الحركة الصهيونية وحاجات المجتمع الإسرائيلي من جهة أخرى، فلقد كانت التربية اليهودية بخلفيتها الدينية والتوراتية التلمودية العنصرية، وبفلسفتها المستمدة من تعاليم الصهيونية العدوانية، هي الوسيلة الأولى والأهم التي استخدمت لتحقيق أهداف الصهاينة في إنشاء دولة إسرائيل وبقائها.
لقد جعلت الصهيونية التربية أحد الأسس والركائز التي تعتمد عليها لبناء جيل يهودي ووطن صهيوني.
وهو ما أشار إليه مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل في يومياته حين خصص التربية باعتبارها أسلوباً لتحقيق هدفه، فأشار إلى بعض المواد التي يركز عليها في مقدمة منهاجه واعتبرها ضرورية لذلك وهي الأناشيد الوطنية والدين والمسرحيات البطولية.
أما القيادي اليهودي إلياهو كوهين فرأى في المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرين (1951م) أن مصير إسرائيل يرتبط بإيجاد جهاز حقيقي لتنفيذ التعليم والتربية حسب المبادئ الصهيونية.
بينما أكد دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل في المؤتمر الصهيوني الرابع والعشرين والمنعقد عام 1956م أنه لن يكون للحركة الصهيونية مستقبل بدون تربية وثقافة عبرية لكل يهودي بوصفه واجباً ذاتياً.
واعتبر أن معرفة التوراة كفيلة بتزويد الفرد اليهودي بجذوره وأصله وعظمته ومستقبله، ويضمن ارتباطه بشعبه في مملكة إسرائيل. ثم يسأل بن غوريون: ما الذي سيحفظ اليهودية؟! ويجيب: «إنها التربية العبرية».
ويحدد وزير المعارف والثقافة الإسرائيلي السابق زبولون هامر أهمية التربية في المجتمع الإسرائيلي بقوله: «إن صمودنا أمام التحدي الكبير الذي يواجهنا يتمثل في مقدرتنا على تربية قومية مرتبطة بالتعاليم الروحية اليهودية، تربية يتقبلها الطفل راغباً وليس مكرهاً؛ ولهذا فإن على جهاز التعليم الرسمي والشعبي أن يتحمل التبعية الكبيرة للصمود أمام التحديات التي تواجه إسرائيل.
الهجرة والاستيطان... التوسع والاحتلال... التميز والتعصب:
ويميز الدكتور وائل القاضي أستاذ التربية في جامعة النجاح الوطنية ـ والذي أجرى بحثاً حول التربية في إسرائيل ـ بين الأهداف المعلنة للتربية في إسرائيل وغير المعلنة؛ حيث يشير إلى أن الأهداف المعلنة للتعليم الحكومي في إسرائيل والتي حددتها المادة الثانية من قانون التربية والتعليم الإسرائيلي لعام 1953م هي إرساء الأسس في التعليم الابتدائي على قيم الثقافة اليهودية ومنجزات العلم، وحب الوطن، والإخلاص والولاء للدولة والإعداد الطلائعي، والسعي لتشييد مجتمع قائم على الحرية والمساواة والتساهل والتعاون المتبادل، وحب الغير من الجنس البشري.
وقد أعرب اليهود عن قلقهم من أنهم لم يشددوا على القيم القومية بما فيه الكفاية، فشرعوا بإدخال موضوع الوعي اليهودي الذي صادقت عليه الكنيست في عام 1977م وجاء فيه: «في التعليم الابتدائي والثانوي والعالي ستهتم الدولة بتعميق الوعي اليهودي بين صفوف الشبيبة الإسرائيلية وتجذيره في تاريخ الشعب اليهودي وتراثه التاريخي وتقوية انتمائه الخلقي لليهودية من خلال إدراك المصير الواحد والمشترك والواقع التاريخي الذي يوحد يهود العالم عبر مختلف الأجيال والأقطار».
وهكذا نجد أن الدراسة الدينية تحتل مكاناً بارزاً في مناهج التعليم عموماً. وكثير من الموضوعات التي تعالج تحت أسماء مختلفة كـ «الوطن والتاريخ والجغرافية واللغة العبرية» تدرس من الزاوية الدينية، وتؤكد هذه المناهج على تنمية الوعي والحسّ اليهودي لدى الأطفال بقصد زيادة التركيز على صلة الطالب اليهودي بتراثه القديم من خلال دراسته الدينية. ويتم التركيز في هذه المناهج على زرع الأفكار الدينية في عقول الناشئة لتسويغ وجود رابطة دينية بينهم وبين أرض فلسطين؛ ممّا يعطيهم الحق في بناء دولة لهم فيها، ويروِّجون أن إقامة دولة يهودية في فلسطين هو تحقيق لما جاء في التوراة؛ فالرب قد اختار الشعب اليهودي واختار الأرض. وما دام هذا الاختيار إلهياً فإنه يعطي امتيازاً للأرض وللشعب الموعود بها أيضاً. وبذلك تكون (أرض إسرائيل) مخصصة لبني إسرائيل وحدهم دون غيرهم.
كما يتم التركيز أيضاً على أن الحياة اليهودية في فلسطين لم تنقطع منذ أيام الرومان إلى العصور الحديثة، وأن دولة الكيان هذه أنشئت في بلاد قطنها المحتلون والغزاة العرب طوال 1300 سنة، وأن عودة المهجرين اليهود من كافة أنحاء العالم وتوطينهم في فلسطين تحت ستار العودة إلى أرض الوطن التاريخي ليس باعتبارهم غرباء عن هذه الأرض بل باعتبارهم سكانها الأصليين الذين ظلوا بعيدين عنها طوال العهود السابقة.
ووفقاً لما أورده الدكتور القاضي فإن الأهداف الرسمية للتربية والتعليم في إسرائيل تتمثل بما يلي:
أولاً: تكوين مجتمع عضوي موحد.
ثأنباً: بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية.
ثالثاً: الحفاظ على التراث اليهودي ونشره وتعميقه.
رابعاً: دعم مركزية إسرائيل بين يهود العالم والالتزام نحوها باعتبارها دولة اليهود.
وقد حددت السلطات التعليمية في إسرائيل هذه الأهداف لإرساء الأسس التربوية الآتية:
1 - تعميق الوعي اليهودي الصهيوني.
2 - التربية على قيم القومية اليهودية الصهيونية.
3 - الاهتمام بدور اللغة العبرية من أجل الحفاظ على التراث اليهودي وبعثه وتعميقه بين الشباب الإسرائيلي؛ ولهذا فقد أصبح دورها يفوق كافة أدوار التدريس؛ إذ تحتل مكاناً بارزاً في مناهج المدارس الإسرائيلية.
4 - ترسيخ جذور الشباب الإسرائيلي في ماضي الشعب اليهودي، وتراثهم التاريخي؛ وذلك لخلق أجيال إسرائيلية تؤمن بالمعتقدات الصهيونية التي اعتنقها جيل المؤسسين (الرواد)، للتأكيد على (الريادة) وتصوير الرواد الأوائل مؤسسي الدولة نماذج للاقتداء بهم.
5 - التعلق بالأرض: ويرتبط هذا الهدف مع ضرورة تكوين مجتمع موحد فيه الشتات اليهودي ويلتصق به.
6 - فلسفة «دين العمل» ويرتبط مع الهدف السابق بوصفه أحد أركان الثقافة اليهودية والهدف من التعلق بالأرض. وفلسفة دين العمل بها هو تحقيق الاستيطان اليهودي في النهاية على أرض إسرائيل.
أما الأهداف غير المعلنة للتربية الصهيونية فيحددها الدكتور وائل القاضي بالآتي:
ü الإيمان المطلق بحق شعب إسرائيل في «أرض إسرائيل» وملكيتهم لها والاستيطان فيها من خلال التكرار والتأكيد بالحديث عن الحق التاريخي في «أرض إسرائيل التاريخية».
ü تحقيق التضامن اليهودي داخل إسرائيل وخارجها لضمان استمرار الهجرة اليهودية والدعم المادي لإسرائيل خاصة من يهود المهجر.
ü تكوين الاستعداد لدى الأجيال الإسرائيلية اليهودية للتوسع والاحتلال والعنف، وكراهية العرب؛ وذلك بحجة إنقاذ الأرض.
ü تأكيد الشعور بالقلق والتوتر لتحقيق استمرارية الإحساس بالاضطهاد عند الأجيال اليهودية المتعاقبة، لضمان عدم اندماج وانصهار هذه الأجيال في أي مجتمع آخر غير «إسرائيل».
ü إظهار التفوق العبري الحضاري عبر العصور لتكوين الإحساس بالتمايز والتفوق، والشعور بالاستعلاء عند الأجيال الإسرائيلية الجديدة، وعودة الشعب المختار إلى «الأرض الموعودة».
ü تشويه وتقزيم الصورة العربية في نظر الطالب الإسرائيلي مقابل التأكيد على صورة «السوبرمان» الإسرائيلي الذي لا يقهر.
ü تربية وتنشئة أجيال صهيونية متعصبة جداً لصهيونيتها ودولتها بكل ممارساتها مؤمنة بذلك إيماناً مطلقاً.
على كل تلميذ حفظُ مقاطع من التلمود وتشرُّب روحها. ويؤكد رئيس مركز الدراسات المعاصرة في مدينة أم الفحم الدكتور إبراهيم أبو جابر على أن الديانة اليهودية تعتبر مصدراً هاماً من مصادر الفلسفة التربوية عند اليهود؛ فلقد اعتمدت التربية اعتماداً كبيراً على الدين في سبيل تشكيل أجيال متشبعة بتعاليم التوراة والتلمود، من أجل ترسيخ مفاهيم معينة في نفوس الناشئة اليهودية.
وتهدف التربية الدينية إلى تربية الطفل جسدياً واجتماعياً وانفعالياً وعقلياً عن طريق قصص من التوراة وأسفارها.
وفي هذا يقول حاييم وايزمن أول رئيس لدولة إسرائيل: «عندما بلغت ما لا غنى عنه لأي طفل يهودي، وخلال السنوات التي قضيتها في مدارس الدين تلك، كان عليَّ أن أدرس أشياء من أصول الديانة اليهودية، والذي ملك عليَّ لبي هو سِفْر الأنبياء» وما يمكن ملاحظته وفقاً لأبي جابر هو الاهتمام الكبير بتدريس المواد الدينية في جميع مراحل التعليم لأبناء اليهود أينما وجدوا؛ حيث تأتي مادتا التوراة والتلمود في مقدمة الدراسات، وتعتبر المادتان أساساً وإطاراً للغايات التربوية؛ حيث يقول مائير بار إيلان أحد مفكري التربية اليهودية: «إن روح التلمود ومعرفة عامة شرائعه وآدابه يجب أن يكون جزءاً من دراسة كل يهودي متعلم، حتى وإن لم يكن سيجعل من حقل الدراسة هذا مجالاً للعمل، والأمر شبيه بتعليم الفيزياء والرياضيات؛ فمع أنه ليس كل تلميذ يتخصص فيهما، ولا يستخدم جميع ما يتعلمه فيهما في حياته العملية، إلا أنهما ضروريتان له؛ كذلك بالنسبة للتلمود يجب أن يحفظ كل تلميذ مقاطع معينة منه وأن يتشرب روحها.
ونورد هنا بعض التعاليم والأحكام التي يحتويها التلمود؛ حيث صيغت بمهارة فائقة:
«اليهودي لا يخطئ إذا اعتدى على عرض الأجنبية، فإن عقود الزواج عند الأجانب فاسدة؛ لأن المرأة غير اليهودية بهيمة ولا تعاقد مع البهائم. يجوز لليهودي أن يُقسِم زوراً ولا جناح عليه إذا حوَّل اليمين وجهة أخرى.
إن أخطأ أجنبي في عملية حسابية مع يهودي فعلى اليهودي أن يقول له: (لا أعرف) لا أمانةً، ولكن حذراً؛ إذ من الجائز أن يكون الأجنبي قد فعل ذلك عمداً لامتحان اليهودي وتجربته. من يقتل مسلماً أو مسيحياً أو أجنبياً أو وثنياً، يكافأ بالخلود في الفردوس وبالجلوس هناك في السراي الرابعة».
يقرر التلمود أن اليهودي يعتبر عند الله أفضل من الملائكة؛ لأن اليهود جزء من الله مثلما الابن جزء من أبيه.
ولا نستطيع قراءة كل ما جاء في كتب التدريس، ونكتفي بذكر الآتي وهو وجود كتاب لتعليم القراءة تحت عنوان: «مكريؤت إسرائيل» للصفوف الدنيا من الصف الثالث وحتى الثامن .
وقد قام الدكتور دانئيل بارتنا ـ محاضر علم النفس في قسم التربية بجامعة تل أبيب ـ بدراسة تطرَّق فيها إلى هذا الكتاب قائلاً بأنه بواسطة الكتب التعليمية تمت عملية غسيل دماغ للطلاب ليكرهوا العرب مما ينطوي على أبعاد مزعجة؛ إذ تصور العرب بملامح سلبية: إنهم وحوش وغير إنسانيين؛ فلا يمكننا تجاهل النتائج التي يستنتجها طفل لدى قراءته الخلاصة والأحكام التي يخرج بها عن العرب كلهم.
وفي كتاب آخر لتعليم اللغة أصدرته دار النشر «هكيبوتس همؤحد» في السبعينيات وما زال يدرس حتى يومنا. جاء في ص 277: «جلب اليهود روح التقدم والازدهار إلى الشرق الأوسط؛ بينما زاول العرب أعمال النهب والسطو والقتل».
وقد استطاعوا بث هذه القيم في نفوس طلابهم وتحقيق هذه الأهداف عن طريق مناهج التعلم الموجهة بدقة، فإذا اطلعنا على حجم دراسة مواد الدين اليهودي واللغة العبرية في مناهج الصفوف الابتدائية الدنيا ( 2 ـ 4) كمثال على ذلك نجد أن نسبة عدد ساعات دراسة هذه المواد تبلغ 35% في التعليم المدني بينما تبلغ 51% في التعليم الديني في الصفوف الابتدائية المشار إليها.
وكما أنهم ركزوا جهودهم لتحقيق هذه الأهداف عن طريق (الكم) فإنهم اعتنوا أيضاً بنوع المادة المطروحة في المناهج، فمنذ نعومة أظفار الطفل اليهودي تركز التربية التي يتلقاها على أهداف محددة واضحة، ويذكر مؤلفا كتاب (فلسفة وأهداف تربية الطفل اليهودي في فلسطين) أن أهداف التربية في مرحلة رياض الأطفال تندرج تحت منظومة عامة من الأهداف تتلخص في «الهدف الرئيس وهو تكوين مجتمع موحد ويرتبط أفراده بثقافة ومشاعر مشتركة، ويتخاطبون باللغة العبرية، ويذكر المؤلف أن إسرائيل عنيت بتعليم الأطفال اللغة العبرية والديانة اليهودية باعتبارهما الأساس لقيام الدولة اليهودية على أرض فلسطين. وثمة أهداف أخرى للعملية التربوية منها: بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية، والمحافظة على التراث اليهودي ونشره وتعميقه بين الناشئة اليهود. ولذلك أقامت إسرائيل الجامعة العبرية في القدس، وسعت إلى اتباع أحدث الاتجاهات الغربية في التعليم. وبالنسبة للمصادر التي تستمد إسرائيل منها هذه الأهداف فإنها تشمل:
الديانة اليهودية، الحضارة الغربية كحضارة عقلانية علمية، الحركة الصهيونية كخلاصة للتفاعل بين المصدرين الأول «الدين اليهودي»، والمصدر الثاني «الحضارة الغربية»، والناتجة عن قيم معينة تتلخص بالريادة والعمل.
وعن الغايات المنشودة من وراء رياض الأطفال فإنها ـ وفقاً للمؤلف ـ تدور حول تهيئة الأطفال للتعامل الرشيد مع عالمهم المادي والاجتماعي، وتثقيفهم بالثقافة العبرية، وإعدادهم لتحمل المسؤولية في المستقبل»(1).
وفي الحقيقة فإن الأهداف التي تبلورت عبر التطور التاريخي للمؤسسة التعليمية (الإسرائيلية) «قد عبرت عنها المناهج بشكل واضح، وبخاصة كتب الديانات والتراث والتاريخ واللغة والأدب، حيث تتمحور حول المنطلقات التالية:
- هناك شعب يهودي كان في الماضي البعيد يعيش في وطنه «أرض إسرائيل» موحداً، ثم تشتت بفعل الاحتلال الأجنبي لهذا الوطن.
- خلال سنوات «الدياسبورا/ الشتات» كان الشعب اليهودي يحلم بالعودة إلى وطنه، وعكست تعبيراته الدينية وموروثاته الثقافية الاجتماعية هذا الحلم.
- مع بدء التفكير في العودة إلى الوطن، كان «الجوييم» الأغيار لا يزالون يقيمون في هذه البلاد، يسيطرون عليها أو يحتلونها.
- ونظراً إلى أن الوطن «القديم ـ الجديد» مأهول بالأغيار، فثمة ضرورة للقيام بعدة اقتحامات في وقت واحد، أبرزها: اقتحام الأرض ـ اقتحام العمل والإنتاج ـ اقتحام الحراسة... إلخ.
- إن الروابــط الدينيــة والتاريخيـــة بين اليهـــود و «أرض إسرائيل» هي روابط أزلية/ أبدية؛ الأمر الذي يجعل العرب في البلاد وكأنهم غير موجودين.
ويظهر من خلال الدراسة التي قام بها البروفســور أدير كوهين ـ رئيس قسم التربية بجامعة حيفا ـ والتي تضمنت تحليلاً علمياً لأهم ما ورد في (42) من كتب الأطفال العديد من تلك المعالم والمنطلقات؛ إذ يكثر في هذه الكتب الحديث عن مملكة داود وسليمان، وعن حروب الرومان واليهود، وعن الغزو الأجنبي للبلاد، وفي كل هذه الأمور وسواها تتناول الكتب أحداثاً مثيرة تركز على ما يسمى (بطولات يهودية) ودفاعهم المستميت عن الوطن»(2).
(نحن) فقط، وسوانا صفر:
وقد شهد غريبون ـ بل يهود أيضاً ـ بالنتائج البغيضة لهذه السياسة التعليمية التي أثمرت العنصرية والإرهاب في أوساط اليهود، ففي عام 1946م زارت فلسطين لجنة تحقيق إنجليزية أمريكية حول أساليب التربية الصهيونية، وخلُصت من التحريات التي أجرتها بأن المدارس اليهودية، وهي تحت إشراف الطائفة اليهودية وتدار بأموالها، قد أصبحت مشبعة بروح قومية ملتهبة، وغدت وسائل فعالة بالغة الأثر لبث روح القومية العبرية العدوانية.
وفي عام 1959م وجَّه المجلس الأمريكي لليهودية في مؤتمره السنوي الخامس عشر المؤسسات التعليمية اليهودية لتجرد مناهجها من الطابع الصهيوني والقومية اليهودية المتطرفة التي تنادي بها الصهيونية.
وخلال مناقشات الكنيست في عام 1975م وصف النائب مائير فلنر التربية الصهيونية في إسرائيل بقوله: «إن التربية الصهيونية في إسرائيل تسعى إلى ترسيخ مشاعر التعالي القومي والعنصرية، ومعاداة العرب، والروح العسكرية وإنكار حقوق الآخرين... إن كل سياسة الحكومة الإسرائيلية غير إنسانية بما في ذلك سياستها تجاه تربية أولادنا».
ولعل المحامية الإسرائيلية فيليتسيا لانغر عبرت بصدق عن خلاصة واقع التربية الصهيونية وهي تخاطب الشباب اليهودي الذي يهدم بيوت العرب في الأراضي المحتلة إذ قالت: «لقد علموك منذ كنت صغيراً فن الحرب، وزرعوا فيك مشاعر التعصب القومي، والحقد على العرب، وأرادوا لك أن تحقد بكل ما أوتيت من قوة على العرب الذين أعدوك لمحاربتهم، لكي لا ترتجف يداك عندما تضغط على الزناد، وعندما دخلت المدرسة الابتدائية كان هناك من قرر بعد اثنتي عشرة سنة أنك ستكون جندياً؛ لذلك ستتركز تربيتك منذ الآن على تعلم الحرب، وبدأ ذلك بتنمية مشاعر التفوق القومي فيك مع رصيد لك في ماضيك من إهانة لقيم الشعب الآخر.
«نحن فقط... وسوانا صفر» هذا ما استنتجته بحق من مادة التدريس»، وهذا الشيء في مجال السياسة معناه: «لنا كل البلاد ومن سوانا لا وجود لهم. ما أتفه العرب: ـ هكذا بدوا في عينيك بالقياس إلى كل هذا المجد. وعندما بلغت سن الرشد علموك عن الطبيعة السيئة للعربي الذي لا يفهم إلا لغة القوة والقسوة، والمستعد دائماً أن يقضي عليك بلا رحمة، فرددت وراءهم عبارة حكمائنا: «الذي ينوي قتلك سارع إلى قتله»؛ لأنه لا يوجد لك خيار طبعاً؛ لهذا فإن السلام سـيأتي فقط بعد أن ننتصر علـى العــرب في الحـرب؛ لأنهـم لا يفهمون إلا لغة القوة».
إقبال شعبي:
لم يكن الاهتمام بالقيم التوراتية والتلمودية في التعليم الصهيوني اتجاهاً رسمياً وحسب، بل إنه أيضاً يعبر عن رغبة شعبية متنامية في الاتجاه إلى إلحاق الناشئة بالتعليم الديني التوراتي إيماناً منهم بالنص التوراتي الذي يقول: «من كان له ولد فليعلمه التوراة». وهذا الاتجاه المتنامي حقيقةٌ تشير إليه الإحصائيات والأرقام الرسمية ـ خاصة في الفترة الزمنية الأخيرة، حيث تشير معطيات نشرتها وزارة التعليم الإسرائيلية بمناسبة بدء اليهود العام الدراسي الماضي أن عدد التلاميذ اليهود الملتحقين بمؤسسات ومدارس التعليم الديني في إسرائيل ازداد بأكثر من 130% خلال العقد الماضي.
وبحسب المعطيات الرسمية التي نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» فقد ارتفع عدد التلاميذ في أطر التعليم الديني من 48 ألف عام 1990م إلى 111 ألفاً عام 2000م.
ويتضح أيضاً أن عدد الطلاب في مدارس تعليم الشريعة اليهودية (التوراة) ازداد في نفس الفترة بحوالي 88%؛ حيث ارتفع عدد الطلاب الدارسين فيها من 17 ألف طالب قبل عشر سنوات إلى 32 ألفاً في السنة الحالية.
وأشار مسؤولون في وزارة التعليم الإسرائيلية إلى أن اتجاهات الزيادة القائمة في عدد الطلاب في أطر ومؤسسات التعليم الديني ستستمر في السنة الدراسية المقبلة، ويعزو المسؤولون أسباب ازدياد الإقبال على هذه المؤسسات والمدارس إلى حملات الدعاية، وتخفيضات الرسوم التي تقوم بها شبكات التعليم الخاصة التابعة لأحزاب المتدينين المتزمتين، ولا سيما الشبكة التي يديرها حزب «شاس» الديني ـ الشرقي.
ووفقاً للمعطيات الرسمية ذاتها فقد سجل في مقابل هذا الارتفاع الكبير في عدد طلاب مؤسسات التعليم الدينية انخفاض في نسبة طلاب وتلاميذ جهاز التعليم الحكومي في إسرائيل من 73% عام 1990م إلى 67% في العام قبل الماضي.
هكذا يربى اليهود أبناءهم، وهكذا يقبل اليهود على تعلم دينهم، فما موقفنا نحن من التعليم الديني في بلادنا؟
حـقائـق عـن إسـرائيـل:
يتكون المجتمع اليهودي في إسرائيل الآن من يهود متدينيين وغير متدينين. وبين مختلف الفئات هناك الأرثوذكس المتطرفون، وهم يغالون في التدين ويناوئون الصهيونية، وهناك من يعتبرون أنفسهم علمانيين. ومهما يكن من أمر فليس هناك خطوط واضحة بين هذه الفئات.
وبصورة عامة يمكن القول إن20% من السكان اليهود ملتزمون بالفرائض والشعائر الدينية، وعلى هذا الأساس هم أرثوذكس. وهناك حوالي60% يلتزمون بقسم من الفرائض والشعائر، حسب ميولهم وتقاليدهم السابقة في حين يعتبر 20% غير متدينين إطلاقاً.
وهناك مقاييس أخرى يمكن استخدامها لتحديد مدى التزام جمهور معين بأسلوب حياة متدين، منها التحاق الأطفال بالتيار التعليمي المتدين (30%)، أو تصويت الناخبين لصالح الأحزاب المتدينة (10 ـ 15%).
المتدينون ينقسمون من حيث الالتزام الديني والعلاقة مع الدولة لشرائح وأنواع:
1 - المتدينون المتزمتون (الأرثوذكس أو الحريديم): وهم الذين يحملون أفكاراً معارضة لمبدأ تأسيس الدولة، ويشكلون غالبية التيار المتدين، ويسكنون أماكن خاصة بهم، ولهم أنماط حياة أيضاً خاصة، منهم من يتعاملون مع الدولة ومؤسساتها ويشارك هذا التيار في الانتخابات انطلاقاً من مبدأ المصلحة أمثال (شاس، ديغل هتوراة، حباد).
وقسم آخر يرفض ذلك جملة وتفصيلاً، بل يتهم دعاة الصهيونية بالزندقة والكفر، ولا يحمل بعضهم الهوية الإسرائيلية، أمثال جماعة ناطوري كارتا.
2 - المتدينون الوطنيون: وهم جزء من المتدينين اقتنعوا بطروحات الحركة الصهيونية ومبادئها، فخلطوا التدين والوطنية، فهم يشاركون منذ قيام الدولة في الحكم، ويخدم أبناؤهم في الجيش جنباً إلى جنب مع الآخرين غير المتدينين، وهؤلاء ينتمون لحركة (المفدال).
3 - المتدينون الإصلاحيون: وهؤلاء وجودهم قليل في إسرائيل لكون مقرهم الولايات المتحدة الأمريكية. وهم أشبه بالتيار التحريري لدى النصارى (البروتستانت)، وعلى صراع مرير مع المتدينين المتزمتين بحكم تحررهم في المسائل التعبدية، وتجاوزهم لكثير من المعتقدات لدى اليهود الأرثوذكس.

