طلال الحمود

كتب أحدهم مقالاً أشبه بالخطبة الجوفاء، يصف فيه اللاعب الليبي طارق التائب بالحقارة والسقوط الأخلاقي، لأنه بصق على المشجعين الذين حضروا مباراة الوحدة والهلال ضمن مسابقة الأبطال، على اعتبار أن ما قام به اللاعب يعتبر اهانة للمواطنين في بلادهم، واستخفافاً بإنسانيتهم، مطالباً بالتحقيق معه وطرده من البلاد التي لم يحترم أهلها.


ومع يقيني بأن التائب لم يكن موفقاً في رد فعله تجاه المشجعين، الذين أمطروه بالأحذية الطائرة وقوارير المياه في مشهد بائس، يبرهن على أننا أصبحنا نعيش الفوضى في ملاعبنا بكل تفاصيلها، إلا أننا يجب أن نتحدث بواقعية وبعيداً عن المصطلحات التي استخدمها ذلك الكاتب، فالتائب ليس اللاعب الوحيد الذي مارس سلوكاً غير لائق تجاه جماهير الكرة السعودية، إذ إن سلوكيات مماثلة يمارسها اللاعبون المحليون بصورة مستمرة، وغالباً ما يتطبع المحترفون غير السعوديين بسلوك رفاقهم من أبناء البلد، فاللاعب المحترف سيتردد طويلاً قبل أن يوجه الاهانة للمشجعين، في حال وجد أن الانضباط يسود في الملاعب السعودية، وان هناك خطوطاً حمراء يجب الوقوف عندها.
مع الأسف اللاعبون السعوديون يبصقون على المشجعين، ويلوحون لهم بالاشارات البذيئة، بل إن بعضهم يصعد للمدرجات من أجل ضرب المتفرجين وتأديبهم في حالة فريدة لم يسبق ان حدثت في الملاعب، ومع ذلك مازلنا ندافع عن سلوكياتهم، ونركز على ما يقوم به اللاعبون الوافدون ونمارس حساسية مفرطة نحو همساتهم ولفتتاتهم وتصريحاتهم، بل ونكرس ممارستنا نحوهم في ذهن المشجع البسيط، على اعتبار أن اللاعب غير السعودي يجب أن يتحمل الأهانة والذل، ويرضى بالقمع والمعاملة الفوقية، خصوصاً أن بعض مسؤولي الأندية كان لهم السبق في معاملة اللاعبين الوافدين بطريقة أقرب الى «الرقيق» من خلال هضم حقوقهم، والإخلال بالعقود وتعطيلهم شهوراً باستغلال أنظمة الاقامة بطريقة سلبية.
حتى يحترم اللاعبون غير السعوديين أنظمتنا، يجب أن نتعامل مع السلوك الخاطئ من مبدأ الرفض من دون النظر إلى هوية الفاعل، فنحن معنيون بمحاربة الأفعال المشينة، وإبعادها عن ملاعبنا بعيداً عن نجومية اللاعب أو جنسيته أو النادي الذي يلعب في صفوفه، وفي المقابل يجب ألا نأمر اللاعبين الوافدين بالبر وننسى لاعبينا، لأن البصق على المشجعين بمثابة امتهان لكرامتهم بالدرجة الأولى من دون الحاجة إلى تفصيل هوية الفاعل، فنحن لا نقبل التعدي على كرامة جماهير الرياضة السعودية مهما كان مصدره. لأن الرياضة أخلاق وفروسية بالدرجة الأولى، ومن لا يقيم وزناً لتلك المبادئ من اللاعبين السعوديين أو الوافدين، فالأفضل أن يرحل عن ملاعبنا.


*نقلاً عن صحيفة "الحياة" اللندنية