اخر تعديل كان بواسطة » زعيم العز الأزرق في يوم » 08/04/2002 عند الساعة » 12:09 AM
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07/04/2002, 11:46 PM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
Post يتبع

العالم الإسلامي ماذا فعل من أجل القدس؟
عبد العزيز الحامد

اقترحت السُّلطة الفلسطينية على الإسرائيليين والأمريكيين ـ بعد أن (فوجئت) بتصلب الموقف الأمريكي والإسرائيلي في رفض السيادة العربية والفلسطينية على القدس ـ اقترحت أن تُسند السيادة عليها إلى العالم الإسلامي ممثلاً في منظمة المؤتمر الإسلامي، وبالرغم من أن هذا الاقتراح الفلسطيني كان بمثابة أول تنازل من السُّلطة الفلسطينية عن شعار: (لا تفريط في السيادة الفلسطينية على القدس عاصمة لدولة فلسطين)، بالرغم من ذلك فقد رفض الإسرائيليون هذا الطلب، وقال (شلومو بن عامي) وزير الخارجية الإسرائيلي بالوكالة مؤكداً رفض (إسرائيل) للسيادة الإسلامية على القدس: «بالنسبة إلينا.. إن السيادة الفلسطينية والسيادة الإسلامية العالمية يعنيان عملياً الشيء ذاته، وأؤكد رفض رئيس الوزراء لهذه الفكرة». [الحياة/20/9/2000م].

وصدر بعد ذلك بيان عن مكتب (إيهود باراك) في اليوم التالي جاء فيه: «إن إسرائيل لا تعارض فقط نقل السيادة على «جبل الهيكل» إلى الفلسطينيين، بل ترفض تماماً نقل السيادة إلى أي هيمنة إسلامية» [الشرق الأوسط 21/9/2000] ومن يسمع هذا الطلب الفلسطيني وذاك الرفض الإسرائيلي يظن أنه كان بالإمكان فعلاً أن تسند السيادة على القدس إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، مع العلم بأن تلك المنظمة في واقع الأمر لا تملك الآلية القادرة على تحمل هذه التبعة العظيمة؛ ولا أدل على ذلك من أن الدور الذي مُكنت هذه المنظمة من القيام به ـ منذ أقيمت ـ لأجل القدس، هو دور متواضع جداً مقارنة بتلك القضية الضخمة العظيمة، هذا مع أن السبب في إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي في الأساس إنما جاء رد فعل على حريق المسجد الأقصى الذي حدث في 21 أغسطس عام 1969م؛ وللتدليل على تواضع هذا الدور ـ مقارنة بما كان يُتوقع من منظمة المؤتمر الإسلامي ـ فإننا نسُوق استعراضاً للملامح الرئيسة لطريقة تلك المنظمة في التعامل مع قضية المسلمين الأولى.

فكما سبق ـ تشكلت منظمة المؤتمر الإسلامي رداً على إقدام الصهاينة(1) على إحراق المسجد الأقصى، فقد تنادى زعماء العالم الإسلامي لعقد مؤتمر قمة لبحث الموقف الواجب اتخاذه تجاه تلك الجريمة الشنعاء، وبدا وقتها أن قضية القدس والأقصى يمكن أن تكون عامل توحيد للأمة الإسلامية، ولكن هذا ما لم يحدث طيلة العقد التالي، عقد السبعينيات؛ إذ شُغل العالم الإسلامي بهموم كثيرة صرفته عن الاهتمام بقضيته المركزية، وأصبحت منظمة المؤتمر الإسلامي رمزاً مجسِّداً لما يمكن أن يقدمه العالم الإسلامي ـ على مستوى الدول ـ لصالح قضية فلسطين؛ ذلك الدور الذي لم تُتح له سوى أن يكون رمزياً فقط في غالب الأحوال؛ لقد أثمر المؤتمر الأول لزعماء العالم الإسلامي نتيجة مهمة، كان يمكن أن يستفاد منها لأقصى الغايات لو فعِّلت ورتب لها ترتيباً إيجابياً؛ ذلك أنه قد صدر في نص ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي أن من أهم أهدافها: «الحفاظ على سلامة الأراضي المقدسة وتحريرها، ودعم كفاح الشعب الفلسطيني ومساعدته على استرجاع حقوقه وتحرير أراضيه» . ونص الميثاق أيضاً على خصوصية القدس على المستوى التنظيمي، حيث جاء النص على أن: «يكون مقر المنظمة في مدينة جدة مؤقتاً، إلى أن يتم تحرير القدس، لتصبح مقراً دائماً لها»؛ ولكن نشاط منظمة المؤتمر الإسلامي المخصص في الأساس لخدمة قضية بيت المقدس ـ تقلص واختُصر من (مؤتمر إسلامي عالمي) إلى «لجنة» لجنة القدس المنبثقة عن المؤتمر عام 1975م، وتحول دور هذه اللجنة، من الناحية الواقعية إلى «صندوق» يستجدي من العالم الإسلامي بفقرائه وأغنيائه من الأموال ما يمكن أن تصرَّف به شؤون محدودة داخل الأرض المقدسة، ليس منها ما يساعد في قليل ولا كثير على تحرير تلك الأرض المقدسة؛ وذلك في الوقت الذي تنهال على تلك الأرض ـ منذ ما يقرب من قرن من الزمان ـ مليارات الدولارات من اليهود والنصارى، بهدف إعادة صهرها ثم تشكيلها في هيئة يهودية صرفة؛ وبمقارنة بسيطة بين الواقع العربي الإسلامي، والواقع اليهودي في مدينة القدس بعد أربعة وثلاثين عاماً من احتلالها ـ وهو واقع معروف ـ ندرك بُعد الشقة بين ما قدمه العالم الإسلامي للقدس وما قدمه ولا يزال يقدمه العالم اليهودي والعالم النصراني أيضاً؛ والسؤال المرير هنا هو: من الذي يقدس القدس.. نحن أم هم؟! وللتذكير ببعض ما تعهدت به المنظمة، نذكر شيئاً من قراراتها ووعودها فيما يتعلق بالمسؤولية التي تحملتها نحو القدس والأقصى، ونحن نذكرها لنقارن فقط بين الأقوال والأفعال.

* في مؤتمرها الأول المنعقد في سبتمبر 1969م، أكدت القمة الإسلامية «أن حكومات الدول الإسلامية وشعوبها يرفضون أي حل للقضية الفلسطينية لا يكفل لمدينة القدس وضعها السابق قبل الاحتلال في يونيو 1967م» ومعنى هذا أن الدول الإسلامية كلها ترفض أي سيادة على مدينة القدس لغير أهلها من الفلسطينيين المسلمين.

* وفي القمة الإسلامية الثانية التي عقدت في لاهور في شهر فبراير 1974م جاء في قرارات منظمة المؤتمر الإسلامي النص الآتي: «القدس رمز فريد من نوعه لالتقاء الإسلام بالأديان السماوية (المقدسة)، ولقد تولى المسلمون لأكثر من 1300 سنة شؤون القدس كأمانة لكل من يعتزون بها، وبهذا كان انسحاب إسرائيل من القدس شرطاً لا يقبل التغيير؛ لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط».

* وعندما أصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارها بضم القدس الشرقية المحتلة انعقد مؤتمر للمنظمة على مستوى وزراء الخارجية في مدينة فاس بالمغرب في 20/9/1980م؛ وقد التزمت الدول الإسلامية في هذا المؤتمر باستخدام (جميع) قدراتها السياسية والمالية والنفطية والعسكرية (!!) لمجابهة القرار الإسرائيلي، والتعهد بفرض مقاطعة(1) سياسية واقتصادية على البلدان التي تساند القرار الإسرائيلي.

* وفي المؤتمر الثالث للمنظمة والمنعقد في يناير 1981م، أعلنت المنظمة الإسلامية العالمية (الجهاد المقدس) لتحرير القدس (!!) وفقاً لمواد القانون الدولي التي تَكْفُل الدفاع المشروع عن النفس في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، وجددت القمة الدعوة إلى مقاطعة (إسرائيل) وقررت: أن إبقاء أي دولة إسلامية على أي شكل من أشكال العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية معها ـ يُعد تشجيعاً لها على مواصلة احتلال الأراضي العربية المحتلة وعلى رأسها القدس الشريف.

* وعندما أقبل العرب ـ بسعي جماعي ـ على (نسخ) تلك القرارات والتوصيات، والتعهدات السابقة، بالدخول في التفاوض السلمي مع اليهود في مؤتمر مدريد في أكتوبر عام 1991م أعلنت منظمة المؤتمر الإسلامي: «أن القدس هي جوهر قضية فلسطين، ولذلك لا يمكن تغييبها عن مفاوضات السلام»؛ ولكن القدس غُيِّبت بالفعل، واستمرت مفاوضات السلام ما يقرب من عشر سنوات دون أن يكون هناك همس عن القدس، ومع ذلك سكتت المنظمة، وسُلمت القضية إلى (أصحابها) الأصليين وهم: منظمة التحرير!! وكأن القدس كانت أو أصبحت ملكاً لتلك المنظمة لتتحدث عنها وتنفرد بها عن مئات الملايين من المسلمين. وعندما أُعلن عن انعقاد كامب ديفيد الثانية التي تحطمت نتائجها على صخرة القدس بدأ الكلام عن أنواع متعددة من أشكال السيادة على القدس من طرف اليهود والنصارى؛ ولكنها تستثني العالم الإسلامي ممثلاً في المنظمة الإسلامية العالمية، وعندها أصدرت منظمة المؤتمر الإسلامي في دورتها السابعة والعشرين في 30 يونيو 2000م، ما أطلق عليه: «نداء القدس» وجاء فيه: «إن القدس هي العاصمة السياسية والتاريخية للشعب الفلسطيني وللدولة الفلسطينية، وهي ملتقى الأديان والرسالات السماوية، ومركز تعايش الحضارات والثقافات، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية»(2) فإن الظاهر من هذا النداء أنه كان يهدف إلى مساندة الموقف الفلسطيني المعلن بعدم التفريط في (ذرة تراب) من القدس الشرقية؛ ولكن هذا الموقف المعلن بدأ ينافسه الموقف غير المعلن وهو القبول بجزء من خارج القدس، وهو (حي أبو ديس) ليكون عاصمة للدولة الفلسطينية ـ إذا قامت ـ وعندها أصدر وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي إعلاناً في (19/9/2000م) جاء فيه: «نعبر عن تقديرنا للجهود الرامية إلى اتفاق على المسار الإسرائيلي الفلسطيني من عملية السلام».... والسلام!!
----------------------------------
(1) الذي قام بذلك العمل لم يكن صهيونياً يهودياً، بل كان صهيونياً نصرانياً، وهو مايكل دنيس.
(1) هذا قبل مقاطعة هذا القرار بالهرولة إلى التطبيع. (2) جريدة الأهرام، 1 يوليو 2000م.
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07/04/2002, 11:48 PM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
Post يتبع

حـقــوق الإنسان لمـن؟!

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فلقد كفل الدين الإسلامي للإنسان كرامته وإنسانيته؛ وهذا ما توصلت إلى بعضه القوانين والنظم الوضعية بعد قرون وبعد إعلان هيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام (1948م)، ولا نعلم بأن تلك الحقوق لفئة من الناس بذاتها أو لأمة من الأمم بعينها؛ غير أن ما يلمسه المتابع لقضية الصراع مع الصهاينة (ما يسمى بالصراع العربي الإسرائيلي) يجد العجب العجاب؛ فالحقوق كلها للصهاينة، ودفاع الشعب الفلسطيني الأعزل بالحجارة والبنادق أمام الصواريخ والقنابل والطائرات الحربية أصبح ذلك في نظر عميان رعاة السلام وأصحاب المبادرات المشبوهة أصبح عنفاً وإرهاباً!! فماذا يفعل شعب مغلوب على أمره، اعتدي عليه في مصادرة أرضه، ومحاربته في وسائل عيشه، ومحاصرته بكل الوسائل غير الشرعية؛ إن لم يدافع عن كرامته بكل ما يستطيع؟ إن معاناة الشعب الفلسطيني المجاهد منذ نكبته بقيام دولة العدو منذ وعد (بلفور) الذي أعطى من لا يملك من لا يستحق، فجاء شذاذ الآفاق اليهود لبناء دولتهم على أنقاض فلسطين السليبة، فكانوا سرطاناً خبيثاً في جسد الأمة الإسلامية، ولم تحسن الحكومات العربية التعامل مع تلك الجريمة المرسومة والمدعومة من الغرب والشرق منذ قيامها، فاستمرت أمتنا تتخبط في حروب عقيمة حتى سقوطها في فخ ما يسمى بعملية السلام المزعوم. بينما العدو مستمر في تحقيق ذاته وبناء دولته بدعم الغربيين الذين طالما أيدوا حق كل شعب في تقرير مصيره، وطالما دعوا إلى احترام سياسات حقوق الإنسان وقاوموا أي تساهل بتلك الحقوق؛ فكيف بخرقها على رؤوس الأشهاد؟ بل وأعلن الغرب الحرب على من خرق تلك الحقوق كما حصل مؤخراً مع طاغوت الصرب (ميلوسوفيتش) حيال حربه الهمجية في البلقان ضد المسلمين وبخاصة مع مسلمي كوسوفا. لكن هذه السياسة أصبحت وسيلة مكشوفة للابتزاز يرفعها الغرب بكل صلف ضد الدول المخالفة لنهجه السياسي، وبخاصة ما تقرره أمريكا من قوائم سنوية لدول تعتبرها إرهابية أو مساندة للإرهاب عن طريق وسائل موجهة مثل ما يسمى بـ (لجنة الحريات الدينية) بالكونجرس الأمريكي، حتى بلغ الأمر حدَّ التدخل وبشكل سافر في الشؤون الداخلية للدول، كما حصل في إندونيسيا دفاعاً عن حقوق (النصارى)، وأخيراً في مصر للدفاع عما زعم من انتهاكات لحقوق الأقباط. ومما يؤسف له أن تواطؤ الغرب ضد إندونيسيا وتهديدها بحجب الإعانات عنها، وخوفها من فرض الحصار عليها مما جعلها تتساهل في مشكلة (تيمور الشرقية)، وتقرر وبكل انهزامية الموافقة على التدخل الدولي الذي تبعه التصويت بحماية هذا التدخل ليتقرر فصلها. أما في مصر فلقد جوبه التدخل فيها باحتجاجات شعبية سفهت تلك التدخلات بما فيها رفض بعض النصارى أنفسهم لذلك التدخل والوقوف ضده؛ فإلى متى تبقى الحقوق الإنسانية لغير المسلمين وحدهم؟! فأين الجمعيات الدولية والإقليمية؟! وأين ما يسمى بجمعيات الحقوق وغيرها وغيرها؟! أين هؤلاء من تلك الأعمال الهمجية والانتهاكات المتوالية لحقوق الإنسان المسلم سواء في فلسطين أو الشيشان أو كشمير أو الفلبين..؟ وأين أولئك المراقبون لمعاناة المسلمين من القتل والتشريد والتدمير لمقدرات بلدانهم مما تنشره وسائل الإعلام ليل نهار؟ لقد عانى الشعب الفلسطيني وبشكل خاص من قهر العدو الصهيوني له بالحديد والنار مما يتنافى مع أبسط القيم الإنسانية ولا سيما في عدوانه الأخير حيث ضرب براجماته وطائراته حتى (إف 16) الأمريكية المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ولم تسلم من عدوانه السلطة الفلسطينية المتواطئة معه في عملية السلام المزعوم! مخالفة بذلك كل الاتفاقات المحمية بالاتفاقات ذاتها. وبعدَ لأْيٍ شكلت اللجنة الأمريكية المعروفة بلجنة (ميتشل)، وجاء تقريرها الهزيل بشكل مغاير للحقيقة حتى لا يدان العدو دولياً على إجرامه ضد الشعب الفلسطيني؛ حيث ساوى التقرير بين القاتل والضحية، وتأتي قمة المأساة حينما دُعي مجلس الأمن لاتخاذ قرار لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني بإرسال مراقبين دوليين في الأرض المحتلة فتسارعت (أمريكا) بإعلان (الفيتو) بدعوى تأجيل مناقشة الموضوع!! ولا ندري إلى متى؟ هل لينفذ (شارون السفاح) برنامجه الانتخابي لضمان الأمن لشعبه بقتل كل من يقف في وجهه بجبروته وعدوانه؟ أم لكون الشعب الفلسطيني من الفئة التي لا تستحق الحياة لمجرد أنهم مسلمون؟! حيث تعرضوا لمذابح وحشية كما حصل في قرية دير ياسين وقرية ناصر الدين وكفر قاسم؛ حيث تم قتل آلاف الفلسطينيين وتشريدهم مع أن جزءاً من هذا الشعب (نصارى) نالهم ما نال المسلمين من القتل والعدوان. ولا يعجزنا السبب في وقوف الحكومة الأمريكية وعلى مر السنين مع العدو؛ لأنها عادة ما تكون صنيعة اللوبي الصهيوني، فتأتمر بأمره وتسير وفق هواه حتى لو خالفت كل القوانين والقيم، بالرغم من أن هذا اللوبي وقف ضد الحكومة الأمريكية الحالية بتأييدهم الحزب الديمقراطي المنافس والذي أخفق في الوصول لسدة الرئاسة لأسباب شتى يعرفها المتابعون، إلا أن الكونجرس ما زال متميزاً بأغلبيته الديمقراطية وجلهم يهود صهاينة أو موالون لهم من النصارى المتصهينين. ومن العجيب أن تتخلى الحكومة الأمريكية حتى عن آداب اللياقة مع الحكومات العربية ذات العلاقات الوطيدة معها والتي تربطها بالفلسطينيين علاقات العقيدة والأخوة والدم، لكنها لم تكترث بذلك، بينما تقف مترددة وتتجنب الإساءة لدول أخرى مراعاة لمصالحها كما هو الحال في موقفها مع الصين مع ما عرفت به من انتهاكات لحقوق الإنسان سواء مع المسلمين في (تركستان الشرقية) أو مع المعارضين لها كما حصل في مواجهاتها الدامية معهم في ساحة (تيان مين). إنَّ الخلفية العقدية والفكرية التي يتعامل بها الغرب مع الحقوق الإسلامية هي التي توجه مساره وتجعله يتعامل معها بتشنج واستكبار، ويشرح (انجمار كارلسون) هذه الخلفية بقوله: (إنَّ الإحساس بالخوف من الدين الذي يسود مجتمعنا العلماني والتجاري بصفة عامة قد امتد وشمل العالم الإسلامي كله ككتلة واحدة، وكنتيجة طبيعية لهذا الإسقاط أصبحت نظرتنا إلى أي عمل من أعمال العبادة والتقوى وممارسة الشعائر سلبية؛ نظراً لأنها ترمز إلى التطرف والتعصب حتى ولو كانت هذه الأعمال تقتصر على أداء الصلوات في المساجد... ويبدو أننا نفتقر إلى اليقين، وإلى الإحساس بالأمن والطمأنينة، وليس لدينا الثقة الكاملة بنظمنا الاجتماعية، وبذلك فنحن نفتقد الإمكانات الموضوعية للنظر إلى الأصولية الإسلامية نظرة معقولة، وتناولها بأسلوب نقدي طبيعي؛ ولذا نعتبر الغرب الحديث مرادفاً للعقل، بينما نرى في الشرق عالماً متخلفاً يمشي على حافة الجنون، ويستحيل عليه مشاركتنا في الحوار والسجال على قدم المساواة؛ فالمسلمون كانوا في الماضي، وسيبقون في المستقبل خطرين، ويصعب سبرهم، وينبغي تجنب أية مناقشة معهم..!!)(1). إن العالم الذي ساءه سياسة الكيل بمكيالين في مسألة حقوق الإنسان لم يعد يجهل أن أمريكا نفسها تنتهك حقوق الإنسان: ليس بتأييدها جرائم العدو الصهيوني فقط، بل لأن سجلها الأسود في حقوق الإنسان وانتهاكاتها له بما لا يخطر على بال أحد لم يعد مجهولاً بعد أن كشفته الحكومة الصينية في تقرير معروف نشر مؤخراً أمام العالم ولا يتسع المقام لذكر بعض صـوره البشعة؛ (انظــر إلى التقريـر المذكـور ممـا نشرته مجلة المجتمع الكويتية، العدد 1441 و 1442) ولذا وجدنا العالم ممثلاً في هيئة الأمم يقرر بمحض إرادته تنحية (أمريكا) عن لجنة حقوق الإنسان التي طالما اتخذت من هذه المسألة شماعة لها تستخدمها ضد المخالفين لها ولتوجهاتها. إننا نعتقد أن أمريكا ستبقى ألعوبة في يد الصهيونية تستخدمها لصالحها، وسيبقى الفلسطينيون محل الإدانة والقتل والاستئصال، ولم يعد أمامهم أي وسيلة لرفع الظلم عنهم بعد إخفاق أساليب السلام المزعوم واتفاقياته المعروفة سوى الجهاد والمقاومة، وإنزال القتل باليهود ذلك الشعب المحارب الذي يتساوى فيه الجيش بالشعب. إن إنزال القتل بالعدو هو الوسيلة الوحيدة التي يفهمونها، وليعلم يهود مدى العذاب الذي نال الشعبَ الفلسطيني، وحينها سيضطر اليهود الجبناء الذين قال الله فيهم: { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ } [الحشر: 14]، سيضطرون أمام هذه الإرادة الصلبة إلى إعادة النظر في مواقفهم الإجرامية وسياساتهم الهمجية لما لها من انعكاسات سلبية ضدهم حتى يأذن الله بنصره المؤكد بعز عزيز أو بذل ذليل؛ إذ لا يفلُّ الحديدَ إلا الحديدُ. وحين يكون لأمتنا مكانتها وقوتها وقدراتها، ولها مصداقيتها التي يخشى الغرب والشرق فواتها، حينها سنراعَى مثلما تراعى الصين وغيرها. ثم كيف يكون لنا هذا الشأن ونحن غير صادقين مع ربنا وغير مقتدين بسنة نبينا وغير متآخين فيما بيننا؟! وكيف يصلح حالنا ونحن في جل ديارنا لا نحكم بشرع الله ونوالي أعداء الله ونحارب أولياءه، ونعمل كل الوسائل المفتعلة لتهميشهم وإبعادهم عن التأثير في المجتمع؛ بينما يتاح المجال لغيرهم من الكفار والعلمانيين وأهل الأهواء؟! إن قوة أمتنا في دينونتها لربها وتآزرها وكـونها يداً واحدة على من سواها، وبخلاف ذلك سنكون أذلة، وستكون الحقوق لغيرنا حتى ولو كان هو الظالم وهو الجاني وهو المعتدي. وصدق الله العظيم: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] . والله المستعان.
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07/04/2002, 11:49 PM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
Post يتبع

هل ما يقوم به الفلسطينيون عنف؟

د. عبد الله بن هادي القحطاني( *)

هل ما يقوم به الفلسطينيون للتعبير عما يعانونه تحت وطأة الاحتلال الصهيوني الجائر إرهاب أو عنف؟
إن الجواب هو بأن هذا الحق مشروع لهم لينتبه «العالم الحر!» و «المحب للسلام» لقضيتهم، والمسارعة لنجدتهم، أو ربما لإيقاظ إخوانهم في أرجاء الأرض من حلم السلام الموهوم الذي عاشوا تحت كوابيسه لعقد من الزمان، وأن الانتفاضة «انتفاضة الأقصى» بيان جماهيري حي يعلن للعالم أجمع بما فيهم بنو صهيون بأن أرض الأنبياء التي ما زال يدنسها يهود تحوي «أطفالاً» قادرين على التضحية بدمائهم التي ضن بها إخوانهم في شتى أنحاء المعمورة من أجل أرض النبوات والأنبياء الأطهار الذين قتلهم بنو صهيون ظلماً وزوراً.
إن ما يجري في القدس وغزة والخليل وبيت لحم ردة فعل طبيعية للضغوط الصهيونية الإرهابية لابتلاع الأرض الفلسطينية والهوية الإسلامية لشعب خذله أهله وتجرأ عليه أعداؤه، يُحرَم حقه المشروع في التعبير عن الظلم والجور الذي يكابده، وينظر أولئك العاجزون إلى دماء الأطفال الزكية بأنها تهوُّر في مواجهة الأعداء الغاصبين الذين يواجهون بالحجارة الرصاص والطائرات والدبابات والمدافع، والصهاينة مع ذلك يَدَّعون السلام، هذا ليس «سلام الشجعان» بل سلام الجبناء، وخاصة أن راعي السلام قد أضحى ذئب السلام الذي لم يكبد نفسه عناء التخفي والانزواء، بل على العكس تماماً فهو كل يوم يكشر عن أنيابه في مجلس الأمن وينهش رعيته «السلام»؛ فويل لقطيع السلام إن كان راعيه ذئباً كاسراً وثعلباً ماكراً.
لقد أصبحت حقيقة لا مراء فيها أن السلام مع أعظم أهل الأرض خيانة ـ الذين خانوا الله وأنبياءه ـ ليس له عندهم أمانة ولا عهد ولا ذمة. إن الأمم المسلمة على ما فيها من فرقة وتمزق قد وعت حقيقة أن شعوبها قد ملت هزلية السلام الذليل، ونفرت من حياة الذلة والصغار، وعلمت أن فلسطين أرض مقدسة دنسها يهود ولا بد من تحقيق وعد الله ووعد رسوله فيها وإن طال الزمان، وما من شك أن تلك السواعد الغضة، والوجوه الفتية، ودماء الأطفال الأبرياء الزكية، قد غيرت الانحراف الذي أخل بموازين القضية الفلسطينية؛ فقد ساهم دهاقنة السياسة العالمية في تحويلها من قضية أمة مسلمة كاملة حتى صوَّرها للعالم كله بأنها قضية رجلٍ واحد، هو صاحب القرار الأخير فيها، إلا أن انتفاضة الأقصى أعادت في سويعات قليلة القضية برمَّتها لساحتها الحقيقية إلى قلوب ومشاعر الأمة المسلمة في كل جنباتها، بل إن جراحها في العالم كله تألمت لجرح فلسطين، وتنهدت لدموع الأقصى، ولقد كشفت الغطرسة الصهيونية لِمَنْ اغتر بنرجسية السلام، وتغنى بمكاسب التطبيع أن بني صهيون وإن تعددت مشاربهم لا يمكن أن يحققوا أطماعهم، وينفذوا مخططاتهم في جو السلام؛ فالسلام ليس خياراً استراتيجياً لهم أين ما حلوا وحيثما ارتحلوا، أمة لم تعرف السلام مع نفسها ولا مــع ربهــا ولا مع أنبيائها، كيف يمكن لها أن تحققه مع أعدائها؟
بل إن مَنْ وصموهم بحلفائهم وأصدقائهم كانوا أول أهداف حقدهم ومكرهم، ولن تأخذهم في مؤمن إلٌّ ولا ذمة أبداً؛ فهم لا يتورعون أن يُسحق في طريق تحقيق أهدافهم كل مبدأ، وتُرتكب كل خيانة؛ فإن كنا في حالة ضعف وركون فإنها تحملنا على الاستعداد للجولة القادمة بعد أن هُزِمنا في جولة السلام. إنه قدر مكتوب على هذه الأمة أن تنهض من كبوتها، وتعي رسالتها، وتوحد صفوفها تحت راية واحدة، وشعار واحد: «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
إن الإعداد يبدأ بالصدق مع الله، والرغبة فيما عنده، وعدم الركون إلى هذه الدنيا الفانية وإلى أعداء الله فيها، والمســـارعة لنصـــرة الله ـ عز وجل ـ: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [محمد: 7].
وبذلك يتم النصر والتمكين وفقاً للسنَّة الربانية الكونية الجارية.
-----------------
( *) أستاذ مشارك في قسم اللغة الإنجليزية، جامعة الملك خالد ـ أبها.
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07/04/2002, 11:51 PM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
Post يتبع

هذه عدة مقتطفات من عدة صحف

المقاطعة أضعف الإيمان العلاقة الاستراتيجية بين العدو الصهيوني وأمريكا هي علاقة لا نقول تاريخية إنما هي علاقة مصلحية استغلها اليهود بأموالهم وإعلامهم ووصولهم لمراكز القرار؛ مما أنتج تلك العاطفة المعروفة بين الطرفين، وأكدها ورسَّخها الصهيونيون النصارى، أو النصارى الصهاينة الذين جعلوا من خزعبلاتهم وأساطيرهم الدينية ما يربط بين قيام دولة يهـود المسيح ـ عليه السلام ـ وأن بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى هو ذروة المجد النصراني الموهوم.لذا وجدنا التعاون الكبير بينهم ووقوف الغرب بعامة والأمريكان بصفة خاصة في صفهم، وتأييد العدو الصهيوني في عداوته المستمرة منذ قيام دولتهم عام 1948م وإلى الآن، وما قامت به من مجازر ومذابح وحشية للشعب الفلسطيني مؤخراً لم يحرك ساكناً في الجسد الغربي المتصهين بدعوى أن نصرة الصهاينة (قدر إلهي)! ولذلك فهم لا يفرقون بين الرجم بالحجارة من الأطفال والشباب الفلسطيني وبين راجمات الصواريخ والقصف المدفعي والطائرات، وهدم مقدرات الشعب الفلسطيني؛ بدعوى أن كلاً من ذلك عنف يجب أن يتوقف!!هذه التصرفات الرعناء المعادية لأمتنا أثارت حفيظتنا وكراهيتنا للعدو الصهيوني والمتعاطفين معه، وأن ما طرحه من أسلوب السلام ما هو إلا أكاذيب ولعب على الذقون، وتحدث الإعلام العربي بكل صراحة في كل الدول العربية بدون استثناء عن: لماذا تكره (أمريكا)؟ وأرجعوا ذلك لمعاداتها لنا وتأييدها للصهاينة؛ بدون مراعاة حتى لمصالحها مع دولنا وشعوبنا.ونحن نقول: إن كل ذلك الانحياز يجعلنا نكره الغرب، والعدو الصهيوني، والمتواطئين معه، والمكبلين باتفاقيات الاستسلام، ونعتقد أن واجب الولاء والبراء يجعلنا نطالب بمقاطعة العدو وكل الشعوب المنحازة له؛ حتى يعلم أولئك قيمة أمتنا، وقدرتها على تطويعهم بهذا الأسلوب البسيط، ولو قاطعنا أولئك مقاطعة تامة في كل ما يُصدِّرونه لنا ـ وبخاصة أن هناك بدائل عنه ـ لأذعنوا لنا؛ ولكن هل نفعل؟ هذا ما يجب أن تفكر فيه الدول والشعوب بكل أطرها وفعالياتها. {ويّوًمّئٌذُ يّفًرّحٍ المٍؤًمٌنٍونّ * بٌنّصًرٌ اللَّهٌ} [الروم: 4، 5].


حصاد الانتفاضة
أعلنت السلطة الوطنية أن عدد الشهداء الفلسطينيين وصل خلال الشهرين الأولين من انتفاضة الأقصى إلى نحو 316 شهيداً، فيما بلغ عدد الجرحى خلال الفترة نفسها نحو 17 ألف جريح ومصاب. وقال وزير الصحة الدكتور رياض الزعنون خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الهيئة العامة للاستعلامات: «إن عدد الشهداء بلغ 316 شهيداً، منهم 158 شهيداً من الضفة الغربية و 95 شهيداً من قطاع غزة ونحو 50 شهيداً لم يتم إدراجهم ضمن قوائم الشهداء الصادرة عن وزارة الصحة، نظراً لعدم تمكن ذويهم من تسجيلهم بفعل ظروف الحصار والإغلاق وتقطيع أوصال الضفة والقطاع، ودُفن هؤلاء في مقابر قراهم وقرب أماكن سكناهم، إضافة إلى 13 شهيداً سقطوا داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948م».
وأشار إلى أن عدد الجرحى خلال الفترة نفسها بلغ 16869 جريحاً، تلقى 9375 جريحاً منهم العلاج في مستشفيات ومراكز صحية في الضفة والقطاع، فيما تلقى نحو 3190 جريحاً العلاج في مستشفيات ميدانية أقيمت قرب مناطق المواجهات، إضافة إلى 1600 مصاب من فلسطينيي فلسطين المحتلة عام 1948م.
وأشار الزعنون إلى أن نسبة الجرحى ممن هم دون سن الثامنة عشرة، بلغت نحو 40%، أما نسبة الإصابة في الرأس والعين فبلغت 18%، والصدر 20% ومثلها في البطن، أما الأطراف فبلغت نسبة أصابتها 42% . كما أشار إلى أن نحو 10% من المصابين سيعانون من الإعاقة؛ مما يعني أن عدد المعاقين بلغ 920 معاقاً.
[جريدة الحياة، العدد: (13783)]

اقتدوا بـ.. موسكو فيتش!!
الأسلوب الجديد الذي ابتدعه المليونير اليهودي الأمريكي (أرفنغ موسكوفيتش) هو الذي يؤسس لمرحلة جديدة من الاستيطان وتطويره في القدس، والخليل خاصة وسائر الأراضي الفلسطينية، موسكوفيتش يعيش في الولايات المتحدة ويمتلك مجموعة استثمارية في نوادي القمار أساساً، وقد اقتنع حديثاً ـ منذ ست سنوات تقريباً ـ بالريادة الاستيطانية في القدس وأهمية تهويدها، فبحث عن أنجع الطرق واهتدى بمعاونة الجمعيات الاستيطانية المتطرفة إلى شراء الأراضي أو امتلاكها، مهما بلغت التكلفة والاستثمار فيها ببناء وحدات سكنية لليهود.

واشتهر اسمه في عام 1997م حينما امتلك قطعة أرض في رأس العامود المطل على البلدة القديمة وقبة الصخرة بتكلفة عشرة ملايين دولار، وشرع في إقامة مشروع إسكان يضم 250 شقة وصلت تكلفته إلى 15 مليون دولار، وعرض الشقق للبيع بمبلغ 120 ألف دولار للشقة الجاهزة، وهو ثلث ثمن الشقة في الأحياء اليهودية في القدس.

كما أنه لا يتجاوز ثلثي ثمن الشقة في الأحياء العربية حتى تلك التي يمولها مجلس الإسكان الفلسطيني الذي يدعم إسكان الفلسطينيين في المدينة وتثبيت عروبتها. ويخصص (موسكوفيتش) مبلغ 100 مليون دولار لشراء عقارات، من بيوت وأراضٍ في القدس، وآخر صفقاته عرضه على عائلة عربية تسكن غرفة ونصف الغرفة في البلدة القديمة مبلغ مليون دولار ثمناً للبيت الذي لا يساوي في السوق العربية أكثر من عشرين إلى ثلاثين ألف دولار، بل إنه عرض مبلغاً مفتوحاً ولو وصل إلى مليار دولار ثمناً للحرم القدسي بكامله، وامتد نشاطه إلى الخليل ووصل عملاؤه تقريباً إلى كل بيت في المدينة، وخاصة البلدة القديمة يعرضون شيكات مفتوحة لبيع بيوتهم أو أجزاء منها، فأصابوا قليلاً وأخفقوا في معظم مسعاهم إلا أنهم لم يكلُّوا. وبنشاط أقل يقدم المليونير اليهودي الأمريكي والبلجيكي الجنسية (أدمون سافرا) تبرعات سخية لبناء حدائق في الأحياء اليهودية في القدس الغربية وفي الأحياء الاستيطانية الأخرى، ويخصص مبالغ أقل من (موسكوفيتش)، قدرها عشرة ملايين لهذا الغرض.

من الصعب حصر أسماء المتبرعين اليهود، خاصة أنهم يضخون أموالهم إما من خلال جمعيات كثيرة أو من خلال تمويل مشاريع خدماتية حكومية أو دينية أو غيرها كبناء مستشفيات ومرافق أخرى تحمل أسماءهم على لوحات معدنية خاصة تملأ جدران المستشفيات والمدارس ودور العبادة والحدائق ومشاريع الإسكان والمتاحف والجامعات والكليات المختلفة، وخاصة المهنية ومراكز البحث العلمي والعسكري وتطوير شبكات الإنترنت والتقنية العالية «سلكون فالي» المنتشرة في أماكن مختلفة. تلك هي بعض الأمثلة المتوافرة عن طبيعة التبرعات التي يضخها اليهود إلى إسرائيل ومستوطناتها التي تأخذ منذ حوالي العقد من الزمن شكل الاستثمار المشترك أو الحصري مما شجع المستثمرين، وتقدر نسبة الاستثمارات اليهودية من مجمل الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل بـ 52%. [مجلة المجلة، العدد: (1086)]
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07/04/2002, 11:55 PM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
Post يتبع

من وحي الانتفاضةأحمد بن عبد الرحمن الصويان

منذ أن بدأ الصراع العربي الإسرائيلي في منتصف الأربعينيات الميلادية والهوية الحقيقية للصراع مغيَّبة عن الأمة؛ فمن الشعارات القومية التي تعالت صيحاتها من الخليج إلى المحيط، والتي تمخضت أخيراً عن شعار الحرب العربي: (ارْمِ سلاحك وانسحب!).. وإلى شعار: (سلام الشجعان!). لقد جهد هؤلاء العلمانيون في تزييف وعي الأمة، وخداعها بالمزايدات الإعلامية، ونصبوا لها تمثالاً من الوهم، وراحوا يسبحون بحمده ويقدسون..!حتى في ثنايا النكبات والدماء التي ملأت أرض الإسراء في الانتفاضة الإسلامية الأخيرة، ما زالت الشعارات المجدبة المقفرة تقفز هنا وهناك، ترقص على جراح الأمة، وتزايد عليها، وكأني باليهود يخاطبوننا بقول حافظ إبراهيم:قد مـلأنا البر مـن أشلائهـم فدعوهم يملؤوا الدنيا كلاما!انتفاضة الأقصى رسالة إلى بني صهيون تذكِّرهم بأن جيل العزة والشموخ لم يمت بحمد الله؛ فقد ظهر النور من جديد وعرف الناس حقيقة المعركة، وأن أبنـــاء جيـــل (عبد الناصر) و (ميشيل عفلق) و (أنطون سعادة) قد ولَّى، وجاء جيل جديد تربى على آيات الأنفال والتوبة وآل عمران، وراح يردد بكل ثقة:ولست بخالع درعي وسيفيإلى أن يخلع الليلَ النهـــارُ!انتفاضة الأقصى رسالة إلى المهزومين من دعاة التطبيع تخبرهم بأن النفوس الأبية الصادقة المتعطشة لنور الحرية قد عرفت طريقها، فرُبَّ حجر في كفِّ طفل مستضعف أنكى في العدو من مؤتمرات تعقد، وقرارات تستنكر وتشجب.. ربّ حجر يُقذَف باسم الله ـ تعالى ـ تحوطه تكبيرات الصادقين أبلغ في زعزعة كيان العدو من أسلحة مهترئة تُرفَع باسم العروبة، فلا تلبث أن تســقط وتتهـاوى؛ فقد نخرها الصــدأ وعلاهـا الوهـن.علمتنا انتفاضة الأقصى أن العقيدة الإسلامية إذا رسخت في القلب أثمرت يقيناً راسخاً لا تهده الجبال، وعزيمة صادقة لا تردها الأعاصير، وإقبالاً سريعاً على الموت في سبيل الله لا يعوقه الفزع أو الجبن.أنا من ربوع القدس طفل فارسٌأنا مؤمن بمبادئي أنا مسلمُسكت الرصاص فيا حجارة حدثيأن العقيدة قوةٌ لا تُهزَمُ(1)انتفاضة الأقصى أظهرت عوار الاتفاقات والمعاهدات التي يتشدق بها أدعياء السلام، وذكّرت الأمة بقول الله ـ تعالى ـ: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْلاَ يُؤْمِنُونَّ} [البقرة: 100].انتفاضة الأقصى بيَّنت حقيقة زعماء الوطنية الذين تتكشف سوءاتهم يوماً بعد يوم، {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ} [المائدة: 13]، عرف الناس أن هذه الزعامات معاول هدم ترمي إلى وأد الانتفاضة، أو تغيير مسارها، أو قطف ثمارها، ولهذا ليس غريباً أن يقول المفكر اليهودي (ياحوشفات هاركابي) في كتابه العقل العربي: «إن العرب هم أفضل أداة وأمضى سلاح لقتل فكرة المقاومة!».إن دهشتنا بلغت الذروة ونحن نسمع بعض من يسمون بالنخب المثقفة ودعاة التطبيع يصرون على تجديد العهد على هذا المسار، على الرغم من الأشلاء المتناثرة على عتبات المسجد الأقصى..!ألا فليثق هؤلاء المهزومون أنهم لن يروا حقاً ينتصـر، أو أرضاً تعــاد، أو كــرامــة ترتفــع، ما داموا يتسترون وراء أقنعتهم الرقيعة، وأكاذيبهم الهزيلة..! وصدق الرافعي إذ يقول: «إذا أسندت الأمة مناصبها الكبيرة إلى صغار النفوس كبرت بها رذائلهم لا نفوسهم»(2).دربٌ سلكناه والرحمن غايتناما مسنا قطُّ في لأْوائه ندمُنمضي ونمضي وإن طال الطريق بناوسال دمعٌ على أطرافه ودمُيحلو العذابُ وعين الله تلحظناويعذُب الموت والتشريد والألمُ(3) -------------------------------------------------------------(1) من شعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي، ديوان: (شموخ في زمن الانكسار).(2) مجلة الرسالة، العدد (84)، ذو القعدة 1353هـ.(3) من شعر الأستاذ عصام العطار، انظر كتابه: (كلمات)، ص (536، 556).
اضافة رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07/04/2002, 11:59 PM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
Post يتبع

مقال لفضيلة الشيخ ناصر العمر الجزء((1))

رؤيةاستراتيجية في القضية الفلسطينية
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
أمّا بعد :
يعيش إخواننا في فلسطين هذه الأيام مرحلة عصيبة من تاريخهم ، فالاستكبار اليهودي قد بلغ أوجه، وكشف شارون عن وجه بني صهيون الحقيقي ؛ فالقتل ، والتشريد وهدم المنازل والحصار الاقتصادي الرهيب، وخامسها : الخذلان المخزي من لدن المسلمين عامة ، والعرب خاصة لإخوانهم في فلسطين ، كل هذه الأحوال تطرح سؤالاً مهماً : هل لهذا الأمر من نهاية؟ وهل لهذه البلية من كاشفة ؟ ويتحدد السؤال أكثر : أين المخرج ؟ وما السبيل ؟ وبخاصة وقد بلغ اليأس مبلغه في نفوس كثير من المسلمين ، وبالأخص إخواننا في فلسطين ، وأصبح التشاؤم نظرية يروج لها البعض ، مما زاد النفوس إحباطاً ، والهمم فتوراً .
وأقول : مع مرارة الواقع ، ووجهه الأسود الكالح ، وامتداد هذا الليل ، وتأخر بزوغ الفجر ، مع ما يحمله هذا الليل من فواجع ومواجع مصحوباً بالرعود والبروق والصواعق والرياح العاتية ، كل ذلك لا ينسينا سنن الله في الكون ، وأن الظلم مهما طال فلن يستمر ، وأن تقدم مدة الحمل مؤذن بالولادة ، وساعات الطلق الرهيبة تعلن نهاية المعاناة "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا " .
إننا من أجل أن نعرف كيف يتحقق النصر ، لابد أن ندرك كيف وقعت الهزيمة ، ومن أجل أن نرسم طريق الخلاص لابد أن نعرف كيف حدثت المعاناة ، وما بني في عشرات السنين ، لا تنتظر زواله بين غمضة عين وانتباهتها ، لأن السنن الكونية تدل على غير ذلك ، فكما أن هناك أركاناً للهدم ، فهناك أسس للبناء ، وما شيدته الجاهليات المتعاقبة على مرور الأزمان اقتضى وقتاً ليس باليسير حتى هدمه الأنبياء والمصلحون ، وأقاموا مكانه بناء راسخاً لا تهزه الرياح ، وسأسوق هذه الرؤية مسلسلة بنقاط مستقلة ، تؤخذ النتيجة من مجموعها ، لا من آحادها حيث يكمل بعضها بعضا ً، ويأخذ بعضها برقاب بعض.

* أرض فلسطين أرض أسلامية :
المسجد الأقصى على مرّ التاريخ كان مسجداً إسلامياً ، ومن قبل أن يوجد اليهود ، ومن بعد ما وجدوا "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" وفلسطين أرض الأنبياء منهم: إبراهيم وموسى وعيسى وزكريا ويحيى وغيرهم – عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام- وكلهم مسلمون "إن الدين عند الله الإسلام" ، " لا نفرق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون" إذاً فلسطين أرض إسلامية ، لا حق لأحد غير المسلمين فيها، "إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين" .
وهذا منطلق مهم ، وأرضية صلبة يبنى عليها ما بعدها من مواقف وتضحيات .

* يهود الأمس ويهود اليوم :
بنو إسرائيل الذين آمنوا بموسى - عليه السلام – غير يهود اليوم ، فأولئك كانوا مسلمين مؤمنين ، وهؤلاء كفار مشركون تبعاً لمن كفر بموسى وخرج عن شريعته ، وبنو إسرائيل هم نسل يعقوب – عليه السلام – الذي قال الله عنه : "ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" .
أغلب يهود اليوم ليسوا من بني إسرائيل ، بمعنى أن الذين يحتلون فلسطين اليوم ليسوا من نسل بني إسرائيل الذين كانوا مع موسى عليه السلام أو سلالتهم ، حيث إن اليهود الذين يعتبرون من نسل بني إسرائيل وهم المعروفون بـ (السفارديم) لا يزيدون عن 20% من عدد اليهود في العالم ، مع ما داخل هذا العدد من امتزاج وتزاوج مع جنسيات وسلالات أخرى بمعنى أن هذه النسبة القليلة ليست نسبة خالصة من نسل بني إسرائيل ، أمّا النسبة الكبرى من يهود اليوم 80% فليسوا من نسل اليهود الأصليين ، بل هم من أصول أوروبية وشرقية ومن مختلف بلدان العالم، وهم المعروفون بـ (الاشكنازيم) حيث دخلوا اليهودية بالتحول من دياناتهم الوثنية وغيرها.

* الصراع في فلسطين صراع قديم :
الصراع هناك لم يكن وليد اليوم ، وإنما له جذوره في التاريخ ، ولم يكن ذلك الصراع صراعاً عرقياً أو قومياً ، وإنما هو صراع بين الحق والباطل ، وبيت المقدس كان على مرّ التاريخ ملكاً للمسلمين ، وهم الأنبياء وأتباعهم الموحدون ، وعندما تزيغ طائفة عن هذا الطريق يبعث الله من المؤمنين من يعيد الحق إلى نصابه ، والبيت إلى أهله ، بل قد يبعث الله من يؤدب أولئك الذين خرجوا عن دينه ، وانحرفوا عن سبيله ، وطغوا واستكبروا .
إن المتأمل لهذا الصراع في جميع فتراته يدرك طبيعة المعركة ، وأنها بين الحق والباطل ، بين التوحيد والشرك ، بين الكفر والإيمان ، لم تكن المعركة – أبداً – عرقية ، أو قومية ، أو وطنية ، لم تكن بين جنس وجنس ، وقبيلة وقبيلة من أجل أرض أو تراب ، إن إدراك هذه الحقيقة، يبين لنا كيف حدثت الهزيمة ، ولماذا تأخر النصر ، وكيف يتحقق الانتصار .

* فكرة الدولة اليهودية :
عندما انحرف اليهود عن الدين الصحيح الذي جاء به موسى – عليه السلام – لم يستقروا في أرض ، ولم يملكوا وطناً ملكاً شرعياً ، وإنما كانوا يتنقلون في أصقاع الأرض ، فالتشرد من طبيعتهم والتفرق من خصائصهم .
وكانوا يستغلون ما معهم من بقية دين ونصوص توراة يستفتحون بها على الذين كفروا ، وبهذا دخلوا يثرب، وتمكنوا من السيادة عند الأوس والخزرج، "فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين" وهكذا ديدنهم فالمكر والخديعة سفينتهم ، واستغفال الشعوب مطيتهم ، وعندما تم إجلاؤهم من المدينة أولاً ، ثم من جزيرة العرب ثانياً ، لم يستقروا في أرض ولم يجتمعوا في بلد ، بل تفرقوا أيدي سبأ.
لقد عاش اليهود أقليات مستضعفة في أرجاء المعمورة ، لم يدخلوا بلداً إلا أحدثوا فيه فساداً ، ولم يستوطنوا بلداً إلا كانوا مصدراً للقلاقل والفتن ، يستمدون أمنهم من خوف الآخرين ، ولذلك كرهتهم الشعوب ، لكن لديهم قدرة عجيبة مبنية على الخداع والدسائس والمؤامرات في إقناع الآخرين بحاجتهم إليهم ، ولذلك سيطروا على كثير من مقدرات الأمم وبخاصة الاقتصادية منها ، لما جبلوا عليه من حبِّ المال ، وعدم التورع عن أي وسيلة تحقق أهدافهم ومآربهم ، والذي يتأمل في تاريخ اليهود منذ قديم الزمان يصل إلى حقيقة لا مراء فيها بأنهم : إما أن يكونوا مستعلين جبارين ظالمين ، أو أقلية محتقرين مستضعفين ، والأخيرة هي السمة السائدة في تأريخهم إلا عندما كانوا أهل ذمة في حمى الإسلام ، فقد كفل لهم حقوقهم ومنع الآخرين من ظلمهم ، ولكنهم يخربون بيوتهم بأيديهم ، فاعتبروا يا أولي الأبصار .
ولقد وطن اليهود أنفسهم على هذا الأمر ، ولم يكونوا يحلمون بأن يعودوا أمة لها شأن ، أو دولة لها كيان ، ولذا فإن فكرة الدولة اليهودية فكرة طارئة ، لم يجتمع اليهود على الإيمان بها ، بل هناك معارضة قوية لدى كثير منهم ، لإقامة الدولة اليهودية ، وكان على رأس المعارضين اليهودي الألماني إنشتاين ، صاحب نظرية النسبية المشهور ، ويصل الذين يعارضون فكرة الوطن القومي لليهود إلى أكثر من ثلاثة ملايين يهودي ، حيث يرون أنها وسيلة لاجتماعهم ليقتلوا ، كما يعرفون من نصوص التوراة ، ويرون أن بقاءهم أقليات تسيطر على مراكز النفوذ وأصحاب القرار ، دون أن يكونوا هم البارزين والظاهرين للناس أولى وآمن ، مما يمكنهم من اللعب على المتناقضات ، دون أن يضعوا بيض الثعبان في سلة واحدة .
إذاً صاحب فكرة الوطن القومي هم الملاحدة من اليهود ، وعلى رأسهم الصهيوني المعروف "هرتزل" ولم تكن فلسطين هي الخيار الأول لهم ، وإنما كانت هناك عدة دول منها أوغندا ، ولكن بعد دراسات دعمها الغرب النصراني وجدوا أن أرض فلسطين هي الأرض المناسبة لإقامة دولتهم ، وبخاصة أن هناك نصوصاً من التوراة تخدمهم ، كالنصوص الواردة في يهودا والسامرة ، وأرض الميعاد ، وهيكل سليمان وهلم جرّا .
ويكفي أن نعلم أن نسبة اليهود الذين في فلسطين بعد الهجرات المتوالية التي نظمتها الوكالة اليهودية وتعاونت معها الدول الكبرى لم تتجاوز 20% من عدد اليهود في العالم ، ولولا التعاون الدولي والاعتماد على النصوص التوراتية لترغيب الهجرة إلى فلسطين لما تحقق نصف هذا العدد ، ومما هو جدير بالذكر أنه إلى قبيل نهاية القرن التاسع عشر – أي قبل المؤتمر اليهودي الذي قرر إقامة الدولة اليهودية في فلسطين – لم يكن يوجد في فلسطين من اليهود ســوى 24 ألف يهودي فقط . وهنا سؤال مهم : هل إسرائيل دولة دينية أو علمانية ؟، والجواب باختصار : إن إسرائيل دولة علمانية عنصرية قامت على فكرة دينية ، أي إن حكومات إسرائيل حكومات علمانية استغلت الدين اليهودي لتحقيق اهدافها .

* مراحل قيـــام إســرائيل :
قامت إسرائيل على ثلاث دعائم : -
1- التخطيط اليهودي الماكر .
2- التآمر الدولي .
3- الخيانات العربية الثورية الضالعة بالولاء للشرق والغرب .
وهيأ لنجاح هذا الثالوث ضعف المسلمين وتفرقهم ، بل وتناحرهم وبخاصة بعد سقوط الدولة العثمانية ، بل إن القوميين العرب ضالعون في مؤامرة إسقاط الدولة العثمانية. ويُمكن أن تختصر مراحل قيام إسرائيل بما يلي :
1- المؤتمر اليهودي في سويسرا عام 1897م الذي أقرّ قيام وإنشاء وطن قومي لليهود .
2- وعد بلفور – وزير خارجية بريطانيا – عام 1917م الذي وعد اليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.
3- قرار عصبة الأمم عام 1922م بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني مما ساعد بريطانيا – بدعم دولي – على الوفاء بوعدها بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين .
4- مؤتمر سايكس بيكو وتقسيم الدول إلى مناطق استعمارية للدول الكبرى بعد الحرب العالمية .
5- قيام دولة إسرائيل عام 1948م .
وبين تلك المراحل أحداث كبرى لا تخفى على من يعنى بتلك القضية.

* هل كان هناك جهاد في فلسطين ؟ ونظرية الدولة التي لا تقهر:
منذ دخل اليهود إلى فلسطين وبدؤوا في تنفيذ مخططهم لإقامة دولتهم ، بدأ الجهاد هناك ، واتخذ أشكالاً عدة ، وعلى رأسها القتال المسلح وغالباً بصورة ما يسمى حرب العصابات وكان يقوى حينا ويضعف أحايين أخرى ، كل هذا من داخل فلسطين ، أما من خارجها فلم يكن هناك أي مواجهة مع اليهود إلا الجهاد الذي قام به المسلمون بعد قيام إسرائيل وهو ما يسمى بكتائب الإخوان وهي مواجهة محدودة أحبطها القوميون قبل اليهود ، وكذلك كانت هناك معارك خاطفة كما حدث في الكرامة ونحوها ، أما ما عدا ذلك فلم تدخل إسرائيل في أي حرب حقيقية مع العرب سوى عام 1973م وهي حرب ذات أهداف محددة ، ولذلك لم يسمح بتجاوزها عندما تحققت تلك الأهداف وأهمها :
1- تحريك الوضع الذي كان يسيطر عليه الجمود آنذاك .
2- إعادة سيناء إلى مصر عربوناً لأن تتزعم مصر محادثات السلام.
3- تهيئة المنطقة لمرحلة السلام مع اليهود.
4- أما ما عدا ذلك فلم تكن هناك مواجهات حقيقية مع اليهود .
إذاً فنظرية الدولة التي لا تقهر حدثت مع الهزيمة النفسية التي حلّت بالعرب، وهي من صنع الإعلام العَربي قبل غيره، وكانت جزءاً من الاستراتيجية اليهودية في حرب المسلمين ، وإشاعة الرعب في قلوبهم ، نمّاها وقوّاها الخيانات العربية المتوالية التي تزعمها القوميون والعلمانيون وحلفاء اليهود من المنافقين ، انسجاماً مع ولائهم للشرق والغرب ، حيث كانوا ينفذون ما يمليه عليهم أسيادهم حماة دولة إسرائيل وصنّاعها.
وما فعله ويفعله أطفال الحجارة مع اليهود ، من أقوى البراهين المعاصرة على تعرية تلك المزاعم وسقوط دعوى إسرائيل التي لا تقهر .

* استراتيجية حماية إسرائيل :
إسرائيل دولة عنصرية غريبة غير مندمجة مع من حولها ، فهي خليط من شعوب يهودية غير متجانسة ، متفاوتة في بيئتها الاجتماعية ، متعددة الأعراق والديانات والمذاهب ، تنخر فيها الطبقية والحزبية ، مجتمعة الأجسام مختلفة القلوب " تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى" ومع ذلك فهي أقلية في وسط بيئة غير بيئتها ، وأرض غير أرضها ، مع ما يحمله ذلك الشعب – صاحب الأرض – من عداء تاريخي لها ، له أسبابه ودواعيه ، وتلك الدولة واقعة بين دول تتوجس منهم ، ويتوجسون منها وهي تعلم أن شعوب تلك الدول تنتظر اللحظة التاريخية للانقضاض عليها ، وإعادة الحق إلى نصابه ، وإسرائيل تفقه هذه الحقيقة مهما حاول بعض حكام المنطقة أن يشعروها بالحماية والأمان .
وهي مع ذلك لا تملك مقومات الدولة المستقرة الآمنة ، وإنما تعتمد على الدعم الخارجي اللامحدود ، عسكريا واقتصادياً وسياسياً من الشرق والغرب. وتعاملاً مع هذه الحقيقة ، وإدراكاً لهذا الواقع من قبل إسرائيل وحلفائها ، طرحت عدة مشاريع استراتيجية لحماية إسرائيل وترسيخ أقدامها ، وتجنيبها المخاطر والمفاجآت أهمها :
1- إســرائيل الكبرى .
2- تفتيت المنطقة (الدويلات والطائفية) .
3- مرحلة الســــلام .
4- الشرق أوسطية .
أما النظرية الأولى فقد ثبت فشلها واستحالتها ، وذلك أنها لم تستطع أن تحافظ على أمنها واستقرارها وسيطرتها على رقعة صغيرة ، لا تعادل إلا نسبة صغيرة من مخطط إسرائيل الكبرى ، فكيف تستطيع أن تحافظ على أضعاف ذلك .
أما النظرية الثانية ، فمع ما تحقق فيها من نجاح محدود ، فقد أدرك الجميع صعوبة الاعتماد عليها ، وبخاصة بعد حرب لبنان التي كانت منطلقاً لتحقيق تلك الاستراتيجية ، ثم جاءت الحرب العراقية الإيرانية ، ثم حرب الخليج، ومحاولة تفكيك العراق كل تلك الأحداث ونتائجها أثبتت فشل هذه الاستراتيجية وصعوبة تحقيقها ، وأنها لم تكن بالسهولة التي رسمها المخططون لها ، ولذلك فلا يمكن الاعتماد عليها لحماية أمن إسرائيل واستقرارها.
أما مرحلة الســلام ، فسيأتي الحديث عنها لاحقاً .
بقيت النظرية الرابعة "الشرق أوسطية" وهي نظرية سياسية حديثة ، جاءت من قبل حلفاء إسرائيل عندما ادركوا صعوبة نجاح الاستراتيجيات الأخرى ، وقد تزعمها "شمعون بيريز" رئيس وزراء إسرائيل سابقاً ، ووزير خارجيتها حالياً ، زعيم حزب العمل ، والمرشح للعودة لرئاسة حكومة إسرائيل مستقبلاً حيث إن شارون جاء لمهمة محدودة سيرحل بعد تنفيذها كما رحل سلفه "نتن ياهو" .
وقد بدأت هذه النظرية قبل عدة سنوات ، وكان من أبرز ميادينها المؤتمر الاقتصادي .
والعولمة القادمة ، وبالأخص منظمة التجارة العالمية قد تساهم في دفع هذه الاسترايتجية إلى الأمام .
وهي تقوم على أن تندمج دول المنطقة على استراتيجية اقتصادية ، وسياسية لا ترتكز على القومية أو الدين ، بل على رقعة جغرافية محدودة "الشرق الأوسط". وهذه النظرية يصعب الجزم بمستقبلها ، حيث إن المؤتمرات السابقة لم تحقق النجاح المنشود ، ونجاحها يعتمد على شكل ما ستكون عليه المنطقة بعد إعادة ترتيبها في ظل المتغيرات الدولية الجديدة.

* هل اليهود والنصارى حلفاء ؟
الدارس للتاريخ يدرك شدة العداء بين اليهود والنصارى .
وقد شهد التاريخ صوراً مروعة من بطش النصارى باليهود ، لأن اليهود أقلية والنصارى أكثرية ، وبخاصة العداء مع الكاثوليك ، وعندما دخل الرومان بيت المقدس جعلوه مقبرة لليهود ، وعندما سقطت الأندلس – وكان اليهود يعيشون بأمان في ظل الحكم الإسلامي - بطش بهم النصارى حتى فروا إلى تركيا ، وهم المعروفون بيهود الدونمة . وفي أوروبا بطش بهم كثير من حكام الغرب ، وبخاصة هتلر ، وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها ، لكن اليهود بالغوا فيها وفي وصفها من أجل استغلال الغرب ، واستجلاب عطف العالم ، ودفع الإتاوات وبخاصة من ألمانيا ، وإنكار هذه الحقيقة ليس منهجاً علمياً ، والاعتدال هو الصحيح.
أما الآية الكريمة ( بعضهم أولياء بعض ) فتعني أنهم أولياء بعض في العون والنصرة إذا كان الأمر يتعلق بالمسلمين ، أو أن اليهود بعضهم أولياء وأنصار بعض ، والنصارى بعضهم أولياء وأنصار بعض ، لا أن اليهود أولياء وحلفاء النصارى والنصارى أولياء وحلفاء اليهود ، ولا تعارض بين الوجهين ، وبهذا يستقيم تفسير آية البقرة وآية المائدة، وأحداث التاريخ. إذاً العداء متأصل بين الفريقين وهذا لا يمنع من اتحادهم ضد المسلمين ماضياً وحاضراً .
وقد حدث التغيُّر الكبير في العلاقة بين اليهود والنصارى بعد ظهور حركة الإصلاح الديني التي قام بها "مارتن لوثر" و "كالفن" وأضرابهما ضد الكنيسة الكاثوليكية البابوية التي كانت تفرض هيمنتها على الدين والحياة ، ومن ذلك احتكار تفسير النصوص الدينية ، فقد طالبت الحركة الإصلاحية البروتستانتية بالرجوع المباشر إلى النصوص ، وترجمة التوراة والإنجيل إلى اللغات الحية كالألمانية والفرنسية والإنجليزية ، وهنا اعتقد البروتستانت حرفية تلك النصوص ، ومنها ما يتعلق بوعد الله لإبراهيم عليه السلام وذريته بأن يعطيهم الأرض الواقعة بين الفرات والنيل ، وغير ذلك من النصوص التي تفضِّل اليهود على غيرهم وتعطيهم الحق في العودة إلى فلسطين حسب ما هو في التوراة المحرفة ، ومن هنا نشأت الحركة الصهيونية في أول أمرها نصرانية لا يهودية ، وقد تفاقم خطر الصهيونية الإنجيلية في العقدين الأخيرين من القرن العشرين وأصبحت من أكبر قوى الضغط في أمريكا وأصبح لزعمائها مكانة متميزة لا سيما في الحزب الجمهوري ، ولا يزال اليهود غير الصهاينة ومعهم الكاثوليك وغيرهم يعادون هذه الحركة كما أن الاتجاه الليبرالي يعاديها بشدة لأسباب أخرى ، لكن كثيراً من الزعماء يداهنونها لمآرب سياسية وغيرها.

* لماذا لم ننتصر ؟ :
إنه من السهل جداً أن نعيد عوامل الهزيمة إلى عدونا ، ولكن ليس هذا هو الطريق الذي يوصل إلى تحقيق أهدافنا ، وإنما هو تسلية للذات وتبرير للهزيمة.
لا يستطيع أحدٌ أن ينكر دور أعدائنا فيما حل بنا ، ولكن هل ينتظر من الأعداء والخصوم إلاّ ذاك ؟ ، هل نتوقع من خصمنا أن يسلّم لنا فلسطين على طبق من ذهب ، أو يمكننا من رقابه نتصرف بها كيف شئنا ؟
إننا من أجل أن نحقق النصر الذي ننتظر لابد أن نكون صرحاء مع أنفسنا ، صادقين مع بعضنا ، نشخّص الداء دون مجاملة أو مواربة أو تبعيض.
وخلاصة الأمر ، أننا أضعنا فلسطين لإضاعتنا لأمر الله ، فما وقع بلاء إلا بذنب ، ولا رفع إلا بتوبة "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" . وقال صلى الله عليه وسلم : (إذا تبايعتم بالعينة ، ورضيتم بالزرع ، وأخذتم أذناب البقر ، وتركتم الجهاد ، سلّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ) الحديث .
أمّا تأخر النصر فأسبابه كثيرة أهمها ما يلي : -
1- أننا لم نتلاف أسباب ضياع فلسطين ، وبقينا على بعدنا عن الله وتفريطنا في أوامره ونواهيه ، سواء في داخل أنفسنا وبيوتنا وأسرنا ، أو في عموم حياتنا ومجتمعنا .
2- تفرق المسلمين ، وبالأخص الجماعات الجهادية .
3- عدم وجود خطة استراتيجية شاملة لمواجهة اليهود ، وإنما هي ردود أفعال، أو استجابة لظروف معينة.
4- ضعف المنهج وعدم خلوصه من الشوائب لدى كثير من الدعاة والجماعات الإسلامية والجهادية منها بالأخص .
5- عدم إدراكنا لطبيعة المعركة مع اليهود ، وأنها معركة عقيدة ودين ، والانخداع ببعض الاستراتيجيات الغربية ، والمساهمة في تنفيذها كالسلام والتطبيع والتعايش السلمي ، مما أضاع علينا زمناً طويلاً .
6- انشغال الشعوب المسلمة بقضايا أخرى صرفتها عن القضية الأساس ، واشغلتها بنفسها عن عدوها .
7- عدم الأخذ بأسباب القوة الحقيقية ، والتخبط في هذا الأمر ، مما مكن العدو من أن يحقق أهدافه بيسر وسهولة .
8- الهزيمة النفسية ، والاستجابة لما يبثه الإعلام الغربي والعربي من أن دولة إسرائيل دولة لا تقهر.

* في الاتجـــاه الصحيــح:
ومع كل ما ذكر من مآس وجراحات وآلام ، فإن هناك بشائر أصبحت تلوح في الأفق ، تبشر بأن الأمة بدأت تسير في الاتجاه الصحيح ، وتحققت انتصارات لا يستهان بها هي من أهم الخطوات نحو الانتصار الحقيقي ، بل لا يمكن أن يتحقق ذلك الانتصار بدونها . وأهم هذه المكاسب ما يلي : -
1- كانت بعض المنظمات الفلسطينية قبل ثلاثين سنة تملأ الساحة ضجيجاً وصراخاً بأنها ستحرر فلسطين ، وهذه المنظمات خليط عجيب من المنظمات المنحرفة عن الصراط المستقيم ، فمنها: القومية والبعثية والشيوعية والوطنية ، وقليل منها الإسلامية وكان كثير من الناس يحسن الظن بهذه المنظمات ، ويرى أنها قد تساهم في تحرير فلسطين ، ولذلك وجدت الدعم والتأييد البشري والمالي والسياسي من قبل بعض المسلمين ، وظلوا ينتظرون تحرير بيت المقدس على أيدى تلك المنظمات ، وقد وقع هؤلاء الذين أحسنوا الظن بها في الخطأ . والانتصار الذي تحقق هو سقوط تلك المنظمات ، وسقوط برامجها الكاذبة ، ومن ثم سقوط الثقة بها وانكشافها على حقيقتها ، ولم يبق إلا البرامج الجهادية الجادة التي تشبث بها الجميع ، ويتبع هذا الانتصار سقوط دعوى الحكومات الثورية التي كانت تزعم أنها ستحرر فلسطين ، بل وترمي إسرائيل في البحر.
2- بعد سنوات طويلة من المعارك الوهمية والهزائم المتوالية أمام إسرائيل ، وبعد الصراخ وبيانات الشجب والاستنكار ترسخت لدى الشعوب قناعة بأن إسرائيل دولة لا تقهر ، ومن هنا كثر الحديث بأنه يستحيل إخراج إسرائيل من فلسطين وأن استمرارنا بهذا الطريق يعني مزيداً من الخسائر والهزائم ، ولذلك بدأت مرحلة خطيرة ، حيث طرحت استراتيجيات كبرى تطالب بالسلام والتعايش مع العدو ، وتطبيع العلاقات مع الصهاينة ، وما كان أحد يستطيع أو يجرؤ على الحديث عنها قبل ثلاثين سنة تقريباً ، ولو فعل لاتهم بالخيانة وبيع القضية .وبعد حرب رمضان بدأت مرحلة السلام "سلام الأقوياء" - زعموا – من أجل ترويض الشعوب وامتصاص غضبها ، ثم تهيئتها للمرحلة المقبلة ، وهكذا كان ، وأصبحت مصطلحات السلام ، والتطبيع ، والتعايش مع اليهود مصطلحات تتكرر على مسامعنا ، ويشدو بها الإعلام صباح مساء ، وتعقد لها المؤتمرات – ولا تزال – وكانت هناك أصوات أخرى تبين أن هذا ليس هو الطريق لتحرير فلسطين ، وإنهاء القضية ، ولم يسمع لتلك الأصوات في حينها ، وما هي إلا سنوات محدودة فإذا أركان السلام تتهاوى ، والعهود تنقض من قبل اليهود أنفسهم . والانتصار الذي بدأ يتحقق هو الفشل المبكر لتلك الاستراتيجيات ، حيث لم يعد لها تلك القوة والزخم الذي طرحت به وتراجع منظّروها إلى الخلف بعد أن أوقعتهم إسرائيل في حرج شديد أمام شعوبهم .
3- من الإنجازات المهمة التي تحققت في معركتنا الطويلة مع اليهود تهاوي دعوى "إسرائيل التي لا تقهر" على أيدي أطفال الحجارة ، وتحقيقهم لما عجز عنه الجنرالات وأصحاب الأوسمة والنياشين . وأعجب من ذلك وأقوى أثراً هذا الصمود العجيب من قبل أولئك الأطفال ، بالرغم من البطش والتنكيل والعذاب الذى يصبّه اليهود صباً على هؤلاء الفتية وأسرهم وبيوتهم ولم يكن الأقربون - فضلاً عن الأعداء- يتصورون استمرار تلك المواجهة أكثر من أيام أو بضعة أسابيع ، فإذا هو- وقد مرّ عليها بضعة أشهر- تزداد اشتعالاً وقوة ، علماً أن المواجهة الأولى لم يمض عليها إلا عدة سنوات ، مع ما حدث فيها من مآس وآلام وجراحات توقع المراقبون ألاّ تعود إلا بعد سنوات طويلة لقسوة بطش العدو وخذلان الصديق ، ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم .
4- وأهم تلك الانتصارات ، وأبعدها أثراً هو الوصول إلى أن الطريق الوحيد لتحرير بيت المقدس وتخليص فلسطين من اليهود هو الجهاد في سبيل الله ، وهذه القناعة لم تكن تحدث عند كثير من المسلمين إلا بعد فشل جميع النظريات والاستراتيجيات الأخرى.
اضافة رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08/04/2002, 12:02 AM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
Post يتبع

مقال الشيخ ناصر العمر الجزء ((2))

* الجهاد هو الطريق :
الجهاد في سبيل الله هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين وتخليص بيت المقدس ، وهذه هي الحقيقة على مرّ التاريخ ، فما خرج الجبارون ودخل المؤمنون إلى الأرض المقدسة إلا بالجهاد ، وما فتح المسلمون بيت المقدس إلا بالجهاد ، وما أخرج الصليبيون من فلسطين إلا بالجهاد ، ولن يخلص بيت المقدس من اليهود إلا بالجهاد في سبيل الله .
و الجهاد يتحقق بطرق من أهمها :
1- الجهاد من الداخل ، وذلك بإعداد المجاهدين من أهل فلسطين وتربيتهم التربية الإسلامية الصافية ، ودعمهم بالمال والعدة والعتاد ، ونواة هذا الأمر موجودة الآن عبر ما يقوم به إخواننا المجاهدون من داخل فلسطين .
2- تربية الأمة على الجهاد الشامل للإعداد العلمي والتربوي والمادي ، وإبعاد شباب الأمة عن سفاسف الأمور ومهلكات الأمم ، وانتظار اللحظة الحاسمة ، واستثمار الفرص ، ومحاولة فتح جبهة مع العدو ، وما فعله الرافضة في جنوب لبنان يدل على أن الأمر ليس بمستحيل ، فإذا علم الله صدقنا وجهادنا فتح لنا من الأبواب مالا نحتسب .

* دعم المجاهدين في داخل فلسطين :
إنّ أهم بنود معاهدة السلام كما تسمى ضرب قواعد المجاهدين في الداخل ، وتعقبهم أينما كانوا ، وتقليم أظافرهم على يد أبناء جلدتهم عندما فشل اليهود في ذلك ، وهذا يؤكد لنا أهمية الجهاد من داخل أرض فلسطين ، وهي نظرية صحيحة نادى بها بعض السياسيين من قادة العرب قبل أكثر من خمسين عاماً .
ولذلك فإنني أرى أن من أهم الخيارات الاستراتيجية المتاحة دعم المجاهدين في الداخل بكل وسيلة ممكنة ، ومن أهمها :
1- الدعم البشري إن أمكن وبخاصة من يستطيع من المسلمين دخول أرض فلسطين ، بعد تهيئة الأسباب لذلك ، وعلى إخواننا الفلسطينين الذين يقيمون خارج فلسطين مسؤولية عظمى ، أكبر من غيرهم تجاه هذه القضية.
2- الدعم المادي – وهو أهم الوسائل المتاحة – وذلك بدعم المجاهدين في أنفسهم وأسرهم ، وذلك أن سياسة التجويع وهدم المنازل وتفريق الأسر قد أوهنت من عزائمهم وهدت من قوتهم ، والدعم المادي له صوره التي لا تخفى.
3- الدعم الإعلامي ، ويكفي للدلالة على هذا الأمر ، أن نشير إلى قضيّة محمد الدرّة ، حيث هزت العالم أجمع ، وهي لقطة من مصور استثمرها أيما استثمار ، فكانت آثارها الباهرة التي شاهدناها ولا تزال إلى اليوم ، إن من الخطأ أن نتصور أن العالم كله مع اليهود ، وذلك أن البشرية فطرت على كره الظلم والوقوف مع المظلوم ، ولذلك برع اليهود في استثمار هذا الأمر في قصتهم مع هتلر ، فبالغوا في تصوير ما حدث لهم ؛ ليستجلبوا عطف العالم وتأييده وهكذا كان ، فلو استطعنا أن نستثمر الإعلام بوسائلة المتعددة ، ونقدم للعالم صورة عما يفعله اليهود في فلسطين لتغيرت المعادلة .
4- ترشيد الانتفاضة ، وتوجيهها إلى الطريق الصحيح ، ليكون قتالهم خالصاً لله ، لا من أجل عصبية أو حمية.
5- الدعاء ، وحسبك به سلاحاً وقوة ، وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يعنى بهذا الأمر قبل المعركة وأثناءها ، فقد ثبت عنه في الصحيح أنه كان يدعو قبل دخوله المعركة ، وكان من دعائه ( اللهم منزل الكتاب وهازم الأحزاب ، اهزمهم ، وانصرنا عليهم ) .
إن الوقوف مع إخواننا في الداخل ودعمهم بوسائل الدعم المتعددة له ثمرات عظيمة ، من أهمها : -
1- القيام بالواجب الشرعي تجاه هؤلاء المجاهدين ، وبيان أننا أمة واحدة وجسد واحد .
2- إحياء فريضة الجهاد ، وحسبك بهذه الفريضة شرفاً وعزة ورفعة ومنعة .
3- إضعاف إسرائيل وتعميق مشكلاتها ، مما يوهن من عزيمتها ويسهل القضاء عليها ، ويوقف الهجرة إليها.
4- ترسيخ مفهوم أن القضية إسلامية ، ولن تحلّ بغير الإسلام ، والجهاد ذروة سنامة.
5- إيقاف المهرولين والمتـنازلين عند حدهم، وليس كمثل الجهاد لهم ردعاً وسلاحاً .
6- استمرار جذوة القضية حيّة ، فخمودها مما تقرّ به أعين الظالمين والمنافقين ، فلا نامت أعين الجبناء .
7- بيان أن هذه الأمة أمة معطاء ، وأن الضربات المتلاحقة لا توهن من عزيمتها ، ولا تفتّ في عضدها ، وإن سكنت حيناً فما هي إلاّ استراحة المحارب ، سرعان ما ينفض الغبار عنها ، وتعيد الكرة تلو الأخرى .
وإنني أقترح لتحقيق هذا الدعم وإخراجه إلى حيز الواقع مفصَّلاً ، أن تتعاون الجهات ذات العلاقة في الأرض المحتلة وخارجها على وضع برامج تنفيذية تفصيلية يجري تعميمها ونشرها بين فئات المجتمع الإسلامي كله ، وتُهيأ لها الطاقات البشرية المتخصصة والمتفرغة قدر الإمكان ، يبيّن فيها واجب المجاهدين في الداخل ، وما يجب على إخوانهم في الخارج ، من الدعم المادي ، وكفالة المجاهدين ، وإعالة الأسر ، وإقامة المشاريع التي تضمن استمرار الجهاد وقوته بالإضافة إلى المشاريع الدعوية والتعليميّة ، مع العناية بإقامة المؤسسات الإعلامية المستقلة التي تعطي الصورة الحقيقية عما يجري في داخل أرض فلسطين وتربط المسلمين بقضيتهم الكبرى في مشارق الأرض ومغاربها ، وما يقدمه المسلمون لإخوانهم هنا ليس تبرعاً ولا صدقة ، بل هو جزء من الواجب .
وأشير هنا إلى أن هناك بعض السلبيات التي حدثت وتحدث من جراء استمرار الانتفاضة واشتعالها ، فلابد من دراستها وتلافيها ، واتخاذ الأسباب المانعة من تكرارها ، وليس الخلل في الانتفاضة ذاتها ، وإنما هي أمور قد تحفّ بها ، مما يتيح الفرصة للمتاجرين والمنافقين لاستثمارها ، وتشويه القضية من خلالها ، فلابد من الوعي والحذر ، "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".

* معالم على الطريق :
1- لابد من العودة الصادقة إلى الله والرجوع إليه ، فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة .
2- تربية الأمة على الإسلام ، وتنشئتها على المنهج الصحيح، وتخليصها من البدع والانحراف، وترسيخ المفاهيم الصحيحة في نفوسها .
3- الإيمان المطلق بأن الاسلام هو المنطلق الوحيد لتعاملنا مع قضية فلسطين ، ومنه تستمد جميع الأحكام المتعلقة بتلك القضية ، وفي ضوئه تعالج جميع المستجدات .
4- توعية الأمة بأن الجهاد هو الوسيلة الوحيدة لتحرير فلسطين .
5- وحدة الكلمة واجتماع الصفوف على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " ونبذ التفرق والاختلاف والتنازع " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " فالخلاف شرّ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه مع سعة الأفق ، وعدم حصر المواجهة وتحمل أعباء المعركة بفئة من المسلمين دون غيرهم ، فكل مسلم له حق المساهمة والمدافعة عن حقوق المسلمين ، بعيداً عن أي تعصب أو حزبية ، والقاعدة هنا قوله صلى الله عليه وسلم : ( ارجع فلن أستعين بمشرك ) فمن كان داخل دائرة الإسلام فله حق الولاء والنصرة ، ومن عداه فلا .
وهنا مسألة مهمة ولها ارتباط وثيق بموضوعنا ، وهي : هل القتال خاص بالصالحين والأخيار، ولا يجوز أن يشارك فيه العصاة والفساق من المسلمين ؟ وسبب هذا السؤال ما نسمعه بين فينة وأخرى من القدح في المجاهدين في كثير من بلاد المسلمين ، ووصمهم بالفسق والفجور ونحو ذلك، وتبرير عدم مساعدتهم بمثل هذه التهم، والجواب على ذلك من شقين،
الأول : خطورة تعميم الأحكام ، مع ما يترتب على ذلك من مفاسد لا تحصى ، والواجب على المسلم التـزام العدل والقسط "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا" وعندما ذكر الله بني إسـرائيل وما وقعوا فيه من انحراف قال : " منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون " فلم يعمم الحكم على الجميع فتعميم الحكم على شعب أو بلد بأنهم مبتدعة أو فساق من البغي والظلم الذي نهى الله عنه إلا إذا كانوا كلهم كذلك بعد التثبت والتحقق ، وهذا بعيد ، حيث لا يخلو بلد من الصالحين والأخيار .
الثاني : أن وجود الفسق والفجور ليس مبرراً لترك الجهاد ، حتى لو كان القائد فاسقاً أو فاجراً ، فضلاً عن أن يكون فرداً من أفراد المسلمين ، ولذلك بوّب العلماء في كتبهم لهذه المسألة [ ويغزى مع كل برّ وفاجر ] قال الإمام أحمد حينما سئل عن الغزو مع بعض الظلمة وأئمة الجور ، فقال عن هؤلاء الذين يعتذرون عن الجهاد بسبب ذلك : سبحان الله ، هؤلاء قوم سوء هؤلاء القعدة مثبطون جُهّال ، فيقال : أرأيتم لو أن الناس كلهم قعدوا كما قعدتم ، من كان يغزو ؟ أليس كان قد ذهب الإسلام ، ما كانت تصنع الروم ؟ . وقال ابن قدامة : ولأن ترك الجهاد مع الفاجر يفضي إلى قطع الجهاد ، وظهور الكفار على المسلمين واستئصالهم ، وظهور كلمة الكفر ، وفيه فساد عظيم ، قال سبحانه: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض".
وما زال المسلمون منذ عهد الصحابة يقاتل معهم البر والفاجر ، وقضية أبي محجن في القادسية مشهورة معروفة حتى قال ابن قدامة معقباً عليها : وهذا اتفاق لم يظهر خلافه، بل كانوا يقاتلون مع البر والفاجر ، قال علقمة : كنا في جيش في أرض الروم ، ومعنا حذيفة بن اليمان ، وعلينا الوليد بن عقبة ، فشرب الخمر ، فأردنا أن نحدّه فقال حذيفة : أتحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعوا فيكم ؟ (ولم ينقل عنهم أنهم عزلوه أو تركوا الجهاد معه) وقد ثبت عنه –صلى الله عليه وسلم-أنه قال : (إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) متفق عليه . أمّا صاحب البدعة ، فقد ذكر العلماء قاعدة جيدة في حكم القتال معه ملخصها :
____ أن من قاتل من أجل بدعته لنشرها أو الدفاع عنها فلا يجوز القتال معه .
____ أمّا من يقاتل الكفار لا من أجل بدعته ولكنه متلبس بالبدعة ، فيجوز القتال معه .
ومن الواجب أن نسعى لإصلاح إخواننا في كل مكان ، وألاّ نرضى بالواقع السَّيِّء ولا نقره ، فإن من الجهاد تربية الأمة على المنهج الصحيح ، وأن يتولّى عليها خيارها ، ولكن هذه مسألة وتلك مسألة أخرى ، فالسعي إلى الكمال مطلوب وهو من أعظم وسائل النصر ، ولكن الكمال عزيز ، ومراعاة قاعدة المصالح والمفاسد من أهم ما يجب أن نعنى به وبخاصة في هذا الباب ، فمن الحكمة أن نعرف خير الخيرين ، وشرّ الشرين .
ومن المسائل التي أكتفي بالإشارة إليها هنا هي أن العلماء وهم يتحدثون عن الجهاد وشروطه وآدابه ، يفرقون بين جهاد الطلب وجهاد الدفع ، فيتوسعون في الثاني ، ويسقطون كثيراً من الشروط التي يجب توافرها في جهاد الطلب ، فلابد من مراعاة ذلك في قتالنا مع اليهود لأنه من جهاد الدفع .
6- وجود خطة محكمة ، واستراتيجية واضحة ، تراعى فيها الظروف والإمكانات ، وتدرس فيها العوائق ، ويراعى فيها التدرج ، بحيث تكون خطة عملية واقعية ، بعيدة عن الفوضى والاستعجال ، مع تجنب الصدام والمعارك مع غير العدو الحقيقي وألاّ يُستدرج المجاهدون إلى معارك جانبية تخدم العدو وتؤخر النصر .
7- هزيمة الأمة ليست في الميدان العسكري فقط وإنما هي هزيمة شاملة في أغلب الميادين الإعلامية والتقنية والإدارية والعلمية وغيرها ، وإسـرائيل لديها من التفوق في هذه الميادين ما يفوق الخيال ، وهناك جامعات تقنيّة في إسرائيل تُعدّ من أرقى الجامعات في العالم كجامعة (وايزمان) وانطلاقاً من قوله تعالى : "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة" وتحقيقاً لهذه الاستراتيجية لابد من الأخذ بأسباب القوة الحقيقية المتنوعة ، سواء أكانت بشرية أو اقتصادية ، أو تقنيّة أوإدارية أو إعلامية أو غيرها والقوة لا تتجزأ ، والأخذ بسبب منها دون الآخر خطأ فادح ، وهزيمة محققة، ومخالفة لأمر الله سبحانه.
8- إيجاد مدرسة لإعداد القادة ، وتربية الرواد الذين يقودون الأمة إلى سبيل النجاة ، فإن من أشد ما تحتاجه الأمة اليوم وجود القادة الصادقين ، والأئمة الربانيين .
9- نحن نؤمن بأن الانتصار على اليهود قضاء قدري كوني وشرعي ، ومقتضى الإيمان بهذا النصر أن نعمل بجد ويقين ، لا أن نتكل ونتخاذل ، فترك القتال والاستعداد له بحجة أن تلك المعركة الفاصلة لم يحن وقتها خطأ؛لأننا لا نعلم متى تقع المعركة الفاصلة،ولا ما مقدماتها،ولم نُتعبَّد بانتظارها،وإنما تعبدنا الله بالجهاد والإعداد لليهود وغيرهم .
10- من المهم أن نركز على ما ورد في القرآن حول اليهود ، فلن نجد مَنْ وَصَفَ اليهود ، وعَرّف بنفسياتهم ثم حكم عليهم بما هم أهل له مثل القرآن ، وحيث إن منطلقنا في التعامل معهم هو كتاب الله ، فلابد من دراسة القرآن ، وما ورد فيه من آيات عن بني إسرائيل دراسة معمّقة ، حيث نبني على ذلك رسم خطط المستقبل وقواعد التعامل في الحرب والهدنة.
ولنأخذ لذلك مثلاً يبين هذا البرهان ، فمنذ بدأ العرب في عقد معاهداتهم مع اليهود ، كلما عقدوا عقداً مع حكومة سقطت تلك الحكومة ، وجاءت أخرى فنقضت العهد ، وعقدت معاهدة أخرى ، فما تعقده حكومة الليكود تنقضه حكومة العمال وما تعقده حكومة العمال تنقضه حكومة الليكود ، وهكذا دواليك ، وهذا مصداق قوله تعالى : " أوَ كلما عاهدوا عهداً نبذه فريقٌ منهم". ولكن العرب لا يتعظون ولا يتعلمون ولا يعقلون.
لابد من التفاؤل والبعد عن اليأس والتشاؤم ، حيث لا مكان لذلك في حياة المسلم ، ولا ينبغي أن تكون الظروف المحيطة ومرارة الواقع وبطش الأعداء وخذلان الأصدقاء مبرراً لليأس والقنوط .
إن الصبر والمصابرة وعدم الاستعجال هو منهج الأنبياء والرسل والمصلحين على مدار التاريخ، وقضية فلسطين من أصعب القضايا التي واجهتها الأمة منذ قرون طويلة "فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم". ولقد ورد الصبر في القرآن في أكثر من تسعين موضعاً ، مما يدل على أهميته وأثره في تحقيق المراد ، وما يجري في فلسطين ابتلاء وامتحان للأمة ليعلم الله صدقها وصبرها ، وتميزها .
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين ، ودمّر أعداءك أعداء الدين ، وانصر عبادك المجاهدين في سبيلك في كل مكان ، وطهر بيت المقدس وجميع بلاد المسلمين من اليهود والنصارى والمشركين .
والحمد لله رب العالمين
اضافة رد مع اقتباس
  #9  
قديم 08/04/2002, 12:05 AM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 10/04/2001
المكان: شرق الرياض
مشاركات: 235
انتهى الموضوع

هذا وماكان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان وماكان من صواب فمن الله
اتنمى انكم لاتبخلون علي بملاحظاتكم واقتراحتكم
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 12:01 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube